المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412674
يتصفح الموقع حاليا : 255

البحث

البحث

عرض المادة

نصوص السلف وبيان مخالفة الاشاعرة لهم في إثبات صفة اليدين لله تعالى حقيقة

وأما نصوص السلف فقد سبق ذكر بعضها:

- الإمام التابعي حكيم بن جابر بن طارق بن عوف الأحمسي (82 هـ)

قال: (إن الله تبارك وتعالى لم يمس بيده من خلقه غير ثلاثة أشياء خلق الجنة بيده ثم جعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك وخلق آدم بيده وكتب التوراة لموسى) (1) اهـ.


(1) رواه ابن أبي شيبة (7/ 28) وهناد بن السري في الزهد (1/ 66) وعبد الله في السنة (1/ 295) والآجري في الشريعة (ص340).

وهذا صريح في إثبات حقيقة اليد لله تعالى.

- زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (93 هـ)

قال مستقيم: قال كنا عند علي بن حسين، قال: فكان يأتيه السائل، قال: فيقوم حتى يناوله، ويقول: إن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، قال: وأومأ بكفيه) (1) اهـ.

- التابعي العابد خالد بن معدان الكلاعي الحمصي (103 هـ)

قال: «إن الله عز وجل لم يمس بيده إلا آدم صلوات الله عليه خلقه بيده، والجنة، والتوراة كتبها بيده» (2) اهـ.

- عكرمة أبو عبد الله مولى بن عباس (104 هـ)

قال: «إن الله عز وجل لم يمس بيده شيئا إلا ثلاثاً: خلق آدم بيده، وغرس الجنة بيده، وكتب التوراة بيده» (3) اهـ.

وقال أيضاً: (قوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان} المائدة64: يعني اليدين) (4) اهـ.


(1) رواه ابن سعد في الطبقات (5/ 166).
(2) رواه عبد الله في السنة (1/ 297).
(3) رواه عبد الله في السنة (1/ 296).
(4) رواه الدارمي في الرد على المريسي (1/ 286).

- الإمام التابعي ربيعة الخرشي

قال في قول الله تعالى: {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} الزمر67، قال: (ويده الأخرى خلو ليس فيها شيء) (1) اهـ.

وهذا صريح في إثبات حقيقة اليد لله، وأنها ليست النعمة أو القدرة.

- الإمام التابعي عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة (117 هـ)

قال نافع بن عمر الجمحي: (سألت ابن أبي مليكة عن يد الله: أواحدة أو اثنتان؟ قال: بل اثنتان.) (2) اهـ.

وهذا أيضاً بيّن في إثبات حقيقة اليد لله عز وجل، وإبطال حملها على المجاز والقول بأنها النعمة أو القدرة.

فرع: تقرير إثبات صفة اليد لله على الحقيقة من كلام أبي الحسن الأشعري

قد سبق نقل كلام أبي الحسن الأشعري في إثبات صفة اليدين لله تعالى، والمنع من تأويلها بالقدرة أو النعمة، وإبطال ذلك. فقد عقد فصلاً كاملاً في إثباتها والرد على من تأولها في كتابه "الإبانة".

خلاصة الفصل:

أولاً: إثبات صفة اليد لله تعالى حقيقة، وأنها موصوفة بالقبض، والبسط، والهز، والطي، والنضح، والأخذ، وهي ملئى سحاء الليل والنهار، ولها كف وأصابع، ويمين وشمال. وأنهما يدان اثنتان. وعلى هذا إجماع السلف وصالح الخلف.

ثانياً: أن طريقة السلف في إثبات صفة اليد لله تعالى هي طريقتهم في باقي الصفات الخبرية: كالوجه، والعينين، والقدم، والساق، والكف، ونحوها، يثبتونها على ظاهرها من غير تشبيه ولا تكييف، ويمنعون من تأويلها وإخراجها عن حقيقتها.

ثالثاً: موافقة أبي الحسن الأشعري للسلف في إثبات صفة اليدين لله تعالى على الحقيقة، والمنع من تأويلها، بل وكل الصفات الخبرية لله تعالى، كما سبق نقل كلامه.

