المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409158
يتصفح الموقع حاليا : 337

البحث

البحث

عرض المادة

نصوص العلماء في مخالفة الكلابية والأشعرية لأهل السنة ولطريق السلف

وإليك بعض كلام العلماء في مخالفة الكلابية والأشعرية لأهل السنة ولطريق السلف:

- إمام أهل السنة أحمد بن حنبل (241 هـ)

قال المروذي: (قلت لأبي عبد الله: إن الكرابيسي يقول: من لم يقل لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر. فقال: بل هو الكافر.

وقال: ثار بشر المريسي وخَلَفَه حسين الكرابيسي.

وقال لي: هذا قد تجهم وأظهر الجهمية، ينبغي أن يحذر عنه وعن كل من اتبعه.

وقال الخلال أخبرنا المروذي: أن أبا عبد الله ذكر حارثاً المحاسبي فقال: حارث أصل البلية، -يعني حوادث كلام جهم-، ما الآفة إلا حارث، عامة من صحبه انهتك إلا ابن العلاف فإنه مات مستوراً. حذروا عن حارث أشد التحذير.

قلت: إن قوماً يختلفون إليه؟ قال: نتقدم إليهم لعلهم لا يعرفون بدعته، فإن قبلوا وإلا هُجروا. ليس للحارث توبة، يُشهد عليه ويَجْحَد، إنما التوبة لمن اعترف) (1) اهـ.

وقال علي بن أبي خالد: (قلت لأحمد: إن هذا الشيخ -لشيخٍ حضر معنا- هو جاري، وقد نهيته عن رجل، ويحب أن يسمع قولك فيه: حرث القصير -يعني حارثاً المحاسبي- كنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة، فقلت لي: لا تجالسه، ولا تكلمه، فلم أكلمه حتى الساعة. وهذا الشيخ يجالسه، فما تقول فيه؟ فرأيت أحمد قد احمر لونه، وانتفخت أوداجه وعيناه، وما رأيته هكذا قط، ثم جعل ينتفض ويقول: ذاك فعل الله به وفعل، ليس يَعرِف ذاك إلا من خبره وعرفه، أوّيه، أوّيه، أوّيه. ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره وعرفه. ذاك جالسه المغازلي ويعقوب وفلان فأخرجهم إلى رأي جهم. هلكوا بسببه.

فقال له الشيخ: يا أبا عبد الله يروى الحديث ساكن خاشع، من قصته ومن قصته؟ فغضب أبو عبد الله وجعل يقول: لا يغرك خشوعه ولينه، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه، فإنه رجل سوء، ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره. لا تكلمه ولا كرامة له. كل من حدث بأحاديث


(1) رواه ابن بطة في الإبانة (1/ 344،342) وابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 62 - 63).

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مبتدعاً تجلس إليه؟ لا ولا كرامة، ولا نُعمى عين، وجعل يقول: ذاك. ذاك.) (1) اهـ.

وقال أبو الحارث أحمد بن محمد: (سمعت أبا عبد الله يقول: من أحب الكلام لم يخرج من قلبه.

قال: وسمعته وسئل عن قول الحسين الكرابيسي. فقيل له: إنه يقول لفظي بالقرآن مخلوق. فقال: هذا قول جهم قال: الله عز وجل {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} التوبة6، فممن يسمع كلام الله أهلكهم الله.) (2) اهـ.

وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري للإمام أحمد: (يا أبا عبد الله، إن الكرابيسي وابن الثلجي قد تكلما. فقال أحمد: فيم؟ قلت: في اللفظ. فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي.) (3) اهـ.

وقال حنبل: (سمعت أبي يسأل أبا عبد الله عن كلام الكرابيسي وما أحدث؟ فقال أبو عبد الله لأبي: هذا كلام الجهمية، صاحب هذه المقالة يدعو إلى كلام جهم، إذا قال: إن لفظه بالقرآن مخلوق، فأي شيء بقي؟) (4) اهـ.


(1) رواه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 233 - 234).
(2) المرجع السابق (1/ 75).
(3) المرجع السابق (1/ 94).
(4) المرجع السابق (1/ 111).

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مبتدعاً تجلس إليه؟ لا ولا كرامة، ولا نُعمى عين، وجعل يقول: ذاك. ذاك.) (1) اهـ.

وقال أبو الحارث أحمد بن محمد: (سمعت أبا عبد الله يقول: من أحب الكلام لم يخرج من قلبه.

قال: وسمعته وسئل عن قول الحسين الكرابيسي. فقيل له: إنه يقول لفظي بالقرآن مخلوق. فقال: هذا قول جهم قال: الله عز وجل {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} التوبة6، فممن يسمع كلام الله أهلكهم الله.) (2) اهـ.

وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري للإمام أحمد: (يا أبا عبد الله، إن الكرابيسي وابن الثلجي قد تكلما. فقال أحمد: فيم؟ قلت: في اللفظ. فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي.) (3) اهـ.

وقال حنبل: (سمعت أبي يسأل أبا عبد الله عن كلام الكرابيسي وما أحدث؟ فقال أبو عبد الله لأبي: هذا كلام الجهمية، صاحب هذه المقالة يدعو إلى كلام جهم، إذا قال: إن لفظه بالقرآن مخلوق، فأي شيء بقي؟) (4) اهـ.


(1) رواه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 233 - 234).
(2) المرجع السابق (1/ 75).
(3) المرجع السابق (1/ 94).
(4) المرجع السابق (1/ 111).

- الحافظ أبو حاتم الرازى محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلى (277 هـ)

قال: (مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان، وترك النظر في موضع بدعهم، والتمسك بمذهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي عبيد القاسم بن سلام، والشافعي. ولزوم الكتاب والسنة، والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف، واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل: مالك بن أنس في المدينة، والأوزاعي بالشام، والليث بن سعد بمصر، وسفيان الثوري، وحماد بن زياد بالعراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين.

وترك رأي الملبسين المموهين المزخرفين الممخرقين الكذابين، وترك النظر في كتب الكرابيسي، ومجانبة من يناضل عنه من أصحابه وشاجر فيه مثل داود الأصبهاني وأشكاله ومتبعيه. والقرآن كلام الله وعلمه وأسماؤه وصفاته وأمره ونهيه، ليس بمخلوق بجهة من الجهات. ومن زعم أنه مخلوق مجعول فهو كافر بالله كفراً ينقل عن الملة، ومن شك في كفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر. والواقفة واللفظية جهمية، جهمهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل) (1) اهـ.


(1) رواه اللالكائي (1/ 180).

وقال أيضاً: (من كلام جهم بن صفوان، وحسين الكرابيسي، وداود بن علي: أن لفظهم بالقرآن مخلوق، وأن القرآن المنزل على نبينا - صلى الله عليه وسلم - مما جاء به جبريل الأمين حكاية القرآن، فجهمهم أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، وتابعه على تجهيمهم علماء الأمصار طرّاً أجمعون، لا خلاف بين أهل الأثر في ذلك) (1) اهـ.

وهذا يؤكد ما ذكره ابن عبد البر من أن الكرابيسي موافق لابن كلاب وداود الأصبهاني في القول بالحكاية.

- جملة من السلف لا يحصون كثرة

قال قوام السنة أبو القاسم التيمي الأصبهاني: (وأول من قال باللفظ، وقال: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة: حسين الكرابيسي، فبدعه أحمد بن حنبل، ووافقه على تبديعه علماء الأمصار: إسحاق بن راهويه، وأبو مصعب، ومحمد بن سليمان لوين، وأبو عبيد القاسم بن سلام، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وهارون بن موسى الفروي، وأبو موسى محمد بن المثنى، وداود بن رشيد، والحارث بن مسكين المصري، وأحمد بن صالح المصري، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ويعقوب وأحمد ابنا إبراهيم


(1) رواه أبو القاسم التيمي في الحجة في بيان المحجة (2/ 192).

الدورقي، وأبو همام الوليد بن شجاع، وعلي بن خشرم، ومحمد بن قدامة المصيصي، ومحمد بن داود بن صبيح المصيصي، وكان من أهل العلم والأدب، ومحمد بن آدم المصيصي، وسعيد بن رحمة، وعقبة بن مكرم، والعباس بن عبد العظيم، ومحمد بن أسلم الطوسي، وحميد بن زنجويه النسوي، ومحمد بن سهل بن عسكر البخاري، وأحمد بن منيع، وهارون بن عبد الله الحمال، وابنه موسى بن هارون، ومحمد بن يحيى الذهلي النيسابوري، ومحمد بن أحمد بن حفص أبو عبد الله البخاري فقيه أهل خراسان، وأبو بكر الأثرم، وأبو بكر المروذي، صاحبا أحمد بن حنبل، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والحسن بن محمد الزعفراني، وحرب بن إسماعيل السيرجاني، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة. ومن أهل أصبهان: أبو مسعود الرازي، ومحمد بن عيسى الطرسوسي، وأحمد بن مهدي، وإسماعيل بن أسيد، ومحمد بن العباس بن خالد، ومحمد بن عباس بن أيوب الأخرم، ومحمد بن يحيى بن مندة، جد إبي عبد الله، وأبو أحمد العسال، وأبو علي أحمد بن عثمان الأبهري، وأبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة، فمذهبهم ومذهب أهل السنة جميعاً أن القرآن كلام الله آية آية، وكلمة كلمة، وحرفاً حرفاً في جميع أحواله، حيث قُرئ وكتب وسمع) (1) اهـ.


