المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412627
يتصفح الموقع حاليا : 313

البحث

البحث

عرض المادة

أحاديث الإثني عشر إماماً

يحتج الشيعة الإمامية الإثنا عشرية في تحديدهم عدد الأئمة (بإثني عشر رجلاً من آل البيت) بما جاء في صحيح البخاري عن جابر بن سمرة قال: (يكون إثنا عشر أميراً - فقال: كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش) (1).

وفي مسلم عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: (كلهم من قريش) (2).

وعند أبي داود ونصه كالتالي: (لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليهم الأمة) (3).

وبالتأمل في النصوص بكل حيادية وموضوعية نلاحظ عدة أمور من شأنها أن تفنّد مثل هذا الاستدلال.

أولاً: عندما درست الحديث السابق دراسة وافية فتتبعت طرقه وألفاظه للوقوف على معناه وجدت أنّ الحديث قد ذُكر بالألفاظ التالية:

(لا يزال هذا الأمر صالحاً حتى يكون اثنا عشر أميراً) (4).


(1) رواه البخاري - كتاب الأحكام - باب الاستخلاف - حديث رقم (7223).
(2) رواه مسلم - كتاب الإمارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش - حديث رقم (1821).
(3) رواه أبو داود - كتاب المهدي - حديث رقم (4279).
(4) مسند أحمد - حديث رقم (20960)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

وفي رواية أخرى (لا يزال هذا الأمر ماضياً حتى يقوم اثنا عشر أميراً) (1) وفي رواية أخرى (لا يزال هذا الأمر قائماً حتى يمضي اثنا عشر أميراً) (2).

(إنّ هذا الدين لا يزال عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) (3) وفي رواية أخرى (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) (4).

(لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة) (5) وفي رواية أخرى (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة) (6).

(لا يزال هذا الدين عزيزاً أو قال لا يزال الناس بخير (7) إلى اثني عشر خليفة) (8).

وفي رواية أخرى (لا يزال هذا الأمر عزيزاً منيعاً يُنصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر خليفة) (9).

(لا يزال هذا الأمر مؤاتى أو مقارباً حتى يقوم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) (10).


(1) مسند أحمد – حديث رقم (20961)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(2) المعجم الكبير 2/ 197 حديث رقم (1801).
(3) مسند أحمد – حديث رقم (20909)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(4) مسند أحمد – حديث رقم (20870) قال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح وهذا إسناد حسن من أجل (سماك)، وفي المعجم الكبير للطبراني 2/ 195 حديث رقم (1792) بلفظ (اثنتي عشرة خليفة).
(5) رواه أبو داود – كتاب الفتن - حديث رقم (4280)، قال الألباني: حديث صحيح.
(6) رواه مسلم – كتاب الإمارة – باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش– حديث رقم (1821).
(7) الشك من أبي عبد الصمد وهو أحد رواة الحديث.
(8) مسند أحمد – حديث رقم (20962)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(9) مسند أحمد – حديث رقم (20964)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(10) مسند أحمد – حديث رقم (21071)، قال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح.

(لا يزال هذا الأمر في مسكة وفي علياء حتى يملك اثنا عشر من قريش) (1).

(لا يزال هذه الأمة مستقيم أمرها حتى يكون اثنا عشر خليفة) (2).

(لا يزال أمر هذه الأمة هادئاً على من ناوأها حتى يكون عليكم اثنا عشر أميراً) (3).

(لا يزال أمر هذه الأمة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر خليفة) (4).

(لا يزال هذا الدين ظاهراً على من ناوأه لا يضره مخالف ولا مفارق حتى يمضى من أمتي اثنا عشر أميراً كلهم من قريش) (5).

وفي رواية أخرى (لا يزال هذا الأمر ظاهراً على من ناوأه لا يضره مخالف ولا مفارق حتى يمضي اثنا عشر خليفة من قريش) (6).

وفي رواية (لن يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً ظاهراً على من ناوأه لا يضره من فارقه أو خالفه حتى يملك اثنا عشر كلهم من قريش) (7).

(لا يزال أمر هذه الأمة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر خليفة) (8).

والناظر لهذه الروايات بصحيحها بل وضعيفها يلاحظ أنها لا تدل على مدح هؤلاء الإثني عشر جزماً بل قد تدل على ذمهم وكون خلافتهم بداية لهوان الأمة وضياع عزها.


(1) المعجم الأوسط 2/ 115 حديث رقم (1430).
(2) المعجم الكبير 2/ 196 حديث رقم (1798).
(3) المعجم الكبير 2/ 197 حديث رقم (1800).
(4) المستدرك 3/ 715 حديث رقم (6586).
(5) مسند أحمد – حديث رقم (20873)، قال شعيب الأرنؤوط: ضعيف لضعف مجالد.
(6) المعجم الكبير للطبراني 2/ 196 حديث رقم (1796).
(7) مسند أحمد – حديث رقم (20943)، قال شعيب الأرنؤوط: ضعيف لضعف مجالد.
(8) المستدرك 3/ 715 حديث رقم (6586).

