المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413663
يتصفح الموقع حاليا : 245

البحث

البحث

عرض المادة

أبو أحمد محمد بن علي بن محمد الكرجي المعروف بالقصاب (360هـ)

قال في الاعتقاد القادري الذي كتبه لأمير المؤمنين القادر بأمر الله سنة 433 هـ ووقع على التصديق عليه علماء ذلك الوقت كالقاضي أبي يعلى وأبي الحسن القزويني وغيرهما من العلماء، وأرسلت هذه الرسالة القادرية إلى البلدان.

قال: (لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه، وكل صفة وصف بها نفسه، أو وصفه بها نبيه، فهي صفة حقيقية لا صفة مجاز، ولو كانت صفة مجاز لتحتم تأويلها، ولقيل: معنى البصر كذا، ومعنى السمع كذا، ولفسرت بغير السابق إلى الأفهام، فلما كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل علم أنها غير محمولة على المجاز، وإنما هي حق بيّن) (1) اهـ.

وقال ابن أبي يعلى في سياق معتقد والده في طبقات الحنابلة: (وما ذكرناه من الإيمان بأخبار الصفات من غير تعطيل، ولا تشبيه، ولا تفسير، ولا تأويل، هو قول السلف بدءاً وعوداً، وهو الذي ذكره أمير المؤمنين القادر رضوان الله عليه في الرسالة القادرية قال فيها:


(1) نقله ابن الجوزي في المنتظم في حوادث سنة 433هـ بتمامه، وشيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (6/ 254) وفي نقض التأسيس (ص113)، وابن القيم في الصواعق المرسلة (4/ 1288)، والذهبي في السير (16/ 213).

"وما وصف الله سبحانه به نفسه أو وصفه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فهو صفات الله عز وجل على حقيقته لا على سبيل المجاز".

وعلى هذا الاعتقاد: جمع أمير المؤمنين القائم بأمر الله رضوان الله عليه من حضره مع الوالد السعيد -أي القاضي أبي يعلى- من علماء الوقت وزاهدهم: أبو الحسن القزويني سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وأخذ خطوطهم باعتقاده) (1) اهـ.

فانظر إلى هذه العقيدة التي انتشرت في الآفاق، ووقع عليها العلماء، وقُرئت في المساجد والمدارس. وفيها التصريح بأن صفات الله تعالى على الحقيقة لا المجاز.

- إمام أهل اللغة أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري الهروي (370 هـ)

قال عند قوله تعالى {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} البقرة210: (فالغمام معروف في كلام العرب، إلا أنا لا ندري كيف الغمام الذي يأتي الله عز وجل يوم القيامة في ظلل منه، فنحن نؤمن به ولا نكيّف صفته، وكذلك سائر صفات الله عز وجل) (2) اهـ.

وهذا ظاهر في إثبات الإتيان لله تعالى على الحقيقة، ولأجل ذلك عرّف الغمام، ونفى كيفية الإتيان.


(1) طبقات الحنابلة (2/ 210).
(2) تهذيب اللغة (3/ 246).

- الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف (371 هـ)

قال في كتابه "اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات": (والخلة والمحبة صفتان لله هو موصوف بهما، ولا تدخل أوصافه تحت التكييف والتشبيه، وصفات الخلق من المحبة والخلة جائز عليها الكيف، فأما صفاته تعالى فمعلومة في العلم، وموجودة في التعريف قد انتفى عنهما التشبيه، فالايمان به واجب، واسم الكيفية عن ذلك ساقط) (1) اهـ.

- أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي (ت 380هـ)

قال: (الباب السادس: شرح قولهم في الصفات: أجمعوا على لله صفات على الحقيقة هو موصوف بها: ... - ثم ذكر جملة من الصفات، ثم قال: وأن له سمعاً وبصراً، ووجهاً، ويداً على الحقيقة، ليس كالأسماع والأبصار والأيدي والوجوه. وأجمعوا أنها صفات لله وليست بجوارح، ولا أعضاء ولا أجزاء) (2) اهـ.

وهذا ظاهر في إن إثبات حقيقة وجه لله تعالى ليس كالوجوه، ويد ليست كالأيدي، لا يستلزم التجسيم الذي يدعونه، ولا التمثيل.


