المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409078
يتصفح الموقع حاليا : 369

البحث

البحث

عرض المادة

آثار السلف الدالة على أن صفات الله معلومة المعنى مجهولة الكيفية

- عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -

قال عبد الله بن أبي الهذيل العنزي: قلت لعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (أبلغك أن الله عز وجل يعجب ممن يذكره؟ فقال: لا، بل يضحك.) (1) اهـ.

وهذا ظاهر في أن معنى العجب غير معنى الضحك، وأن الله تعالى يضحك ممن يذكره.

- أبو العالية رفيع بن مهران الرياحى البصرى (90 هـ)

قال أبو العالية: {استوى إلى السماء} البقرة29: ارتفع. (2)


(1) رواه ابن بطة في الإبانة (3/ 111).
(2) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 75) والبخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم (6/ 2698)

- أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي (101 هـ)

قال: {استوى}: علا على العرش (1).

وهذا بيان منهما لمعنى ما وصف الله به نفسه في سبعة مواضع من كتابه من استواءه تعالى على عرشه، ففسراه بالعلو والارتفاع على العرش.

- الإمامان محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (125 هـ)

- مكحول الشامي أبو عبد الله إمام أهل الشام (112 هـ)

قال الأوزاعي: (كان الزهري ومكحول يقولان: أمروا الأحاديث كما جاءت) (2) اهـ.

[[معنى إمرار الصفات بلا تكييف]]

والإمرار إنما هو إبقاء دلالتها على ما دل عليه لفظها، من غير تعرض لها بتغيير أو تأويل. ولا يكون إمرار إلا مع فهمٍ للمعنى، وإلا كان لغواً.

وهذه العبارة ترد كثيراً عن السلف، في كثير من المسائل، كالكبائر ونحوها.


(1) رواه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم (6/ 2698)، وقال الحافظ (الفتح 13/ 405): وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه. اهـ
(2) رواه اللالكائي (3/ 431)

فقد روى الزهري حديث "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" الحديث، فقال الأوزاعي: قلت للزهري: إن لم يكن مؤمناً فمه؟ قال: فنفر من ذلك، وقال: (أمروا الأحاديث كما أمَرّها من كان قبلكم، فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرّوها) (1).

وقال الإمام أحمد في رسالة السنة التي رواها الاصطخري: (ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله، ولا لكبيرة أتاها، إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء، على ما رُوي، فنصدقه ونعلم أنه كما جاء، ولا ننص الشهادة، ولا نشهد على أحد أنه في الجنة بصالح عمله، ولا بخير أتاه، إلا أن يكون في ذلك حديث، كما جاء على ما روي ولا ننص الشهادة. .... - إلى أن قال: والكف عن أهل القبلة، ولا تكفر أحداً منهم بذنب، ولا تخرجه من الإسلام بعمل، إلا أن يكون في ذلك حديث فيُروى الحديث كما جاء، وكما رُوي، وتصدقه وتقبله، وتعلم أنه كما روي، نحو ترك الصلاة، وشرب الخمر، وما أشبه ذلك، أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر والخروج من الإسلام، فاتبع الأثر في ذلك ولا تجاوزه.) (2) اهـ.

فهذه أحاديث جاءت في بعض الكبائر كترك الصلاة، وشرب الخمر، ونحو ذلك، فيها التغليظ إما الحكم بالكفر، أو بعدم


(1) رواه ابن الأعرابي في معجمه (1/ 95،292) وتمام في فوائده (1/ 72).
(2) طبقات الحنابلة (1/ 26).

دخول الجنة، ونحو ذلك، فأمر الإمام أحمد بإمرارها كما جاءت، وترك التعرض لها، ومعلوم قطعاً أنها أحاديث مفهومة المعنى، معلومة الدلالة، مما يدل على أن المراد بإمرار النصوص كما جاءت: إنما هو التصديق بها، وإبقاء دلالتها على ما دلت عليه ظاهر ألفاظها.

وقال الإمام أحمد في مسألة الرؤية في رسالة "أصول السنة" برواية عبدوس: (والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث الصحاح، وأن النبي قد رأى ربه، فإنه مأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيح، ... والحديث عندنا على ظاهره كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والكلام فيه بدعة، ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره، ولا نناظر فيه أحداً .. ) (1) اهـ.

وهذه أحاديث مفهومة المعنى، وكلامه هنا يفسر معنى إمرار الحديث كما جاء، وأنه إثباته وحمل معناه على ظاهره.

وقال أيضاً في الرسالة ذاتها: ("ثلاث من كن فيه فهو منافق" على التغليظ نرويها كما جاءت، ولا نقيسها .. ) (2) اهـ.

ومثله ما رواه الخلال في "السنة" بإسناده أن أبا طالب حدثهم، أنه سأل أبا عبد الله عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي: «من كنت


(1) أصول السنة للإمام أحمد (ص24 - 25) ورواها اللالكائي (1/ 156).
(2) المرجع السابق (ص56 - 59).

مولاه فعلي مولاه»، ما وجهه؟ قال: «لا تكلم في هذا، دع الحديث كما جاء».

