المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413382
يتصفح الموقع حاليا : 229

البحث

البحث

عرض المادة

أكثر ما أرقني في المذهب ..

لست أدعي ابتداءً وقبل كل شيء أني قد بلغت في الخلق غاية ما يمكن أن يبلغه الإنسان، لكن مهما كان المرء متواضعاً في ثقافته أو تدينه أو تخلقه بالأخلاق الإسلامية، فإن هناك خطوطاً حمراء لا يستطيع تجاوزها، وإلا كان منسلخاً من الفطرة السوية والخلق الرفيع.

كان أول اصطدم حقيقي لي مع المذهب الذي كنت عليه وهو الجانب الخُلقي.

في البداية كنت أواسي نفسي بأن التصرفات الشخصية التي ألحظها لا علاقة لها بالمذهب من قريب أو بعيد إلى أن جاء اليوم الذي اكتشفت فيه الحقيقة، وسقط الساتر الذي كان يستر عني الحقيقة.

أكثر ما كان يؤرقني في المذهب ثلاثة أمور:

  • سبب الصحابة ولعنهم.
  • المتعة
  • دعاء غير الله والتعلق بالمخلوقين دون الحي الذي لا يموت

كانت هذه الأمور الثلاثة هي الفتيل الذي أشغل بداية التحول الحقيقي لي.. من عقيدة الإمامية التي نشأت وتربيت عليها إلى عقيدة أهل السنة والجماعة الذي تربيت على عدائهم والنظرة إليهم بعين السخط والبغض.

 

سب الصحابة ولعنهم:

لقد كنت أبغض الصحابة رضي الله عنهم اعتقاداً مني أنهم ظلموا آل البيت عليه السلام لكن ذلك لم يجرئي إلى أن أكون شتاماً لعاناً لهم.

فالمسألة كانت عندي أخلاقية بغض النظر عن رأيي في الصحابة آنذاك.

كنت أظن أن مثل هذه الممارسات لا يمكن أن يدعو إليها دين أصلاً، فلم أسمع أن ديناً من الأديان حض أتباعه على شتم الأموات والتلذذ بلعنهم حتى عن قضاء الحاجة – عياذاً بالله – كما يقول (عمدة المحققين محمد التوسيركاني) في كتابه لآلئ الأخبار: (4/92): (اعلم أن أشرف الأمكنة والأوقات والحالات وأنسبها للعن عليهم – عليهم اللعنة – إذا كنت في المبال، فقل عند كل واحد من التخلية والاستبراء والتطهير مراراً بفراغ من البال: اللهم العن عمر ثم أبا بكر وعمر ثم عثمان وعمر ثم معاوية وعمر... اللهم العن عائشة وحفصة وهنداً وأم الحكم، والعن من رضي بأفعالهم إلى يوم القيامة)!!!

لكني فوجئت بأن الممارسات التي كنت أستهجنها وأنتقدها في قرارة نفسي إنما هي ثمرة من ثمار هذا الفكر التحريضي على أصحاب رسول الله.

رواياتنا ساهمت بشكل واضح في استفزازنا وإثارتنا عاطفياً تجاه لعن الصحابة ومن يتعلق بهم بصلة، فابتدأت بتكفير الصحابة والقول بردتهم ثم جاءت بلعنهم والبراءة منهم، وكل هذا مدون ومسطور في كتبتا القديمة والحديثة كما هو معلوم.

ومن هذا ما جاء في رجال الكشي ".. عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان الناس أهل الردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، ثم عرف الناس بعد يسير، وقال: هؤلاء الذي دارت عليهم الرحا وأبوا أن يبايعوا لأبي بكر حتى جاءوا بأمير المؤمنين مكروهاً فبايع".

وتقول الروايات: إن هؤلاء الثلاثة قد لحق بهم أربعة آخرون، ليصل عدد المؤمنين (كما يزعمون) في عصر الصحابة إلى سبعة، ولكنهم لم يتجاوزوا هذا العدد.

وهذا ما تتحدث عنه الروايات فتقول: "عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد الله رضي الله عنه فلم يزل يسأله حتى قال له: فهلك الناس إذاً! فقال: إي والله يابن أعين! هلك الناس أجمعون، قلت: من في الشرق ومن في الغرب؟ قال: فقال: إنها فتحت على الضلال؛ إي والله هلكوا إلا ثلاثة. ثم لحق أبو ساسان".

