المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413803
يتصفح الموقع حاليا : 334

البحث

البحث

عرض المادة

نماذج لتأويلات طائفة القاديانية ، وبيان بطلانها .

حاول الميرزا غلام أحمد القادباني أن يتخذ من التأويل سلما للوصول إلى أغراضه ؛ بتأويل بعض الآيات تأويلا بعيدا عن المعاني التي يحتملها النص ، وقريبا من الأهداف التي يتوخاها . لقد جرب استعمال التأويل قبل أن يعلن نبوءته ، حيث نجد طرفا من تأويلاته في كتابه : براهين أحمدية ، الذي كتبه قبل ادعائه النبوة ، حيث أول قوله تعالى :  ( إن الذين قالوا  ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون . نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا والآخرة .. )  (105 )  بقوله : ( اعلموا يقينا أن المبشرات التي تشرفت بها في عزلتي ووحدتي ، سوف تتم بمرأى الجيل الحاضر ومسمعهم ، وتثبت بالحق أن الإسلام هو الدين الحي ، لايبرح يوصل أهله إلى مقام المعرفة والوصال قبل مفارقتهم هذا العالم ،كما بشر به القرآن المجيد . ) ( 106 )  . وعندما جوبه بمعارضة شديدة ، وحكم عليه بالإعدام ، أول الآيتين السابقتين بقوله : ( يغنيك ربك ويرحمك  وإن لم يعصمك الناس ، فيعصمك الله من عنده . ) ( 107 ) .

 ولما نقل نفسه من مرحلة ( المسيح الموعود ) إلى مرحلة ( النبوة ) ، كان عليه أن يجد آية في القرآن يؤولها تأويلا يدل على عملية انتقاله ، ويعطيها تسويغا ومبررا من القرآن الكريم ، فعمد إلى تأويل مفهوم ( المسيح )  - عليه السلام - ، وشخصه ، وزمن ظهوره ، فقال: ( وقد أثبت في كتاب  – فتح الإسلام – أن عقيدة خاطئة قد استولت على أذهان الناس ، وقد شرحت أنه ليس المراد في النزول هو نزول المسيح ، بل هو إعلام عن طريق الاستعارة بقدوم مثيل المسيح ، وأن هذا العاجز - يعني نفسه - هو مصداق هذا الخبر حسب الإعلام والإلهام .)( 108 ).    وهكذا بالتأويل زعم الميرزا غلام أحمد القادياني أنه أبطل فكرة المسيح المعروفة ، واستبعد نزوله ، واعتبر الخبر المتداول في أذهان المسلمين ؛ إنما جاء بصيغة الإعلان  على سبيل الاستعارة ، وأن المراد بالمسيح هو : ذاته .

ولما كانت أخبار المسيح تذكر أنه سيظهر في دمشق عند المنارة البيضاء ، والميرزا يقيم في إقليم البنجاب ، كان عليه أن يعطي لدمشق معنى آخر ، ولمكانها موقع ثان يتلاءم وظروف الميرزا ، فعمد إلى التأويل ، فنقل بالتأويل( دمشق ) إلى ( إقليم البنجاب ) ، ونصب المنارة البيضاء هناك . كما نقل  ما يزعم أنه قبر المسيح – عليه السلام – في كنيسة القيامة في القدس  ،  إلى منطقة كشمير ، فقال : ( ليعلم الإخوان أن الله أطلعني فيما يتصل بكلمة دمشق ، على أن المسمى بهذا الاسم : دمشق ، قرية   يسكنها رجال طبيعتهم يزيدية ، وهم أتباع يزيد الخبيث ..؟ ولما كان من شأن الطبيب أن يأتي  إلى المرضى ، وجب أن يكون نزول المسيح في أمثال هؤلاء ، وإن قرية قاديان مشابهة لدمشق ، فأنزلني الله لأمر عظيم في دمشق هذه بطرف المنارة البيضاء من المسجد الذي من دخله كان آمنا ، فتبارك الله الذي أنزلني في هذا المقام ) (109 ) .