(1) المرجع السابق (1/ 340 - 344).

- الإمام أبو العباس أحمد بن عمر ابن سريج البغدادي الشافعي (303 هـ)

قال: (لا نقول بتأويل المعتزلة، والأشعرية، والجهمية، والملحدة، والمجسمة، والمشبهة، والكرامية، والمكيفة، بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل، ونقول الإيمان بها واجب، والقول بها سنة، وابتغاء تأويلها بدعة) (1) اهـ.

- إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة (311 هـ)

قال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد المقرئ، سمعت ابن خزيمة يقول: القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال: شيء منه مخلوق، أو يقول: إن القرآن محدث فهو جهمي، ومن نظر في كتبي بان له أن الكلابية لعنهم الله كذبة فيما يحكون عني بما هو خلاف أصلي وديانتي، قد عرف أهل الشرق والغرب أنه لم يصنف أحد في التوحيد والقدر وأصول العلم مثل تصنيفي ... ).

وقال الذهبي في السير: (قال الحاكم سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول: ... فقال له -أي لابن خزيمة- أبو علي الثقفي: ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟


(1) نقله عنه ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص174).

قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره) (1) اهـ.

- الإمام الحافظ شيخ الإسلام محمد بن إسحاق السراج محدث خراسان (313 هـ)

قال الذهبي في ترجمته: (قال الحاكم: وسمعت أبا سعيد بن أبي بكر يقول: لما وقع من أمر الكلابية ما وقع بنيسابور، كان أبو العباس السراج يمتحن أولاد الناس، فلا يحدث أولاد الكلابية، فأقامني في المجلس مرة فقال: قل أنا أبرأ إلى الله تعالى من الكلابية، فقلت: إن قلت هذا لا يطعمني أبي الخبز، فضحك وقال دعوا هذا) (2) اهـ.

- العلامة الحافظ أبو حامد احمد بن محمد بن شارك الهروي الشافعي المفسر مفتي هراة وشيخها (355 هـ)

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت الثقة [وأشار أحد النساخ بالهامش فقال: بخط الدقاق: قال لي شيخ الإسلام: هو أبو عبد الله بن أبي ذهل] وهو لي عن أبي حامد أحمد بن حمدان إجازة: (أن جده


(1) رواه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام وأهله (4/ 388) وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/ 379 - 380).
(2) سير أعلام النبلاء (14/ 395).

أبا حامد الشاركي في علته التي توفي فيها دخل عليه أبو عبد الله الفياضي وعنده أبو سعد الزاهد، فلما دخل، قام إليه الناس يعظمونه، ولم ينظر إليه أبو سعد، فقال أبو حامد: أسندوني، فأسندوه، فرفع صوته وكان منه من الشدة على الكلابية شأن) (1).

- محمد بن أحمد بن إسحاق بن خواز منداد المصري المالكي (توفي في أواخر المائة الرابعة)

روى ابن عبد البر بسنده قال: (حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن ثنا إبراهيم بن بكر قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خواز منداد المصري المالكي .... وقال في كتاب الشهادات في تأويل قول مالك: "لا تجوز شهادة أهل البدع وأهل الأهواء" قال: (أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام، ويهجر ويؤدب على بدعته، فإن تمادى عليها استتيب منها) اهـ.

قال أبو عمر مقراً له: (ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصاً في كتاب الله، أو صح عن رسول - صلى الله عليه وسلم -، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله


(1) رواه أبو إسماعيل الهروي الأنصاري في ذم الكلام وأهله (4/ 396).

أو نحوه يُسلم له ولا يناظر فيه) (1) اهـ.

- الإمام المحدث الواعظ الكبير أبو علي حامد بن محمد الهروي الرفاء (356هـ)

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت محمد بن العباس بن محمد يقول: كان أبو علي الرفاء يقول: (لعن الله الكلابية -وكان يشير بيده إلى دار فلان-. قال: ورأيته على المنبر طرف ردائه على رأسه) (2).

- إبراهيم بن أحمد بن عمر أبو إسحاق بن شاقلا الحنبلي (369 هـ)

له مناظرة مع أبي سليمان الدمشقي في مسائل الصفات تبين أن ابن كلاب لم يكن على طريقة الإمام أحمد ولا على منهج السلف.

