المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409015
يتصفح الموقع حاليا : 250

البحث

البحث

عرض المادة

شرف صحبة رسول الله

ما من صحبة أعظم في تاريخ البشرية من صحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كم تمنيت وتمنى كل مسلم لو تشرّفت أعيننا وتكحلت برؤية المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

لكن مبغضي الصحابة الذين احترفوا تشويه الحقائق، وقلب الفضيلة إلى منقصة، جعلوا صحبة خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم واللقاء به والجلوس في مجلسه، صحبة مسلوبة القيمة والشرف ... بل تجرأ المفيد فشبّه صحبة الصحابة لرسول الله بصحبة البهيمة للعاقل!

يقول المفيد في احتجاجه على عدم دلالة الصحبة على فضل الصحابي:

(فإنّ اسم الصحبة يُطلق بين العاقل وبين البهيمة، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل القرآن بلسانهم لقول الله عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِه} أنهم سمّوا الحمار صاحباً فقالوا:

إنّ الحمار مع الحمار مطيّة ... فإذا خلوت به فبئس الصاحب.

وأيضاً فقد سموا الجماد مع الحي صاحباً فقالوا ذلك في السيف وقالوا:

زرت هنداً وذاك غير اختيار * ومعي صاحب كتوم اللسان (يعني السيف)

فإذا كان اسم الصحبة يقع بين المؤمن والكافر وبين العاقل والبهيمة وبين الحيوان والجماد فأي حجة لصاحبك فيه؟) (1)، فصحبتهم لرسول الله عند المفيد لا شرف لها ولا مقدار، فكما أنّ الكافر يصاحب المؤمن والعاقل يصاحب البهيمة، والحيوان يصاحب الجماد فكذلك حال الصحابة مع خير البشر محمد صلى الله عليه وآله وسلم!


(1) بحار الأنوار 27/ 329 - 330

ولو سألت عاقلاً ما فضيلة الحجر الأسود لذكر لك من تلك الفضائل أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد وضعه بيديه الشريفتين، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد قبّله بفمه الطاهر، فيكفيه ذاك شرفاً.

وما قيمة الثوب الذي لبسه رسول الله أو النعل الذي انتعله؟ لقال لك يكفيهما شرفاً أن مسا جسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فكيف بمن صحبه وجالسه وصلى خلفه وربما عانقه يوماً أو دافع عنه بنفسه وأهله وماله؟ هؤلاء عند المفيد وأمثاله بلا قيمة ولا شرف! بل صحبتهم لرسول الله وصحبة البهيمة للعاقل سواء!

إنّ فضيلة صحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم معلومة، لا يكاد يرتاب فيها وفي فضلها إلا من في قلبه مرض.

فمن الأدلة الصحيحة الصريحة على شرف هذه الصحبة ما رواه الإمام مسلم في صحيحه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يأتي على الناس زمان، يغزو فئام من الناس فيُقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيُفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس، فيُقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيُفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيُقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيُفتح لهم) (1).

وقد ذكر الشيخ الطوسي في "الأمالي" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً بما يلقى بعده فبكى (ع)، وقال: يا رسول الله


(1) رواه مسلم-كتاب فضائل الصحابة- باب (فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ...) - حديث رقم (2532).

أسألك بحقي عليك وقرابتي منك، وحق صحبتي إياك، لما دعوت الله (عز وجل) أن يقبضني إليه ...) (1).

فهذا هو الإمام علي - كما تنص على ذلك هذه الرواية الشيعية - يسأل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بحق هذه الصحبة إلا دعا له، والمتعصبة الذين يدّعون التشيع لهذا الإمام الجليل يقللون من شأن هذه الصحبة ولا يعرفون لها قدرها ومنزلتها.