 ولم يكتف الميرزا القادياني بنقل دمشق ومنارة مسجدها إلى قاديان ، بل نقل المسيح نفسه ، حيث زعم أنه هاجر من فلسطين إلى كشمير قبل ألفي سنة ، وتوفي ودفن فيها .(110 )  ، وهذا ما ذكره في تأويله لقوله تعالى :

 ( وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) (111)، فقال : ( إن المراد بها المسيح وأمه ، وأنهما هاجرا من فلسطين إلى كشمير ، وأن المسيح وأمه سافرا إلى كشمير بعد واقعة الصلب ، كما قال سبحانه  ، فإن الإيواء في اللغة العربية تستعمل بمعنى الإنقاذ ، والإجارة من العذاب ، أو المشقة ، وظاهر أنه لم يبتل المسيح وأمه قبل واقعة الصلب  ، بشيء من حدثان الدهر ، لذلك لزم منه  أن الله تعالى  إنما أدنى المسيح وأمه إلى الربوة المذكورة ، بعد حادثة الصلب . ) (112)

وقال في تأويل قوله تعالى : ( ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا .)(113 )   ( وهذه بشارة بأنه سيكون في هذه الأمة الإسلامية رجل من درجة مريم الصديقة ، ثم ينفخ فيه روح عيسى ، فإذا مريم يخرج منها عيسى ، أي : الرجل ينتقل من صفاته المريمية إلى صفاته العيسوية ، فكأنما كينونته المريمية أنتجت العيسوية ،وبهذا المعنى يسمى ذلك الرجل : ابن مريم ) ( 114 )

ثم أول القادياني غلام أحمد كل آية ورد فيها ذكر المسيح وأمه - عليهما السلام  - ، فقال : [ أنا المراد بمريم ، وأنا المراد بعيسى ، وعني قيل : ( ولنجعله آية للناس ورحمة منا ) ( 115 )  وعني قيل : أنه المسيح بن مريم ، الموعود نزوله ] ( 116 )

وقال في تأويل قوله تعالى : ( إهدنا الصراط المستقيم ) (117 ) ( يأتي أمثال  أنبياء بني  إسرائيل ، ومن كان مثيل نبي من الأنبياء سمي باسمه ،  فيسمى مثيل موسى بموسى، ومثيل عيسى بعيسى ، ولما كنت مثيل عيسى سميت باسم عيسى . وذكر في القرآن المجيد :  ( اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ) أي : يا الله اجعلنا مثيلين للرسل والأنبياء ) ( 118 )   .    بينما أسلافه من الإسماعيليين أولوا الصراط المستقيم بالإمام ، لأن من لزم الطريق لن يضل  وكذلك من لزم الإمام لن يضل ، والمراد بالطريق ههنا : الإمام ، لا الطريق المسلوك. ( 119 )

وقال في تأويل قوله تعالى:( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى )(120):( وهذه الآية تشير إلى أن  الأمة المحمدية  كلما صارت فرقا كثيرة ، يولد في آخر الزمان إبراهيم ، فتكون الفرقة التي تتبع إبراهيم هي الفرقة الناجية ، -ويعني بذلك : أنه إبراهيم ،والقاديانية التي تتبعه هي الفرقة الناجية -. )  ( 121 )

وقال في تأويل قوله تعالى : ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة .. الآية ) ( 122 )   : ( إن الله ينصر المؤمنين بظهور المسيح الموعود في قرن من القرون  الآتية ، يكون عددها مساويا للبدر التام – فحرف معنى كلمة بدر من اسم المكان الذي وقعت فيه المعركة الشهيرة التي فرق الله فيها بين الحق والباطل ، إلى البدر الذي هو حالة من حالات القمر - ،    ويعني بذلك :  ( ظهوره في  القرن الرابع عشر الهجري  . )  ( 123 )

وقال في تأويل قوله تعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق .. الآية ) .  ( 124 )  :  (  إن هذه الآية في الحقيقة متعلقة بزمان هذا المسيح .. – يريد نفسه - . ) ( 125 )

وقال في تأويل قوله تعالى : (وإنا على ذهاب به لقادرون ) ( 126) :( إن المراد بهذه الآية سنة 1857م ، وهذا هو زمان ظهور الميرزا غلام أحمد ، الذي بظهوره تنطفئ شعلة المذاهب والأديان الأخرى ) . ( 127 )

وقال الغلام القادياني –: إن كثيرا  من آيات القرآن الكريم  نزلت في شأنه  ( 128 )   منها  :

قوله تعالى : ( إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ..) ( 129 )

وقوله : ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ..) (130 ) 

وقوله : ( إنا أعطيناك الكوثر . ) ( 131 )     ، وقوله : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محودا . ) ( 132 )

وقوله   : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . ) (133)

وقوله : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ..)  (134 ) ، إلى غير ذلك من المزاعم  .

