المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412643
يتصفح الموقع حاليا : 329

البحث

البحث

عرض المادة

تسمية القمر كوكبا والرد عليه

وقال الصواف في صفحة 104 أما كوكب الأرض الذي نسميه بالقمر فدورانه معلوم مقرر.

والجواب عن هذا من وجوه أحدها: أن يقال: ليس القمر بكوكب كما سماه بذلك أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم من العصريين, وإنما هو قمر كما سماه الله بذلك في عدة مواضع من كتابه, وسماه بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كثير من الأحاديث الصحيحة.

ولم يجيء في كتاب الله ولا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسمية القمر كوكبا, فمن سماه بذلك فقد خالف الكتاب والسنة, وكل قول خالف الكتاب أو السنة فهو مردود على قائله.

الوجه الثاني: أن الله تعالى غاير بين القمر وبين الكواكب في مواضع من كتابه كقوله تعالى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} وقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ} الآية وقوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} وقوله تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الآية. وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ} الآية.

وعلى هذا فمن جمع بين القمر والكواكب وقال: إنه كوكب من جنسها, فقد جمع بين ما فرق الله بينه وخالف نصوص القرآن.

الوجه الثالث: أن الأرض ليس لها كواكب, وإنما الكواكب في السماء وكذلك الشمس والقمر قال الله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} وقال تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام قال لقومه: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا}.

ومن زعم أن القمر كوكب للأرض فقوله مردود لمخالفته لنصوص القرآن.

الوجه الرابع: أن القمر قرين الشمس في كتاب الله تعالى, فهو قرينها في الحسبان والجريان والسبح في الفلك والدؤوب في السر والبزوغ والأقوال قال الله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} وقال تعالى: {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وقال تعالى في أربعة مواضع من القرآن: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} وقال تعالى في موضعين من كتابه: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} وقال تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ}.

وإذا كان القمر قرين الشمس في كتاب الله تعالى فإنه يلزم أن يقال في الشمس مثل ما قيل في القمر, فمن قال إن دوران القمر حول الأرض معلوم مقرر لزمه أن يقول مثل ذلك في الشمس, وأن لم يفعل فقد فرق بين متماثلين وآمن ببعض الكتاب ورد بعضه, فليختر الصواف وأشباهه من العصريين أي الخطتين شاؤوا, فلا محيد لهم عن إحداهما.

وذكر الصواف في صفحة 104 أن خبران الفلك يقدرون أن نظام مجرة بأسره ذلك الذي يحتوي على ملايين من النجوم يدخل في نظام مجرة أخرى خلال الدورات الفضائية ويخرج منه دون أن ينشأ هناك صدام أو خلل في نظم الدورات.

والجواب عن هذا من وجوه:

أحدها: أن يقال ليس في السماء سوى مجرة واحدة كما هو معلوم بالمشاهدة, ومن زعم وجود غيرها فليس له مستند سوى التخرص واتباع الظن الكاذب, وقد قال الله تعالى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}.

الوجه الثاني: أن المجرة في السماء, وكذلك الكواكب كلها في السماء الدنيا, فلو كان للمجرة أو لشيء من النجوم نظام يدور عليه لكانت توابعها تخترق السماء في حال دورانها عليها, وهذا لا يقوله عاقل.

الوجه الثالث: أن عدة النجوم لا يعلمها إلا الله تعالى, ومن زعم أنه يعلم عدتها فقد كذب, والذين زعموا أن نظام مجرة بأسره يحتوي على ملايين الملايين من النجوم ليس لهم مستند سوى التخرص والرجم بالغيب.

وقال الصواف في صفحة 107 وصفحة 108

(اتساع الكون) قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} وقال عز وجل: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} يقول الله سبحانه عن السموات إنها سبع وزيادة عليها يوجد العرش الذي وصفه بأنه عظيم, ويصف جل شأنه هذه السموات أنها طباق؛ ففي سورة الملك {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا} وأن هذه السموات تتسع. هذه الآية جمعت علما لم يمكن معرفته إلا في الأعوام القليلة الماضية. وما زال العلماء في دراسة متواصلة فيه رغم أن القرآن قد أوضحه منذ عشرات المئات من السنين.

أن التقدم الذي أحرزه العلم الفزيقي, وظهور الكشوف العلمية الحديثة في الفلك قد مكنت العلماء من فهم هذه السموات السبع والأراضي السبع.