والمرء ليعجب من هؤلاء المتعصبة الذين يرددون دوماً وفي كل حين عبارة (يا ليتنا كنا معكم)، وهم يرجون من كل قلوبهم لو أنهم صحبوا الحسين عليه السلام في ذهابه للعراق فنصروه وذبوا عنه، فيرى أحدهم في صحبته للحسين ابن رسول الله الشرف والقيمة، في حين يقف عند صحابة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو خير الخلق والنبي الخاتم الذي أُرسل للناس كافة، وتمالأت عليه قوى الكفر فنصره هؤلاء وضحوا بدمائهم وأهليهم ووقفوا معه في أحلك الظروف، فيجعل هذا المتعصب صحبة هؤلاء لرسولنا الكريم كصحبة البهيمة للعاقل!

وقاحة ما بعدها وقاحة.

هذه قيمة صحبة رسول الله وهذه هي فضيلتها عند الغلاة الجفاة ... فإلى الله المشتكى .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ...

المقدّس الأردبيلي - من الذي قدّسه؟

إنّ الشيعة الإثني عشرية يعتبرون من لقي القائم المنتظر مقدّساً وفوق مرتبة الجرح والتعديل كما صرّح بذلك علي الحسيني الصدر في " الفوائد الرجالية ص140 - 141" حيث يقول:

(إنّ من أمارات المدح ومن موجبات الاطمئنان بل مما يفيد علو الرتبة وكمال الوثاقة كون الراوي ممن تشّرف وفاز برؤية الطالع الأزهر للإمام المنتظر أرواحنا فداه فإنه لا تحصل هذه المكرمة إلا للأوحدي من الصالحين كما يستفاد من حديث أحمد بن إسحاق القمي الذي جاء فيه: (لولا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا) فكل من أحرز جداً فوزه بهذه السعادة العظمى فهو ممن يحصل به الطمأنينة الوثقى .. وهم ثلة خيّرة وجماعة كثيرة نالوا هذه المرتبة في زمان الإمام العسكري (ع) ثم في أيام الغيبة الكبرى ... أما الذين تشرّفوا في أيام الغيبة الكبرى فهم كثيرون جداً ... جمع ذكرهم بعض الأعلام في كتب مستقلة كالبحراني في "تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي" والمحدّث النوري في "النجم الثاقب" و"جنة المأوى" والشيخ الميثمي العراقي في "تذكرة الطالب فيمن رأى الإمام الغائب" والجمال الطباطبائي في "بدائع الكلام فيمن اجتمع بالإمام" والميرزا الألماسي في "البهجة فيمن فاز بلقاء الحجة" والشيخ النهاوندي في "العبقري الحسان في تواريخ صاحب الزمان").

فالمحقق الأردبيلي هو أحد أولئك الذين نالوا شرف اللقاء بصاحب العصر والزمان، وقد ذكر قصة ذاك اللقاء المزعوم الخوانساري في "روضات الجنات 1/ 88 " نقلاً عن شيخه المجلسي في " بحار الأنوار".

وقال الشيخ علي أصغر البروجردي في "طرائف المقال 2/ 399": (وهو من جملة من رأى القائم (ع) ومن جملة من انفتحت له أقفال الروضة المقدّسة وكلّمه الإمام في حكاية ذكرها السيد الجزائري في الأنوار النعمانية).

وكان من الواجب على الشيعة الإثني عشرية أن يعتبروا الصحابة مقدّسين أيضاً لأنه رأوا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم الذي ينص الشيعة على أنه أفضل من القائم، لكن هؤلاء الصحب الكرام لا مكانة لهم عند الشيعة ولا احترام بل هم عندهم شرار الخلق والخليقة!

[صحابة رسول الله كما تصورهم كتب الشيعة الإثني عشرية وعلماؤها]

عندما كنت أتصفح كتب الشيعة الإثني عشرية وهي ترمي صحابة رسول الله مرة بالانقلاب على أعقابهم ومرة بالتآمر على الإمام علي والسعي إلى إزهاق روح الدين، كان يُخيل لي بأني أتصفح سيرة عتاة مكة وكفارها أمثال أبي جهل أو أبي لهب أو أمية بن خلف أو غيرهم لكن عيني ترى شيئاً آخر!

