المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412629
يتصفح الموقع حاليا : 308

البحث

البحث

عرض المادة

بطلان ورود التأويل في صفات الله عن أحد من السلف

لما كانت دعوى الأشعريين في جواز تأويل الصفات، بل وتحتُّمه، عريضة، لم يكن بد من الاستدلال عليها من كلام السلف، فإن كلام المتأخرين إن لم يكن له أثارة من السلف الماضين، فإنه لا يسمن ولا يغني من جوع.

وقد حاول الأشعريان جمع ما أمكن من أقوال الصحابة والسلف من التابعين وأتباعهم، ليستدلوا به على أن تأويل الصفات ثابت عن السلف، فوقعا في أخطاء جسيمة، هي كالتالي:

الخطأ الأول: أنهما لم ينقلا عن السلف من الكتب المسندة في الآثار، وإنما نقلا من كتب المتأخرين، بلا إسناد، ولا عزو لمصادرها.

الخطأ الثاني: أنهما لم يتحققا من صحة وثبوت ما نسباه عن السلف، واكتفيا بالدعاوى المجردة.

الخطأ الثالث: أنهما ينقلان ما يوافق هواهما من كلام بعض السلف، من غير أن يجمعا كل كلامه في المسألة ليتبين معنى كلامه

ومراده. ومن المعلوم أنه لا بد من جمع كلام الإمام أو الصاحب في الباب حتى يمكن التحقق من رأيه، كما يفعله أتباع الأئمة الفقهاء من جمع كلام أئمتهم كله في كل باب.

الخطأ الرابع: أنهما ربما نقلا كلاماً لبعض السلف في غير موضعه، كأن ينقلا بعض كلامهم في غير آيات الصفات، أو في آية مختلف على كونها من آيات الصفات.

وهذه الأخطاء تفقد الباب قيمته، بل تجعله كلا شيء، وتبين بعد كاتبه عن أصول التحقيق والبحث العلمي.

وأما طريقة أهل العلم في مثل هذه المسائل، فعلى خطوات:

الخطوة الأولى: التحقق من كون الآية المستدل على كلام السلف فيها، أنها مما اتُّفق على كونها من آيات الصفات، وكذا الأحاديث.

الخطوة الثانية: جمع كلام السلف في الآية أو الحديث من الكتب المسندة، حتى يُتحقق من وجود أصل لها.

الخطوة الثالثة: جمع قول كل إمام على حدة.

الخطوة الرابعة: نخل هذه الآثار، وتمييز الصحيح والثابت منها، من الضعيف.

الخطوة الخامسة: محاولة الجمع بين ما صح عن كل إمام إن كان ثمة شيء من التعارض.

الخطوة السادسة: التوصل إلى الصحيح من قول كل إمام، والجمع بينه وبين كلام غيره من الأئمة.

وبهذه الخطوات يمكن الوصول إلى نتيجة علمية صحيحة في كل دعوى، وإلا كان الجدال عبثاً وسفهاً.

وبالنظر إلى ما استدل به الأشعريان من كلام السلف مما زعما أنه يدل على صحة ورود التأويل عن السلف، يتبين أنه لا يخرج عن أحد أمرين:

الأول: عدم ثبوته عمن نقلا عنه، إما لكونه لا أصل له، أو لضعف سنده، أو لمعارضته لما هو أصح وأشهر من كلامه.

الثاني: أنه في غير موضعه، كأن يكون في غير آيات الصفات، أو مختلفاً فيه.

وقد سبق أن عقدنا فصلاً في إجماع السلف وإطباقهم على منع تأويل الصفات، ومعلوم قطعاً أن الذين حكوا إجماع السلف على ترك التأويل ممن نقلنا بعض كلامهم هم من أعلم الناس بالخلاف، ومن أعلمهم بالحديث والآثار، وبعضهم من كبار أئمة السلف كمحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة، وأبي عبيد القاسم بن سلام وغيرهم، ويستحيل في العادة أن يحكي جميعهم الإجماع على ترك التأويل، ويكون ثابتاً عن السلف في نفس الأمر. بل هذا ضرب من المحال.

وهذا رد إجمالاً.

أما تفصيلاً فأنا أذكر هنا جميع ما استدلا به من كلام السلف في التأويل المزعوم، ليتبين لنا بطلان ما ادعياه.

ومن الأهمية بمكان أن يلحظ القارئ فيما سيأتي، أن جميع ما استدلا به هو عين استدلالات الجهمية!!

 

  • الخميس AM 07:13
    2022-06-02
  • 858
Powered by: GateGold