المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413932
يتصفح الموقع حاليا : 303

البحث

البحث

عرض المادة

حقائق عجيبة ومذهلة عن الكون

لا تظن أن الخيال هو صاحب هذه الحوادث المثيرة. إن الخيال لا يمكن أن يصل إلى هذه الحقائق العجيبة المذهلة التي توصل إليها علم الفلك الحديث. إن الخيال مثلا لا يمكن أن يتصور أن مرصد كاليفورنيا التقط أخيرا صورة عمرها ستة آلاف مليون سنة. إن علماء الفلك أعلنوا حديثا أن هذه الصورة العجيبة أرسلت من إحدى النجوم واستمرت رحلتها ستة آلاف مليون سنة لتصل إلى الأرض. وحقائق أخرى غريبة اكتشفها الإنسان تؤكد كلها أن الأرض ما هي إلا فقاعة في محيط. حقائق أقل ما توصف به أنها مذهلة مذهلة.

ثم ذكر في آخر صفحة 83 وما بعدها إلى آخر صفحة 87 هذيانَ كثيرا لبعض الفلكيين من الإفرنج. حاصله أن بعضهم قال: إن الشمس ترسل موجات راديو. وأنهم اكتشفوا نجمة جديدة قوية تبعد عن الأرض بمسافة 1500 مليون سنة ضوئية وأنهم في عام واحد اكتشفوا 35 منها أطلقوا عليها اسم أشباه النجوم. وأن الضوء في انتقاله إلينا من أشباه النجوم يستغرق في الرحلة ستة آلاف مليون سنة. ولذلك فالمنظر الذي نراه اليوم لهذه الأجرام السماوية النائية هو المنظر الذي كانت عليه منذ ستة آلاف مليون سنة وفي ذلك الوقت لم تكن الشمس ولا المجموعة الشمسية موجودة بعد. إذ أن عمر الشمس هو خمسة آلاف مليون سنة فقط كما يقولون - إلى أن قال - وقد خرج العلماء بعد هذا بثلاث نظريات علمية مثيرة, أن هذه النظريات. تقول إن الكواكب الأخرى مسكونة وأن سكانها سبقوا أهل الأرض في إطلاق سفن الفضاء وتفجير القنابل الذرية. إن هذه النظرية أشبه بالخيال.

الشمس ليست إلا نجمة من النجوم المتوسطة. والمجموعة التي تنتمي إليها الشمس فيها 1.000.000.000.000 أي: مائة ألف مليون نجمة. وبالكون آلاف الملايين من مثل هذه المجموعات. وحول الشمس أسرة من عشرة كواكب. والأرض كما هو معروف أحد هذه الكواكب. وبين الرقم المجهول الذي ذكرناه للنجوم توجد عشرة آلاف مليون نجمة تؤلف حولها أسرا كأسرة الشمس أي توجد عشرة آلاف مليون نجمة تدور حولها الكواكب والله أعلم. ثم ذكر الصواف أنه نقل هذا الهذيان من جريدة المدينة عدد 648 - 604.

والجواب أن يقال ليس فيما ذكره الصواف في هذا الموضع شيء من الحقائق البتة وإنما هي تخرصات وضلالات سخيفة مضحكة تشبه هذيان المجانين. وسيأتي ذكر الأدلة على بطلانها إن شاء الله تعالى. ولا ينشر هذه الجهالات أو يصدق بها من له أدنى مسكة من عقل.

وأما قوله لا تظن أن الخيال هو صاحب هذه الحوادث المثيرة.

فجوابه أن يقال: ليس ذلك بالظن وإنما هو اليقين الجازم أنها تخرصات وظنون كاذبة وقد قال الله تعالى {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا * فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} وقال تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} وقال تعالى {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.

وأما قوله أن الخيال لا يمكن أن يصل إلى هذه الحقائق العجيبة المذهلة التي توصل إليها علم الفلك الحديث.

فجوابه أن يقال إن الحقائق العجيبة فيما يتعلق بالمغيبات إنما تؤخذ من نصوص الكتاب والسنة لا من غيرهما. قال الله تعالى {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} وقال تعالى مخبرا عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.

ومن ادعى شيئًا من علم الغيب مما ليس في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو طاغوت ومن صدقه فهو ممن آمن بالطاغوت شاء أم أبى.

وليس شيء مما ذكر في هذا الفصل منصوصا عليه في القرآن ولا في الأحاديث الصحيحة حتى يكون من الحقائق العجيبة المذهلة, وإذا لم يكن ذلك في القرآن ولا في الأحاديث الصحيحة فهو من الظن ونسج الخيال ولا بد.

وأما قوله أن الخيال مثلا لا يمكن أن يتصور أن مرصد كاليفورنيا التقط أخيرا صورة عمرها ستة آلاف مليون سنة, أن علماء الفلك أعلنوا حديثا أن هذه الصورة العجيبة أرسلت من إحدى النجوم واستمرت رحلتها ستة آلاف مليون سنة لتصل إلى الأرض.