إنّ هذه الفئة الملعونة الظالمة الجارية وراء مصالحها كما تذكر ذلك كتب الشيعة الإثني عشرية ليست إلا الفئة التي قاتلت مع رسول الله في بدر وأحد والخندق وغيرها والتي صبرت وجاهدت وتركت الأهل والولد في سبيل رفعة هذا الدين!!!

وما أنقله هنا ما هو إلا نموذج بسيط لما يُقال في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصفهم التيجاني السماوي (2) بقوله: (الصحابة أغضبوا رسول الله، استأجروا ضعفاء العقول ليرووا لهم الأحاديث الموضوعة في فضائلهم، خالفوا أمر ربهم، انقلبوا على أعقابهم .. لا يستحقون ثواب الله ولا غفرانه، تثاقلوا عن الجهاد وركنوا إلى الدنيا، ارتدوا على أدبارهم بدّلوا وغيّروا وقالوا سمعنا وعصينا).

ويصفهم النوري الطبرسي فيقول: (الذين آمنوا بألسنتهم ليحقنوا دماءهم وهم بين جاهل غبي ومعاند غوي، ولاه عن الدين وتاه في شيع الأولين، وصارف همته في ترويج كفره، وجبار يخاف من مخالفة نهيه وأمره وليس فيهم من يُرجى خيره ويؤمن شره، لا يكاد يُشك أنهم أخس قدراً وأعجز تدبيراً وأضل سبيلاً وأخسر عملاً وأجهل مقاماً وأشر مكاناً وأسفه رأياً وأشقى فطرة) (3).

ويصفهم الخميني قائد الثورة الإيرانية والنائب السابق للإمام الغائب في كتابه كشف الأسرار ما ترجمته: (أولئك الصحابة الذين لم يكن يهمهم إلا الدنيا والحصول على الحكم دون الإسلام والقرآن، والذين اتخذوا القرآن مجرد ذريعة لتحقيق نواياهم الفاسدة، قد سهل عليهم إخراج تلك الآيات من كتاب الله التي تدل على خلافة الإمام علي بلا فصل، وعلى إمامة الأئمة، وكذلك تحريف الكتاب السماوي، وإقصاء القرآن عن أنظار أهل الدنيا على وجه دائم، بحيث يبقى هذا العار في حق القرآن والمسلمين إلى يوم الدين) (4).

ويقول عنهم يوسف البحراني: (غير خفي - على ذوي العقول من أهل الإيمان وطالبي الحق من ذوي الأذهان - ما بُلي به هذا الدين من أولئك المردة المعاندين بعد موت سيد

 

 


(1) الأمالي للطوسي ص501 - 502 (المجلس الثامن عشر) - حديث رقم (1098).

(2) هذه الكلمات كانت متفرقة في كتابه (ثم اهتديت) اعتنيت بجمعها لبيان رأيه في صحابة رسول الله.

(3) النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب ص47 الباب الأول (الدليل الثاني).
(4) كشف الأسرار ص114 الترجمة الشرعية.

المرسلين، وغصب الخلافة من وصيه أمير المؤمنين، وتواثب أولئك الكفرة عليه، وقصدهم بأنواع الأذى والضرر إليه) (1).

ويقول كلاماً آخر أقبح من سابقه: (اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن أهل العصمة عليهم السلام بارتداد الصحابة بعد رحلته صلى الله عليه وآله من بين أظهرهم، وهو مصداق قوله سبحانه {أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (2) ومن المعلوم أنه ليس منشأ ذلك الارتداد إلا العكوف على عجل السامري (3)، ونقض بيعة الوصي) (4).

ويقول مرتضى محمد الحسيني النجفي: (إنّ الرسول ابتلي بأصحاب قد ارتدوا من بعده عن الدين إلا القليل) (5).

ويقول نعمة الله الجزائري: (فإنّ أغلب الصحابة كانوا على النفاق لكن كانت نار نفاقهم كامنة في زمنه، فلمّا انتقل إلى جوار ربه برزت نار نفاقهم لوصيّه ورجعوا القهقرى، ولذا قال عليه السلام (ارتد الناس كلهم بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا أربعة سلمان وأبو ذر والمقداد وعمّار) وهذا مما لا إشكال فيه!) (6).

