المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412308
يتصفح الموقع حاليا : 258

البحث

البحث

عرض المادة

تصوير صورة العالم والرد عليه

وفي صفحة 108 ساق الصواف كلاما للفلكي "سيمون نيوك" صور فيه صورة العالم وحجم الأرض والشمس والقمر والنجوم السيارة وأبعادها, وما بينها وبين النجوم الثوابت من البعد العظيم على حد زعمه الكاذب, وما بين النجوم الثوابت أيضا من البعد الشاسع بالنسبة إلى العالم الذي تصوره بعقله الفاسد. وهذا التصوير لا دليل عليه من كتاب ولا سنة, وإنما هو مبني على التخرص واتباع الظن الكاذب. وقد قال الله تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} وقال تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}.

ولا يغتر بمثل هذا الهذيان ويصغى إليه إلا جاهل قد أعمى الله بصيرته.

وقال الصواف في صفحة 109 ما نصه:

ولعل أدق وصف للأرض بالنسبة للكون هو أنها هباءة دقيقة لا ترى إلا بالمجهر في هذا الفضاء الفلكي الواسع بالنسبة إلى الأجرام السماوية المتناثرة في أنحاء الكون.

والجواب أن يقال: هذا قول باطل مردود, وقد نبهت على بطلانه في أول الكتاب, فليراجع هناك.

وقال الصواف في صفحة 109 ما نصه:

هذا وقد أثبتت الأبحاث الأخيرة أن حجم الكون أخذ في الزيادة والاتساع شيئا فشيئا, وكلما ازداد حجمه ازدادت المسافة بين أجرامه. فسبحان أعلم العلماء, وما أعظم صدق القرآن, وهو يقرر هذه الحقيقة العلمية قبل أن تعرف, وهي أن السماء في اتساع دائم {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}.

والجواب أن يقال, أما زعمه أن حجم الكون أخذ في الزيادة والاتساع شيئا فشيئا, وكلما ازداد حجمه ازدادت المسافة بين أجرامه فهو قول لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا معقول صحيح, وما ليس عليه دليل فليس عليه تعويل.

وأيضا فالأمور الغيبية لا يمكن الوصول إلى علمها بالأبحاث التي هي التخرصات والظنون الكاذبة على الحقيقة, وإنما تعلم من طريق الوحي. وقد انقطع الوحي بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} وقال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} وقال تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}.

وتأويل الصواف للآية من سورة الذاريات على ما زعمه من الاتساع الدائم لم يؤثر عن أحد من المفسرين, وإنما هو من تحريف الكلم عن مواضعه, وقد ذكرت الرد عليه وكلام المفسرين على الآية في أول الفصل الذي قبل هذا الفصل بفصلين, فليراجع.

وقد قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى من فسر القرآن والحديث وتأوله على غير التفسير لمعروف عن الصحابة والتابعين, فهو مفتر على الله, ملحد في آيات الله, محرف للكلم عن مواضعه. انتهى.

وأما قوله فسبحان أعلم العلماء

فجوابه أن يقال: هذه العبارة لم ينطق بها كتاب ولا سنة ولم تؤثر عن أحد من السلف الصالح ولا من بعدهم من علماء المسلمين ولم أرها لأحد قبل الصواف.

والذي عليه أهل السنة والجماعة أنهم لا يصفون الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا يبتدعون في صفات الرب ألفاظا لم ترد في الكتاب ولا في السنة. فمن سلك سبيلهم فهو منهم. ومن حاد عن سبيلهم وسلك سبل أهل البدع فهو منهم. ولقد أحسن الراجز حيث يقول:

وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف

وفي صفحة 111 وصفحة 112 ذكر الصواف المعلقين على محاضرته والمادحين له ومنهم محمد زكي المحاسني وذكر من قوله.

لا تسألوا عن صوفه أو قطنه ... فمن الصفاء دعوه بالصواف هو في الأئمة بين سادة مكة ... أهل التقى والعلم والإنصاف

ثم قال:

قطنا لبست أو ارتديت الصوفا ... فلقد وجدتك بالهدى موصوفا

وإذا المنابر بالرجال تلألأت ... عرفت لسانك بالمقال عفيفا

والجواب عن هذا من وجوه: أحدها: أن إيراد الصواف لهذه الأبيات في رسالته من تزكية النفس وقد قال الله تعالى {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}.

