المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409057
يتصفح الموقع حاليا : 383

البحث

البحث

عرض المادة

هذيان والحاد في القرآن لموسى جار الله والرد عليه

ونقل الصواف في صفحة 101 عن موسى جار الله أنه قال في كتابه (ترتيب السور الكريمة): فإن كان البروج في قول الله {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} هي بروج الهيئة القديمة كما اتفقت عليه التفاسير, فإن تلك الشمس الظاهرة وهو المدار السنوي للأرض في الواقع؛ واقع في هذه البروج. والأرض في مدارها السنوي تقطع كل هذه البروج. هذا وجه وجيه, لنا أن نقتنع به في بيان نزول سور البروج بعد سورة الشمس, وقد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا, زهقت الهيئة القديمة وجاء النظام الحق نظام السموات التي رفعها الله بغير عمد ترونها, وهذه السموات لها منظومات, منها منظومة شمسنا هذه بسياراتها التسع. وشمسنا هذه ليست من كبار الشموس ومنظومتنا هذه ليست من كبار المنظومات, وكل منظومة من هذه المنظومات يسميها القرآن برجًا. والسماء التي تحوي كل هذه المنظومات يسميها القرآن الكريم السماء ذات البروج. بها أقسم الله في كتابه الكريم في سورة البروج. وهذه السماء ذات البروج التي تحوي كل هذه المنظومات يسميها القرآن الكريم السماء ذات البروج. بها أقسم الله في كتابه الكريم في سورة البروج. وهذه السماء ذات البروج التي تحوي كل هذه المنظومات يحدث خلال منظوماتها كل يوم. شأن الله، انشقاقات. وبتلك الانشقاقات يحدث في المجرة وخارجها سموات. وللإشارة وللإرشاد وإلى مثل هذه الحوادث الهائلة العظيمة وضعت سورة البروج بعد سورة الانشقاق.

والجواب عن هذا الهذيان والقرمطة من وجوه: أحدها: أن يقال إن الأرض ثابتة ومرساة بالجبال كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع. وما كان ثابتا فليس له مدار يدور عليه.

وما زعمه موسى جار الله تقليدا لأهل الهيئة الجديدة من فلاسفة الإفرنج وأتباعهم من العصريين من أن للأرض مدارا سنويا, فهو قول باطل مردود بالأدلة التي أشرت إليها, وقد ذكرتها مستوفاة في أول الصواعق الشديدة,

فلتراجع هناك.

الوجه الثاني: أن البروج في السماء كما هو منصوص عليه في مواضع من القرآن؛ قال الله تعالى {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} وقال تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} وقال تعالى {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}.

وإذا كانت البروج في السماء, فمن أبطل الباطل أن يقال إن للأرض مدارا واقعا في تلك البروج, وأن الأرض تقطعها كلها في السنة.

الوجه الثالث: أنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام» رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة من الصحابة, وهم: عبد الله بن عمرو وأبو هريرة والعباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم. وروي أيضا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفا وله حكم المرفوع.

وإذا كان بين السماء والأرض هذا البعد الشاسع, فلا يقول إن للأرض مدارا في بروج السماء, وأنها تقطعها كلها في السنة إلا من هو من أجهل الناس وأقلهم عقلا.

الوجه الرابع: أن المفسرين اختلفوا في تفسير البروج التي ذكرها الله تعالى في قوله: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} وقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} فقال مجاهد وسعيد بن جبير وأبو صالح والحسن وقتادة: هي الكواكب العظام. قال البغوي: مأخوذ من الظهور؛ يقال تبرجت المرأة, أي: ظهرت. وقال أيضا: سميت بروجا لظهورها. انتهى.

وقيل: هي قصور في السماء للحرس, يروى هذا عن علي وابن عباس رضي الله عنهم ومحمد بن كعب وإبراهيم النخعي وسليمان بن مهران الأعمش. قال ابن كثير: والقول الأول أظهر اللهم ألا تكون الكواكب العظام هي قصور للحرس, فيجتمع القولان. انتهى.

وقيل: هي البروج الاثنا عشر التي هو منازل الشمس والقمر والكواكب السيارة, وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا. وهذا القول الأخير هو الذي زعم موسى جار الله أن التفاسير اتفقت عليه. وذلك وهم منه وغلط.