هذه هي الصورة التي يعرفها هؤلاء عن صحابة رسول الله، وقرآن المسلمين يعرف حقيقة أخرى ويجهر بها ليصك بها أسماعهم!


(1) الحدائق الناضرة 1/ 4 - 5
(2) سورة آل عمران آية 144
(3) يريد بذلك أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه.
(4) الشهاب الثاقب في معنى الناصب ص202
(5) السبعة من السلف ص7
(6) الأنوار النعمانية ص81 (نور مرتضوي).

صورتان متضادتان

لا يحتاج المسلم التالي لكتاب الله الكريم أن يتجشم عناء دراسة علم التفسير حتى يستشعر التفاوت الكبير بل التضاد بين رؤية القرآن الكريم للصحابة وبين رؤية الشيعة الإثني عشرية لهم، بين الآيات التي تبشرهم بالجنان وبرضا الله عنهم وبين روايات الطعن فيهم واللعن لهم عند الشيعة الإثني عشرية.

تُرى هل كان رب العزة والجلال الذي مدحهم في القرآن يجهل من هم الصحابة وما سيفعلونه قبل مماتهم؟! كلا والله وحاشاه سبحانه عن هذا الإفك، إذاً كيف يمدحهم ويثني عليهم ويبشرهم بمغفرته ورضوانه وجنانه وهم مرتدون منقلبون على أعقابهم لم ينج منهم إلا القليل؟!!

هنا يكمن السؤال ... لكن استعراضاً سريعاً لبعض النصوص القرآنية يكفي لإدراك مدى تفاوت النظرتين:

1 - القرآن يترضى عن الصحابة والشيعة الإثنا عشرية تلعنهم!!!

قال سبحانه وتعالى {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم} (1).

فالآية صريحة الدلالة على رضاء الله سبحانه وتعالى عن المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، وتبشيرهم بالفوز العظيم والخلود في جنات النعيم.


(1) سورة التوبة آية 100

فأي عاقل يلعن من يترضى الله عنهم؟!!

وأي لسان يستطيع أن يشتم ويلعن من زكّاهم رب العالمين؟!

وأي ضمير يستطيع أن يقول بردتهم وقد وعدهم الله الذي لا يخلف الميعاد أنهم سيغادرون الدنيا إلى جنات تجري تحتها الأنهار وأنهم خالدين فيها أبداً وأنهم من الفائزين؟!

وقال سبحانه {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} (1).

فمن أخبرنا الله سبحانه أنه علم ما في قلوبهم ورضي عنهم وأنزل السكينة عليهم فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم ولا الشك فيهم البتة (2).

وممن بايع تحت الشجرة كما هو معروف الخلفاء الراشدون وجميع من ينعتهم الشيعة الإثنا عشرية بالانقلاب على أعقابهم والردة من الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا متفق عليه عند السنة والشيعة الإثني عشرية.

فهل علم الشيعة الإثنا عشرية عن الصحابة ما لم يعلمه الله حين امتدحهم ثم تبين بعد ذلك أنهم غير أهلٍ للمدح؟!! هل كان مدحهم خطأ؟!! حاشا الله عز وجل ذلك.

2 - القرآن يعدهم بالحسنى والشيعة الإثنا عشرية تنزلهم منزلة أهل النفاق!!!

قال سبحانه وتعالى {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} (3).


(1) سورة الفتح آية 18
(2) ابن حزم في الفصل 4/ 116
(3) سورة الحديد آية 10

فوعد الله عز وجل الصحابة الذين أنفقوا قبل الفتح وبعده بالحسنى، وقد حكم الله لمن وعد بالحسنى بالأمن من عذاب يوم القيامة بقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ. لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ. لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (1).

