المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413865
يتصفح الموقع حاليا : 296

البحث

البحث

عرض المادة

upload/upload1629037506298.jpg

الصُّوفِيَّةُ والوَجْهُ الآخَر

الخطر الدائم على المسلمين

 

قال لي أحد الأطباء:

إن الجسم دولة حديثة.. عصرية.. كأحدث ما تكون الدول المعاصرة.. فحينما تدخل الجراثيم متسللة أو مقتحمة أي جسد لأي إنسان.. ماذا يحدث..؟ هناك أجهزة إنذار منتشرة في الخلايا بطول الجسم وعرضه.. هذه "الرادارات" مهمتها أن ترسل إلى أجهزة مقاومة الجراثيم والمتسللين.. معلنة عن مكان الاختراق.. ليس ذلك فحسب، وإنما لأجناس المخربين وأسلحتهم.. وتتحرك الكرات البيضاء نحو المنطقة المخترقة حاملة الأسلحة المضادة المناسبة. ولا تبدأ القتال قبل محاصرة المخربين وتطويقهم.. لتطمئن إلى عدم تسرب العدو المهاجم إلى داخل الجسد فيحدث ارتباكاً أو يتحول إلى طابور خامس.. يمزق الجبهة الداخلية التي يجب أن تظل صامدة.. ويبدأ الحصار ثم القتال، ولا تنتهي مهمة المقاومة عند قتل المخربين والقضاء عليهم.. بل لابد من طردهم من الجسد موتى أو مهزومين في شكل "تقيحات" يقذف بها الجسد خارجه!!

والدعاة في الإسلام.. هم الذين يتصدون لجراثيم الخرافة، والخزعبلات التي تقتحم جسم المسلمين بين الحين والحين، وعلى امتداد القرون.. لكن الجرثومة الكبرى التي نفثت سمومها في المسلمين ولم تفلح المقاومة في حصارها هي جراثيم التصوف، والصوفية.. فقد تفشت في أجساد المسلمين، وأرواحهم، وراحت تعيث فساداً، وهم في نشوة بها.. يترنحون ويرقصون ويتلوون على نغمات دفوفها ومزاميرها، ويحاول الدعاة أن يحاصروها أو يوقفوا عدوانها على بقية أعضاء الجسد لكن الحقيقة تقول إن الدعاة إذا ما حاصروها في عضو تسللت إلى بقية الأعضاء.. وتحصنت فيها وحشدت هي المناطق التي تصيبها لمقاومة الدعاة.. تماماً كالجراثيم التي تنتظر الدواء.. لتتربص به وتقضي عليه حتى تظل وحدها منفردة بالجسم الذي ابتلى بها!!

والمكروبات الصوفية تمكنت من جسد المسلمين.. وزيفت عليهم الإسلام، وهي ميكروبات لا تؤثر على منطقة دون منطقة.. فأخطر ما فيها أنها تفتك أول ما تفتك بالقلب.. ثم البصر.. ثم السمع.. ثم تطرد العقل نهائياً وتبقى هي مسيطرة تصنع للقلب ما يخفق به، وللبصر ما يراه، وللسمع ما يسمعه.. في سلسلة من الأوهام لا تنتهي.. حلقات متصلة.. الأصل فيها التخلي عن العقل.. والرضوخ الكامل المصحوب بنشوة اختراق الحدود والسدود الموهومة فيرقص المريض ما شاء له الرقص.. أو يترنح ما حلا له الترنح متصلاً بالكون أو منفصلاً عنه.. ظاناً أنه أوتي ما لم يحظ به الأنبياء والرسل، واقترب وهو على الأرض من ملكوت السماء!

مخالفاً بذلك لب "أصدق الحديث" متباعداً عن "هدى السنة" مدعياً أن المسلمين وقفوا عند حدود العبارات الجامدة.. أما الصوفي فقد اجتاز هذه الحدود على أجنحة الحب أو الانفتاح الكوني الإلهي الذي خصه به الله، وقد يتمادى بعضهم ويزدهيه انبهار الناس به فيمضي في الضلال يرفض أن يصلي كما يصلي الناس.. أو يتوضأ كما يتوضأ الناس، وذلك لنه عرف ما لا يعرفه الناس، والذي لا شك فيه أنه كلما استبدت به "فيروسات" الصوفية كلما أمعن في هذه المخالفات التي لابد أن تنتهي بصاحبها إلى الضلال البعيد!!