والتأويلات الفاسدة التي يلجأون إليها لإثبات نبوة متنبئهم الكذاب ، والتي لا تنطلي إلا على الجهلة من الناس ،  البعيدين عن تذوق وفهم اللغة العربية الشريفة .

وأول  –   محمد علي –  ( أمير جماعة القاديانية ، وأحد خلفاء الميرزا،وزعيم شعبة لاهور ) قوله تعالى :  (وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن .. الآية  ) (135)   بما نصه :  ( إن الجن طائفة من البشر اجتمعوا بالنبي في الخفاء.. وليس المراد به نفوساً لا يقع عليها البصر ..وقد جاءوا من الخارج وكانوا غرباء ولذلك ُسمّوا جناً..والمراد بذلك في قوله تعالى ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً ) ( 136 ) .يظهر أنهم كانوا نصارى ..وقد جاء ذكرهم على طريق النبوءة ..ويكون المراد :  إن شعوباً مسيحية تبلغ الذروة في العظمة والرقي فتصبح بذلك جناً وعفاريت وعباقرة في القوة والصنعة ..) ( 137 )

وهذا مخالف  لما ذهب إليه (  سليم الجابي )  - أحد أتباعهم - في كتابه ( الجن حقيقة لا خيال ) إذ اعتبر أن الجن :  ( هم وفد من يهود أفغانستان حيث هاجروا إليها بعد أن هدم ( بختنصر) هيكل سليمان ، وسباهم إلى العراق ، فلما وصلتهم أخبار ادعاء محمد ( صلى الله عليه وسلم ) النبوة ، انتخبوا من جانبهم نفرا مندوبين عنهم ، وأرسلوهم إلى مكة للتحقيق في صدق نبوة هذا الرسول العربي ، فهذا النفر من يهود أفغانستان هو الذين أشير إليهم في هذه الآيات الكريمة ) ( 138) . وقد حشا كتابه بمثل هذه التأويلات السخيفة التي لا يقرها عقل أو شرع .

من ذلك مثلا :  تأويله  لكلمة ( الهدهد ) في قوله تعالى   : ( وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين ) ( 139) فقال : ( إن كلمة هدهد أريد بها اسم رجل ، ولم يكن المراد بها طائرا من الطيور المعروفة .. كان رجل مخابرات ، ومختصا باستقصاء أحوال كل من كان غريبا عن بلاده ، ولم يكن المراد به طيرا من الطيور)  ( 140)

بينما أول أسلافهم من الإسماعيليين ( الجن ) في قوله تعالى : ( وحشر لسليمان جنوده من الجن  والإنس ..الآية ) (141) بأنهم   : ( القائمون بأمر دعوته الذين يذبون عنها ويحمونها ، وهم من الجن ، وهم ههنا في الباطن  ( أي : في التأويل الباطني ) حملة علمه الذين أجنوه أي : ستروه ، والإنس ههنا : المأنوسين بحكمته ، الذين هم نقباؤه ودعاته ..) ( 142)

وقال المفسر الإسماعيلي – ضياء الدين إسماعيل – في تأويل الجن  في قوله تعالى : ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس.. الآية ) ( 143) : [  سلسل المذكور – ويرمزون بذلك لسلمان الفارسي – المحتجب في إمام زمانه سليمان المستقر ( 144) و ( جنوده ) : يعني أهل دعوته .. ( من الجن ) : يعني من أهل النسبة الأشرف ، يجذبهم للانضمام إليه ، و ( الإنس ) : يعني أهل النسبة الأدون ، لكونه يعني سلسل المرتب لهم في حجابه ، وهو الباب الظاهر   ...] ( 145) ...  بينما الجن عند الداعي الإسماعيلي إدريس عماد الدين القرشي : هم أهل الدعوة الباطنة ، الذين كانوا في آخر دعوة المسيح  - عليه السلام - .  ( 146)

وهذا بالطبع تحريف وتلاعب صريح بمعاني القرآن ،سنده الهوى الآثم ، والكذب على الحق ، والافتراء على الله  وإخراج لآياته عن مقاصدها الحقيقية ، لبث الفوضى الفكرية ، والاجتماعية ، والدينية ، -  وهو ما يهدف إليه  هؤلاء الباطنيون الغلاة  - ،  لا  يلتزمون بضوابط التأويل الصحيح ، ولا قواعد التفسير   ، ولا أصول اللغة ، ومتى ما حملوا ظواهر الآيات على بواطن لا تدل عليها تلك الظواهر ، ولا تفيدها بحقيقتها ولا مجازها  أفسحوا  بذلك المجال لباطني آخر  ليحملها على معان أخرى تناقض ما ذكروه  وتهدمه ، وبذلك تصبح الآيات التي أنزلت لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور ، مجالا للعبث والهذيان .