الوجه الخامس: أن أهل الهيئة القديمة لم ينفردوا بإثبات البروج الاثني عشر التي تنزلها الشمس والقمر والكواكب السيارة حتى يقال: إنها بروج الهيئة القديمة. بل إثبات هذه البروج الاثني عشر والمنازل الثمانية والعشرين للشمس والقمر والكواكب السيارة, هو المعروف عند علماء المسلمين سوى بعض العصريين المفتونين بتقليد أهل الهيئة الجديدة من فلاسفة الإفرنج. وهؤلاء لا عبرة بهم كما لا عبرة بسلفهم من فلاسفة الإفرنج.

الوجه السادس: أن يقال ليس للسموات نظام ولا منظومات وليس فيها شموس متعددة كما زعمه أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم من العصريين اعتمادا منهم على التخرصات والظنون الكاذبة. وإنما فيها شمس واحدة وقمر واحد وما سوى ذلك فهي نجوم قد جعلها الله تعالى زينة للسماء الدنيا ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها. قال الله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ} وقال تعالى {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا} وقال تعالى: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا} وقال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الآية وقال تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}.

فما ذكره الله في هذه الآيات هو الحق الذي لا ريب فيه, وأما ما زعمه أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم من وجود النظام والمنظومات والشموس المتعددة, فهو هذيان وباطل مردود.

وأما قوله: وقد جاء الحق وزهق الباطل وجاء النظام الحق إلى آخره.

فجوابه أن يقال: هذا من قلب الحقيقة؛ فإن ما ذكره ههنا باطل وضلال وليس من الحق في شيء كما تقدم إيضاح ذلك في الأوجه الستة. وليس ما ذكره ههنا من نظام السموات, وإنما هو في الحقيقة نظام أهل الهيئة الجديدة الذي تلقوه من تخرصاتهم وظنونهم الكاذبة.

وأما قوله: وشمسنا هذه ليست من كبار الشموس.

فجوابه أن يقال: تخرص لا أساس له من الصحة, وليس في الوجود سوى شمس واحدة, كما قد دل على ذلك الكتاب والسنة مع المشاهدة. وقد استوفيت الرد على ما زعموه من تعدد الشموس في الصواعق الشديدة في المثال الحادي عشر من الأمثلة على بطلان الهيئة الجديدة, فليراجع هناك.

وأما زعمهم أن في النجوم ما هو أكبر من الشمس, فقد تقدم رده في أثناء هذا الكتاب مع الكلام على مزاعم الصواف في الشمس, فليراجع هناك.

وأما قوله: وكل منظومة من هذه المنظومات يسميها القرآن برجًا.

فجوابه أن يقال: هذا من القول في القرآن بغير علم. وليس في القرآن ما يدل على أن في السماء منظومات, فضلا عن أن يكون فيه تسمية تلك المنظومات المتوهمة بروجًا.

وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير والبغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار» هذا لفظ ابن جرير, وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: من فسر القرآن والحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين, فهو مفترٍ على الله, ملحدٌ في آيات الله, محرفٌ للكلم عن مواضعه. انتهى.

وقد تقدم كلام المفسرين في البروج التي ذكرها الله في القرآن قريبا.

وأما قوله: وهذه السماء ذات البروج يحدث خلال منظوماتها كل يوم انشقاقات, وبتلك الانشقاقات يحدث في المجرة وخارجها سموات.

فجوابه أن يقال: هذا كله هوس وهذيان يشبه هذيان المجانين؛ ولو كان يحدث في المجرة وخارجها كل يوم سموات لكانت السموات لا تحصى من كثرتها ولكن هذا من أبطل الباطل؛ فإن السموات سبع بالنص والإجماع.

والسماء إنما تنشق يوم القيامة لا في الدنيا كما قال الله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} وقال تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} الآيات وقال تعالى: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} الآيات وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} وقال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} أي: انشقت {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} وقال تعالى: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} وقال تعالى: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ * وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ * لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ * لِيَوْمِ الْفَصْلِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} قوله: فجرت, أي: شقت. فهذا الانشقاق إنما يكون يوم القيامة. ومن زعم أن السماء تشقق في الدنيا فقد كذب.

وأما قوله: وللإشارة وللإرشاد وإلى مثل هذه الحوادث الهائلة العظيمة وضعت سورة البروج بعد سورة الانشقاق.

فجوابه أن يقال: هذا من القرمطة والإلحاد في القرآن, وليس في القرآن ما يشير إلى الانشقاقات التي زعم أنها تحدث كل يوم ولا إلى حدوث السموات التي توهمها أعداء الله بعقولهم الفاسدة.

 

  • الاربعاء PM 09:05
    2022-05-25
  • 800
Powered by: GateGold