المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413647
يتصفح الموقع حاليا : 240

البحث

البحث

عرض المادة

upload/upload1628083133871.jpg

العقيدة الإسلامية وأهميتها للبشرية

اعلموا أيها الأحبة الكرام والإخوة الأماجد العظام أن العقيدة الإسلامية هي التي بعث الله بها رسله ، وأنزل بها كتبه ، وأوجبها على جميع خلقه الجن والإنس: كما قال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ).
وقال تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ). وقال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ).
فكل الرسل جاءوا بالدعوة إلى هذه العقيدة ، وكل الكتب الإلهية نزلت لبيانها وبيان ما يبطلها ويناقضها أو ينقصها ، وكل المكلفين من الخلق أمروا بها ، وإن ما كان هذا شأنه وأهميته لجدير بالعناية والبحث والتعرف عليه قبل كل شيء ، خصوصا وأن هذه العقيدة تتوقف عليها سعادة البشرية في الدنيا والآخرة .
قال تعالى : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا ).
ومعنى ذلك : أن من أفلت يده من هذه العقيدة ؛ فإنه يكون متمسكا بالأوهام والباطل ؛ فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ ! (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ )، وبالتالي يكون مصيره إلى النار وبئس القرار .
والعقيدة ببساطة معناها : ما يصدقه العبد ويدين به .
فإن كانت هذه العقيدة موافقة لما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه ؛ فهي عقيدة صحيحة سليمة ، تحصل بها النجاة من عذاب الله والسعادة في الدنيا والآخرة ، وإن كانت هذه العقيدة مخالفة لما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه ؛ فهي عقيدة توجب لأصحابها العذاب والشقاء في الدنيا والآخرة .
والعقيدة السليمة الصحيحة تعصم الدم والمال في الدنيا ، وتحرم الاعتداء عليهما وانتهاكهما بغير حق ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ؛ فإذا قالوها ؛ عصموا مني دماءهم وأموالهم ؛ إلا بحقها).

وقال صلى الله عليه وسلم : (من قال لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله عز وجل ). رواه مسلم .
وهي أيضا تنجي من عذاب الله يوم القيامة ؛ فقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من لقي الله لا يشرك به شيئا ؛ دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئا ؛ دخل النار). وفي " الصحيحين " من حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه : (فإن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله ؛ يبتغي بذلك وجه الله ).
والعقيدة الصحيحة السليمة يكّفر الله بها الخطايا ؛ فقد روى الترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى : (يا ابن آدم ! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ؛ لأتيتك بقرابها مغفرة ). و " قراب الأرض " ملؤها أو ما يقارب ملأها ؛ فشرط في حصول هذه المغفرة سلامة العقيدة من الشرك ؛ كثيره وقليله ، صغيره وكبيره ، ومن كان كذلك ؛ فهو صاحب القلب السليم الذي قال الله فيه : (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ).
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في معنى حديث عتبان : " ويعفى لأهل التوحيد المحض الذي لم يشوبوه بالشرك ما لا يعفى لمن ليس كذلك ؛ فلو لقي الموحد الذي لم يشرك بالله شيئا ألبتة ربه بقراب الأرض خطايا ؛ أتاه بقرابها مغفرة ، ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده ؛ فإن التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب ؛ لأنه يتضمن من محبة الله وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل الذنوب ولو كانت قراب الأرض ؛ فالنجاسة عارضة ، والدافع لها قوي ... " انتهى .
والعقيدة السليمة تقبل معها الأعمال وتنفع صاحبها ؛ قال تعالى :(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ).
وعلى العكس من ذلك ؛ فالعقيدة الفاسدة تحبط جميع الأعمال ؛ قال تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )، وقال تعالى : (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ).
والعقيدة الفاسدة بالشرك تحرم من الجنة والمغفرة ، وتوجب العذاب والخلود في النار ؛ قال الله تعالى :