وقال الخلال أيضاً: أخبرنا أبو بكر المروذي، قال: سألت أبا عبد الله عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، أيش تفسيره؟ قال: «اسكت عن هذا، لا تسأل عن ذا الخبر، كما جاء» (1) اهـ.

وقال البخاري في جزء "رفع اليدين": (ولقد قال وكيع: من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة، ومن طلب الحديث ليقوي هواه فهو صاحب بدعة.

قال البخاري: يعني أن الإنسان ينبغي أن يلقي رأيه لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ثبت الحديث، ولا يعتل بعلل لا تصح ليقوي هواه) (2) اهـ.

- الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت (150 هـ)

وقال أيضاً: (وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: يده قدرته أو نعمته، لأن فيه إبطال الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال) (3) اهـ.


(1) السنة للخلال (1/ 347).
(2) جزء رفع اليدين للبخاري (ص38).
(3) سبق تخريجه حاشية 23.

فتأمل قوله: (ولا يقال: يده قدرته أو نعمته، لأن فيه إبطال الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال)، فإنه يدل على أن صفة اليد معلومة المعنى لديهم، وأن تأويلها بإخراجها إلى المعاني المجازية إبطال لحقيقة معناها، وهو قول المعطلة!!.

وقال أيضاً في إثبات النزول لله: (ينزل بلا كيف) (1) اهـ.

وقوله هنا موافق للمشهور عن أئمة السلف من قولهم عن الصفات: (أمروها كما جاءت بلا كيف)، فإنه نفى الكيفية، ولم ينف حقيقة الصفة.

- عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون (164 هـ)

سُئل عبد العزيز بن الماجشون: عما جحدت به الجهمية؟


(1) سبق تخريجه حاشية 24.

فقال بعد كلام طويل: (والدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته عجزها من تحقيق صفة أصغر خلقه لا يكاد يراه صغراً، يحول ويزول ولا يرى له بصر ولا سمع، فاعرف غناك عن تكليف صفة ما لم يصف الرب من نفسه، بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، ... وذكر فصلاً طويلا في إقرار الصفات وإمرارها وترك التعرض لها.) (1) اهـ.

وقيل: (إنه نظر مرة في شيء من سلب الصفات لبعضهم فقال هذا الكلام هدم بلا بناء، وصفة بلا معنى) (2) اهـ.

فقوله في كلام المعطلة في صفات الله أنه صفة بلا معنى، يدل على أن صفة الله عن السلف صفة ذات معنى.

وأما قوله بعجز العقول عن تحقيق صفته تعالى، فالمراد به معرفة حقيقة ما عليه الصفة وكيفيتها، بدليل أنه بيّن عجز العقول في إدراك صفة أصغر خلق الله مع كون صفة هذا المخلوق الصغير معلومة المعنى، لكن لا تدرك كيفيتها وحقيقة ما هي عليه لصغره. فأما الرب تبارك وتعالى فلا تدرك كيفية وحقيقة ما عليه صفته لعظمته سبحانه.


(1) رواه ابن بطة في الإبانة (3/ 63) واللالكائي (3/ 502) والذهبي بإسناده من طريق الأثرم (السير 7/ 312) وعزاه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى الأثرم في السنة وإبي عمرو الطلمنكي كما في مجموع الفتاوى (5/ 42 - 46) وأورده الذهبي في العلو (ص141).
(2) السير (7/ 312).

- إمام أهل الشام عبد الرحمن بن عمر أبو عمرو الأوزاعي (157 هـ)

- إمام أهل الكوفة سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري (161 هـ)

- إمام أهل مصر أبو الحارث الليث بن سعد (175 هـ)

- إمام دار الهجرة مالك بن أنس بن مالك الأصبحي (179 هـ)

قال الوليد بن مسلم: (سألت الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية، فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف) (1) اهـ.

وقال يحيى بن يحيى: (كنا عند مالك بن أنس، فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرحمن على العرش استوى} طه5، كيف استوى؟ فأطرق مالك رأسه، ثم علاه الرحضاء، ثم قال:

الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا، فأمر به أن يخرج) (2) اهـ.

 


(1) رواه الآجري في الشريعة (ص327) وابن بطة في الإبانة (3/ 241) والدارقطني في الصفات (ص172) والصابوني في اعتقاد أهل الحديث (ص68) واللالكائي (3/ 527) وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 513) والبيهقي في سننه (3/ 4) وفي الأسماء والصفات (ص569) وفي الاعتقاد (ص123) وعزاه شيخ الإسلام ابن تيمية للخلال في مجموع الفتاوى (5/ 39).

(2) رواه البيهقي في الأسماء والصفات (ص515) وفي الاعتقاد (ص119) وابن المقرئ في معجمه (ص311) والصابوني في اعتقاد أهل الحديث (ص45) وعزاه شيخ الإسلام ابن تيمية لأبي الشيخ الأصبهاني في مجموع الفتاوى (5/ 40).

  • الجمعة AM 05:46
    2022-05-27
  • 1178
Powered by: GateGold