السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. اسعد الله اوقاتكم جميعا بكل خير 

اليوم بإذن الله سنرى نوعا جديدا من الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم وهو الإعجاز الصوتي .. انظر إلى قوله سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأرْضِ ) انظر الى جملة اثاقلتم إلى الأرض .. لم يقل اثاقلتم .. قيل أنها كانت تثاقلتم ثم أدغمت التاء في الثاء فأصبحت اثاقلتم .. شددت الثاء والثاء حرف يخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا .. يتردد اللسان في النطق تماما كتردد هذا المتثاقل الى الأرض في القيام فهو يريد أن يقوم لكنه يتردد .. اثث .. ثم يأتي حرف المد ( الألف ) ليبين أو يرسم لنا هذا المتثاقل وهو يحاول القيام ( اثااا ) فهو يحاول القيام بثقل وبطئ ثم يأتي حرف القاف واللام من آخر اللسان حرف القاف واللام من المنتصف ليبين ان هذا المتثاقل الذي حاول ان يقوم قد رجع الى الخلف فمخرج القاف خلف مخرج الثاء وكذلك مخرج اللام وكأن هذا المتثاقل قد رجع الى الخلف مرة اخرى لم يتقدم خطوة الى الامام .. ثم يأتي المقطع الاخير ( تُم ) لتعطيك صوت ارتطام شيء بالأرض فقد سقط هذا المتثاقل الذي حاول أن يقوم إلى الأرض ثم ختمت بالميم الساكتة ( تُم ) لتبين غلق هذا الموضوع وغلق هذه المحاولة فقد رجع هذا المتثاقل بعد محاولته القيام الى الارض مرة اخرى .. ثم انظر إلى دقة اختيار حرف الجر ( الى ) لم يقل اثاقلتم على الارض بل قال اثاقلتم إلى الأرض ف ( إلى ) حرف جر يفيد الغاية .. فالأرض هي غايتهم وهي مستقرهم وهي ما يريدونه ويريدون الجلوس على الأرض ثم انظر الى كلمة الأرض التي ختمت بحرف الضاد الذي من صفاته التفشي والاستطالة لتبين تفشي هؤلاء على الارض واستراحتهم فيها وكسلهم وعدم نفورهم الى الجهاد كما امرهم الله .. لترسم لنا هذه الجملة بأصواتها ومخارج حروفها صورة هذا المتثاقل المتكاسل الذي يحاول القيام ثم يعود الى الخلف ثم ما يلبث أن يرجع الى الارض و يرتطم بها .. صورة ما كانت لترسمها المعاجم ولكن رسمتها الأصوات .. هذا هو القرآن وهذه دقته .. فلا عجب .