رابعاً: أن الذين عُرف عنهم تأويل صفة اليدين وإخراجهما عن

 


(1) رواه عبد الله في السنة (2/ 501) وابن جرير (24/ 25).
(2) رواه الدارمي في الرد على المريسي (2/ 286).

حقيقتهما هم المعطلة من الجهمية والمعتزلة، وهذه طريقتهم في كل الصفات الخبرية لله تعالى كالوجه وغيره.

خامساً: موافقة الأشاعرة للجهمية في نفي حقيقة اليد عن الله تعالى، وتأويلها وإخراجها عن ظاهرها، وأنهم جهمية في هذا الباب من الصفات:

قال أبو منصور عبد القاهر البغدادي الأشعري في "أصول الدين": (وقد تأول بعض أصحابنا هذا التأويل -أي: تأويل اليد بالقدرة- وذلك صحيح على المذهب) (1) اهـ.

وقال في صفة الوجه والعينين لله تعالى: (والصحيح عندنا أن وجهه: ذاته، وعينه: رؤيته للأشياء) (2) اهـ.

وقال أبو المعالي الجويني في "الإرشاد" في فصل "اليدان والعينان والوجه": (والذي يصح عندنا: حمل اليدين على القدرة، وحمل العينين على البصر، وحمل الوجه على الوجود) (3) اهـ.

وقال الأشعريان (ص196): (فترى جمهور السلف لاحتمال اللفظ أكثر من معنى لديهم -أي: المعاني المجازية لا حقيقة الصفة- يتوقفون عن تعيين أحدها مكتفين بالفهم الإجمالي ...... {بل يداه مبسوطتان} المائدة64، أن الله تعالى جواد كريم .... ويفهمون من قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} الفتح10، النصرة والثواب، وهكذا، ..... بيد أن هذا لا يمنع البعض منهم رضي الله عنهم من التصريح ببعض هذه المعاني -أي المجازية- ... ) اهـ.

ونقول: إذا كان السلف يتوقفون كما زعمتم فما بالكم تجاسرتم!!

وقد سبق الرد على هذه الأغلوطات في خلاصة الفصل الأول من الباب الأول، وبينا أن حقيقة هذا القول الذي نسبوه إلى السلف هو الجهل بالمعنى.

ونقل الأشعريان عن ابن خلدون قوله (ص199 - 201): (وأما لفظ الاستواء، والمجيء، والنزول، والوجه، واليدين، والعينين، وأمثال ذلك، فعدلوا عن حقائقها اللغوية لما فيها من إيهام النقص بالتشبيه إلى مجازاتها على طريقة العرب حين تتعذر حقائق الألفاظ، فيرجعون إلى المجاز .. ) ثم قالا: (وهذا الذي قرره وحرره العلامة ابن خلدون هو ما أطبقت عليه الأمة) اهـ.

فيا لله العجب، أي أمة هذه التي أطبقت على مثل هذا!!!

وفي أي كتاب وجدتم قول واحد من السلف فضلاً عن جميعهم!!

بعد كل هذا: يتبين بطلان ما زعمه الأشعريان من موافقة الأشاعرة للسلف، وفساد هذه الدعاوى العريضة التي لا مستند لها إلا الأوهام والخيالات.

ويكفي في إبطال قولهم ورده ما قاله إمامهم الذين ينتسبون إليه وهو أبو الحسن الأشعري في كتاب "الإبانة"، حيث أبطل جميع هذه المجازات في صفة اليد لله، وأنكر على أهلها، وجعلهم من المعطلة المخالفين للكتاب والسنة والإجماع واللغة.

فوازن بين أقوال الجهمية، وبين أقوال الأشاعرة في هذا الباب من الصفات، فإنك لا تجد بينهما فرقاً، فالفريقان قد اتفقا على نفي حقائقها عن الله تعالى، وتعيّن حملها على المجاز!. فلا أدري أيهما أحق بانتساب الأشاعرة إليهم: السلف أم الجهمية!!

 


(1) أصول الدين (ص111).
(2) المرجع السابق (ص110).
(3) الإرشاد (ص155).

  • الخميس AM 07:03
    2022-06-02
  • 3626
Powered by: GateGold