قال ابن شاقلا: (فقال لي جواباً عن حديث أنس: "إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها" إنما هما نعمتان.

فقلت له: هذا الخبر يقول: "إن الأصبعين نعمتان؟ " -أي: هل قال الخبر: إن الإصبعين نعمتان؟ استنكاراً لتأويله- واليدين صفة للذات. ولم يتقدمك بهذا أحد إلا عبد الله بن كلاب القطان الذي انتحلت مذهبه، ولا عبرة في التسليم للأصابع والتأويل لها على ما ذكرت: إن القلوب بين نعمتين من نعم الله عز وجل ...... ) إلى أن قال:

(ثم قلت له: أنت مذهبك أن كلام الله عز وجل ليس بأمر ولا نهي، ولا متشابه ولا ناسخ ولا منسوخ، ولا كلامه مسموع، لأن عندك الله عز وجل لا يتكلم بصوت، وأن موسى لم يسمع كلام الله عز وجل بسمعه، وإنما خلق الله عز وجل في موسى فهماً فهم به.


(1) نقله عنه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/ 943).
(2) رواه أبو إسماعيل الهروي الأنصاري في ذم الكلام وأهله (4/ 396).

فلما رأى ما عليه في هذا من الشناعة قال: فلعلي أخالف ابن الكلاب القطان في هذه المسألة من سائر مذهبه.) (1) اهـ.

- الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده (395 هـ)

قال أحمد بن محمد بن الطاهر المعافري أبو العباس: سمعت أبا عبد الله محمد بن منده الحافظ بأصبهان رحمه الله يقول: (ليتق الله امرؤ وليعتبر عن تقدم ممن كان القول باللفظ مذهبه ومقالته، كيف خرج من الدنيا مهجوراً مذموماً مطروداً من المجالس والبلدان لاعتقاده القبيح؟! وقوله الشنيع المخالف لدين الله مثل:

الكرابيسي، والشواط، وابن كلاب، وابن الأشعري، وأمثالهم ممن كان الجدال والكلام طريقه في دين الله عز وجل) (2).

- العلامة أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرائيني شيخ الشافعية ببغداد (406 هـ)

قال الشيخ أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي في كتابه الذي سماه "الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول": (وكان الشيخ أبو حامد الإسفرائيني شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام .... )

وقال: (ولم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري، ويتبرؤن مما بنى الأشعري مذهبه عليه، وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة، منهم الحافظ المؤتمن بن أحمد بن على الساجي يقولون: سمعنا جماعة من المشايخ الثقات قالوا: كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرائيني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علمًا وأصحاباً إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع، ويقبل على من حضر ويقول: اشهدوا عليّ بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، كما قاله الإمام ابن حنبل، لا كما يقوله الباقلاني،


(1) طبقات الحنابلة (2/ 133 - 135).

(2) المرجع السابق (4/ 424).

وتكرر ذلك منه جمعات. فقيل له في ذلك، فقال: حتى ينتشر في الناس وفي أهل الصلاح ويشيع الخبر في أهل البلاد أني بريء مما هم عليه -يعني الأشعرية-، وبريء من مذهب أبي بكر بن الباقلاني، فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية ويقرؤون عليه فيفتنون بمذهبه، فإذا رجعوا إلى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة فيظن ظان أنهم منى تعلموه قبله وأنا ما قلته وأنا بريء من مذهب البلاقلاني وعقيدته).

وقال: (ومعروف شدة الشيخ أبي حامد على أهل الكلام، حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري، وعلقه عنه أبو بكر الزاذاقان. وهو عندي، وبه اقتدى الشيخ أبو اسحاق الشيرازي في كتابيه "اللمع" و"التبصرة" حتى لو وافق قول الأشعري وجها لأصحابنا ميّزه، وقال: هو قول بعض أصحابنا، وبه قالت الأشعرية، ولم يعدّهم من أصحاب الشافعي، استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه، فضلاً عن أصول الدين) (1) اهـ.

- شيخ الشافعية قاضي نيسابور الإمام أبو عمر محمد بن الحسين بن الهيثم البسطامي الشافعي الواعظ (408هـ)

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت الحاكم عدنان بن عبدة النميري يقول: سمعت أبا عمر البسطامي


(1) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (2/ 95 - 98).

يقول: (كان أبو الحسن الأشعري أولاً ينتحل الاعتزال، ثم رجع فتكلم عليهم، وإنما مذهبه التعطيل، إلا أنه رجع من التصريح إلى التمويه) (1).