(1) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 80).
(2) التعرف لمذهب أهل التصوف (ص47 - 48).

- أبو عبد الله عبيد الله بن محمد العكبري الحنبلي ابن بطة (384 هـ)

قال: (فنقول كما قال: "ينزل ربنا عز وجل" ولا نقول: إنه يزول، بل ينزل كيف شاء، لا نصف نزوله، ولا نحده، ولا نقول: إن نزوله زواله) (1) اهـ.

- الإمام العلامة حافظ المغرب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني (386 هـ)

قال في أول كتابه المشهور "الرسالة" في باب "ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجبات أمور الديانات": (وأنه فوق عرشه المجيد بذاته، وأنه في كل مكان بعلمه) (2) اهـ.

وهو تصريح بفوقية الله تعالى على الحقيقة، وهي فوقية الذات، كما أنها فوقية القهر والقَدْر والسلطان.

- الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده (395 هـ)

قال في إثبات صفة اليدين لله تعالى: (باب ذكر قول الله عز وجل {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} ص75، ذكر


(1) الإبانة (3/ 240).
(2) الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (1/ 73).

ما يُستدل به من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن الله جل وعز خلق آدم عليه السلام بيدين حقيقة) (1) اهـ.

وقال أيضاً في إثبات حقيقة الوجه لله تعالى: (باب قول الله جل وعز {كل شيء هالك إلا وجهه} القصص88، وقال الله عز وجل {ويبقى وجه ربك ذو الجلال} الرحمن27، وذكر ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يدل على حقيقة ذلك) (2) اهـ.

وقال في بيان إثبات حقيقة الوجه لله وأن الوجه قد يَرِد ويراد به الثواب، وكلاهما حق: (ومعنى وجه الله عز وجل ها هنا على وجهين: أحدهما وجه حقيقة. والآخر: بمعنى الثواب. فأما الذي هو بمعنى الوجه في الحقيقة، ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي موسى، وصهيب، وغيرهم، مما ذكروا فيه الوجه، ... - ثم ساق جملة من الأدلة، ثم قال:

وأما الذي هو بمعنى الثواب فكقول الله عز وجل: {إنما نطعمكم لوجه الله} الإنسان9. ...


(1) الرد على الجهمية (ص68).
(2) المرجع السابق (ص94).

وما أشبه ذلك مما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو على معنى الثواب) (1) اهـ.

- الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين (399 هـ)

قال في "باب الإيمان بالنزول": (ومن قول أهل السنة: أن الله ينزل إلى سماء الدنيا، ويؤمنون بذلك من غير أن يحدوا فيه حداً، ... -وذكر الحديث من طريق مالك وغيره، وذكر آثار السلف، ثم قال:

وهذا الحديث يبين أن الله عز وجل على العرش في السماء دون الأرض، وهو أيضا بيّن في كتاب الله وفى غير حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (2) اهـ.

قلت: إثباتهم للنزول، وامتناعهم عن أن يحدوه، صريح في أن النزول على حقيقته بما دل عليه ظاهر الحديث، إلا أنهم لا يكيفونه، ولا يمثلونه بشيء من صفات المخلوقين. كما أن استدلاله على العلو بحديث النزول صريح في إثبات النزول على حقيقته، وهو ما كان من علو.

- الإمام أبو بكر محمد بن موهب التجيبي الحصار المعروف بالقبري القرطبي المالكي (ت406هـ)

قال في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني في بيان أن صفات الله على الحقيقة لا على المجاز: (وقوله "على العرش استوى" فإنما معناه عند أهل السنة على غير الاستيلاء والقهر،


(1) المرجع السابق (ص102).
(2) أصول السنة (ص110 - 113) ونقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 56) وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص164).

والغلبة، والملك، الذي ظنته المعتزلة ومن قال بقولهم إنه بمعنى الاستيلاء، وبعضهم يقول إنه على المجاز دون الحقيقة، ... إلى أن قال: وكذلك بيّن أيضاً أنه على الحقيقة بقوله عز وجل: {ومن أصدق من الله قيلا} النساء122، فلما رأى المنصفون إفراد ذكره بالاستواء على عرشه بعد خلق سمواته وأرضه، وتخصيصه بصفة الاستواء، علموا أن الاستواء هنا غير الاستيلاء ونحوه، فأقروا بصفة الاستواء على عرشه، وأنه على الحقيقة لا على المجاز، لأنه الصادق في قيله، ووقفوا عن تكييف ذلك وتمثيله إذ ليس كمثله شيء من الأشياء) (1) اهـ.

