المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 408926
يتصفح الموقع حاليا : 364

البحث

البحث

عرض المادة

هذيان في المجرات والرد عليه

وقال الصواف في صفحة 103 ما نصه:

يتضمن هذا الكون خمسمائة مليون من المجرات كما يقدر علماء الفلك. وفي كل مجرة مائة ألف مليون نجم. وأن أقرب مجرة إلى الأرض تلك التي نشاهد جزءا منها كخط أبيض في الليل تمتد مساحتها مائة ألف عام بالنسبة إلى عام الضوء, ونحن سكان الأرض نبتعد عن هذه المجرة مقدار ثلاثين ألف عام من الضوء, ثم أن هذه لمجرة كبيرة تتضمن سبع عشرة مجرة وتمتد أبعاد هذه المجموعة في مساحة مليوني عام من الضوء, ثم أن هناك حركة أخرى غير هذه الدورات, وهي أن الكون كله يتوسع ويتضخم مثل الكرة في الجوانب الأربعة. والشمس تجري بسرعة هائلة تبلغ اثني عشر ميلا في ثانية نحو الجانب الخارجي لمجرته وتقود كل ما يتبع النظام الشمسي وكذلك النجوم كلها تتوجه إلى أي جانب بسرعة متزايدة مع متابعة دورانها, فمنها ما يبلغ سيره ثمانية أميال في كل ثانية, وما يبلغ سيره ثلاثة وثلاثين ميلا في ثانية وأربعة وثمانين ميلا في ثانية. وهكذا نجد النجوم كلها متجهة نحو الأمام.

والجواب أن يقال: كل ما ذكره في هذا الفصل فهو تخرص وهذيان, لا مستند له سوى وحي الشياطين بعضهم إلى بعض, ولا يعتمد عليه أو يُصغي إليه إلا مَنْ هو جاهل مغرور.

فأما زعمه أن هذا الكون يتضمن خمسمائة مليون مليون من المجرات, وأن كل مجرة فيها مائة ألف مليون نجم.

فجوابه أن يقال: مثل هذا لا يعلم إلا من طريق الوحي ولا وحي على ذلك البتة, وحينئذ فليس مع من يدعي إحصاء المجرات والنجوم سوى اتباع الظن الكاذب. وقد قال الله تعالى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} وقال تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}.

وليس في السماء سوى مجرة واحدة, كما هو معلوم بالمشاهدة, ومن زعم وجود غيرها فعليه الدليل من الكتاب أو السنة, ولن يجد إلى ذلك سبيلا.

وأما زعمه أن المجرة تمتد مساحتها مائة ألف عام بالنسبة إلى عام الضوء.

فجوابه أن يقال: هذا من جنس ما قبله من التخرص واتباع الظن الكاذب.

وأما زعمه أن المجرة تبعد عن سكان الأرض مقدار ثلاثين ألف عام من الضوء.

فجوابه أن يقال: هذا من أبطل الباطل؛ لأن المجرة على هذا التقدير تكون فوق العرش وليس فوق العرش شيء سوى الله تبارك وتعالى.

وقد علم بالمشاهدة أن المجرة تسير سير الكواكب الثوابت لا تتقدم على شيء منها ولا تتأخر عنه. والنجوم قد جعلت زينة للسماء الدنيا بنص القرآن وبين السماء الدنيا وبين الأرض خمسمائة سنة بنص الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعلى هذا فليس بين المجرة وبين سكان الأرض سوى خمسمائة سنة.

ويشهد لهذا ما رواه الطبراني من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هرقل كتب إلى معاوية رضي الله عنه, وقال إن كان بقي فيهم شيء من النبوة فسيخبرني عما أسألهم عنه, قال: فكتب إليه يسأله عن المجرة وعن القوس وعن بقعة لم تصبها الشمس إلا ساعة واحدة, قال: فلما أتى معاوية الكتاب والرسول قال: إن هذا لشيء ما كنت آبه له أن أسأل عنه إلى يومي هذا. من لهذا, قيل: ابن عباس, فطوى معاوية كتاب هرقل فبعث به إلى ابن عباس رضي الله عنهما, فكتب إليه (إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق والمجرة باب السماء الذي تنشق منه وأما البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة من النهار فالبحر الذي أفرج عن بني إسرائيل) قال ابن كثير: إسناده صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.

قلت: وقد رواه سعيد بن منصور في سننه والبخاري في (الأدب المفرد) مختصرا وإسناده صحيح على شرط الشيخين, ولفظ البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما (القوس أمان لأهل الأرض من الغرق والمجرة باب السماء الذي تنشق منه) ورواه البخاري أيضا من حديث يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أبواب السماء وأما قوس قزح فأمان من الغرق بعد قوم نوح) في إسناده علي بن زيد, وهو حسن الحديث وفيه كلام, وبقية رجاله ثقات.