- أبو العباس أحمد بن محمد النهاوندي

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت أحمد بن حمزة وأبو علي الحداد يقولان: (وجدنا أبا العباس أحمد بن محمد النهاوندي على الإنكار على أهل الكلام وتكفير الأشعرية. وذكرا عظم شأنه في الإنكار على أبي الفوارس القرماسيني وهجرانه إياه لحرف واحد).

وسمعت أحمد بن حمزة يقول: (لما اشتد الهجران بين النهاوندي وأبي الفوارس سألوا أبا علي الدينوري، فقال: لقيت ألف شيخ على ما عليه النهاوندي) (2).

- الإمام المحدث الزاهد أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل الأنصاري الهروي الماليني (412هـ)

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت الشيخ أبا الحسن الماليني طاهر بن محمد يقول: (قيل لأبي سعد الزاهد: إنا أبا الحسن الديناري ناضل عنك عند سبكتكين، فقال: وإياه فلعن الله لأنه كلابي) (3).

- الإمام الحافظ المحدث شيخ خراسان أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد الأزدي السلمي النيسابوري (412هـ)

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت أحمد بن أبي نصر يقول: (رأينا محمد بن الحسين السلمي يلعن الكلابية) (4).

- الإمام أبو زكريا يحيى بن عمار السجستاني (422 هـ)

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: (رأيت يحي بن عمار ما لا أحصي من مرة على منبره يكفرهم -أي الأشعرية- ويلعنهم، ويشهد على أبي الحسن الأشعري بالزندقة، وكذلك رأيت عمر بن إبراهيم ومشائخنا) (5).

- الحافظ القدوة عمر بن إبراهيم ابن إسماعيل أبو الفضل بن أبي سعيد الهروي (425هـ)

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت بلال بن أبي منصور يقول: سمعت عمر بن إبراهيم يقول: (لا تحل ذبائح الأشعرية، لأنهم ليسوا بمسلمين، ولا بأهل كتاب، ولا يثبتون في الأرض كتاب الله) (6).

وهذا من الحكم عليهم بلازم قولهم في أن القرآن اللفظي مخلوق، وليس بصحيح، لأن لازم المذهب ليس بلازم ما لم يلتزمه، إذ قد يكون القائل غافلاً عن هذه اللوازم غير مقر لها. والمسألة فيها تفصيل ليس هذا موضعه.

- عبد الرحمن بن علي بن أبي منصور أبو سعيد الطالقاني

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: سمعت أبي يقول: (سمعت أبا سعيد الطالقاني غير مرة في مجلسه يلعن الكلابية، ويصرح باسم رئيس فيهم، وينسب أبا سعد إلى المداهنة) (7).

وهذا اللعن للكلابية أو الأشعرية مبالغة في الذم، ومجاوزة في الحد، لا يُقرّ عليه.

- الإمام المحدث الحافظ أبو حاتم أحمد بن الحسن بن محمد الرازي الملقب بخاموش

قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: (سمعت أحمد بن الحسن الخاموشي الفقيه الرازي في داره بالري في محفل يلعن الأشعرية، ويطري الحنابلة، وذلك سنة خرجنا مع الحاج) (8).

- الشيخ الإمام الحافظ أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي (444 هـ)

قال: (وينبغي أن يتأمل قول الكلابية والأشعرية في الصفات، ليعلم أنهم غير مثبتين إلهاً في الحقيقة، وأنهم يتخيرون من النصوص ما أرادوه، ويتركون سائرها ويخالفونه) (9) اهـ.

وقال أيضاً: (قد صنف غير واحد من المتكلمين من المعتزلة


(1) رواه أبو إسماعيل الهروي الأنصاري في ذم الكلام وأهله (4/ 408).
(2) المرجع السابق (4/ 404).
(3) المرجع السابق (4/ 405).
(4) المرجع السابق (4/ 409).
(5) المرجع السابق (4/ 411).
(6) المرجع السابق (4/ 413).
(7) المرجع السابق (4/ 419).
(8) المرجع السابق (4/ 420).
(9) رسالة السجزي إلى أهل زبيد (ص173).

والكرامية في فضائح الأشعرية والكلابية، كما صنف هؤلاء في فضائح الآخرين. ولكل مخالف للسنة وطريقة أهل الأثر ما يفتضح به عند التأمل. وأهل الأثر لا فضيحة عليهم عند محصل) (1) اهـ.

وقال: (ثم بُلي أهل السنة بعد هؤلاء -أي المعتزلة - بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع. وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم، وهم" أبو محمد بن كلاب، وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري ... ) إلى قوله: (وكلهم أئمة ضلال يدعون الناس إلى مخالفة السنة وترك الحديث) (2) اهـ.