كما أول الغلام القادياني قوله تعالى : ( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ..)  ( 147 )  فزعم أنه  هو المقصود بهذه الآية ، فهو الغلام : أحمد القادياني،والآية  بشرت بمجيئه .(148 ) ...؟! والآية لا تدل على ذلك من قريب ولا بعيد ، إذ تتحدث سورة الصف من بدايتها عن تسبيح جميع المخلوقات في السموات والأرض لله سبحانه ، فجاء ذكر نبينا – عليه الصلاة والسلام – بصيغة أفعل التفضيل  ) : أحمد(لتبين لنا أنه - عليه الصلاة والسلام  - أكثر تسبيحا لله من جميع الخلوقات .. لا كما تبادر إلى ذهن هذا العلج البليد (149) .

كما أول قوله تعالى : ( له الحمد في الأولى والآخرة .. الآية )  ( 150 ) فقال : ( أريد في هذه الآية أحمدان  المراد في الأولى : رسولنا أحمد المجتبى ، والمراد بالآخرة : أحمد الذي يكون في آخر الزمان  .. أي : المسيح والمهدي .. أي : أحمد القادياني ..) ( 151 ) 

كما رأى القاديانيون وغيرهم من البهائيين  : أن قوله  تعالى في وصف نبيه العظيم – صلى الله عليه وسلم – 

( وخاتم النبيين ) ( 152 )  يسد عليهم الطريق في إدعاء النبوة ، فأولوا الآية على معنى يخرجهم من هذا المأزق فقالوا : ( إنه خاتم الأنبياء  ، بمعنى : أنه وحده صاحب الحتم لا غير ، وليس لأحد أن يحظى بنعمة الوحي إلا بفيض خاتمه ، فلا صاحب للختم الآن إلا هو ، وخاتمه وحده يكسب النبوة التي تستلزم أن يكون صاحبها من أمة محمد            

- صلى الله عليه وسلم -  .) (153 )

إن مسألة ختم النبوة والرسالة برسول الله  - صلى الله عليه وسلم – معلومة بالضرورة عند المسلمين  فهي من الثوابت في عقائد المسلمين ، ثابتة بكتاب الله وسنة رسوله ، وبإجماع الصحابة وعلماء الأمة  منذ مبعث الرسول  - صلى الله عليه وسلم  - إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فالشك فيها هو شك بالقرآن  ،  وميل إلى صريح الكفر،  وخسران مبين في الدنيا والآخرة . ( 154 )

وكلمة  - خاتم – قرأها ( عاصم ) بفتح التاء  ، وقرأها الباقون بكسر التاء ( 155 ) ،  وتعني القراءة الأولى  : أنه كالحلقة المحيطة بهم والمهيمن على رسالاتهم ، وتعني الثانية :أنه آخرهم ..وكلتا القراءتين تكذبان دعوى مدعي النبوة بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.( 156 )

أما القول بأنه – صلى الله عليه وسلم  -  زينة الأنبياء وليس بخاتمهم ، فقول ساقط ، لأنه مخالف لعرف اللغة ، ولجوء صريح إلى التأويل الباطني لنص القراءتين السبعيتين .

يقول  محمد الكاظمي القزويني – من علماء الشيعة الإثني عشرية -  ردا عليهم : ( على أننا لو سلمنا جدلا صحة ذلك ، لكانت على بطلان دعوى التبيان ( 157)   أدل ، وذلك لأنه إذا كان رسول الله  - صلى الله عليه وسلم – زينة الأنبياء ، وأنهم يتزينون به كما يقول ، لزم أن يكون أفضلهم قطعا ، والأفضل لا يصح أن تختم نبوته بمن هو دونه ، كما لا يصح التقدم عليه ، يقبح ذلك في أوائل العقول ، وعليه يجب أن يكون خاتمهم ، لأن به كمالهم وتمامهم .  وأقول : إذا كان هذا القول صحيحا ، وإذا كان الأنبياء سابقين ولاحقين يتزينون برسول الله  لأنه أفضلهم ،  فكيف جاز لهم أن ينسخوا أحكامه ، ويبطلوا قرآنه ،  كما فعل الكذابان : الباب ، والبهاء ..)(158 )