فقد أثبت العلم بأن الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم, إنما هي سموات فوق سموات تتألف منها عوالم الكون.

يقول العالم الفلكي (أرثر فندلاي) في كتابه (على حافة العلم الأثيري) إن العلم أثبت أن السموات السبع هي أفضية منسابة يتبعثر خلالها ويرتد ضوء الشموس السبع الأثيرية التي تحيط بالشمس الفزيقية من كل جانب, وأكد أن الأراضي السبع هي كرات أثيرية تحيط بالكرة الأرضية وتتخللها.

والجواب عن هذا من وجوه: أحدها: أن ما زعمه من اتساع الكون وأن السموات تتسع فهو قول لا دليل عليه من كتاب ولا سنة, وإنما يعتمد أهله على التخرصات والظنون الكاذبة وقد قال الله تعالى {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}.

الوجه الثاني: أن الآية من سورة الذاريات ليس فيها دليل على ما زعمه من كون السموات تتسع إلى الآن, وإنما دلت على أن الله تعالى حين خلق السموات جعلها واسعة.

قال ابن كثير على قوله تعالى: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}: أي: قد وسعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد حتى استقلت كما هي.

وقال ابن جرير يقول لذو سعة بخلقها وخلق ما شئنا أن نخلقه وقدرة عليه ومنه قوله: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} يراد به القوي. ثم روى عن ابن زيد أنه قال في قوله: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} قال: أوسعها جل جلاله.

وذكر البغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}: لقادرون. وعنه أيضا: لموسعون الرزق على خلقنا. وقيل: ذوو سعة. وقال الضحاك: أغنياء. دليله قوله عز وجل: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} وقال الحسن: لمطيقون.

وقال القرطبي قال ابن عباس رضي الله عنهما: لقادرون, وقيل: وإنا لذو سعة بخلقها وخلق غيرها لا يضيع علينا شيء نريده, وقيل: وإنا لموسعون الرزق على خلقنا. عن ابن عباس. الحسن: وإنا لمطيقون. وعنه أيضا: وإنا لموسعون الرزق بالمطر. وقال الضحاك: أغنيناهم. دليله {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ}. وقال القتبي: ذو سعة على خلقنا. والمعنى متقارب. وقيل جعلنا بينها وبين الأرض سعة. الجوهري: وأوسع الرجل, أي: صار ذا سعة وغنى, ومنه قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} أي: أغنياء قادرون, فشمل جميع الأقوال. انتهى كلام القرطبي.

وقال أبو حيان في تفسيره عند قوله تعالى: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}: أي: بناءها؛ فالجملة حالية أي: بنيناها موسعوها كقوله جاء زيد وأنه لمسرع أي: مسرعا, فهي بحيث أن الأرض وما يحيط بها من الماء والهواء كالنقطة وسط الدائرة, وقال ابن زيد قريبا من هذا, وهو أن الوسع راجع إلى السماء, وقيل لموسعون قوة وقدرة أي: لقادرون من الوسع وهو الطاقة. وقال الحسن: أوسع الرزق بالمطر والماء. انتهى.

فهذه أقوال السلف في تفسير الآية وهم أعلم بكتاب الله من جهلة العصريين الذين يتأولون القرآن على غير تأويله ويحملونه على ما يوافق آراء الإفرنج وتخرصاتهم وظنونهم الكاذبة.

الوجه الثالث: أن الله تعالى أخبر في عدة آيات من القرآن أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وفيها أوضح دليل على أن الله تعالى أتم خلق السموات وفرغ منهن في تلك الأيام الستة, وفي ذلك رد على من زعم أن السموات لا تزال تتسع.

وبزيد ذلك إيضاحا قول الله تعالى في سورة حم السجدة {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}.

قال الإمام أبو جعفر ابن جرير رحمه الله تعالى في تفسيره: يقول تعالى ذكره ففرغ من خلقهن سبع سموات في يومين وذلك يوم الخميس ويوم الجمعة. ثم روى بإسناده عن السدي قال استوى إلى الماء وهي دخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين في الخميس والجمعة, وإنما سمي يوم الجمعة؛ لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض.

قال ابن جرير وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ثم ذكر في ذلك آثارا كثيرة فمن أراد الوقوف عليها, فليراجعها في تفسيره.

وقال البغوي في قوله تعالى {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} أي: أتمهن, وفرغ من خلقهن.