- الإمام أبو محمد علي ابن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (456 هـ)

ذكر ابن حزم قول الأشعري في أحد قوليه، والذي تابعه عليه الباقلاني وجمهور أصحابه "أن علم الله هو غير الله وخلاف الله، وأنه مع ذلك غير مخلوق لم يزل" ثم قال: (قال أبو محمد: هذا قول لا يحتاج في رده إلى أكثر من أنه شرك مجرد وإبطال للتوحيد، لأنه إذا كان مع الله تعالى شيء غيره لم يزل معه فقد بطل أن يكون الله تعالى كان وحده، بل قد صار له شريك في أنه لم يزل، وهذا كفر مجرد ونصرانية محضة، مع أنها دعوى ساقطة بلا دليل أصلاً، وما قال بهذا أحد قط من أهل الإسلام قبل هذه الفرقة المحدثة بعد الثلاث ماية عام -أي الأشاعرة-، فهو خروج عن الإسلام وترك للإجماع المتيقن .. ) (3) اهـ.


(1) المرجع السابق (ص195).
(2) المرجع السابق (ص222).
(3) الفصل في الملل والأهواء والنحل (2/ 135).

وقال أيضاً: (قال أبو محمد: غلاة المرجئية طائفتان:

إحداهما: الطائفة القائلة بأن الإيمان قول باللسان، وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن عند الله عز وجل، وليّ له عز وجل من أهل الجنة، وهذا قول محمد ابن كرام السجستاني وأصحابه وهو بخراسان وبيت المقدس.

والثانية: الطائفة القائلة أن الإيمان عقد بالقلب وإن أعلن الكفر بلسانه بلا تقية، وعبد الأوثان، أو لزم اليهودية أو النصرانية في دار الإسلام، وعبد الصليب، وأعلن التثليث في دار الإسلام، ومات على ذلك، فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عز وجل، وليّ لله عز وجل من أهل الجنة، وهذا قول أبي محرز جهم بن صفوان السمرقندي مولى بني راسب كاتب الحارث بن سريج التميمي أيام قيامه على نصر بن سيار بخراسان، وقول أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي اليسر الأشعري البصري وأصحابهما.

فأما الجهمية فبخراسان، وأما الأشعرية فكانوا ببغداد والبصرة ثم قامت له سوق بصقلية والقيروان والأندلس، ثم رق أمرهم والحمد لله رب العالمين .. ) (1) اهـ.

وقال في رده على ابتداع الأشاعرة القول بالكلام النفسي، وأن القرآن ليس هو نفس كلام بل عبارة عنه: (وقالوا كلهم -أي الأشعرية-: إن القرآن لم ينزل به قط جبريل على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، وإنما نزل عليه بشيء آخر هو العبارة عن كلام الله، وأن القرآن ليس عندنا البتة إلا على هذا المجاز، وإن الذي نرى في المصاحف ونسمع من القراء ونقرأ في الصلاة ونحفظ في الصدور ليس هو القرآن البتة، ولا شيء منه كلام الله البتة، بل شيء آخر، وإن كلام الله تعالى لا يفارق ذات الله عز وجل.

قال أبو محمد: وهذا من أعظم الكفر، لأن الله تعالى قال: {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ}، وقال تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبك}، وقال تعالى: {فأجره حتى يسمع كلام الله}، وقال تعالى: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني أحب أن أسمعه من غيري" يعني: القرآن. . . .

إلى أن قال: وقال السمناني أيضاً: أن الباقلاني وشيوخه قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أطلق القول بأن ما أنزل الله هو القرآن وهو كلام الله تعالى إنما هو على معنى أنه عبارة عن كلام الله تعالى، وأنه يُفهم منه أمره ونهيه فقط. .

إلى أن قال: ولقد أخبرني علي بن حمزة المراوي الصقلي الصوفي: أنه رأى بعض الأشعرية يبطح المصحف برجله، قال: فأكبرت ذلك، وقلت له: ويحك هكذا تصنع بالمصحف؟ وفيه كلام الله تعالى، فقال لي: ويلك، والله ما فيه إلا السخام والسواد، وأما كلام الله فلا، ونحو هذا من القول الذي هذا معناه.

وكتب إلي أبو المرحي بن رزوار المصري: أن بعض ثقاة أهل مصر أخبره من طلاب السنن: أن رجلاً من الأشعرية قال له مشافهة: على من يقول أن الله قال {قل هو أحد الله الصمد ألف لعنة}.