 ورغم تعدد القراءات فإن المفسرين ( 159)  لا يرون أن في ذلك  تأثيرا على المعنى ، وهو انقطاع النبوة بعد محمد 

- صلى الله عليه وسلم - . وقد   أخبرنا الله سبحانه بكمال الدين فقال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا  ) (160) .   فلسنا بحاجة إلى من  يستدرك عليه شيئا ، أو يزيد أي شيء  بعد نعمته سبحانه بإكمال  هذا الدين . والمتتبع لأحاديث رسول الله  - صلى الله عليه وسلم – يرى أنها قد أكدت ختم النبوة وانقطاع الوحي بعده – صلى الله عليه وسلم – بعبارات متنوعة ، بحيث لا يبقى مجال للشك أو التردد في كون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خاتم الأنبياء ، لا نبي بعده ، ولا شرع بعد شرعه . عن ثوبان قال : قال رسول الله  - صلى الله عليه وسلم  - :  (  إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها .... إلى أن يقول : وأنه سيكون في أمتي كذابون ، كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين ، لا نبي بعدي ) (161) .

وأول الغلام القادياني قوله تعالى : ( سبحان  الذي أسرى  بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى  المسجد الأقصى ... الآية )  (162) فقال : ( هذه الآية تشتمل على نوعين من المعراج ، المعراج المكاني ، والمعراج الزماني ، وإلا كان المعراج النبوي ناقصا لذلك ، فكما أوصل الله رسوله من حيث السير المكاني من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى  كذلك أوصله في السير الزماني من زمن شوكة الإسلام الذي كان في عهد الرسول الكريم إلى المسيح الموعود – يعني نفسه - ، والذي هو عهد انتشار البركان الإسلامي ، وأطلعه على كلا العهدين زمانا ومكانا ، لذلك فإن سيره الكشفي الشامل  ، شاهد أن نهاية عهده المبارك هو الذي كان عبر عنه بالمسجد الأقصى ، وهو مسجد المسيح الموعود – يعني نفسه – في القاديان ، وأوحى إليه بشأنه ..) (163) 

ثم قال : ( إن المقصود بالمسجد الأقصى هو المسجد الواقع في الجانب الشرقي من القاديان  .. ) ( 164)

بينما تقول البهائية   أن المسجد الأقصى في مدينة عكا بفلسطين المحتلة ، وهو المكان الذي بارك الله فيه . ( 165)

بينما قال القاضي النعمان الإسماعيلي  في تأويل الآية السابقة : (  أسرى : أي سار به ليلا ، والليل في التأويل مثل الستر والكتمان ، يعني : أنه رقاه وسيره في علم الباطن ...... إلى أن يقول : ولذلك جاء في الخبر ؟! أنه أسري به إلى بيت المقدس ، ومعنى ذلك :  أنه رقي في العلم .. ) (166) وبهذا التأويل ألغى القاضي الإسماعيلي معجزة الإسراء والمعراج  لنبينا – عليه الصلاة والسلام – التي أثبتتها الآية  الكريمة السابقة .

بينما  أولها المفسر الإسماعيلي – ضياء الدين إسماعيل – بقوله :  [  فسبحان : من السبحان ، وهو استخراج الخبيء يعني أن المسري هو المقام العمراني   (167) ..   إلى أن يقول : والإسراء : هو ارتقاء الناطق (168) لكفالة العين ( أي : علي ) وتسلمه لتلك الصور الايمانية المستودعة لديه ، في ذلك الوقت والحين ، وذلك على سطح الفلك الأطلس ، المسجد الأقصى  في بعض المعاني ، وهو الأفق الأعلى لدى الدائرة العاشرية المحفوفة بالنور الشعشعاني ، والمسجد الحرام  : هو القلب في السر الرباني الذي التأمت فيه ريحيات تلك الصور في تلك اللحظة بلا تواني ..