وقال القرطبي في تفسيره. قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} أي: أكملهن وفرغ منهن. وقيل أحكمهن.

قلت: ولا منافاة بين القولين؛ فإنه تعالى أحكمهن وفرغ منهن.

ومن زعم أن السموات لا تزال تتسع, فقد زعم أن خلق السموات لم يكمل إلى الآن وذلك تكذيب لما أخبر الله به في هذه الآية الكريمة وفي غيرها من الآيات التي أشرت إليها آنفا.

الوجه الرابع: أنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدة أوجه أنه قال: «بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة» وزاد في بعض الروايات «ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة» وقد ذكرت هذه الأحاديث في أول الصواعق الشديدة مع الأدلة على ثبات الأرض, فلتراجع هناك.

وتحديد المسافة التي بين السماء والأرض, ومن كل سماء إلى سماء بخمسمائة وتحديد كثف كل سماء بمثل ذلك أيضا يدل على أن السموات لا تزال على ما كانت عليه منذ خلقها الله تعالى إلى أن تقوم الساعة, وأن ما بين كل سماء إلى سماء وما بين السماء والأرض لا يزال على ما كان عليه منذ خلقه الله إلى أن تقوم الساعة, ولو كانت السموات تتسع كما زعمه فلاسفة الإفرنج وأتباعهم من العصريين لكانت المسافة التي بين السماء والأرض ومن كل سماء إلى سماء تتغير على ممر الأزمان وكان كثف كل سماء يزيد إلى يوم القيامة. وهذا ظاهر على ممر الأزمان لمعارضته لمدلول الأحاديث التي ذكرنا والله أعلم.

الوجه الخامس: أن القول في القرآن بمجرد الرأي حرام شديد التحريم. وقد ورد الوعيد الشديد على ذلك, كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وابن جرير والبغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار» هذا لفظ ابن جرير وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

وإذا كان هذا الوعيد الشديد لمن قال في القرآن برأيه فكيف بمن قال فيه بآراء فلاسفة الإفرنج وتخرصاتهم وظنونهم الكاذبة, كما فعله الصواف في هذا الموضع وفي عدة مواضع من رسالته.

الوجه السادس: أن القرآن منزه عما حمله الصواف عليه من تخرصات الإفرنج وظنوهم الكاذبة, وما قدر الله حق قدره من جعل كلام الله ملعبة له يتأوله على غير تأويله ويحمله على تخرصات أعداء الله وظنونهم الكاذبة.

الوجه السابع: أن يقال من أعظم الإزراء بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين وأئمة العلم والهدى من بعدهم ما زعمه الصواف في الآيات التي تقدم ذكرها في أول الفصل أنها جمعت علما لم يكن معرفته إلا في الأعوام القليلة الماضية رغم أن القرآن قد أوضحه منذ عشرات المئات من السنين.

وهذا العلم الذي أشار إليه هو ما ذكره عن الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية الحديثة في الفلك, وما قاله الجاهل (أرثر فندلاي). وقد جمع الصواف في هذا الموضع بين أمرين عظيمين أحدهما القول في القرآن بغير علم. والثاني الغض من الصحابة والتابعين وأئمة العلم والهدى من بعدهم حيث زعم أن القرآن قد أوضح شيئا من العلم ولم يمكنهم أن يعرفوه وعرفه فلاسفة الإفرنج وأتباعهم من العصريين.

والصحابة رضي الله عنهم أجل قدرا من أن يجهلوا شيئا مما أوضحه القرآن. وكذلك التابعون وأئمة العلم والهدى من بعدهم.

وقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (من كان مستنا فليس بمن قد مات أولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا خير هذه الأمة أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبين - صلى الله عليه وسلم - ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا على الهدى المستقيم والله رب الكعبة) رواه أبو نعيم في الحلية.

وروى رزين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نحوه.

وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم أعمق هذه الأمة علما فمحال أن يوضح القرآن شيئا ولا تمكنهم معرفته.

وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن) رواه ابن جرير بإسناد صحيح.

وفي الصحيحين عن مسروق قال: قال عبد الله - يعني ابن مسعود رضي الله عنه - (والله الذي لا إله غيره ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت وما من آية إلا أنا أعلم فيما نزلت).

ورواه ابن جرير ولفظه قال عبد الله: (والذي لا إله غيره ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فِيمَ نزلت وأين أنزلت).

وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.