ويشهد لهذا أنّ (حتى) و (إلى) تفيدان الغاية وقد جاءتا في كل ألفاظ الحديث تقريباً، فما قبلهما يختلف عما بعدهما، كقوله تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر} (1) فما قبل (حتى) يختلف عما بعدها، وعلى هذا يكون ما قبل هؤلاء الأمراء عزة ومنعة وصلاحاً ويكون الذل والفساد من أول توليهم الأمور، كما يكون الإمساك من أول ظهور الفجر فتأمل هذا جيداً.

أما المعنى الآخر المحتمل فهو كون خلافة الإثني عشر هي آخر فترة العزة والمنعة ثم من بعدهم يفشو القتل المعبّر عنه بالحديث بـ (الهرج).

فكما أنّ المرء يقول: أكلت السمكة حتى ذيلها، ويحتمل قوله هذا أنه أكل السمك كلها باستثناء ذيلها، يحتمل أيضاً أنّ المراد بأنه أكل السمكة كلها من أولها إلى آخرها (أي مع ذيلها).

فما الذي جعل الحديث صريحاً في الدلالة على عِظم هؤلاء الإثني عشر بل وجعل الشيعة الإثني عشرية يذهبون إلى أنّ فيه النص على إمامة إثني عشر هم (علي بن أبي طالب والحسن والحسين وتسعة من أبناء الحسين)؟!

ثانياً: إنّ هؤلاء الإثني عشر المشار إليهم في الحديث النبوي قد وُصفوا بأنهم (خلفاء) أو (أمراء) أما الأئمة الإثنا عشر الذين يدّعي الشيعة النص عليهم هم أئمة وعلماء وفضلاء لكنهم ليسوا خلفاء (2) ولا أمراء إذ لا خليفة بلا خلافة ولا أمير بلا إمارة.


(1) سورة البقرة آية 187
(2) باستثناء الخليفتين الراشدين علي بن أبي طالب والحسن بن علي رضي الله عنهما.

فحينما تناقش عالماً من علماء الشيعة عن إمامة الإمام الصادق مثلاً وتقول له: كيف يكون جعفر الصادق إماماً ولم يكن خليفة؟ فسيجيبك على الفور بأنّ الإمامة منصب إلهي لا يُشترط فيه أن يتولى الإمام الخلافة، لكن المرء لا يكون خليفة إلا بخلافة.

فإذا علمت أنّ الأئمة الإثني عشر الذين يذكرهم الشيعة لم يلِ منهم الخلافة سوى إمامين فقط هما: (علي بن أبي طالب والحسن بن علي) ظهر تهافت وبطلان استدلالهم بالحديث.

ولذا أقول: لو أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم النص على إمامة الأئمة الإثني عشر عند الشيعة لقال في حديثه الشريف (اثنا عشر إماماً) أو نصّ على الإثني عشر بأسمائهم بدلاً من قوله: (اثنا عشر أميراً) أو (اثنا عشر خليفة)!

لقد دلّت صيغة الحديث الذي نطق به محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي أُوتي جوامع الكلم بكل وضوح على أنّ الإثني عشر في الحديث لا يختصون بالإمام علي وأولاده دون غيرهم، ألا ترى أنه لم يقل النبي أنهم (كلهم من ولد إسماعيل) ولم يقل (كلهم من العرب) وإن كانوا في الحقيقة كذلك، ولكنه ذكر ما يميزهم عن غيرهم وهو القبيلة، فلو امتازوا بأنهم كلهم من أهل البيت أو من أبناء الإمام علي بالذات لذُكروا بذلك فلما جعلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قريش مطلقاً، عُلم أنهم من قريش ولا يختصون ببطن دون آخر، فقد يكون بعضهم من بني أسد أو بني تيم أو بني عدي أو بني زُهرة أو بني هاشم.

ثالثاً: روى الطبراني من طريق أبي الطفيل عامر بن واثلة عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا ملك اثنا عشر من عمرو بن كعب كان النقف والنقاف إلى يوم القيامة) (1) يعني القتل.


(1) فتح الباري 13/ 183

والإسناد ضعيف لكن له متابعة رواها الحافظ نعيم بن حمّاد في "الفتن 1/ 95" عن يحيى ابن سليم (صدوق سيء الحفظ) (1) عن عبد الله بن عثمان بن خثيم (صدوق) عن أبي الطفيل رضي الله عنه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا ملك إثنا عشر من عمرو من كعب كان النقف والنقاف إلى يوم القيامة).

قال ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري 13/ 184": (وفي قوله (من بني كعب بن لؤي) إشارة إلى كونهم من قريش لأنّ لؤياً هو ابن غالب بن فهر وفيهم جماع قريش).

والرواية إن قلنا باعتبارها فهي-كما هو ظاهر- دالة على سوء ملك هؤلاء الإثني عشر وأنّ ملكهم سبب للبأس بين الناس وكثرة الاقتتال والخراب، فتأمل!

فإن قال قائل: إنّ رواية مسروق والتي فيها: (كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرؤنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل) (2) تدل على أنّ الإثني عشر فضلاء وأنّ خلافتهم مرضيّة.

