المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412559
يتصفح الموقع حاليا : 280

البحث

البحث

عرض المادة

دعوى تأويل ابن عباس - رضي الله عنه - للكرسي

استدلا عليه بما رواه الطبري من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: ({وسع كرسيه} البقرة255، كرسيه: علمه) (1) اهـ.

وهذا لا يصح عن ابن عباس - رضي الله عنه - لأمور:

أولاً: أن مداره على جعفر بن أبي المغيرة، وفيه لين، فقد لخص الحافظ ابن حجر الحكم فيه فقال: (صدوق يهم) (2). ومثل هذا لا يُقبل تفرده بمثل هذا عند المحدثين، لا سيما عن المكثرين كسعيد بن جبير، ما لم يكن له به اختصاص، فإذا أضيف إلى ذلك


(1) رواه ابن جرير (3/ 9) وابن منده في الرد على الجهمية (ص45) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص151).
(2) تقريب التهذيب (ص201).

مخالفته للثقات المكثرين من أصحاب سعيد بن جبير، فلا شك أنه يتعين الحكم بخطئه وشذوذه، كما هو الحال هنا، وتفصيله على النحو التالي:

ثانياً: فقد خالف جعفر بن أبي المغيرة فيه من هو أوثق منه في سعيد بن جبير.

فقد رواه مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: (كرسيه موضع قدميه، والعرش لا يقدر قدره) (1) اهـ.

ومسلم البطين من أوثق الناس في سعيد بن جبير، وقد أخرج له البخاري ومسلم عنه.

وقال ابن منده عن جعفر بن أبي المغيرة: (ولم يتابع عليه


(1) رواه عبد الرزاق في تفسيره (3/ 251) والدارمي في الرد على المريسي (1/ 412) وابن أبي حاتم في التفسير (2/ 491) وعبد الله في السنة (2/ 586) وابن خزيمة في التوحيد (ص107) وابن أبي شيبة في العرش (ص79) وأبو الشيخ في العظمة (2/ 582) وابن منده في الرد على الجهمية (ص44) وابن بطة في الإبانة (3/ 337) والدارقطني في الصفات (ص111) والحاكم (2/ 310) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص474) وأبو ذر الهروي في الأربعين في التوحيد (ص57) والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 251). وأورده الذهبي في العلو (ص76) وقال الألباني في مختصر العلو (ص75): صحيح.

جعفر، وليس هو بالقوي في سعيد بن جبير) (1) اهـ.

ثالثاً: أن المحدثين والأئمة قد صححوا رواية القدمين، وضعفوا رواية المغيرة في "العلم":

- فقد صححها أبو زرعة، فقال فيما روى عنه ابن منده في التوحيد قال: (وسئل أبو زرعة عن حديث ابن عباس: موضع القدمين، فقال: صحيح) (2) اهـ.

- وروى الدارقطني في الصفات بإسناده: عن العباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: (شهدت زكريا بن عدي يسأل وكيعاً؟ فقال: يا أبا سفيان، هذه الأحاديث يعني: مثل الكرسي موضع القدمين، ونحو هذا؟.

فقال وكيع: أدركنا إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان، ومسعراً، يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون شيئاً) (3). اهـ.

- وقال الدارمي في "الرد على المريسي": (فيقال لهذا المريسي: أما ما رويت عن ابن عباس فإنه من رواية جعفر الأحمر، وليس جعفر الأحمر ممن يعتمد على روايته، إذ قد خالفه الرواة


(1) الرد على الجهمية (ص45).
(2) التوحيد (3/ 309).
(3) رواه الدارقطني في الصفات (ص163) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص474) وهو في تاريخ ابن معين برواية الدوري (3/ 520).

الثقات المتقنون. وقد روى مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في الكرسي خلاف ما ادعيت على ابن عباس. - ثم أسنده عن مسلم البطين به، ثم قال: فأقر المريسي بهذا الحديث وصححه.) (1) اهـ.

- وروى البيهقي الطريقين في "الأسماء والصفات" وقال: (وقال تبارك وتعالى: {وسع كرسيه السماوات والأرض} البقرة255. وروينا عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: علمه.

وسائر الروايات عن ابن عباس وغيره تدل على أن المراد به الكرسي المشهور المذكور مع العرش) (2). اهـ.

- وقال الذهبي في العلو: (وقال ابن عباس: كرسيه: علمه. فهذا جاء من طريق جعفر الأحمر، لين، وقال ابن الأنباري: إنما يروى هذا بإسناد مطعون فيه) (3). اهـ.

- وقال أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: (والصحيح عن ابن عباس في الكرسي ما رواه الثوري وغيره عن عمار الدهني عن مسلم البطين -وذكره- ثم قال: وهذه رواية اتفق أهل العلم على


(1) الرد على المريسي (1/ 411).
(2) الأسماء والصفات (ص497).
(3) العلو (ص117).

صحتها، والذي يُروى عن ابن عباس في الكرسي أنه العلم فليس مما يثبته أهل المعرفة بالأخبار) (1) اهـ.

رابعاً: أن تفسير الكرسي بموضع القدمين، هو الموافق لما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأقاويل الصحابة - رضي الله عنهم -:

فعن أبي ذر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة) (2).

وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، ثم ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، ثم ما بين السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام، وما بين الكرسي وبين الماء خمسمائة عام، والكرسي فوق الماء، والله تعالى فوق العرش، ولا يخفى عليه من أعمالكم شيء) (3).


(1) تهذيب اللغة للأزهري (10/ 54).
(2) رواه ابن جرير (3/ 10) وابن أبي شيبة في العرش (ص77) وابن بطة في الإبانة (3/ 181) وأبو الشيخ في العظمة (2/ 570،649) وابن حبان في صحيحه (1/ 287) وأبو نعيم في الحلية (1/ 166) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص510). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 174، رقم 109).
(3) رواه الدارمي في الرد على الجهمية (ص55) وابن خزيمة في التوحيد (ص105 - 106) والطبراني في الكبير (9/ 202) وأبو الشيخ في العظمة (2/ 565، 689) وابن بطة في الإبانة (3/ 171) واللالكائي (3/ 395) وابن عبد البر في التمهيد (7/ 139) البيهقي في الأسماء والصفات (ص507). وأورده الذهبي في العلو (ص79) وعزاه لعبد الله بن الإمام أحمد في السنة وأبي بكر بن المنذر وأبي أحمد العسال وأبي عمر الطلمنكي، وقال: إسناده صحيح. وصححه الألباني في مختصر العلو (ص75).

وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: (الكرسي: موضع القدمين، وله أطيط كأطيط الرحل) (1).

والآثار في هذا الباب كثيرة.

وبهذا يتبين عدم صحة هذا الأثر عن ابن عباس - رضي الله عنه - وشذوذه، وخطأ من استدل به.


(1) رواه ابن أبي شيبة في العرش (ص78) وعبد الله في السنة (1/ 302) وابن جرير (3/ 9) وأبي الشيخ في العظمة (2/ 627) وابن منده في الرد على الجهمية (ص46) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص509) وأورده الذهبي في العلو (ص107) وصححه الألباني في مختصر العلو.

  • الخميس AM 07:15
    2022-06-02
  • 1128
Powered by: GateGold