(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )، وقال تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ).
والعقيدة الفاسدة تهدر الدم ، وتبيح المال الذي يملكه صاحب تلك العقيدة ، قال تعالى : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ )، وقال تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ).
وبالتالي ؛ فالعقيدة السليمة لها آثار طيبة في القلوب والسلوك الاجتماعي ، والنظام العمراني ، فهناك فريقان كل منهما بنى مسجدا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فريق بنى مسجده بنية صالحة وعقيدة خالصة لله عز وجل ، وفريق بنى مسجده لهدف سيئ وعقيدة فاسدة ، فأمر الله نبيه أن يصلي في المسجد الذي أسس على التقوى ، ونهاه أن يصلي في المسجد الذي أسس على الكفر والمقاصد السيئة ؛ قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

ويجب على المسلم بعد ما يمن الله عليه بمعرفة هذه العقيدة والتمسك بها أن يدعو الناس إليها لإخراجهم بها من الظلمات إلى النور ؛ كما قال تعالى : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ).
والدعوة إلى العقيدة الإسلامية هي فاتحة دعوة الرسل جميعا ؛ فلم يكونوا يبدءون بشيء قبلها ؛ كما قال تعالى عنهم : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ).
وكل رسول يقول لقومه أول ما يدعوهم : (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ )؛ كما قالها نوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وسائر الرسل عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين .
فيجب على من عرف هذه العقيدة وعمل بها أن لا يقتصر على نفسه ، بل يدعو الناس إليها بالحكمة والموعظة الحسنة ؛ كما هو سبيل المرسلين وأتباعهم.
وإن الدعوة إلى هذه العقيدة هو الأساس والمنطلق ؛ فلا يدعى إلى شيء قبلها من فعل الواجبات وترك المحرمات ، حتى تقوم هذه العقيدة وتتحقق ؛ لأنها هي الأساس المصحح لجميع الأعمال ، وبدونها لا تصح الأعمال ولا تقبل ولا يثاب عليها.
ومن المعلوم بداهة أن أي بناء لا يقوم ولا يستقيم إلا بعد إقامة أساسه ؛ ولهذا كان الرسل يهتمون بها قبل كل شيء ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندما يبعث الدعاة يوصيهم بالبداءة بالدعوة إلى تصحيح العقيدة ؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما بعث معاذا إلى اليمن ؛ قال له : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ؛ فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله -وفي رواية : " إلى أن يوحدوا الله " - ؛ فإن هم أطاعوك لذلك ؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ؛ فإن هم أطاعوك لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ؛ فإن هم أطاعوك لذلك ؛ فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) رواه البخاري ومسلم .
فمن هذا الحديث الشريف ، ومن استقراء دعوة الرسل في القرآن ، ومن استقراء سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ يؤخذ منهج الدعوة إلى الله ،

وأن أول ما يدعى الناس إليه هو العقيدة المتمثلة بعبادة الله وحده لا شريك له ،

وترك عبادة ما سواه ؛ كما هو معنى لا إله إلا الله .
وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة بعد البعثة ، يدعو الناس إلى تصحيح العقيدة بعبادة الله وحده ، وترك عبادة الأصنام قبل أن يأمر الناس بالصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، وترك المحرمات من الربا والزنا والخمر والميسر .

وهذا ما يدلنا دلالة واضحة على خطأ بعض الجماعات المعاصرة التي تنتمي للدعوة ، وهي لا تهتم بالعقيدة ، وإنما تركز على أمور جانبية تربوية وأخلاقية وسلوكية ، وهي ترى كثيرا من الناس يمارسون الشرك الأكبر حول الأضرحة المبنية على القبور في بعض ديار الإسلام ، ولا تنكر ذلك ، ولا تنهى عنه ، لا في كلمة ، ولا في محاضرة ، ولا في مؤلف إلا قليلا ، بل قد يكون بين صفوف تلك الجماعات من يمارس الشرك والتصوف المنحرف ولا ينهونه ولا ينبهونه ،

