المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412308
يتصفح الموقع حاليا : 266

البحث

البحث

عرض المادة

إثبات صفة النزول لله تعالى على الوجه اللائق به من غير تشبيه ولا تكييف

اتفق أهل السنة والجماعة على إثبات صفة النزول لله تعالى، وأنه ينزل متى شاء، كيف شاء، نزولاً يليق بجلاله، لا يشبه نزول المخلوق، وأن نزوله صفة فعل له سبحانه.

وقد تواترت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذكر نزول الله تعالى إلى سماء الدنيا، ورواه نحو ثمانية وعشرين نفساً من الصحابة، وأفرد فيها العلماء مؤلفات مستقلة وجمعوا طرق أحاديثها، منهم الحافظ الدارقطني، وأبو بكر الصابوني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ الذهبي وغيرهم.

ولم يخل مصنف في السنة من تبويب إثبات صفة النزول لله تعالى، كالسنة لابن أبي عاصم، ولعبد الله بن الإمام أحمد، والتوحيد لابن خزيمة، وكتب الرد على الجهمية، للدارمي، وابن مندة، وابن أبي حاتم، وغيرها كثير.

تنوع دلالات السنة في إثبات صفة النزول لله تعالى

وقد تنوعت الدلالات في إثبات صفة النزول لله تعالى مما يمنع حملها على المجاز، وتتعين بها حقيقة النزول المعروف لغة: وهو ما كان من أعلى. وإليك بعض دلالاتها:

لفظ النزول

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الملك، أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر) (1).

ها هنا خمسة ألفاظ تنفي المجاز وتؤكد الحقيقة:

الأول: نسبة النزول إليه سبحانه (ينزل الله).


(1) رواه البخاري (1/ 384) ومسلم واللفظ له (758).

الثاني: نسبة القول إليه (فيقول).

الثالث: وصفه لنفسه بقوله: (أنا الملك، أنا الملك).

الرابع: أمره العباد بما لا يجوز إلا له: (من ذا يدعوني، يسألني، يستغفرني؟).

الخامس: ذكر أفعاله التي ليست لأحد غيره: (فأستجيب له، فأعطيه، فأغفر له).

لفظ الهبوط

عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا ثم تفتح أبواب السماء ثم يبسط يده فيقول: هل من سائل يعطى سؤله؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر) (1).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا ذهب ثلث الليل الأول هبط الله إلى السماء الدنيا، فلا يزال بها حتى يطلع الفجر، يقول: قائل ألا من داع فيستجاب له، ألا من مريض


(1) رواه أحمد (1/ 388) وأبو يعلى (9/ 219) والدارمي في الرد على الجهمية (ص77) وابن خزيمة في التوحيد (ص134) والآجري في الشريعة (ص325) وابن بطة في الإبانة (3/ 208) والدارقطني في النزول (ص69) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 153): (رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح). وصححه الألباني في إرواء الغليل (2/ 199)

يستشفي فيشفى، ألا من مذنب يستغفر فيغفر له) (1).

التصريح بأنه تعالى هو السائل لا غيره

عن رفاعة بن عرابة الجهني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مضى من اليل نصفه، أو ثلثاه، هبط الله إلى السماء الدنيا، ثم يقول: لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يستغفرني أغفر له، من ذا الذي يدعوني استجب له، من ذا الذي يسألني أعطيه، حتى يطلع الفجر) (2).

التصريح بالصعود بعد الهبوط

عن الأغر أبي مسلم قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة


(1) رواه أحمد (1/ 120) وأبو محمد الدارمي في سننه (1/ 414) وعثمان الدارمي في الرد على الجهمية (ص74،78) والنسائي في الكبرى (6/ 125) وأبو يعلى (11/ 447) والآجري في الشريعة (ص323) والدارقطني في النزول (ص133 - 138) وابن المظفر في غرائب مالك (ص133) والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 125).
(2) رواه أحمد (4/ 16) والطيالسي (ص182) والنسائي في الكبرى (6/ 122) والدارمي في سننه (1/ 413) وابن ماجه (1/ 435) وابن خزيمة في التوحيد (ص132) وأبو عوانة في مسنده (2/ 289) والطبراني في الكبير (5/ 49) وابن بطة في الإبانة (3/ 214 - 215) والآجري في الشريعة (ص325) والدارقطني في النزول (168 - 175) وابن حبان في صحيحه (1/ 217) واللالكائي (3/ 441) والصابوني في عقيدة السلف (ص58) وأبو إسماعيل الهروي في الأربعين في دلائل التوحيد (ص80).

رضي الله عنهما: يشهدان لي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إذا ذهب ثلث الليل الأوسط، هبط الرب تعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من داع؟ هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ حتى يطلع الفجر، ثم يصعد إلى السماء) (1).

وقد وصف الله تعالى نفسه بما يؤكد حقيقة النزول وينفي المجاز:

وصف نفسه بالإتيان

قال تعالى: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك} الأنعام158.

ففرّق بين إتيان الملائكة، وإتيان أمره، وإتيان نفسه.

وقال: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} البقرة210.

ففرّق بين إتيان الملائكة، وإتيان نفسه.

وصف نفسه بالمجيء

قال تعالى: {وجاء ربك والملك صفاً صفاً} الفجر22.

ففرّق بين مجيئه وبين مجيء الملائكة.


(1) رواه بهذا اللفظ: أبو عوانة في مسنده (2/ 288) والدارقطني في الرؤية (ص149) وقال بعده: (زاد فيه يونس بن أبي إسحاق زيادة حسنة) أي: ثم يصعد إلى السماء. والحديث رواه مسلم (758).

وصفه تعالى بالدنو

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديثه الطويل في ذكر الإسراء والمعراج وفيه: (ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله فيما أوحى إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة) (1).

ومعلوم أن تنوع الدلالات لمعنى النزول يمنع حمله على المجاز، ويؤكد إرادة الحقيقة. فنزول، وهبوط، وصعود، وإتيان، ومجيء، وتدلٍّ، ونداء العباد بـ: أنا الملك، ولا أسأل عن عبادي غيري. وترغيب بـ: من يدعوني، من يستغفرني، من يسألني، ومجازاة بـ: فأستجيب له، فأغفر له، فأعطيه.

أفمع كل هذا التنوع والتصرف في الألفاظ والدلالات، يمكن أن يكون النزول مجازاً، سبحانك هذا بهتان عظيم!!


(1) رواه البخاري (6/ 2730).

 

  • الخميس AM 07:05
    2022-06-02
  • 930
Powered by: GateGold