ويحاول الدعاة في كل عصر، وفي كل مصر التصدي لهذا المد الهمجي لكن محاولاتهم الشريفة.. كثيراً ما تستشهد على عتبات هؤلاء العتاة الجبابرة الطواغيت.. فهم يسيطرون على مريديهم، وأتباعهم بأساليب رهيبة لم تصل إليها أساليب أكبر الدول الحديثة في تجنيد العملاء، والجواسيس في مخابراتها!!

والدكتور محمد جميل غازي فيلق وحده من فيالق مقاومة الصوفية، ورائد من دعاة التوحيد.. وهو لا يقف بجهوده عند الدعوة في مسجد العزيز بالله "المركز الإسلامي لدعاة التوحيد والسنة" ولا في الجماعات الأخرى التي يرأسها أو التي تدعوه لإلقاء محاضراته.. لكنه وهذا ما يتميز به – يتخذ من هذه الدعوة، وتلك المقاومة أسلوب حياة، ونمط معايشة يعيشها لرسالة التي وهب نفسه لها!!

فهو إذا دعي إلى حديث في الإذاعة ظل يدفع الحديث في حلاوة وطلاوة ويسر وسهولة إلى أن ينشب أظافره في الصوفية، والصوفيين حتى يجردهم من زيفهم، وإذا تحدث إلى صحيفة من الصحف أراد محررها أو لم يرد أخذ الحديث صوب موضوع عمره، وهدف حياته.. محاربة البدع، والضلالات، وتحدث عن الصوفية وعن تخريبهم لعقليات المسلمين.. وهو يقول ذلك في ذكاء يحمل الصحفي على النشر، ويربط الجريدة بقرائها ويرغم المذيع أو صاحب البرنامج على مواصلة الحديث معه.. لأن المستمعين يمطرونه برسائلهم التي يطالبون فيها باستضافة ذلك المتحدث مراراً وتكراراً.

وبعضهم قد يأخذ على الدكتور محمد جميل غازي إسرافه في هذه الناحية، وتجاوزه كل حد في حماسه، وتكريسه جهده لمقاومة الصوفية والصوفيين.. كأنما الدنيا خلت من كل المشكلات إلا هذه المشكلة!!

والحقيقة أنني كمسلم أرى أن هذا الرجل هو النموذج الحي للداعية.. ذلك الذي تحولت كل قطرة دم فيه إلى رسالته التي وهب نفسه لها.. فهي ليست عنده وظيفة ينتهي الحماس لها بانتهاء ساعات العمل أو هواية يمارسها في أوقات فراغه إنها عنده فوق كل ذلك.. فهي الهواء الذي يتنفسه، وهي الحياة التي يحياها، وهي الأمل الذي يعيش من أجله، وهي نهاره وليله، وشغله الشاغل.. ومن أجل ذلك كان الدكتور محمد جميل غازي يتميز عن بقية الدعاة ويختلف عنهم.. لا أقول خيرهم.. أستغفر الله.. ولكني أقول غيرهم، وله مذاق خاص ولعباراته طعم قد لا تجده عند غيره إذا قالها غيره!

ولهذا كله مجتمعاً ومنفرداً.. كان في استطاعة هذا الرجل اجتذاب مئات وآلاف القلوب إلى رسالة التوحيد، ونبذ الخرافات، والخزعبلات، وفي مقدمتها الصوفية، وهي ليست بالمهمة السهلة، لا سيما اجتذاب الغلاة في "القبورية"، والصوفية.. وكاتب هذه السطور كان واحداً منهم.

إن اجتذاب كافر أو صاحب دين كتابي غير الإسلام.. إلى الإسلام أيسر بكثير من تصحيح عقيدة مسلم قبوري أو صوفي.. ذلك لأن القبوري أو الصوفي يتحصن، ويعتصم بالجهل الذي يعيش فيه، وهو يظن أنه وحده الذي يخوض بحار الأنوار التي كشفت له دون سائر البشر.. أما دعوة التوحيد فهم قساة غلاظ.. لم يصلوا بعد إلى شفافية الصوفية "وهلاوسهم".

