المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409036
يتصفح الموقع حاليا : 354

البحث

البحث

عرض المادة

القرآن والعلم الحديث

وجاءوا بفرية أخرى هي أن أقوال علماء الإسـلام متضاربة فـي قضايا القـرآن، فبينما نجد قوما ً يتحمسـون لكل ابتكار جديـد من ابتكارات العلـم الحديث في العصـور الحديثة ثم يذيعون ويشـيعون أن القرآن قد سـبق إلى هذه القضية منذ  أربعة عشر قرنا ً وهناك أناس يؤلفون كتبا ً في هذه المسألة، وهذا كلام صحيح.

وهنـاك علمـاء آخـرون ينكـرون قضايا جـاء بهـا العلم الحديث مجيئا ً يقينيا ً ومع ذلك ينفونها، لأن القرآن لا يؤيدها ويسـتدلون على ذلك بكتيبات طبعـت بالفعل لبعض العلماء الذيـن ينكرون كثيـرا ً من قضايـا العلم الكونيـة، لأن القرآن يتعارض معهـا، ويقصدون عرض قضية لا تدل على ما على الأرض، ولكن تتعلق في نفس جرم الأرض.

وعرضوا كتابا ً ألف في هذه الموضوع مما يدل على انهم اسـتوعبوا مـا كتب عن الإسـلام من رجـال الإسـلام، فجاءوا بالمؤلفات التي تقول: إن القرآن يتماشـى مع العلم الحديث، والمؤلفـات التي تقول: إنه يعارضها، وقالوا: نريد أن نعرض قضيـة واحدة، ليسـت هي ما علـى الأرض، ولكن عن الأرض ذاتها.

لقد ثبت علميا ً وتجريبيا ً ومشهديا ً وواقعيا ً أنها كرة لا سيما بعد أن عبر الإنسان الفضاء، وصورها من الخارج فجاءت كل الصور للأرض وهي كروية.

وقالـوا: إن هناك كتابا ً ألف في بلد يحكمه منطق الاسلام -وأظنهـم يقصـدون السـعوديةـ وقالـوا: إن هـذا الكتـاب يُكـذب كروية الأرض ويقول عنهـا: إنها خرافة، ولكن الأرض مسـطوحة وجاءوا بالأدلة التي تثبت أن الأرض ليسـت كروية ولكنها مسطوحة.

ونحن نقول لهم: ان فَهِم واحد من علماء المسلمين لقضية قرآنية لا يعتبر حجة على القضية القرآنية لأن كلمة الحق شيء ثابت، والشيء الثابت لا يتغيرإلى مقابل ولا إلى نقيض وما دام الشيئ ثابتا ً فهو مثله فيما مضى وفيما يكون.

فإذا نظرنا إلى الكون وجدنا فيه حقائق كونية ثابتة، وهي مخلوقـة لله، والقرآن كلام الله، ومـا دام الكون من خلق الله، والقرآن كلام الله، وجب ألا تتعارض حقيقة قرآنية مع حقيقة كونيـة أبـدا ً، فـإن تعارضت الحقيقـة القرآنية مـع الحقيقة الكونيـة فـإن واحدة منهما ليسـت من عند اللـه، وإذا التقت الحقيقة القرآنية والحقيقة الكونية فكلتاهما من عند الله.

فـإذا وجدنـا حقيقة قرآنيـة تتعـرض لأن تهدمها حقيقة كونيـة، أو حقيقـة كونية تتعرض لأن تهدمهـا حقيقة قرآنية فإننـا نقـول: أنتـم المخطئون في فهـم الحقيقـة، ولابد أن تعيدوا النظر من جديد، لتفهمـوا الحقيقة القرآنية والحقيقة الكونيـة، لأنها إن وجدت حقيقة قرآنية هي الحقيقة القرآنية، وحقيقـة كونية هـي الحقيقة الكونية، فلا بـد أن تتفقا، فإذا اختلفتا فأنتم فهمتم حقيقة قرآنية وهي ليست حقيقة قرآنية، أو فهمتم حقيقة كونية وهى ليست حقيقة كونية.

ضربـوا المثل بكروية الأرض ونحـن وجدنا بعض العلماء ينكرون هذا، ويقولون: الأرض مسطوحة، وبعد ذلك جعل هذا الفهم حقيقة قرآنيـة، نقول: لا، هؤلاء أخطئوا في أنهم جعلوا فهمهـم هذا حقيقة قرآنية، لأن القرآن لا يعطي هذه الحقيقة، وقد استدلوا في هذا الكتاب على أن الأرض مبسوطة وعلى أن هـذا يناقض ما جاء في العلم الحديث مـن أنها مكورة بقوله تعالى:

" وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا " الحجر: 19.