فجوابه من وجوه إحداها أن يقال وهل ظننت أيها الصواف أن مرصد كاليفورنيا ينزل عليه الوحي من السماء حتى تزعم أن ما يلتقط فيه فهو من الحقائق العجيبة.

إن المراصد كلها أضعف وأعجز من أن يتوصل بها إلى اكتشاف ما في السماء الدنيا وهي مسيرة خمسمائة عام وهي عن اكتشاف ما فوق السماء أضعف وأعجز، فضلا عن التوصل بها إلى اكتشاف ما يهذو به أعداء الله من المسافات

 

التي تبلغ ملايين من السنين. فهذه الدعوى من أسخف الخيال وأسمج الهذيان.

الوجه الثاني: أن ما زعموه من التقاط الصورة التي أرسلت من إحدى النجوم فهي أكذوبة نسجها خيال أهل المرصد وظنونهم الكاذبة, وليست من الحقائق ولا تمت إليها بصلة.

الوجه الثالث: أن يقال لو كان ما زعموه من التقاط الصورة حقا لكان تحديدهم لعمرها بستة آلاف مليون سنة من الرجم بالغيب وذلك حرام. فكيف وكلام أعداء الله كله كذب من أوله إلى آخره.

الوجه الرابع: أن النجوم كلها في السماء الدنيا بنص القرآن قال الله تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} وقال تعالى {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}.

قال مجاهد وسعيد بن جبير وأبو صالح والحسن وقتادة البروج: هي الكواكب العظام. وقال البغوي: هي النجوم الكبار مأخوذ من الظهور يقال: تبرجت المرأة أي: ظهرت. وقال أيضا: وسميت بروجا لظهورها.

وقال تعالى {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ} وقال تعالى {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} وقال تعالى {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.

ففي هذه الآيات كلها النص على أن الكواكب في السماء. وفي الآية من سورة الصافات وما بعدها النص على أنا في السماء الدنيا.

وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة» رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة من الصحابة وهم عبد الله بن عمرو وأبو هريرة والعباس وأبو سعيد رضي الله عنهم. وروي أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفا وله حكم الرفع. وقد ذكرت هذه الأحاديث في أول الصواعق الشديدة مع الأدلة على سكون الأرض فلتراجع هناك.

وفي الآيات التي ذكرنا مع هذه الأحاديث أبلغ رد على ما هذى به أهل مرصد كاليفورنيا من التقاط صورة من نجمة تبعد عن الأرض بملايين الملايين من السنين.

الوجه الخامس: قال بعض السلف أن ارتفاع العرش عن الأرض السابعة خمسون ألف سنة. ورواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما. ولو كان الأمر على ما هذى به أهل مرصد كاليفورنيا في بعد النجمة التي زعموا أنهم التقطوا الصورة منها لكان محلها فوق العرش. وهذا من أبطل الباطل, فإنه ليس فوق العرش شيء سوى الله تعالى.

وأما قوله وحقائق أخرى غريبة اكتشفها الإنسان تؤكد كلها أن الأرض ما هي إلا فقاعة في محيط.

فجوابه أن يقال أما ما زعمه أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم عن الأجرام العلوية فكله هذيان وظنون كاذبة ليست من الحقائق ولا تمت إليها بصلة. وقد نهبت على كثير من مزاعمهم الباطلة في الصواعق الشديدة فلتراجع هناك.

ونهبت أيضا على مواضع منها أثناء هذا الكتاب. وسيأتي التنبيه على مواضع آخر فيما بعد إن شاء الله تعالى.

وأما تصغيره وتحقيره للأرض فقد تقدم الكلام عليه في أول الكتاب فليراجع هناك.

وأما قوله حقائق أقل ما توصف به أنها مذهلة مذهلة.

فجوابه أن يقال ليس فيما تخرصه فلاسفة الإفرنج عن الأجرام العلوية شيء من الحقائق البتة وإنما هي توهمات وخرافات ورجم بالغيب أقل ما توصف به أنها مضحكة مضحكة.

وأما قولهم أن الشمس ترسل موجات راديو وأنهم اكتشفوا نجمة جديدة قوية تبعد عن الأرض بمسافة 1500 مليون سنة ضوئية وأنهم في عام واحد اكتشفوا 35 منها أطلقوا عليها اسم أشباه النجوم وأن الضوء في انتقاله إلينا من أشباه النجوم يستغرق في الرحلة ستة آلاف مليون سنة. وأن المنظر الذي نراه اليوم لهذه الأجرام السماوية النائية هو المنظر الذي كانت عليه منذ ستة آلاف مليون سنة. وفي ذاك الوقت لم تكن الشمس ولا المجموعة الشمسية موجودة بعد.