وأول المعنيين بهذه الآيات هم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؛ فقد علمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتاب والحكمة, وبين لهم ما نزل إليهم حتى تركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها, كما في الحديث الذي رواه ابن ماجة عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وأيم الله لقد تركتكم على مثل اليضاء ليلها ونهارها سواء» قال أبو الدرداء: صدق والله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء.

وروى الإمام أحمد وابن ماجة والحاكم في مستدركه عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك». ورواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة بنحوه. قال المنذري وإسناده حسن.

وروى الإمام أحمد أيضا والطبراني عن أبي ذر رضي الله عنه قال لقد: تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما. قال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقري وهو ثقة.

وروى علم ما ذكرنا فمحال أن يوضح القرآن شيئا ولا يعرفه الصحابة رضي الله عنهم.

فأما الجهالات والضلالات التي أحرزها الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية في الفلك وما أشبه ذلك من زخرف القول الذي توحيه الشياطين إلى أوليائهم من الإنس, فالصحابة رضي الله عنهم أجل قدرا من أن يتعلقوا بشيء من ذلك أو يروج عندهم وإنما يروج ذلك عند جهال العصريين استزلهم الشيطان وأغواهم وفتنهم بتقليد أعداء الله وقبول آرائهم الفاسدة وظنونهم الكاذبة.

وقد قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه (نقض المنطق): من المعلوم من حيث الجملة أن الفلاسفة والمتكلمين من أعظم بني آدم حشوا وقولا للباطل وتكذيبا للحق في مسائلهم ودلائلهم لا يكاد - والله أعلم - تخلو لهم مسألة واحدة عن ذلك.

وقال أيضا في الكتاب المذكور: إذا تدبر المؤمن العليم سائر مقالات الفلاسفة وغيرهم من الأمم التي فيها ضلال وكفر وجد القرآن والسنة كاشفين لأحوالهم مبينين لحقهم مميزين بين حق ذلك وباطله.

والصحابة رضي الله عنهم كانوا أعلم الخلق بذلك, كما كانوا أقوم الخلق بجهاد الكفار والمنافقين, كما قال فيهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).

فأخبر عنهم بكمال بر القلوب مع كمال عمق العلم, وهذا قليل في المتأخرين - إلى أن قال وأهل التعمق في العلم قد يدركون من معرفة الشرور والشبهات ما يوقعهم في أنواع الغي والضلالات, وأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا أبر الخلق قلوبا وأعمقهم علما.

ثم أكثر المتعمقين في العلم من المتأخرين يقترن بتعمقهم التكلف المذموم وهو القول والعمل بلا علم وطلب مالا يدرك. وأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا - مع أنهم أكمل الناس علما نافعا وعملا صالحا - أقل الناس تكلفا؛ يصدر عن أحدهم الكلمة والكلمتان من الحكمة أو من المعارف ما يهدي الله بها أمة. وتجد غيرهم يحشون الأوراق من التكلفات والشطحات ما هو من أعظم الفضول المبتدعة والآراء المخترعة لم يكن لهم في ذلك سلف إلا رعونات النفوس المتلقاة ممن ساء قصده في الدين.

ويروى أن الله سبحانه قال للمسيح إني سأخلق أمة أفضلها على كل أمة وليس لها علم ولا حلم فقال المسيح أي رب كيف تفضلهم على جميع الأمم وليس لهم علم ولا حلم قال أهبهم من علمي وحلمي.

وهذا من خواص متابعة الرسول فأيهم كان له أتبع كان في ذلك أكمل, كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.

وكذلك في الصحيحين من حديث أبي موسى وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم «مثلنا ومثل الأمم قبلنا كالذي استأجر أجراء فقال: من يعمل إلى نصف النهار على قيراط قيراط فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي إلى صلاة العصر على قيراط قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين فعمل المسلمون فغضبت اليهود والنصارى وقالوا نحن أكثر عملا وأقل أجرا قال: فهل ظلمتكم من حقكم شيئا قالوا: لا, قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء».

فدل الكتاب والسنة على أن الله يؤتي أتباع هذا الرسول من فضله ما لم يؤته لأهل الكتابين قبلهم فكيف بمن هو دونهم من الصائبة دع مبتدعة الصائبة من المتفلسفة ونحوهم.

ومن المعلوم أن أهل الحديث والسنة أخص بالرسول وأتباعه فلهم من فضل الله وتخصيصه إياهم بالعلم والحلم وتضعيف الأجر ما ليس لغيرهم كما قال بعض السلف أهل السنة في الإسلام, كأهل الإسلام في الملل.