وفسروا المد على أنه البسط.

وقال الكاتب: ما دام الله قال:  " مَدَدْنَاهَا "

يعني بسطناها، فإن قلتم: إنها كرة، فلن نصدق.

هـم يؤمنون بالحقيقـة القرآنيـة، ويؤمنون بأنـه إذا قال القـرآن ذلك فلا يمكن أن توجد حقيقة كونية تخالفها ولكنهم أخطئـوا فيمـا فهموه هـو حقيقة قرآنيـة لأن " مَدَدْنَاهَا "  لا تعطي معنى بسطناها.

فمعنى " مَدَدْنَاهَا " أنك كلما وقفت على مكان من الأرض وجدت أمامك أرضا ً أخرى، فهي ممدودة ولو كانت مبسـوطة علـى هيئـة مسـتطيل أو مثلث أو أي شـكل آخر فـلا بد أن تكـون لها حافـة مادامت مبسـوطة، وإن وصلت إلى الحافة انتهـى معنى بسـطناها، ولم تعد ممدودة، ولكـن الله يقول: " مَدَدْنَاهَا ".

فأنت طالما تقف على أرض فستجد أمامك أرضا ً ممدودة، وخلفك أرضا ً ممدودة، وعن يمينك أرضا ً ممدودة، وعن يسارك أرضا ً ممـدودة، ولا يتأتى ذلك أبـدا ً إلا إذا كانت مكورة، فإذا كانت على غير هيئة التكوير لا ينطبق الواقع على قوله تعالى: " مَدَدْنَاهَا ".

إذن الكاتـب المتعصب لقرآنه أخطأ في فهم الحقيقة لكن لو فهمت الحقيقة لما وجدت هذا التعارض.

ولذلك قلنا: إن كثيرا ً مـن الذين يحلو لهم أن يجعلوا العلم الحديث يصادم القرآن يعرضون قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ " لقمان: 34.

وَقُفوا عند قوله: " وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ "

وقالوا: إن الطب الحديث الآن يعلم ما في الرحم.

نقول: صدقت، ولكن من الذي قال لك: إن الله حينما قال: " وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ "

أراد: أذكـر هـو أم أنثى؟ بل هي عامة يعلـم كل ما يتصل بالأرحـام، وليـس الذكورة والأنوثة فقط ويعلـم إن كان الولد طويلا ً او قصيرا ً، سعيدا ً أم شقيا ً، ذكرا ً ام أنثى، طويل العمر أو قصيره، غنيا ً أو فقيرا ً إلى آخر ما يتصل بحياة الإنسان.

أخطأتم فـي فهم الحقيقـة القرآنية، وهي ليسـت حقيقة قرآنية، هل يرسل الحق -سـبحانه وتعالى- أحدا ً ليأخذ عينة من رحم الأنثى ليحللها، وبعد ذلك يقول: ذكر هو أم أنثى؟ لا. بل إنه يعلم ولا يرسل أحدا ً ليبشر به.

هو وحده الذي يبشر: قال تعالى: " يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَ " مريم: 7.

قال ذلك قبل أن يلتقي زكريا بزوجه:

وهب أن الله كشـف عن بصيرة أحد كمـا حصل لأبي بكر فتنبأ بأن ما في بطن امرأته أنثى، فهذا إلهام من الله. فهل الله قـال لأبي بكر: اذهب إلى الحمل، وخذ عيّنة وحللها لتعلم؟ لا. فالله يعلم ما فـي الأرحام بدون أن يقترب من المرأة. وبدون أن يأخذ منها شيئا ً ليحلله.

أمـا أن يعلموا الأشـياء بواسـطة مقدمات فـلا يقال: إنكم علمتم ما في الأرحام.

إذن علينا أن نعلم أن الذين يخاصمون الإسـلام يستوعبون ما قيل عن الإسـلام، سـواء من الذين يفهمون الإسلام حقيقة، أو من الذين لهم إخلاص للإسـلام، وليس لهم عقل الاستنباط من الإسلام.

ومـا داموا هكذا فنحن نهيـب بمثل هؤلاء ألا يدخلوا القرآن في مثل هذه المتاهة ما داموا لا يسـتطيعون الاسـتنباط فيه، أو البرهنة على كلامهم، لأن هؤلاء يأخذونها حجة علينا نحن، وبعـد أن يأخذوها حجـة علينـا ينقلونها لتكـون حجة على الإسلام.

  • الجمعة PM 11:16
    2022-04-08
  • 874
Powered by: GateGold