فجوابه أن يقال هذا كله تخرص وهذيان لا يصدر ممن له أدنى مسكة عقل. ولا ينشره أو يصدق به له أدنى مسكة من عقل.

وتسميتهم لبعض النجوم بأشباه النجوم مخالف لما سماها الله به في كتابه, فإن الله تعالى سماها بروجا ونجوما وكواكب ومصابيح ولم يسم شيئا منها بأشباه النجوم ولم يخبرنا أن في السماء أجراما تشبه النجوم وليست من النجوم فهذه التسمية التي اخترعوها لبعض النجوم مع ما زعموه من بعدها الشاسع جدا عن الأرض وتحديدهم لمدة انتقال الضوء منها إلى الأرض وزعمهم أنها خلقت قبل الشمس بألف مليون سنة. كل ذلك باطل وضلال وهذيان يشبه هذيان المجانين.

وقد قال الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} إلى قوله {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}.

وكل ما في هذا الفصل من أوله إلى آخره بل كل ما نقله الصواف في رسالته من توهمات فلاسفة الإفرنج وتخرصاتهم فهو من زخرف القول الذي أوحته شياطين الجن إلى شياطين الإنس ونشرته شياطين الإنس لأوليائهم وأتباعهم من العصريين فصغت إليه أفئدتهم ورضوه وتمسكوا به أعظم مما يتمسكون بنصوص الكتاب والسنة واشتد إنكارهم على من رد ذلك من المسلمين. وهذا من زيغ القلوب وانتكاسها فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وأما قولهم إن عمر الشمس هو خمسة آلاف مليون سنة.

فجوابه أن يقال هذا من الرجم بالغيب والقول بغير علم وذلك من أعظم المحرمات. وقد قال الله تعالى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} وقال تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} وقال تعالى {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ}.

فهؤلاء الكذابون المتعاطون لما استأثر الله به من علم الغيب لم يشهدوا خلق السموات والأرض وما فيهما ولم يأتهم خبر عن الله تعالى ولا عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - بما زعموه من تحديد عمر الشمس وغيرها من الأجرام العلوية. فمن أين لهم العلم بذلك وهو من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله تعالى. وقد قال الله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}.

وقد أخبر الله تعالى في عدة مواضع من كتابه أنه خلق السموات والأرض في سنة أيام. وقال تعالى في سورة حم السجدة {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.

فأخبر تبارك وتعالى أنه خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام وخلق السموات وما فيهن في يومين. والشمس والقمر والنجوم من جملة ما خلقه الله في اليومين.

قال البغوي في تفسيره عند قوله تعالى {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}: قال قتادة والسدي: يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها. وقال مقاتل: وأوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي وذلك يوم الخميس والجمعة. انتهى.

وقد قال الله تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} وقال تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} وقال تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} وقال تعالى {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}.

وقد تقدم حديث ابن عباس رضي الله عنهما المرفوع وفيه أن الله خلق الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وخلق الشجر والماء يوم الأربعاء وخلق السماء يوم الخميس وخلق النجوم والشمس والقمر والملائكة وآدم يوم الجمعة. رواه ابن جرير.

وقد اختلف المفسرون في مقدار الستة الأيام التي خلقت فيها السموات والأرض على قولين. قال ابن كثير والجمهور على أنها كأيامنا هذه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والضحاك وكعب الأحبار أن كل يوم منها كألف سنة مما تعدون. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم واختار هذا القول الإمام أحمد بن حنبل في كتابه الذي رد فيه على الجهمية وابن جرير وطائفة من المتأخرين. انتهى.

وفي الآيات التي ذكرنا مع حديث ابن عباس رضي الله عنهما دليل على أن الشمس والقمر والنجوم خلقت مع السموات. بل في حديث ابن عباس رضي الله عنهما النص على أن الشمس والقمر والنجوم خلقت يوم الجمعة وهو آخر الأيام الستة التي خلق الله فيها الخليقة. وفي هذا أبلغ رد على ما يهذو به طواغيت الإفرنج في بعض النجوم - وهي التي يسمونها أشباه النجوم - أنها خلقت قبل الشمس بألف مليون سنة.

وقد تقدم ما ذكره ابن قتيبة في المعارف عن المدة التي كانت منذ خلق آدم إلى أن ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنها كانت سبعة آلاف وثمانمائة واثنتين وخمسين سنة. وقد مضى منذ ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سنتنا هذه وهي سنة 1388 هـ ألف وأربعمائة وإحدى وأربعون سنة فيكون منذ خلق آدم إلى هذه السنة تسعة آلاف ومائتان وإحدى وأربعون سنة فيكون منذ خلق آدم إلى هذه السنة تسعة آلاف ومائتان وثلاث وتسعون سنة. وهذا يعارض ما تخرص به طواغيت الإفرنج في عمر الأرض والشمس والنجوم وما يسمونها أشباه النجوم والله أعلم.