فهل بدا لله بعد ذلك أنّ من قال فيهم هذه الآيات لا يستحقونها وأنهم ارتدوا على أعقابهم وسلبوا علياً حقه في الخلافة وفعلوا وفعلوا؟!! أم نقول: صدق الله في جميع أقواله وكذب من قال بغير قوله؟

3 - القرآن يفتخر بهم والشيعة الإثنا عشرية تتبرأ منهم!!!

قال تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (2).

فهل ذكر الله أوصافاً كهذه لصحابة رسول الله في التوراة التي يقرأها اليهود، والإنجيل الذي يقرأه النصارى تعظيماً لشأن الصحابة وافتخاراً بهم كخير صحب لخير نبي وهو سبحانه يعلم أنهم سيرتدون وينقلبون على أعقابهم ويثبتون عكس ما قيل فيهم في تلك الكتب السماوية لكي تُعطى الحجة بعد ذلك لليهودي والنصراني بأن يطعن في صدق نبوة


(1) سورة الأنبياء آية 102 - 103
(2) سورة الفتح آية 29

محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنّ أصحاب ذاك النبي المبشر عندهم مذكورون بالإيمان والصلاح والتقوى ونصرة الدين بينما أصحاب محمد مرتدون ومنقلبون على أعقابهم وهم ليسوا أشداء على الكفار ورحماء بينهم بل أشداء بينهم وأرأف بالكفار منهم بقرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم!! هل كان الله يفتخر برجال لم يثبت على الإيمان منهم سوى سبعة؟!!

إنّ رجالاً كهؤلاء ممن لهثوا وراء الدنيا ونسوا نبيهم وكلام ربهم لعنة السماء أولى بهم فكيف يعدهم الله بالحسنى وبخير العاقبة؟!! بل كيف يفاخر بهم الأمم السابقة (اليهود والنصارى) وهم ليسوا أهلاً للفخر بل للاستحياء؟!!

4 - الله يتوب عليهم ويغفر لهم زلاتهم والشيعة الإثنا عشرية لا تذكرهم إلا بتلك الزلات!!!

قال تعالى {وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} (1) وقال تعالى {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَاخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (2).

فهذه الآيات تحدثت عن الصحابة وبيّنت سعة رحمة الله لمن أذنب منهم، وبيّنت كذلك إرادة الله ومحبته للتوبة عليهم وغفران ذنوبهم، وبيّنت بالمقابل ما يريده أرباب الشهوات والضلالة بأصحاب رسول الله من الميل.


(1) سورة النساء آية 27
(2) سورة التوبة آية 102 - 104

ويُضاف إلى هذه الآيات العامة ما قاله تعالى فيمن أخطأ يوم أحد ففر من القتال كعثمان ابن عفان رضي الله عنه {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيم} (1).

لكنك تجد الشيعة الإثني عشرية إلى اليوم يعيبون عثمان بن عفان ويذكرون من جملة هذه المعائب (فراره من أحد)!!

سبحان الله ... أما يكفي أن يعفو الله عنه؟!

من ذا الذي يستطيع أن يسلب العباد رحمة ربهم ويستبدل عفو الله لهم بسخطه فيُعيّرهم بذنوبهم وأخطائهم التى تجاوز الله عنها وندموا هم عليها؟

لو أنّ الله عز وجل قد ملّك أحداً من البشر خزائن رحمته لما رأينا أحداً في الجنة {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً} (2).

لكن قف عند قول الله عز وجل {وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} (3) وتفكّر، من ذا الذي يجرؤ على مخالفة ما يريده الله، فيريد في قرارة نفسه أن يفتك بهؤلاء الصحابة، لاعناً كبارهم شاتماً صغارهم، طاعناً في أعراض أمهاتهم (أمهات المؤمنين) ثم يدّعي بعد ذلك أنه متبع للقرآن والسنة وأهل البيت؟!


(1) سورة آل عمران آية 155
(2) سورة الإسراء آية 100
(3) سورة النساء آية 27

 

  • الاثنين AM 03:03
    2022-05-23
  • 1423
Powered by: GateGold