- الإمام أبو زكريا يحيى بن عمار السجستاني (422 هـ)

قال في رسالته في "السنة": (لا نقول كما قالت الجهمية: إنه تعالى مداخل للأمكنة وممازج بكل شيء، ولا نعلم أين هو؟ بل نقول: هو بذاته على العرش، وعلمه محيط بكل شيء، وعلمه وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء. وذلك معنى قوله {وهو معكم أينما كنتم} الحديد4، فهذا الذي قلناه هو كما قال الله وقاله رسوله) (2) اهـ.


(1) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض التأسيس (ص111)، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص156).
(2) نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (2/ 529) وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص131) والذهبي في العلو (ص279).

- القاضي عبد الوهاب بن نصر البغدادي المالكي (422 هـ)

قال في شرح قول ابن أبي زيد القيرواني "وأن الله يجيء يوم القيامة والملك صفاً صفا": (وهذا لقوله عز وجل {وجاء ربك والملك صفاً صفا} الفجر22، فأثبت نفسه جائياً، ولا معنى لقول من يقول: إن المراد به: جاء أمر ربك، ... إلى أن قال: ولكن ليس إذا استحال عليه ذلك وجب صرف الكلام عن حقيقته، لأجل أن القضاء على الغائب بمجرد الشاهد لا يجب عندنا، ولا عند مسلم، فبطل ما قالوه) (1) اهـ.

وفيه إثبات صفة المجيء لله، وأنها صفة له على الحقيقة لظاهر الآية، ولا يستلزم أن تكون كصفات المخلوقات.

- الإمام المقرئ المحدث أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي (429 هـ)

قال في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول": (وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى {وهو معكم أينما كنتم} الحديد4، ونحو ذلك من القرآن، أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته، مستوٍ على عرشه كيف شاء).

وقال أيضاً: (قال أهل السنة في قول الله {الرحمن على العرش استوى} طه5، أن الاستواء من الله على عرشه المجيد على


(1) شرح عقيدة ابن أبي زيد القيرواني في كتابه "الرسالة" (ص319 - 320).

الحقيقة لا على المجاز. فقد قال قوم من المعتزلة والجهمية لا يجوز أن يسمى الله عز وجل بهذه الأسماء على الحقيقة، ويسمى بها المخلوق، فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه وأثبتوها لخلقه، فإذا سئلوا ما حملهم على هذا الزيغ؟ قالوا: الاجتماع في التسمية يوجب التشبيه) (1) اهـ.

- الشيخ الإمام الحافظ أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجزي (444 هـ)

قال في بيان أن صفات الله على حقيقة ما عهد من كلام العرب: (الواجب أن يُعلم أن الله تعالى إذا وصف نفسه بصفة هي معقولة عند العرب، والخطاب ورد بها عليهم بما يتعارفون بينهم ولم يبيّن سبحانه أنها بخلاف ما يعقلونه، ولا فسرها النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا أداها بتفسير يخالف الظاهر، فهي على ما يعقلونه ويتعارفونه.) (2) اهـ.

وقال أيضاً: (وقد اتفقت الأئمة على أن الصفات لا تؤخذ إلا توقيفاً، وكذلك شرحها لا يجوز إلا بتوقيف. فقول المتكلمين في نفي الصفات، أو إثباتها بمجرد العقل، أو حملها على تأويل مخالف


(1) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (5/ 251) وفي بيان تأسيس الجهمية (2/ 38) وفي نقض التأسيس (ص115) وفي مجموع الفتاوى (5/ 519)، وابن القيم في الصواعق المرسلة (4/ 1284)، والذهبي في العلو (ص246).
(2) رسالة السجزي إلى أهل زبيد (ص152 - 153).