( الذي باركنا حوله ) : يعني : ببروز الفاطر ( أي فاطمة ، ويلقبونها بالفاطر ) منه ، التي اجتمعت بها الأنساب والأسباب  . ( وآتينا موسى  ) يعني الميم ( وهو رمز لمحمد – صلى الله عليه وسلم –

 ( الكتاب ) : يعني الهيكل ..؟ ( وجعلناه هدى لبني إسرائيل ) : يعني أهل الدعوة الهادية ( يقصد الإسماعيليين ) يهديهم إلى الهيكل في كل دور ...) ( 169)

بينما أولت  طائفة الشيخية (170) :  قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ... الآية ) (171) وقوله سبحانه : ( ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ) (172) بما يتفق وعقيدتهم في المعراج النبوي (173)

وبالطبع فهذه التأويلات فاسدة ، لأنها مخالفة لمنطق اللغة ، وضوابط التفسير ، التي أجمع عليها ثقات المفسرين ، ولا يوافق عليها النقل الصحيح ، فهؤلاء الباطنيون  اعتقدوا بمذاهب وأفكار معينة في أذهانهم ، وأرادوا إخضاع آيات القرآن لها ، بتحريف ألفاظه عن مظانها اللغوية ، والخروج على قواعد تفسيره ، فهذا تحريف لا تأويل ، وتلاعب بمعاني آيات القرآن ، وإخراج لها عن مقاصدها الحقيقية ، وهو ما يهدف إليه هؤلاء الباطنيون الغلاة . 

وللقاديانيين  عدة ترجمات للقرآن الكريم مليئة بالتأويلات المنحرفة الفاسدة ، أشارت إلى بعضها الدكتورة عفاف علي شكري في بحثها ( حول ترجمة معاني القرآن الكريم ) فلا داعي لذكرها خشية الإطالة . (174)

لقد عاش الغلام  القادياني وخلفاؤه وأتباعه  من بعده يتاجرون بالأباطيل ، والتأويلات الفاسدة ، وكل امرئ لا يعصمه دين قويم ، ولا خلق شريف ، ولا عقل صحيح ، يستطيع أن يدعي ما يشاء  . وما في القاديانية إلا أمشاج كفر ..أو خليط منه .. ولكنه الخليط الذي لا ينتج إلا ما تعافه النفس السوية  ،    لذا فزع علماء المسلمين لفتنة القاديانية في أوطانهم ، وتصدوا لترهاتها بأقلامهم وألسنتهم ، فأصدرت محكمة بهولبور عام 1935م - بعد مناقشة دامت عامين اشترك فيها بعض  علماء أهل السنة وبعض زعماء القاديانية - حكمها بكفر القاديانية وعدم حل زواج المسلمة بقادياني  .وفي عامي 1939م ، و 1940م  بعث القاديانيون طالبين للأزهر الشريف ، والتحقا بكلية أصول الدين ، فلما علم بهما شيخ الأزهر آنذاك ، شكل لجنة للتحقيق معهما ، والتحقق من مذهبهما ، وكانت هذه اللجنة برئاسة الشيخ : عبد  الله اللبان - عميد كلية أصول الدين ، وكتبت اللجنة في قراراتها : أن القاديانيين كفار .. وفصل الطالبان من الكلية ، واعتبرا ملحدين ، ومن هنا استن مبدأ استبعاد القاديانيين من الدراسة بالأزهر الشريف .(175) ...........وأخيرا لا آخرا   أصدر مفتي محافظة نابلس الشيخ أحمد شوباش   فتوى تحكم بكفر كل من يتبنى عقائد الجماعة الأحمدية وذلك بناء على استفتاء من رواد احد المساجد بتاريخ18 جمادى الآخرة الموافق 14-7-2005. وقد وصف الشيخ شوباش فرقة القاديانية أو الأحمدية بأنها فرقة ضالة غير إسلامية وتتبنى عقائد فاسدة .(176)   ولا تلقى أمثال هذه الدعوات أنصارا لها ، إلا بين ذوي الأمزجة المنحرفة الموتورة ،والأهداف الساقطة ، ولكن أبناء المجتمعات  العربية  والإسلامية - رغم  الكيد المسعور الذي يوجه إليهم ، ورغم المؤامرات التي تحاك ضدهم  -فإنهم يحملون بين حناياهم  عقيدة طاهرة  ، تحميهم  من السقوط في حبائل هؤلاء المفسدين  ، الذين استهواهم الشيطان  ، ورفض  كل دعوة تخرج على ثوابت دينهم  بل تجعلهم كالبنيان المرصوص في وجه  أدعياء النبوة ، وسدنة الباطل .