ولما تكلم بعض الناس في عدة أصحاب الكهف بغير دليل أنكر الله ذلك عليهم وأخبر أن ذلك من الرجم بالغيب. قال ابن كثير في قوله {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} إرشاد إلى أن الأحسن في مثل هذا المقام رد العلم إلى الله تعالى إذ لا احتياج إلى الخوض في مثل ذلك بلا علم لكن إذا اطلعنا على أمر قلنا به وإلا وقفنا. انتهى.

ثم قال تعالى {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أي: إذا سئلت عن لبثهم وليس عندك علم في ذلك وتوقيف من الله تعالى فلا تتقدم فيه بشيء بل قل في مثل هذا {اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} انتهى. وإذا كان هذا في واقعة حدثت في الأرض فكيف بالذين يزعمون أنهم يعلمون ما في السماء وما يبعد عن الأرض بآلاف الملايين من السنين على حد زعمهم الكاذب. وكذلك الذين يزعمون أنهم يعلمون وقت ابتداء خلق الأرض ومدة عمرها وعمر الشمس وغيرها من الأجرام العلوية. فهؤلاء أولى بالإنكار من الذين تكلموا في عدة أصحاب الكهف بلا مستند والله أعلم.

وأما قوله: وقد خرج العلماء بعد هذا بثلاث نظريات علمية مثيرة إلى آخر كلامه.

فجوابه من وجوه: أحدها: أن يقال إن المغيبات لا تعلم بالنظريات وإنما تعلم من طريق الوحي لا غير. وكل ما ذكره في هذا الفصل فهو من المغيبات وكلامهم فيها مردود إذ لا وحي على ما زعموه ههنا البتة.

الوجه الثاني: أن ما ذكره ههنا عن الفلكيين ليست بنظريات علمية وإنما هي تخرصات وظنون كاذبة لا تخفى إلا على جاهل لا يعرف الحق من الباطل.

الوجه الثالث: أن الصواف كرر اسم العلماء في ثلاثة مواضع من هذا الفصل وأراد بهم الفلكيين الذين نقل عنهم من التخرصات والظنون الكاذبة ما نقل وهذا من قلب الحقيقة فإنهم ليسوا بعلماء وإنما هم من أهل الجهل والغباوة على الحقيقة.

واسم العلماء عند الإطلاق إنما يراد به علماء الشريعة دون من سواهم قال الله تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وقال تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} وقال تعالى {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} فالموصوفون في هذه الآيات هم العلماء على الحقيقة. وأما غيرهم فلابد فيهم من التقييد كما يقال علماء اليهود وعلماء النصارى وعلماء الفلك وعلماء النسب وعلماء الطب وعلماء الهندسة ونحو ذلك.

الوجه الرابع: أن نظرية الفلكيين في الكواكب وزعمهم أنها مسكونة وأن سكانها سبقوا أهل الأرض في إطلاق سفن الفضاء وتفجير القنابل الذرية ليس بشبه خيال كما زعمه الصواف, وإنما هي خيال صرف ورجم بالغيب. ولم يأت في القرآن ولا في السنة ما يدل على أن الكواكب مسكونة فضلا عما تخرصوه وتوهموه بعقولهم الفاسدة من أن سكانها سبقوا أهل الأرض في إطلاق سفن الفضاء وتفجير القنابل الذرية. وقد قال الله تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} وقال تعالى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} وقال تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}.

وأما قولهم في الشمس أنها نجمة من النجوم المتوسطة. وأن المجموعة التي تنتمي إليها الشمس فيها مائة ألف مليون نجمة. وأن في الكون آلاف الملايين من مثل هذه المجموعات وأن الأرض أحد الكواكب التي يزعمون أنها أسرة الشمس وأنه يوجد عشرة آلاف مليون نجمة تدور حولها الكواكب. فكلها خيالات سخيفة وظنون كاذبة لا تروج إلا على من هو من أجهل الناس. وقد قال الله تعالى {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}.

وقد تقدم التنبيه على بطلان ما زعموه من تعدد الشموس في أثناء الكتاب مع الكلام على مزاعم الصواف في الشمس فليراجع هناك.

وأما زعمهم في الأرض أنها أحد الكواكب التي تدور حول الشمس فقد استوفيت الرد عليه في الصواعق الشديدة فليراجع هناك.

وأما زعمهم أن في الكون عشرة آلاف مليون نجمة تدور حولها الكواكب فقد استوفيت الرد عليه في الصواعق الشديدة في المثال الثامن عشر من الأمثلة على بطلان الهيئة الجديدة فليراجع هناك.

 

  • الاربعاء PM 08:54
    2022-05-25
  • 933
Powered by: GateGold