للظاهر ضلال. ولا يجوز أن يوصف الله سبحانه إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وذاك إذا ثبت الحديث ولم يبق شبهة في صحته. فأما ما عدا ذلك من الروايات المعلولة والطرق الواهية، فلا يجوز أن يعتقد في ذات الله سبحانه ولا في صفاته ما يوجد فيها باتفاق العلماء للأثر) (1) اهـ.

وقال أيضاً: (ومن ذلك الغضب والرضى وغير ذلك وقد نطق القرآن بأكثرها. وعند أهل الأثر أنها صفات ذاته لا يفسر منها إلا ما فسره النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو الصحابي، بل نمر هذه الأحاديث على ما جاءت بعد قبولها والإيمان بها، والاعتقاد بما فيها بلا كيفية) (2) اهـ.

- شيخ الإسلام الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني (449 هـ)

قال في بيان معتقد السلف وأصحاب الحديث: (ويثبتون له جل جلاله ما أثبت لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعتقدون تشبيهاً لصفاته بصفات خلقه، فيقولون: إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله- عز من قائل: {يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} ص75، ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين، أو القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية، أهلكهم الله، ولا يكيفونهما بكيف أو تشبيههما بأيدي المخلوقين، تشبيه المشبهة، خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتكييف، ومن عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} الشورى11.

وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها


(1) المرجع السابق (ص121).
(2) المرجع السابق (ص175).

القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع، والبصر، والعين، والوجه، والعلم، والقوة، والقدرة، والعزة، والعظمة، والإرادة، والمشيئة، والقول والكلام، والرضا، والسخط، والحياة، واليقظة، والفرح، والضحك، وغيرها، من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه، بتأويل منكر، ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله) (1) اهـ.

فقد أوضح أن آيات الصفات تُجرى على الظاهر مما تعرفه العرب بلا تأويل ولا تحريف، ولذلك فقوله (ويكلون علمه إلى الله تعالى) المراد به علم الكيفية وحقيقة ما عليه الصفة، بدليل إنكاره على من أول اليد بالنعمة أو القوة، وقرر وجوب إجراءها على ظاهرها اللائق بالله المتبادر للذهن بوضع اللغة، وأنه يُعرف معناه بوضع اللغة. وإلا لو لم يكن له معنى معروف لم يكن لقوله "ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه، بتأويل منكر" معنى.

وقال رحمه الله في إثبات حقيقة النزول، والرد على من تأولها أو كيفها: (فمجيئه وإتيانه ونزوله على حساب ما يليق بصفاته، من غير تشبيه وكيف ... ) إلى أن قال: (فلما صح خبر النزول عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقر به أهل السنة، وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعتقدوا تشبيهاً له بنزول خلقه، وعلموا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق، كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علوا كبيرا، ولعنهم لعناً كثيراً.

وقرأت لأبى عبد الله ابن أبي جعفر البخاري، وكان شيخ بخارى في عصره بلا مدافعة، وأبو حفص كان من كبار أصحاب محمد بن الحسن الشيباني، قال أبو عبد الله:- أعني ابن أبى حفص هذا- سمعت عبد الله بن عثمان وهو عبدان شيخ مرو يقول: سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول: قال حماد بن أبي حنيفة: قلنا لهؤلاء: أرأيتم قول الله عز وجل {وجاء ربك والملك صفا صفا} الفجر22، قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى لذاك، ولا ندري كيفية مجيئه، فقلت لهم: إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف مجيئه، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيت من أنكر أن الملك يجيء صفاً صفاً ما هو عندكم؟

قالوا: كافر مكذب. قلت: فكذلك إن أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب) (2) اهـ.

وما ذكره عن حماد بن أبي حنيفة صريح في أن مجيء الله عز وجل المذكور في الآية هو المجيء المعروف في اللغة الذي من أصل معناه المجئ المضاف إلى الملائكة، مع التباين في الحقيقة والكيفية، إذ ليس كمثل مجيئه سبحانه مجيء شيء.

 


(1) عقيدة السلف وأصحاب الحديث (ص39 - 40).

(2) المرجع السابق (ص60 - 63).

  • الجمعة AM 05:24
    2022-05-27
  • 1427
Powered by: GateGold