مع أن البداءة بدعوة هؤلاء وإصلاح عقيدتهم أولى من دعوة الملاحدة والكفار المصرحين بكفرهم ؛ لأن الملاحدة والكفار مصرحون بكفرهم ، ومقرون أن ما هم عليه مخالف لما جاءت به الرسل ،

أما أولئك القبوريون والمتصوفة المنحرفون ؛ والشيعة فيظنون أنهم مسلمون ، وأن ما هم عليه هو الإسلام ، فيغترون ويغرون غيرهم .
والله جل وعلا أمرنا بالبداءة بالكفار الأقربين ، وقال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) ؛ فما لم تصف صفوف المسلمين من الدخيل ؛ فإنهم لن يستطيعوا الصمود في وجه عدوهم.
ويحكى أن قبوريا رأى رجلا يعبد صنما أمامه ، فأنكر عليه القبوري ، فقال له عابد الصنم : أنت تعبد مخلوقا غائبا عنك ، وأنا أعبد مخلوقا ماثلا أمامي ؛ فأينا أعجب ؟ ! فانخصم القبوري .
هذا وإن كان كل منهما مشركا ضالا ؛ لأنه يعبد ما لا يملك ضرا ولا نفعا ، إلا أن القبوري أغرق في الضلال وأبلغ في طلب المحال .
فيجب على الدعاة إلى الله أن يركزوا على جانب العقيدة أكثر من غيرها ، ويقبلوا على دراستها وتفهمها أولا ، ثم يعلموها لغيرهم ، ويدعوا إليها من انحرف عنها أو أخل بها ؛ قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ).
قال الإمام ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة :

 " يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد، هذه الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله ، وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان ، والانتهاء إلى طاعته وترك معصيته . سبيلي وطريقتي ودعوتي (أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ) تعالى وحده لا شريك له . (عَلَى بَصِيرَةٍ ) بذلك ويقين علم مني (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) أي : ويدعو إليه على بصيرة أيضا من اتبعني وصدقني وآمن بي . وسبحان الله يقول له تعالى ذكره: وقل تنزيها لله تعالى وتعظيما له من أن يكون له شريك في ملكه أو معبود سواه في سلطانه (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يقول : وأنا بريء من أهل الشرك به ، لست منهم ولا هم مني " .

انتهى كلام ابن جرير رحمه الله .
فالآية الكريمة تدل على أهمية معرفة العقيدة الإسلامية والدعوة إليها ، وأن أتباع الرسول عليه الصلاة والسلام هم من اقتدى به في ذلك واتصف بالصفتين ؛ العلم بالعقيدة والدعوة إليها ، وأن من لم يتعلم أحكام العقيدة ويهتم بها ويدع إليها ؛ فليس من أتباع الرسول على الحقيقة ، وإن كان من أتباعه على سبيل الانتساب والدعوى .

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في معنى قوله تعالى :

(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ): " ذكر سبحانه مراتب الدعوة ، وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو ؛ فإنه : إما أن يكون طالبا للحق ، مؤثرا له على غيره إذا عرفه ؛ فهذا يدعى بالحكمة ، ولا يحتاج إلى موعظة وجدال . وإما أن يكون مشتغلا بضد الحق ، لكن لو عرفه ؛ آثره واتبعه ؛ فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب . وإما أن يكون معاندا معارضا ؛ فهذا يجادل بالتي هي أحسن ؛ فإن رجع ، وإلا ، انتقل معه إلى غير الجدال إن أمكن ... "

انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
وبهذا تبين منهج الدعوة وما ينبغي فيها ، وتبين خطأ ما تنتهجه بعض الجماعات المنتمية إلى الدعوة ، وهي تخالف المنهاج السليم الذي بينه الله ورسوله وبذل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمره الشريف أكثر من عشر سنوات ليرسخ العقيدة الصافية النقية في قلوب أتباعه وأصحابه . 

  • الاربعاء PM 04:18
    2021-08-04
  • 1426
Powered by: GateGold