====================

107. - انظر : غلام أحمد : براهين أحمدية ج4/ ص 510 .
108. - انظر : غلام أحمد : توضيح مرام : للميرزا غلام أحمد ص 12
109. - انظر : غلام أحمد: إزالة أوهام ، لغلام أحمد القادياني ص 32-33
110. - انظر : غلام أحمد براهين أحمدية ، ج4/ ص 277.
111. – سورة المؤمنون : آية / 50 .
112. - السامرائي ، د. عبد الله سلوم :القاديانية : ص 111- 112 ، نقلا عن ( سفينة نوح ) للغلام القادياني ، ص 21
113. - سورة التحريم : آية / 12.
114. - د. حسن عيسىعبد الظاهر : القاديانية نشأتها وتطورها ، ص 143-144.
115. - سورة مريم : آية / 21
116. - السامرائي ،د.عبد الله سلوم :القاديانية ،ص113، نقلا عن ( سفينة نوح ،للغلام أحمد ص 59-60 ) .
117. - سورة الفاتحة : آبة / 6.
118. - الغلام القادياني : إزالة الأوهام : ص 322 . نقلا عن المتنبئ القادياني : للمفتي محمود ، ص 16 .
119. - انظر القاضي الإسماعيلي النعمان بن محمد بن حيون ( ت 363هـ ) : أساس التأويل : ص 61-62 .
120. - سورة البقرة : آية / 125 .
121. - المفتي محمود : المتنبئ القادياني ، ص 16 .
122. - سورة آل عمران : آية / 123
123. - المفتي محمود المتنبئ القادياني ، ص 17 ، نقلا عن ( إزالة الأوهام): للغلام القادياني ، ص 325
124. سورة الصف : آية / 9 .
125. انظر المفتي محمود : المتنبئ القادياني ، ص 17.
126. - سورة المؤمنون : آية / 18 .
127. - المفتي محمود : المتنبئ القادياني ، ص 17.نقلا عن (إزالة الأوهام) ، للغلام القادياني: ص 325 ط5 .
128. انظر المرجع السابق ونفس الصفحة .
129. - سورة آل عمران : آية 31 .
130. - سورة الفتح : الآيتان / 1، 2 .
131. - سورة الكوثر : آية / 1 .
132. - سورة الاسراء : آية / 79 .
133. - سورة النجم : الآيتان : 3، 4 .
134. - سورة الأحزاب : آية / 40 .
135. -- سورة الأحقاف : آية / 21 .
136. - سورة الجن : آية / 1 .
137. - الغلام القادياني : بيان القرآن ، ص 1409 ، نقلا عن مجلة الصراط المستقيم . العدد الصادر بتاريخ 21شوال ، 1351هـ .
138. - انظر سليم الجابي : الجن حقيقة لا خيال : ص 49 .
139. - سورة النمل : آية / 20 .
140. - انظر سليم الجابي : الجن حقيقة لا خيال : ص 170- 181 .
141. سورة النمل : آية / 17 .
142. القاضي النعمان الإسماعيلي : أساس التاويل : ص 263 .
143. سورة النمل : آية / 17 .
144. المستقر : هو الذي يتمتع بالإمامة في حياته ، ويستطيع أن يحولها إلى أبنائه من بعده ، كالحسين بن علي – رضي الله عنه – وأبنائه من الأئمة ، وإسماعيل بن جعفر في نظر الاسماعيليين . أما المستودع : فهو الذي يتمتع بالإمامة في حياته ، ولا يستطيع أن يحولها إلى أبنائه من بعده مثل : موسى الكاظم في نظر الإسماعيلية .
145. - انظر المفسر الإسماعيلي : ضياء الدين إسماعيل : مزاج التسنيم ، تفسير سورة النمل ، ص 339 .
146. الداعي الإسماعيلي : إدريس عماد الدين القرشي : زهر المعاني ص 143 .
147. - سورة الصف : آية / 6
148. - انظر المفتي محمود: المتنبئ القادياني : نبذة من أحواله وأكاذيبه ، ص 17 ، نقلا عن ( إزالة الأوهام ) للغلام القادياني ، ط5، ص 325 .
149. العلج : الواحد من كفار العجم ، والجمع علوج . انظر : مختار الصحاح للشيخ محمد بن أبي بكر الرازي ، الطبعة الأميرية ، القاهرة ، 1922م . ص 449 .
150. - سورة القصص : آية / 70 .
151. - المفتي محمود : المتنبئ القادياني : نبذة من أحواله وأكاذيبه ، ص 17 ، نقلا عن : ( عن إعجاز المسيح ، للغلام القادياني ص 135 ) .
152. - سورة الأحزاب : آية / 40 .