قال أبو محمد: بل على من يقول: إن الله عز وجل لم يقلها ألف ألف لعنة تترى، وعلى من ينكر أننا نسمع كلام الله، ونقرأ كلام الله، ونحفظ كلام الله، ونكتب كلام الله، ألف ألف لعنة تترى من الله عز وجل. فإن قول هذه الفرقة في هذه المسألة نهاية الكفر بالله عز وجل، ومخالفة للقرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومخالفة جميع أهل الإسلام قبل حدوث هذه الطائفة الملعونة .. ) (2) اهـ.

وقد تعقب في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" كثيراً


(1) المرجع السابق (4/ 204).
(2) المرجع السابق (4/ 211 - 212).

من أقوال الأشاعرة في أبواب الاعتقاد، وبيّن مخالفتهم للسنة، وخروجهم عنها.

- الإمام العلامة حافظ المغرب أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر الأندلسي القرطبي المالكي (463 هـ)

قال: (أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في طبقات الفقهاء، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم) (1) اهـ.

ولا ريب أن الكلابية والأشعرية من أهل الكلام. ومما يؤكد كون ابن عبد البر يرى دخول الأشاعرة والكلابية في المقصودين بأهل الكلام هنا أنه ساق بعده كلام ابن خويز منداد المالكي في عدّ الأشاعرة من أهل البدع الذين لا تقبل شهادتهم عند الإمام مالك، مقراً له.

- القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء (458 هـ)

قال الذهبي: (وقال السلفي: كان أبو الحسين متعصباً في مذهبه، وكان كثيراً ما يتكلم في الأشاعرة ويُسمعهم، لا تأخذه في الله لومة لائم) (2) اهـ.

- شيخ الإسلام الحافظ أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (481 هـ)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (كأبي إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب كتاب "ذم الكلام"، فإنه من المبالغين في ذم الجهمية لنفيهم الصفات، وله كتاب "تكفير الجهمية"، ويبالغ في ذم الأشعرية مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة والحديث،


(1) جامع بيان العلم وفضله (2/ 942).
(2) سير أعلام النبلاء (19/ 206).

وربما كان يلعنهم، وقد قال له بعض الناس بحضرة نظام الملك: أتلعن الأشعرية؟ فقال: ألعن من يقول ليس في السموات إله، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي، وقام من عنده مغضباً) (1) اهـ.

وقد نقل آثاراً كثيرة في كتابه "ذم الكلام وأهله" في ذم الكلابية والأشعرية سبق نقل بعضها.

- أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلاني (561 هـ)

قال في كتابه "الغنية" في إثبات الصوت والحرف لله تعالى: (وهذه الآيات والأخبار تدل على أن كلام الله عز وجل صوت لا كصوت الآدميين، كما أن علمه وقدرته وبقية صفاته لا تشبه صفات الآدميين، كذلك صوته. وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى


(1) مجموع الفتاوى (14/ 354).

على إثبات الصوت في رواية جماعة من الأصحاب رضوان الله عليهم أجمعين خلاف ما قالت الأشعرية من أن كلام الله تعالى معنى قائم بنفسه، والله حسيب كل مبتدع ضال مضل ... ) (1) اهـ.

- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (620 هـ)

قال في "لمعة الاعتقاد": (ومن السنة: هجران أهل البدع ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة، والإصغاء إلى كلامهم، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع: كالرافضة، والجهمية، والخوارج، والقدرية، والمرجئة، والمعتزلة، والكرامية،


(1) نقله عنه ابن الألوسي في جلاء العينين (ص356).

والكلابية، ونظائرهم، فهذه فرق الضلال، وطوائف البدع، أعاذنا الله منها) (1) اهـ.

وقال: (ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها إلا الزنادقة والأشعرية) (2) اهـ.

وقال: (وقال أحمد بن إسحاق المالكي -أي ابن خويز منداد-: أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها) (3) اهـ.

قلت: وكلام العلماء في ذم الأشاعرة والكلابية، والرد على ما ابتدعوه من الأصول المخالفة لاعتقاد السلف كثير جداً، أما الحنابلة فيصعب حصره واستقصائه لكثرته، وقد عُلم ما كان بين الحنابلة والأشاعرة من النفرة والتنازع، ومن تأمل تراجم الحنابلة في طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى، والذيل عليها للحافظ ابن رجب، فضلاً عن غيرها من كتب التواريخ ككتاب تاريخ الإسلام للذهبي، والبداية والنهاية لابن كثير، وغيرها كثير، كما كان من شرف الإسلام ابن الحنبلي عبد الوهاب بن عبد الواحد، والوزير يحيى ابن هبيرة، وتقي الدين عبد الساتر بن عبد الحميد المقدسي، وأبي الحسن بن الزاغوني، والقاضي أبي الحسن بن الفياء الحنبلي، وغيرهم.