ختاماً أريد أن أقول: إنه لزاماً عليّ وَرَداً لما أسداه إلي الدكتور محمد جميل غازي من جميل.. ويكفي أنه كان سبباً مباشراً في تصحيح عقيدتي.. وحرصاً مني على أن يستفيد غيري من بقية المسلمين، وأن يعودوا إلى تصحيح عقيدتهم بالتوحيد.. ومساهمة مني في جمع جهوده المبعثرة أشتاتاً، والتي نختصم مراراً من أجلهم، وأني أشهدكم أيها القراء عليها.. أقحم نفسي عليه وأجمع هذه الأحاديث الصحفية التي أدلي بها في مناسبات مختلفة في "القاهرة" وفي دولة "عمان"، وفي "السعودية".. وكلها تدور حول الصوفية، والصوفيين.. وأحاول بجهد متواضع أرجو أن يوفقني الله فيه.. تبويبها، وإعدادها حتى تعم فائدتها، ويسهل تداولها راجياً من الله القبول والثواب.

 

كيف .. ولماذا ..

تجتذب الصوفية الجماهير ؟‍‍!

 

إن شغف الناس بالأساطير، وولع الجماهير بالأمور الغيبية التي يسمعون أن بعض الآدميين سيطروا عليها، وأخضعوها لرغباتهم.. هذه الأخبار تستولي على وجدانهم وتترسب في أعماق النفسية الجماعية لهم، وتكمن داخل كل فرد.. لا إيماناً فقط بالمكشوف عنهم الحجاب، ولا حباً لهم.. ذلك الحب الذي يفوق كل تعصب.. لكن لرغبات تنطوي عليها جوانحهم.. فلا يستطيعون الكشف عنها!!

تلك هي آمالهم في أنهم قد يملكون يوماً ما هذه القدرة! مادامت قد منحت لبشر مثلهم لا يزيدون عنهم باصطفاء، ولا باجتباء فهم من آباء مثل آبائهم، وأمهات مثل أمهاتهم، ويركز هذا الأمل في أعماقهم، ويدعمه أنهم يسمعون من شيوخهم.. أن ذلك ليس ببعيد أن يصيبهم.. بشرط واحد هو أن ينصاعوا، وأن يذعنوا، وأن يقدموا مزيداً من الطاعة لشيوخهم، وكثيراً من الهبات الدسمة، وأن لا يتوانوا عن ترديد هذه الخزعبلات.. فكل هؤلاء الأقطاب.. كانوا مثلهم مريدين صغاراً.. ثم تدرجوا!!

 

النفسية الجماعية المريضة هي الأصل !!

إن واقع النفسية الجماعية.. عند هؤلاء الذين يسقطن صرعى في أيدي المتصوفة يقرر أنهم نفوس عاجزة متهورة.. ضلت الطريق إلى السند الأول والأخير.. وهو التوحيد، والإيمان العميق بالله وحده، وبرسوله r، وحينما التمسوا غير الله سنداً ازداد عجزهم، وسألوا غيره أمناً فازدادوا خوفاً، ولجئوا إلى سواه هرباً من القلق فازدادوا جنوناً!

هؤلاء يتحولون إلى مجانين اكتمل جنونهم بكل المقاييس.. مطحونين بين آمال دفينة في كياناتهم لا تتحقق.. ليس هذا فقط، وإنما يحذرون أن يكشفوا عنها.. فلابد أن يظهروا الزهد.. ورغبات ظنوا أنها باتت على أطراف أناملهم، فإذا بالأيام تمضي دون أن ينتهي بهم الطريق إلى شيء!