أقول: إنّ الحديث منكر، ففي سنده (مجالد بن سعيد) أجمع علماء الجرح والتعديل على تضعيفه، وقد وهم الهيثمي في "مجمع الزوائد 5/ 190" فقال: (وفيه مجالد بن سعيد، وثقه النسائي وضعفه الجمهور)، وقد رجعتُ إلى "الضعفاء والمتروكين" للنسائي فوجدته قد ضعّفه وهكذا النقل عن النسائي في سائر كتب الجرح والتعديل.

والحديث من انفردات مجالد بن سعيد هذا، ولم يتابعه عليه أحد.

أما متن الحديث فظاهر النكارة، فإنّ فيه السؤال: (كم تملك هذه الأمة من خليفة؟) وجواب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إثنا عشر) فقط!

ومخالفة هذا للواقع أظهر من أن يُستدل له، ولو كان النص مادحاً أو ذاماً لإثني عشر من جملة من يملك الأمة لكان هذا واقعياً أما النص على أنّ من سيحكم الأمة هم إثنا عشر فقط فهذا ما يُستنكر بالرواية.

والرواية على كل حال تنص على أنّ من سيملك الأمة من الخلفاء هم إثنا عشر كعدة نقباء بني اسرائيل، والأئمة الإثنا عشر في معتقد الشيعة الإثني عشرية ومعتقد غيرهم ليسوا بخلفاء ولا ملوك لأنهم لم يتسلموا زمام أمور الأمة (باستثناء الإمامين علي والحسن) كما تقدم.

رابعاً: ليس في الحديث حصر للأئمة بهذا العدد (اثني عشر) فإنّ الخلفاء في الأمة أكثر من ذلك قطعاً لكن الحديث يشير إلى أنّ الإسلام لا يزال عزيزاً حتى حَكَم هؤلاء أو في ظل حكمهم كما ذكرنا سابقاً.

خامساً: روى المفيد في "الإرشاد 2/ 372" عن الإمام جعفر الصادق أنه قال: (لا يخرج القائم حتى يخرج قبله اثنا عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلى نفسه).

وعند الطوسي في "الغيبة ص437" والمجلسي في "بحار الأنوار 52/ 209": (قال أبو عبد الله (ع): لا يخرج القائم حتى يخرج اثنا عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلى نفسه).

ومن المعلوم بأنّ القائم المذكور في الرواية هو المهدي المنتظر عند الشيعة، وخروجه يكون في آخر الزمان وهو في معتقد الطائفة أحد الأئمة الإثني عشر، لكن الرواية الشيعية تفيد أنّ ثمة (إثني عشر من بني هاشم) سيخرجون قبله، كلهم يطلب الخلافة لنفسه، والسؤال هنا: لماذا لا يكون هؤلاء الإثنا عشر هم أنفسهم الإثنا عشر المذكورون في الحديث؟!

لماذا يريد الشيعة الإثنا عشرية أن يتحكموا في الأمة كلها بجميع فرقها ومذاهبها ويلزمونهم باعتقاد النص على إثني عشر اختاروهم بأنفسهم ولم ينص عليهم الحديث لا بأسمائهم ولا بأوصافهم؟!

سادساً: إنّ التاريخ ليشهد بأنّ الشيعة بفرقهم المتعددة مختلفون في معرفة الأئمة وفي أعدادهم اختلافاً لا يكاد يُحصى إلا بِكُلفة، كما حفلت بتصوير ذلك كتب الفرق والنحل والتي ذكرت اختلاف الشيعة بعد موت كل إمام في من يكون الإمام من بعده.

ولو أخذنا بنظرية الشيعة الفطحية الذين يشترطون الوراثة العمودية في الإمامة، لأصبح الإمام الحسن العسكري هو الإمام الثاني عشر، بعد الإقرار بإمامة عبد الله بن الأفطح بن جعفر الصادق أو الاعتراف بإمامة زيد بن علي الذي اعترف بإمامته قسم من الشيعة الإمامية الأولى.

فهل يصلح لمنصف عاقل أن يبني دينه وعقيدته على قاعدة هشة لا تصمد أمام النقد العلمي بهذه الصورة؟!

 

 


(1) القول المذكور لابن حجر وهو خلاصة الخلاف في توثيق يحيى بن سليم الطائفي، فقد وثقه ابن معين وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث، قال أبو حاتم: شيخ صالح محله الصدق لم يكن بالحافظ يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال النسائي: ليس به بأس وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمرو، وقد شهد له الإمام أحمد رغم تحفّظه على أحاديثه بأنه قد أتقن حديث ابن خثيم. انظر "الكامل لابن عدي 7/ 219".
أقول: والخلاف كما هو ظاهر منشؤه سوء حفظ يحيى، ومتابعة الطبراني قد ترفع الحديث إلى مرتبة الحسن والله أعلم.
(2) مسند أحمد – حديث رقم (3781) – قال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف لضعف مجالد.

  • الاثنين AM 01:57
    2022-05-23
  • 1107
Powered by: GateGold