وروى البخاري أيضا في (الأدب المفرد) وابن أبي حاتم أن ابن الكواء سأل عليا رضي الله عنه عن المجرة فقال: (هي شرج السماء ومنها فتحت السماء بماء منهمر).

وأما زعمه أن هذه المجرة جزء لمجرة كبيرة تتضمن سبع عشرة مجرة وتمتد أبعاد هذه المجموعة في مساحة مليوني عام من الضوء.

فجوابه أن يقال: هذا من جنس ما قبله من التخرص واتباع الظن الكاذب. وليس يرى في السماء سوى مجرة واحدة, وما لم يشاهد بالأبصار, فهو من المغيبات التي لا تعلم إلا من طريق الوحي ولا وحي على شيء مما زعموه البتة, وقد قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}.

ومن ادعى علم المغيبات, فهو طاغوت ومن صدقه فهو ممن آمن بالطاغوت, وأما زعمه أن الكون يتوسع ويتضخم

فجوابه أن يقال: هذا أيضا من التخرص واتباع الظن الكاذب.

وأما زعمه أن الشمس تجري بسرعة هائلة نحو الجانب الخارجي ... إلى قوله: وهكذا نجد النجوم كلها متجهة نحو الأمام.

فجوابه أن يقال: هذا أيضا من التخرص واتباع الظن الكاذب, وقد ذكر نحو هذا الهذيان في صفحة 38 حيث قال: والنظام الشمسي كله بما فيه الأرض ينهب الفضاء نهبا بسرعة لا تقل عن 20 ألف ميل في الساعة متجهة نحو برج هركيوليس, وقال أيضا في صفحة 38: وقد دلت الدراسة التي استمرت 20 عاما للضوء المنبعث من الكواكب البعيدة عن أن هذه الكواكب لا تزال ممعنة في الابتعاد في الفضاء, وأن سرعتها تزداد كلما زاد ابتعادها ... إلى آخر كلامه.

وقال أيضا في صفحة 43: وليس هناك أبلغ ولا أدق مما يقوله حجة علم الفلك العالم (سيمون) من أعظم الحقائق التي اكتشفها العقل البشري في كافة العصور هي حقيقة أن الشمس والكواكب السيارة وأقمارها تجري في الفضاء نحو برج النسر بسرعة غير معهودة لنا على الأرض ... إلى آخر كلامه, وقد تقدم الكلام على هذه المواضع مستوفى في أول الكتاب, فليراجع؛ ففيه الرد لما زعمه الصواف ههنا.

وذكر الصواف في صفحة 104 أن حركة الأرض حول الشمس منظمة تماما؛ قال: وكذلك دوران الأرض حول محورها يبلغ من الانتظام والدقة بحيث لا يلحقه خلل ولا تقديم أو تأخير ثانية واحدة في موعدها ولو بعد قرون.

والجواب عن هذا من وجهين: أحدهما: أن يقال: ليس للأرض حركة حول الشمس ولا دوران حول محورها كما زعمه الصواف تقليدا لفلاسفة الإفرنج وأتباعهم من العصريين. وإنما هي ساكنة ومرساة بالجبال كما دلت على ذلك الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة وأجمع عليه المسلمون وأهل الكتاب, وقد ذكرت ذلك مستوفى في أول الصواعق الشديدة, فليراجع هناك؛ ففيه أبلغ رد لما زعمه الصواف ههنا.

الوجه الثاني: أن ما قرره ههنا يناقض ما قرره في صفحة 55 من أن الأرض بعد انفصالها عن الشمس كانت تدور حول نفسها بسرعة أكبر مما هي عليه الآن إذ كانت تتم دورنها حول نفسها مرة كل أربع ساعات وأن الليل والنهار كانا أربع ساعات فقط. وبتوالي النقص في سرعة دورانها حول نفسها زادت المدة التي تتم فيها دورانها, فزادت مدة الليل والنهار إلى خمس ساعات ثم إلى ست حتى وصلت إلى أربع وعشرين ساعة, وأن النقص في سرعة دوران الأرض يبلغ حوالي ثانية واحدة كل مائة وعشرين ألف سنة, وأنه بعد 432 مليون سنة يصبح مجموع ساعات الليل والنهار 25 ساعة, قال: وهكذا يتوالى النقص ويطرد طول الليل والنهار, وإذ علم أن كلام الصواف ينقض بعضه بعضا فليعلم أن الأرض ساكنة ثابتة كما تقدم إيضاحه, وأن الجريان والدوران حول الأرض إنما هو للشمس والقمر والكواكب, وأن جريانها ودورانها حول الأرض يبلغ من الانتظام والدقة بحيث لا يلحقه خلل إلى يوم القيامة {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}.

 

 

  • الاربعاء PM 09:10
    2022-05-25
  • 1095
Powered by: GateGold