فهذا الكلام تنبيه على ما يظنه أهل الجهالة والضلالة من نقص الصحابة في العلم والبيان أو اليد والسنان.

والمقصود التنبيه على أن كل من زعم بلسان حاله أو مقاله أو طائفة غير أهل الحديث أدركوا من حقائق الأمور الباطنة الغيبية في أمر الخلق والبعث والمبدأ والمعاد وأمر الإيمان بالله واليوم الآخر وتعرف وأجب الوجود والنفس الناطقة والعلوم والأخلاق التي تزكو بها النفوس وتصلح وتكمل دون أهل الحديث فهو - إن كان من المؤمنين بالرسل - فهو جاهل فيه شعبة قوية من شعب النفاق وإلا فهو منافق خالص من الذين {إِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} وقد يكون من {الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}.

وقد يبين ذلك بالقياس العقلي الصحيح الذي لا ريب فيه, وإن كان ذلك ظاهرا بالفطرة لكل سليم الفطرة, فإنه متى كان الرسول أكمل الخلق وأعلمهم بالحقائق وأقومهم قولا وحالا لزم أن يكون أعلم الناس به أعلم الخلق بذلك, وأن يكون أعظهم موافقة له واقتداء به أفضل الخلق - إلى أن قال: فإذا كان الرسول أعلم الخلق بالحقائق الخبرية والطلبية وأحب الخلق للتعليم والهداية والإفادة وأقدر الخلق على البيان والعبارة امتنع أن يكون من هو دونه أفاد خواصه معرفة الحقائق أعظم مما أفادها الرسول لخواصه فامتنع أن يكون عند أحد من الطوائف من معرفة الحقائق ما ليس عند علماء الحديث. انتهى المقصود من كلامه ملخصا.

الوجه الثامن: أن الصواف صدر كلامه في هذا الموضع بعنوان (اتساع الكون) ثم أورد الآيات الثلاث من سورة المؤمنين وسورة الذاريات وسورة الملك ثم عقب ذلك بما أحرزه الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية الحديثة في الفلك من أن الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم إنما هي سموات فوق سموات تتألف منها عوالم الكون, وما قاله الجاهل الفلكي "أرثر فندلاي" من أن السموات السبع أفضية منسابة, وأن الأرضين السبع كرات أثيرية تحيط بالكرة الأرضية وتتخللها.

وهذا ظاهر في حمله الآيات الثلاث على ما ذكره بعدها وجعله كالتفسير لها وذلك من تأويل الآيات على غير تأويلها.

وقد قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: من فسر القرآن والحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله, ملحد في آيات الله, محرف للكلم عن مواضعه. انتهى.

الوجه التاسع: أن الله تعالى نص في تسعة مواضع من القرآن على أن السموات سبع فقط. وأخبر في سورة الملك وسورة نوح أنها طباق أي: بعضها فوق بعض. وقال في سورة المؤمنين: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ} أي: بعضها فوق بعض, كما قاله غير واحد من المفسرين وأئمة اللغة. وأخبر تبارك وتعالى أنه جعل في السماء سراجا, وهي الشمس وقمرا منيرا. وأخبر أيضا أنه زين السماء الدنيا بالكواكب. وأخبر أيضا أن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا. وفي هذه النصوص وما فيه من التفريق بين السموات وبين ما جعله الله فيها من السراج والقمر والزينة التي هي النجوم, وما ملئت به من الحرس والشهب أعظم رد على ما فهمه أهل الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية من أن الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم إنما هي سموات فوق سموات, تتألف منها عوالم الكون.

الوجه العاشر: أن ما أحرزه الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية وما أثبته جهلهم يقتضي أن تكون السموات كثيرة جدا بحيث لا يحصرها علم البشر وفي هذا أعظم معارضة للقرآن والأحاديث الصحيحة الدالة على أن السموات سبع فقط. وقد ذكرت جملة منها في الصواعق الشديدة فلتراجع هناك. وفيه أيضا معارضة لإجماع أهل السنة على أن السموات سبع طبقات. وقد ذكرت ذلك في الصواعق الشديدة فليراجع هناك. وما عارض نصوص القرآن والأحاديث الصحيحة وإجماع أهل السنة فمضروب به عرض الحائط, ومردود على قائله كائنا من كان.

