المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409116
يتصفح الموقع حاليا : 285

البحث

البحث

عرض المادة

الرد على من زعم أن للأرض فلكا تدور فيه حول الشمس

وذكر الصواف في صفحة 37 عن عبد الرزاق نوفل أنه نقل عن الفلكيين أنهم قالوا بأن الأرض كوكب من الكواكب التي تدور حول الشمس، وتتبعها في سيرها أينما سارت، قال: وهي تدور بنا حول نفسها مرة كل أربع وعشرين ساعة.

والجواب أن يقال هذا قول باطل مردود بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول الصحيح وقد استوفيت الرد عليه في الصواعق الشديدة فليراجع هناك.

وقال في صفحة 38 أن الأرض تدور حول الشمس في فلك يبلغ محيطه 580 مليون ميل، فمعدل سرعتها في هذه الحركة يبلغ 60 ألف ميل في الساعة أو بنحو ألف ميل في الدقيقة، والنظام الشمسي كله بما فيه الأرض ينهب الفضاء نهبا بسرعة لا تقل عن 20 ألف ميل في الساعة أي أكثر من 300 ميل في الدقيقة متجهة نحو برج هركيوليس.

والجواب عن هذا من وجوه أحدها: أن يقال أن إثبات مثل هذه الأمور يحتاج إلى نص قاطع من كتاب الله تعالى أو من سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقم على شيء تخرصوه دليل البتة لا من المنقول ولا من المعقول الصحيح، وقد انقطع الوحي من السماء بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يبق مع المدعين سوى التخرصات والظنون الكاذبة، وقد قال الله تعالى {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} وقال تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} وقال تعالى {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} وقال تعالى {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} وقد جمعت هذه الآية الكريمة بين الأمر باتباع ما أنزل الله، والنهي عن اتباع ما سوى ذلك من أقوال المتخرصين.

الوجه الثاني: أن يقال ليس للأرض فلك تدور فيه كما زعم ذلك أهل الهذيان والتخرص، وإنما الفلك للشمس والقمر والنجوم والليل والنهار، قال الله تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وقال تعالى {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.

قال ابن جرير: "قوله {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} يقول: وكل ما ذكرنا من الشمس والقمر والليل والنهار في فلك يجرون، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل".

وقال ابن كثير: "قوله تبارك وتعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} يعني الليل والنهار والشمس والقمر كلهم يسبحون أي يدورون في فلك السماء. قاله ابن عباس وعكرمة والضحاك والحسن وقتادة وعطاء الخراساني.

وقال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: "والله سبحانه قد أخبر بأن الشمس والقمر والليل والنهار كل ذلك يسبح في الفلك فقال تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}. والفلك هو المستدير كما ذكر ذلك من ذكره من الصحابة والتابعين وغيرهم من علماء المسلمين، والمستدير يظهر شيئا بعد شيء، فيراه القريب منه قبل البعيد عنه".

وقال الشيخ أيضا: "لفظ الفلك يدل على الاستدارة وعلى سرعة الحركة كما في دوران فلكة المغزل ودوران الرحى".

وقال أيضا: "والسباحة تتضمن الجري بسرعة كما ذكر أهل اللغة". انتهى.

وأما الأرض فإنها ساكنة ثابتة لا تتحرك ولا تزول من موضعها فضلا عن أن يكون لها فلك تدور فيه، وقد ذكرت الأدلة على سكونها في الصواعق الشديدة فلتراجع هناك.

وأما تحديدهم لمحيط فلك الأرض الذي توهموه بعقولهم الفاسدة بما ينيف على سبعين ألف سنة، وتحديدهم أيضا لمعدل سرعتها في الساعة والدقيقة، وما زعموه أيضا من النظام الشمسي وسرعة سيره في الساعة والدقيقة واتجاهه نحو هركيولس - فكله هذيان لا يقوله عاقل، ونسبة هذا الهذيان إلى المسلمين فرية بلا مرية.

وقد قال الله تعالى {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} وقال تعالى {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} وقال تعالى {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}.

وقد ذكرت في الصواعق الشديدة ما ذكره العلماء من الإجماع على أن السموات مستديرة، وما ذكروه أيضا من الإجماع على أن الأرض مثل الكرة، وبيان أنها مثبتة في وسط كرة السماء كالنقطة في الدائرة، وذكرت أيضا النص على أن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة، وأن كسف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، فلو كان للأرض فلك يبلغ محيطه 580 مليون ميل كما زعم ذلك من زعمه من فلاسفة الإفرنج ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من ضعفاء البصيرة من المسلمين لكان مدارها من فوق الكرسي بمسافة بعيدة، وهذا ظاهر البطلان.

