المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409147
يتصفح الموقع حاليا : 290

البحث

البحث

عرض المادة

إثبات أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة لا على المجاز

في إثبات أن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة على الحقيقة لا على المجاز

[[أساس دعوة الرسل: التعريف بالمعبود]]

إن أساس دعوة الرسل هو التعريف بالمعبود سبحانه، ومعرفته تبارك وتعالى إنما تكون بمعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله، التي تنبني عليها جميع المطالب الشرعية والمقامات السنية من حب المعبود ورجائه وتعظيمه وتمجيده، ولذلك فقد تنوعت الأدلة في بيان ما اتصف به المعبود سبحانه من جميل النعوت والصفات، وعظيم الفعال.

ولما كان هذا الأمر هو محور دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، صار أظهر شيء في كتاب الله، وأعظمه بياناً، وأحسنه كلاماً هو ما يتعلق بهذا الباب العظيم.

والله عز وجل قد امتن على عباده بما أنزله عليهم من القرآن العظيم الذي جعله حجة على عباده، وآية على صدق دعوة نبيه، وهدى للناس في كل زمان ومكان، فأوضحه الله عز وجل أعظم توضيح ويسره للتدبر والتذكر، وتعرف به إلى عباده.

قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} القمر17

وقال جل وعلا واصفاً كتابه: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} الزخرف3.

وبين الله عز وجل أنه أنزل كتابه باللسان العربي الواضح، ليُفهم عنه فقال {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. َنزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} الشعراء195.

وبين ربنا تبارك وتعالى أنه أرسل الرسل ليبينوا للناس، لا ليُلغزوا ويوهموا.

فقال تعالى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} النساء26

وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} إبراهيم4

وقال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} النحل44

ومن المحال أن يكون القرآن موصوفاً بكونه مُبيناً، ثم يكون أعظم ما فيه وهو صفة الله عز وجل ونعته سبحانه خافياً لا يُهتدى إليه إلا بالتكلفات والتأويلات المخرجة له عن حقيقته. بل لا بد أن يكون واضحاً بيناً يسهل الاهتداء إليه، وفهم معناه.

[الأصل في الكلام: الحقيقة]

ولا ريب أن الأصل في كلام الناس أن يُحمل على الحقيقة لا على المجاز، وهذا مع اختلاف نواياهم ومقاصدهم، فكيف بكلام الرب تبارك وتعالى الذي أراد به التعريف بنفسه، وبيان عظيم وصفه لتألهه القلوب وتتعلق به رباً وإلهاً.

[الخطاب نوعان]

والخطاب لا يخرج عن نوعين:

خطاب يُقصد به التعمية على السامع والإلغاز. وهذا ينزه عنه كلام الله تعالى.

وخطاب يُقصد به البيان والهدى والإرشاد. وهذا الذي وصف الله به كتابه وكلامه كما مر معنا في الآيات السابقة. فإذا أطلق الله لفظاً أو أطلق رسوله - صلى الله عليه وسلم - لفظاً له معنى ظاهر بوضع اللغة، ولم يقرن به ما يدل على خلاف ظاهره وعدم إرادة ذلك المعنى، كان ذلك دالاً على أن المراد به حقيقته، وإلا لم يكن كلام الله مبيّناً، ولا مُبيناً.

[الطرق التي يُعرف بها مراد المتكلم]

وهذا هو أحد الطرق التي يُعرف بها مراد المتكلم. والطريق الآخر أن يُصرّح بإرادة ذلك المعنى.

[عدم تنازع الصحابة في الصفات]

ولذلك لم تختلف كلمة الصحابة قط في صفة من صفات الله عز وجل ولا في فعل من أفعاله، ولم يتنازعوا في تأويل آيات الصفات وأخبارها في موضع واحد، فكانت كلمتهم وكلمة من بعدهم من التابعين متفقة على إقرارها كما جاءت وإثبات حقائقها لله تعالى على الوجه اللائق به من غير تمثيل لها بصفات المخلوقين، مع كونهم قد اختلفوا في بعض آيات الأحكام.

ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه ولا عن التابعين ولا أتباعهم حرف واحد في أن صفات الله عز وجل لا يراد بها الحقيقة. بل كلامهم إما نص، وإما ظاهر: في أن صفات الله على الحقيقة، مع نفي التمثيل والتكييف.

ولهذا، عجز الأشعريان أن ينقلا حرفاً واحداً عن السلف في أن المراد بالصفات أو بعضها المجاز لا الحقيقة.

وإليك بعض الأدلة من الكتاب والسنة ومن أقوال سلف الأمة الدالة على كون صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة هي على الحقيقة لا على المجاز:

 

  • الجمعة AM 05:14
    2022-05-27
  • 823
Powered by: GateGold