قال البغوي عند قوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تمدحوها. وقال الحسن: علم الله من كل نفس ما هي صانعة وإلى ما هي صائرة, فلا تزكوا أنفسكم, فلا تبرئوها من الآثام, ولا تمدحوها بحسن أعمالها.

وفي صحيح مسلم عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها قالت: سُميت برة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم».

الوجه الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره المدح وأنكر على المداحين, وأمر أن يحثى في وجوههم التراب كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود وابن ماجة عن أبي بكرة رضي الله عنه قال مدح رجل رجلا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ويلك قطعت عنق صاحبك - مرارا - إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك».

وروى مسلم أيضا عن أبي موسى رضي الله عنه قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة فقال: «لقد أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل».

وروى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن همام بن الحارث قال: جاء رجل إلى عثمان فأثنى عليه في وجهه, قال: فجعل المقداد بن الأسود يحثو في وجهه التراب, ويقول: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لقينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده من حديث همام بن الحارث قال: كنا جلوسا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء قوم يثنون على عثمان ويمدحونه والمقداد في ناحية المسجد, فلما سمعهم يمدحونه قام فتناول الحصا, فجعل يحثو في وجوههم, فقال عثمان: ما هذا؟ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا رأيتم المداحين فاحثو في وجوههم أو قال: في أفواههم التراب: أو قال الحصا».

وقال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن سعيد بن العاص بعث وفدا من العراق إلى عثمان, فجاؤوا يثنون عليه, فجعل المقداد يحثو في وجوههم التراب, وقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحثو في وجوه المداحين التراب. وقال سفيان مرة: فقام المقداد, فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «احثوا في وجوه المداحين التراب» قال الزبير: أما المقداد فقد قضى ما عليه.

وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن حبيب عن مجاهد عن أبي معمر قال: قام رجل يثني على أمير من الأمراء, فجعل المقداد يحثو في وجهه, وقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحثو في وجوه المداحين التراب.

وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا يحيى عن وائل بن داود قال: سمعت عبد الله البهي أن ركبا وقفوا على عثمان بن عفان فمدحوه, وأثنوا عليه ثم المقداد بن الأسود فأخذ قبضة من الأرض فحثاها في وجوه الركب فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب».

وإذا كان هذا فعل المقداد رضي الله عنه مع من مدح عثمان الذي هو أهل للمدح والثناء فكيف بمن مدح من لا يستحق المدح والثناء وإنما يستحق القدح والذم والتأنيب وما هو أشد من ذلك, فالله المستعان.

وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب, قال: جعل رجل يمدح عاملا لعثمان, فعمد المقداد, فجعل يحثو التراب في وجهه, فقال له عثمان: ما هذا؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب».

وقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده من حديث شعبة به إلا أنه قال جعل رجل يمدح غلاما لعثمان.

وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحثو في أفواه المداحين التراب. قال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

الوجه الثالث: أن المحاسني قد أخطأ في عدة مواضع من كلامه.

أحدها: قوله: فمن الصفاء دعوه بالصواف والجواب أن يقال: ليس الأمر كما زعمه المحاسني من أن الصواف منسوب إلى الصفاء؛ وإنما هو منسوب إلى بيع الصوف, كما يقال لبائع التمر تمار ولبائع السمن سمان ولبائع الزيت زيات ولبائع البقل بقال ولبائع النحاس نحاس وما أشبه ذلك. ولو كان منسوبا إلى الصفاء لقيل له الصافي لا الصواف.

الموضع الثاني: عده من الأئمة أهل التقى والعلم والإنصاف.

والجواب أن يقال: هذا فيه نظر لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة.

الموضع الثالث: قوله فلقد وجدتك بالهدى موصوفا.

والجواب أن يقال: وهذا أيضا فيه نظر لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة, ولقد أحسن الشاعر حيث يقول:

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل أمر منكر

وبقيت في خلف يزين بعضهم ... بعضا ليدفع معور عن معور

فطن لكل مصيبة في ماله ... وإذا أصيب بدينه لم يشعر

الموضع الرابع: قوله عرفت لسانك بالمقال عفيفا

والجواب أن يقال: كيف يكون لسانه عفيفا بالمقال وهو قد قال على الله تعالى وعلى كتابه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بغير علم, وأخطأ على المسلمين خطأ كبير كير نسب إليهم من التخرصات والظنون الكاذبة ما هم بريئون منه.