وأيضا فالسموات السبع الشديدة البناء التي ليس لها فروج وليس فيها فطور قد أحاطت بالأرض من كل جانب، والكرسي من فوق السموات قد أحاط بالجميع فلا طريق للأرض إلى اختراق السموات والكرسي، والصعود إلى ما فوق ذلك حتى يتهيأ لها الدوران في الفلك الذي توهموه بعقولهم الفاسدة.

وإنما قال أعداء الله ما قالوه من هذا الهذيان الذي يضحك منه كل عاقل لأنهم يرون أن سعة الجو غير متناهية، وإنه ليس فوقنا سموات مبنية شداد كثف كل واحدة منهن خمسمائة سنة، والأرض في وسط السماء الدنيا منهن وكل سماء منهن محيطة بما تحتها وما حوت.

وقد وجد أعداء الله لتخرصاتهم وهذيانهم قبولا عند الأغبياء من المسلمين، وهذا أكبر مقاصد أعداء الله فإنهم حريصون على إضلال المسلمين وردهم إلى الكفر كما أخبر الله عنهم بذلك في قوله تعالى {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} وقال تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. وفي هذه الآية الأخيرة الحث على التمسك بالكتاب والسنة، وفي الآيات التي قبلها التحذير من طاعة أعداء الله تعالى والإصغاء إلى تخرصاتهم وظنونهم الكاذبة التي تصد عن سبيل الله تعالى، وتورد من أصغى إليها موارد العطب، فمن تمسك بالكتاب والسنة حصلت له الهداية في الدنيا والسعادة في الآخرة، ومن أعرض عنهما وتمسك بظنون الناس وتخرصاتهم فقد ضل وشقي في الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: من اقتدى بكتاب الله لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة. ثم تلا هذه الآية {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} رواه رزين وغيره.

وقال الله تعالى {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَامُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

وإذا علم هذا فلابد للمتكلم فيما يتعلق بالأرض والسموات والشمس والقمر والنجوم من أحد أمرين: إما التمسك بما جاء عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وما أجمع المسلمون عليه من ذلك، ونبذ التخرصات والظنون الكاذبة وراء الظهر، وأما التمسك بتخرصات أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم ونبذ ما عارض ذلك من أدلة الكتاب والسنة والإجماع وراء الظهر. فليختر المرء ما يناسبه من أحد الأمرين، فأما الجمع بينهما فغير ممكن لأنهما ضدان فلا يجتمعان، وكثير من العصريين المفتونين بتخرصات أهل الهيئة الجديدة وظنونهم الكاذبة يرومون الجمع بين ما أخبر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وبين تخرصات أهل الهيئة الجديدة وظنونهم الكاذبة وذلك بحمل الآيات والأحاديث على غير محاملها لتتفق مع ظنون أهل الهيئة الجديدة وتخرصاتهم فيجمعون بين قبول الباطل وبين الإلحاد في آيات الله تعالى وتحريف الكلم عن مواضعه.

الوجه الثالث: أن الله تعالى نص على جريان الشمس في مواضع من كتابه، ونص أيضا على أنها تسبح في الفلك، ونص أيضا على أنه يأتي بها من المشرق، ونص أيضا على طلوعها وتزاورها ودلوكها وغروبها. وقال تعالى {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} والدأب إدامة السير كما نص على ذلك أئمة اللغة وقرر معناه أهل التفسير، وفي هذه الآيات أوضح دليل على أن الشمس تجري وتدور على الأرض لقيام معايش العباد ومصالحهم.

وقد نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جريان الشمس وطلوعها وارتفاعها وزوالها ودنوها من الغروب وغروبها، وأخبر أنها تذهب بعد الغروب حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، ثم يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، وكل ذلك يدل على دوران الشمس على الأرض على الدوام ورد ما هذى به المتخرصون من كون النظام الشمسي ينهب الفضاء نهبا بسرعة متجها نحو برج هركيوليس.

الوجه الرابع: أن كلام الصواف ينقض بعضه بعضا، فقد ذكر في هذا الموضع أن النظام الشمسي ينهب الفضاء نهبا بسرعة متجهة نحو برج هركيوليس، وذكر في صفحة 43 أن الشمس والكواكب السيارة وأقمارها تجري في الفضاء تحو برج النسر بسرعة غير معهودة لنا على الأرض، وقال في صفحة 61 أن الشمس ثابتة ومتحركة في آن واحد ثابتة على محورها، ومتحركة حول هذا المحور، أي دائرة حول نفسها ومثلها مثل المروحة السقفية الكهربائية، وهذا تناقض عجيب، وهكذا الباطل لا تجده إلا مختلفا ينقض بعضه بعضا كما قال الله تعالى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}.

 

  • الاثنين PM 06:35
    2022-05-23
  • 1110
Powered by: GateGold