ويزداد تعلقهم بشيوخهم.. موتاهم وأحيائهم.. يقطعون الليل في تلاوة الأوراد، ويلهثون نهاراً جرياً خلف مسيرة الأقطاب! تمزقهم اللهفة، وتسحقهم الحيرة.. يسألون هل أصبحوا من الواصلين؟ ومتى يضعون قبضتهم على أسرار الكون؟ فيحولون التراب إلى ذهب؟ ويأكلون الأطعمة اللذيذة، ويتزوجون الجميلات؟

وسياط الأمل في الوصول تطاردهم، وإغراءات المشايخ تدفعهم.. وهم يتساقطون من الداخل يوماً بعد يوم.. حسرة على أحلام بدا واضحاً أنها لن تتحقق، وأوهام أصبحوا أسرى قيودها.. تزداد حلقاتها ضغطاً كل لحظة.. وقنوط امتزج بجثة رجاء مشلول.. يموت قطعة بعد قطعة!

فيتحولون إلى المرحلة الثانية.. محاولة إدراك الآخرة مادامت الدنيا قد أفلتت منهم، وحتى هذه ليست عن إيمان خالص، ولكنها محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. ثمناً للعمر الذي ضاع في أوهام، وضح بعد فوات الأوان أنها كاذبة.

بعضهم تتخلخل صلته بمشايخه في هذه المرحلة، ويفلت إلى كل موبقات الدنيا.. يعب منها قبل أن يفقد القدرة حتى على ارتكاب المعاصي.

وبعضهم يزداد التصاقاً بالشيوخ، والتمرغ تحت أقدام الأقطاب.. أملاً في الآخرة، فهو لا يريد أن يخسر الدارين، ويزداد جنوناً ويستغرق في أحلام اليقظة، ويقبل على التلفيق، وفي زحمة عشرات النوازع التي تنتابه يهرف أو يخرف.. فينسب لنفسه كرامات يلفقها أو يتخيلها.. صيانة لنفسه من الضياع.

تلك هي مرحلة الانسحاق الكامل لهذا الإنسان المحبط.. الذي أعطى حياته للأوهام.. فليس أماه إلا أن يغرق فيها ليستريح.. فيهيم ضالاً ومضللاً.. ينسج الخرافات، ويستمع إليها ويفلسفها ويبررها ويطرب لها.

ذلك لأن الالتواءات النفسية التي انتابته قوضت الكثير من أركان سلامته النفسية.. فلم يعد سليماً ولا سوياً.. وإلا فكيف يقبل مثل هذه النصوص التي لا يقرها غير مجنون محترف مكانه مصحات الأمراض العقلية.. هل يمكن أن يستمع عاقل إلى أن الرفاعي التقى "بالسيد البدوي" فقال له: أريد المفتاح؟ فرد عليه بأن بين يديه مفاتيح الشام، والعراق، ومصر، والهند، والسند فليأخذ ما يريد.. لكن "الرفاعي" قال: لا آخذ المفتاح إلا من يد الفتاح.. (وهذا سجع ممجوج من سجع أيام انحطاط لغة الكتابة في العصر المملوكي) فقال له: اذهب إلى مكان كذا سوف تجد يداً هابطة من السماء تحمل المفتاح فخذه.. وذهب "الرفاعي" فوجد اليد فقبلها وأخذ المفتاح.. ثم عاد إلى "السيد البدوي" فقال له "البدوي": هل تعرف اليد التي قبلتها؟ قال: نعم.. فمد له يده فوجدها هي.

هذه القصة الساذجة المتناهية في السذاجة، وهي تهدهد الوجدان المعطوب لا يمكن أن يطرب لها سوى الإنسان المريض وجدانياً وعقلياً، ومن المستحيل أن يقتنع بها أي إنسان – إذا إذا كان مبيتاً النية – على أن ينتهي إلى هذه القدرة الخارقة يوماً ما.. حتى ولو لم يعلن عن ذلك.. وقد تمتلئ أعطافه بهذه الرغبة من وراء ظهر عقله الواعي.

ولما لم يكن من حقه أن يحسد الذي نالها أو يحقد عليه فهو يندفع عاطفياً نحوه.. يتوله في حبه، ويتفانى في الالتصاق به عساه أن يكشف له ذلك القطب يوماً ما عن الأسرار!

وهكذا تدور طاحونة الصوفية.. تطحن الشيوخ والمريدين.. يطحن بعضهم البعض، ويفسدون المسلمين السذج جيلاً بعد جيل، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!!

 

 

  • الاحد PM 03:25
    2021-08-15
  • 992
Powered by: GateGold