مع العلم أنني لم أنقل عن أحد بعد 620 هـ شيئاً، مع كثرته، خشية التطويل، وتأكيداً على أن تحذير العلماء من الأشاعرة، وبيان خروجهم عن السنة قديم، قدم ظهور ابن كلاب والأشعري.

وقد كان أهل المغرب عامة على منافرة الأشاعرة والمتكلمين، حتى أتى ابن تومرت فنشر الأشعرية، وفرضها على الناس، وقد حصل بخروجه شر كثير.

قال المراكشي في "المعجب" في كلامه على ابن تومرت وخروجه على المرابطين: (فخرج قاصداً مدينة فاس، فلما وصل إليها أظهر ما كان يظهره، وتحدث فيما كان يتحدث فيه من العلم، وكان جُلّ ما يدعو إليه علم الاعتقاد على طريق الأشعرية، وكان أهل المغرب - على ما ذكرنا - ينافرون هذه العلوم ويعادون من ظهرت عليه، شديداً أمرهم في ذلك .. ) اهـ.

الخلاصة:

أولاً: أن ابن كلاب والأشعري لم يكونا على طريق السلف، وأن الخلاف بين السلف وبينهما حقيقي لا لفظي.

ثانياً: تبين زيف ما ادعاه الأشعريان ولبّسا فيه من جعل ابن كلاب من أئمة السنة، وأنه في حقيقته موافق للإمام أحمد، فضلاً عن أبي الحسن الأشعري الذي هو أبعد عن السنة من ابن كلاب. وهذا قبل رجوعه إلى مذهب السلف في مرحلته الأخيرة، وسيأتي تقريرها قريباً.

[[بطلان دعوى أن جميع المالكية والشافعية والحنفية أشاعرة أو ماتريدية]]

ثالثاً: بطلان الدعوى العريضة والباطلة في أن جميع المالكية والشافعية والحنفية من الأشاعرة.

قال محمد حسن هيتو في تقريظه لكتاب الأشعريّيْن (ص7): (فالمالكية كلهم أشاعرة، والشافعية كلهم أشاعرة، والحنفية كلهم أشاعرة أو ماتريدية ولا خلاف بينهم .. ) اهـ.

فما أعرضها من دعوى، بل ما أقبحه من كذب وبهتان.

وتأمل بطلانها وزيفها فيما سبق نقله من كلام أئمة المالكية: كابن خويز منداد، وابن عبد البر، وغيرهم.

ومن كلام أئمة الشافعية: كأبي العباس بن سريج، ومحمد بن إسحاق السراج، وابن شارك الهروي الشافعي، وشيخ الشافعية أبي حامد الإسفرائيني، وأبي عمر البسطامي، وغيرهم.

ومن كلام أئمة الحنبلية، والحنفية، كلهم في تبديع الأشاعرة، وإخراجهم من أهل السنة.

ويقال أيضاً: أن هذه الدعوى تستلزم أن يكون الأئمة الأربعة أشاعرة، أو على معتقد الأشاعرة وأصولهم، وإلا كانت باطلة:

فهلا نقل لنا الأشعريان ولو حرفاً عن أحد الأئمة الأربعة في الكلام حول نفي الجهة عن الله، والمنع من الإشارة إليه وكونه في السماء، أو نفي المكان ونحو ذلك من الألفاظ التي تطفح بها كتب الأشاعرة!.

وهلا نقلا لنا عن أحد منهم بإسناد ثابت تأويل شيء من الصفات كالاستواء، والضحك، والمجيء، والإتيان، والرضى، والغضب!.

وهل يمكنهما ادعاء أن الأئمة الأربعة كانوا يعتقدون أن القرآن عبارة عن كلام الله تعالى، وأن كلامه تعالى هو ما قام بذاته، بلا حرف ولا صوت؟. وهو الذي لم يُعرف لأحد في الإسلام قبل ابن كلاب والأشعري!!

فإن عجزوا عن ذلك خُصموا وتبين بطلان دعواهم.

وإن ادعوا ذلك بلا برهان ولا بينة -كما هو واقعهم- تبين كذبهم وافتراؤهم!!.

 


(1) لمعة الاعتقاد (ص200).
(2) كتاب المناظرة في القرآن (ص35).
(3) كتاب تحريم النظر في كتب الكلام (ص42).

 

  • الخميس AM 07:57
    2022-06-02
  • 1935
Powered by: GateGold