الوجه الحادي عشر: أن كلام الصواف ينقض بعضه بعضا؛ فقد قال في الكلام على الآية من سورة المؤمنين ما نصه: (يقول الله سبحانه عن السموات إنها سبع وزيادة عليها يوجد العرش الذي وصفه بأنه عظيم ويصف جل شأنه هذه السموات أنها طباق) ثم ذكر بعد ذلك أن العلم أثبت أن الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم إنما هي سموات فوق سموات تتألف منها عوالم الكون.

وهذا من أقبح التناقض؛ لأنه قد قرر أن السموات سبع كما نطقت به الآية الكريمة. ثم ذكر ما يقتضي كثرة عدد السموات وأن عدتها لا تنحصر في سبع بل ولا سبعين ولا سبعمائة ولا سبعة آلاف, ومثل هذا التناقض لا يصدر من رجل عاقل أبدا.

الوجه الثاني عشر: أن إيراد الصواف لما أحرزه الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية الحديثة في الفلك وما أثبته جهلهم من أن الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم إنما هي سموات فوق سموات تتألف منها عوالم الكون, وإيراده أيضا لما قاله الجاهل الفلكي "أرثر فندلاي" من أن الجهل أثبت أن السموات السبع أفضية مناسبة, وتقرير لهذه الأقوال الباطلة يقتضي تكذيب ما أخبر الله به في كتابه من كون السموات سبعا وكونهن شدادا. ويقتضي أيضا تكذيب ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كون السموات سبعا كثف كل سماء منهن خمسمائة سنة. بل هذا في الحقيقة إنكار لوجود السموات التي نص الله عليها في مواضع كثيرة من القرآن. ونص عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كثير من الأحاديث الصحيحة وأخبر أنه عرج به إليها فلم يدخل سماء منها هو وجبريل إلا بعد الاستفتاح وفتح الباب لهما.

وإذا كانت السموات السبع عند أهل الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من جهال العصريين هي الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم, فإنه يلزم على قولهم أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عرج به إلى الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم ورأى فيها آدم وإبراهيم وموسى وهارون وإدريس ويوسف ويحيى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وهذا لا يقوله مسلم, ومع هذا فقد أدخله الصواف في علم الفلك الذي نسبه إلى المسلمين. وهذا من أكبر الخطأ وأعظم الفرية على المسلمين.

الوجه الثالث عشر: أن الله تبارك وتعالى قال {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادً}.

وروى الإمام أحمد وغيره من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة» وفي هذا النص مع نص الآية الكريمة أبلغ رد على ما زعمه الجاهل الفلكي "أرثر فندلاي" من أن السموات أفضية مناسبة إلى آخر كلامه.

الوجه الرابع عشر: أنه ليس في السماء سوى شمس واحدة كما هو معلوم بالمشاهدة ومنصوص عليه في مواضع كثيرة من القرآن والأحاديث الصحيحة, وقد ذكرت الأدلة على ذلك مستوفاة في أول الصواعق الشديدة, وذكرت جملة منها في مواضع من هذا الكتاب, فلتراجع هنا وهناك, ومن زعم أن في السماء شموسا متعددة فهو من أكذب الكاذبين.

الوجه الخامس عشر: أن كل ما ذكره الصواف عن الجاهل الفلكي "أرثر فندلاي" من أن السموات أفضية مناسبة, وأن هناك شموسا سبعا أثيرية, وأن الأرضين السبع كرات أثيرية تحيط بالكرة الأرضية وتتخللها فكله هوس وهذيان مردود بالنصوص الدالة على أن السموات شداد, وأن كثف كل سماء خمسمائة سنة, وأنه ليس في السماء سوى شمس واحدة وأن الأرضين ليست بالأثير أي الهواء الذي هو فوق الأرض أو يتخللها وإنما هي أجرام صلبة كما هو مشاهد من أعلاها الذي نحن ساكنون عليه. وكما يدل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين» رواه الإمام أحمد والبخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

والخسف لا يكون في الهواء ولا إلى الجهة الفوقية, وإنما يكون في المواضع الصلبة, وفيما هو تحت المخسوف به.

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «خسف به إلى سبع أرضين» دليل على أن الأرضين بعضهن فوق بعض, وأعلاهن ما نحن ساكنون عليه.

 

 

  • الاربعاء PM 09:17
    2022-05-25
  • 839
Powered by: GateGold