153. - حسن عيسى عبد الظاهر : القاديانية نشأتها وتطورها ، ص 122، 123 .
154. - انظر المرجع السابق نفسه : ص 122، 123 .
155. - مكي بن أبي طالب ( 473هـ ) : التبصرة في القراءات السبع ، ص 642.
وانظر الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن ج22/ ص 16 .
156. - انظر:الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، ج22/ ص 16 .
157. – أحمد حمدي آل ملا محمد ( بهائي ) : كتاب التبيان والبرهان في حقيقة القيامة والحياة بعد الموت للإنسان ، ص 120 .
158. - - القزويني ، محمد الكاظمي : البهائية في الميزان . ص 8-9 .
159. - - انظر الطبري ، محمد بن جرير : جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، ج22/ ص 16 . وابن الجوزي ، عبد الرحمن : زاد المسير ، ج6/ ص 393 . والبيضاوي عبد الله بن عمر : أنوار التنزيل وأسرار التأويل : ص 559
160. - - سورة المائدة : آية / 3 .
161. - - رواه أبو داود : سليمان بن الأشعث ، سنن أبي داود ، ج4/ ص 138 . والترمذي ، تحقيق أحمد شاكر وغيره ، ج6/ ص 466، وقال:حديث صحيح . والإمام أحمد في مسنده ج5/ ص 278 ، وله أصل في صحيح مسلم : ج4/ ص 2215 .
162. سورة الإسراء : آية / 1 .
163. المفتي محمود : المتنبئ القادياني ، نبذة من أحواله وأكاذيبه ، نقلا عن خطبة إلهامية لغلام أحمد ص 20-21 .
164. المرجع السابق نفسه ص 17 .
165. د. عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ ) : قراءة في وثائق البهائية ، ص 287 .
166. القاضي النعمان الإسماعيلي : أساس التأويل ، ص 337-338 .
167. المقام العمراني : هو أبو طالب في نظر الإسماعيليين ، ويعتقدون أن ( أبا طالب ) هو الثاني بعد نبي الله إبراهيم – عليه السلام – الذي اجتمعت فيه الرتب الأربع : الوصاية ، والإمامة ، والنبوة ، والرسالة . وقام أبو طالب بالرتب الأربع إلى أن بلغ محمد أشده . انظر مزاج التسنيم ص 359 . والأنوار اللطيفة : للداعي الإسماعيلي : طاهر بن إبراهيم الحارثي ص 124 . وقال الحارثي في كتابه ( كنز الولد ص 216 ) : إن الرتب الأربع لم تجتمع في أحد بعد أبي طالب إلا في علي ابنه ..؟ والذي تجتمع إليه الرتب الأربع : هو مستقر الباطن ومركزه ، وأساس الدين ) .
168. الناطق : هو كل رسول جاء برسالة ، أي : صاحب الشريعة الظاهر . والصامت : خليفة الرسول من بعده والذي تسلسلت منه الأئمة وهو : علي – كرم الله وجهه - . وهو صاحب التأويل الباطن . انظر : أساس التأويل ص 46 .
169. –المفسر الإسماعيلي : ضياء الدين إسماعيل : تفسير مزاج التسنيم ، تفسير سورة الإسراء ص 139-140 .
170. طائفة الشيخية : وتسمى في بعض دول الخليج بالحساوية ، وتنتسب للشيخ أحمد زين الدين الأحسائي ، وقد انشقت عن الإمامية الإثني عشرية .. انظر كتابنا ( طائفة الشيخية .. تاريخها وعقائدها )
171. – سورة الإسراء : آية / 1 .
172. – سورة النجم : الآيات / 8-10 .
173. – أحمد زين الدين الأحسائي : شرح الزيارة الكبير ، ص 286.
174. - د. عفاف علي شكري : حول ترجمة معاني القرآن الكريم ، بحث محكم بمجلة الشريعة والدراسات الإسلامية ، تصدر عن مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت . العدد/ 42 ، السنة الخامسة عشرة ، سبتمبر 2000م .
175. –الشيخ محمد الخضر حسين : القاديانية : ص 52 .
176. – انظر مقال الاستاذ عدنان حطاب . منبر دنيا الوطن - صحيفة فلسطينية يومية الكترونية تصدر في غزة . voice.com. www.alwatan  .

 

  • الاربعاء PM 06:18
    2022-01-12
  • 1636
Powered by: GateGold