وما دعاء صنمي قريش والأدعية الأخرى الحافلة بلعن الشيخين أبي بكر وعمر وتشبيههما بالأصنام والجبت والطاغوت إلا ثمرة من ثمرات هذا الفكر التكفيري لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقف ملياً أمام قول الله تعالى: {وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلْأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَٰجِرِينَ وَٱلْأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَٰنٍۢ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى تَحْتَهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ} [التوبة: 100].

فوجدتها صريحة في النص على أن الله تعالى رضي عن المهاجرين والأنصار والسابقين، ومنهم على وجه الخصوص: (أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن مسعود وسعد بن معاذ).. وعد ما شئت من أسماء تلعنها الشيعة اليوم.

فسألت نفسي: كيف يليق بعاقلٍ أن يقول: إن الصحابة ظلموا علياً رضي الله عنه واغتصبوا الخلافة، بينما المولى عز وجل يخبرنا في هذه الآية أنه راضٍ عنهم وقد أعد لهم جنات النعيم؟!

إذا كان الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة: أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم قد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، ونزلت فيهم آيات بالثناء تتلى، ثم انتكسوا وأركسوا في الفتنة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم، بل اتهموا بأنهم حرفوا القرآن وغَيَّروا أحكام الدين، فهل كان الله يعلم أنهم سينتكسون بعد موت رسوله أم لا؟! إن كان يعلم ذلك، وهو الأمر الذي يعتقده كل مسلم من أن الله تعالى يعلم ما كان وما يكون – فما حكم الآيات التي تتلى وفيها ثناء عليهم، وهل صاروا عند الشيعة منافقين ومرتدين؟!

فهل أراد الله المنزه عن كل عيب ونقيصة سبحانه وتعالى – وأستغفره من هذا القول – أن يخدع رسوله بمدحهم والرضا عنهم في القرآن ومصاهرتهم للرسول عليه الصلاة والسلام وثقته فيهم ثم ينقلبوا بعد موته؟!

أليس هذا التفكير ضرباً من العبث الذي لا يجوز في حق الله سبحانه وتعالى وهو كفر؟!!

لماذا لم يذكر الله في القرآن صفاتهم الحقيقية وما سيؤول إليه وضعهم بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام؟!

لم أجد جواباً تطمئن له نفسي سوى القول بأن الله سبحانه وتعالى الذي رضي عنهم وبشرهم بالجنة في القرآن وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنهم ماضون على هدي رسوله صلى الله عليه وسلم وسنته: {لَّقَدْ رَضِىَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَٰبَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18].

"فمن أخبرنا الله سبحانه أنه أعلم ما في قلوبهمن ورضي عنهم وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم ولا الشك فيهم ألبتة".

 

زواج المتعة:

أما المتعة، فرغم جوازها – بل استحبابها – عندنا كشيعة إلا أنه كان في نفسي شيء منها منذ البداية، قبل أن تقع عيناي على أدلة تحريمها، حيث كانت موفوضة عندي، وكنت إذا سمعت من يناقش لتجويزها أخجل من الدخول معه في الحوار، وأساله فقط: هل تقبله على أختك؟؟ فيجيب: بـ (لا) على استحياء، بل أحياناً كان الرد مصحوباً بالغضب.

إن إباحة المتعة كانت إباحة مؤقتة للضرورة، ثم حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة في أحاديث صحيحة صريحة.. والغريب أن تجد في التراث الشيعي روايات أئمة آل البيت رضي الله عنهم تصرح بحرمة وشناعة المتعة، ثم لا تجد استجابة من قومنا تجاه هذه الروايات.

فعن عبدالله بن سنان قال: (سألت أبا عبدالله عليه السلام عن المتعة؟ فقال: لا تدنس نفسك بها).

وعن علي بن يقطين قال: (سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتعة؟ قال: وما أنت وذاك، وقد أغناك الله عنها؟!)

وعن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه وسلم قال: (ما تفعلها عندنا إلا الفواجر).

أما الطوسي فروى في الاستبصار (3/142) عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: (حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة).

ولم يجد مخرجاً من هذه الرواية سوى أن يقول: (فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على التقية لأنها موافقة لمذاهب العامة)!

فنفاها لموافقتها لما عليه أهل السنة رغم صحتها عنده!


  • السبت PM 12:05
    2022-03-12
  • 830
Powered by: GateGold