فأما قوله على الله تعالى وعلى كتابه بغير علم, ففي مواضع من رسالته التي قد رددت عليها.

منها قوله في صفحة 40: أن القرآن أشار إلى نظرية "لابلاس" وهي قوله: أن الأرض والشمس ومختلف الكواكب والأجرام إنما كانت سديما في الفضاء وأن الأرض انفصلت عن هذا السديم. ثم قال في صفحة 41: وبذلك قرر العلم اليوم ما قرره القرآن وأشار إليه قبل ألف وأربعمائة عام من أن الأرض والشمس والنجوم, أي: السماء والأرض وما فيهما, إنما كانت سديما انفصل إلى أجزاء.

وهذا من القول على الله وعلى كتابه بغير علم. وقد استوفيت الرد عليه في أول هذا الكتاب فليراجع.

ومنها في صفحة 42 وصفحة 43 فقد أورد آيتين من سورة يس وآية من سورة النمل ثم حمل الآيات على ما يزعمه فلاسفة الإفرنج من التخرصات والظنون الكاذبة, وزعم أن ذلك مما قرره القرآن الكريم, وهذا من الافتراء على الله وعلى كتابه, وقد استوفيت الرد عليه في أول الكتاب, فليراجع هناك.

ومنها في صفحة 54 - 55 - 56 فقد أورد آيتين من سورة القصص, وحملهما على ما يزعمه فلاسفة الإفرنج من حركة الأرض ودورانها حول نفسها وحول الشمس, وهذا من الافتراء على الله وعلى كتابه, وقد استوفيت الرد عليه في أول الكتاب, فليراجع هناك.

ومنها في صفحة 61 فقد زعم أن المستقر الذي ذكره الله في قوله {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} إنه المحور الذي تدور عليه الشمس حول نفسها, وهذا من الافتراء على الله وعلى كتابه, وقد استوفيت الرد عليه في أثناء الكتاب, فليراجع هناك.

ومنها أنه في صفحة 76 أورد آية من سورة الإسراء ثم حملها في صفحة 78 على ما يوافق آراء الإفرنج وتخرصاتهم وزعم أن ذلك من معجزات القرآن, وهذا من الافتراء على الله وعلى كتابه, وقد استوفيت الرد عليه في أثناء الكتاب, فليراجع هناك.

ومنها أنه في صفحة 97 - 98 زعم أن الله يحثنا على البحث عن الكواكب, وما فيها من عوالم, وهذا من الافتراء على الله تعالى, وقد تقدم الكلام عليه في موضعه.

ومنها أنه في صفحة 101 نقل كلاما لموسى جار الله زعم فيه أن السموات لها منظومات, وكل منظومة من هذه المنظومات يسميها القرآن برجا إلى آخر هذيانه في السطر الأول من صفحة 102 وهو من الافتراء على الله وعلى كتابه, وقد تقدم التنبيه على ذلك في موضعه.

ومنها أنه في صفحة 107 وصفحة 109 ذكر الآيتين من سورة المؤمنين وسورة الذاريات ثم حملها على ما يوافق تخرصات الإفرنج وظنونهم الكاذبة, وهذا من الافتراء على الله وعلى كتابه, وقد تقدم التنبيه على ذلك قريبا, فليراجع.

وأما قوله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير علم ففي صفحة 78.

وأما خطؤه على المسلمين, ففي عنوان رسالته حيث زعم أن ما أودعه فيها من تخرصات الإفرنج وظنونهم الكاذبة, فهو من علوم المسلمين في الفلك, وقد نبهت على ذلك في أول الكتاب, فليراجع هناك.

وفي صفحة 60 زعم أن القول بثبات الشمس وقرارها قد سبق إليه العلماء الأعلام من المسلمين. وهذا غلط وخطأ عليهم.

وفي صفحة 61 زعم أن للشمس محورا تدور عليه, كما تدور المروحة السقفية على محولها وفسر المستقر المذكور في قول الله تعالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} بما زعمه من المحور المتوهم. قال وقد قال بهذا القول رجال من سلف هذه الأمة الخيار وذكر منهم مجاهدا. وهذا غلط وخطأ عليهم. وقد نبهت على ذلك في موضعه, فليراجع هناك.

ومما ذكرته من هذه الأمثلة يعلم أن لسان الصواف ليس عفيفا بالمقال, وأن من وصفه بالعفاف فقد أخطأ

 

  • الاربعاء PM 10:14
    2022-05-25
  • 780
Powered by: GateGold