ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
عقائد الشيعة الإمامية
عقيدة الإمامة ومكانتها عند الشيعة
إن وظيفة الإمام عند الشيعة، تتجاوز الوظيفة السياسية والقيادة الدنيوية كما هي وظيفته في منظور أهل السنة، بل هي استمرار للنبوة، ووظيفة الإمام عندهم كوظيفة النبي، وصفاته كصفاته، وتعيين الإمام كتعيين النبي لا يتم إلا باختيار إلهي. لذلك أوردوا روايات تصف أئمتهم بكل صفات الكمال التي في الرسل والأنبياء، فلا فرق عندهم بين الإمام والنبي، حتى قال المجلسي«[1]»: «إن استنباط الفرق بين النبي والإمام من تلك الأخبار لا يخلوا من إشكال...ولا نعرف جهة لعدم اتصافهم بالنبوة إلا رعاية خاتم الأنبياء، ولا يصل عقولنا فرق بين النبوة والإمامة»[2]
فالإمامة عندهم منصب رباني له من القداسة ما للنبوة أو أكثر، بل قال الخميني «وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا محمودًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل».«[3]»
يقول آية الله المظفر، وهو من أكابر علمائهم، وكتابه يدرس إلى اليوم في حوزاتهم: «نعتقد أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام من بعده، وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق، فليس للناس أن يتحكموا فيمن يعينه الله هاديا ومرشدا لعامة البشر، كما ليس لهم حق تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه، لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية استعدادا لتحمل أعباء الإمامة العامة وهداية البشر قاطبة يجب إلا يعرف إلا بتعريف الله ولا يعين إلا بتعيينه»[4].
فامتازت العقيدة الشيعية عن كل الفرق الإسلامية باعتمادها على هذا المبدأ وجعله ركنا أساسيا ينبني عليه الدخول في الإسلام أو الخروج منه، بل جعلوه أهم ركن من أركانه:
فعن أبي جعفر قال: «بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع، وتركوا هذه»[5]
وفي رواية « بني الإسلام على شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان والحج إلى البيت، وولاية علي بن أبي طالب»[6]
كما جعلوا قبول أعمال العباد متوقف على اعترافهم بالأئمة.
«عن جعفر بن محمد، عن أبيه « عليه السلام »قال: نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يامحمد السلام يقرئك السلام، ويقول: خلقت السماوات السبع وما فيهن، والأرضين السبع وما عليهن، وما خلقت موضعا أعظم من الركن والمقام، ولو أن عبدا دعاني منذ خلقت السماوات والأرضين ثم لقيني جاحدا لولاية علي لأكببته في سقر».[7]
وسترى كيف تجرؤوا على أن كفروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى رأسهم أبوبكر وعمر، وحكموا بردتهم، لا لشيء إلا أنهم لم يعترفوا بهذا الركن العظيم من أركان الدين.
لقد أنزل الله القرآن كتاب هداية وإرشاد، وبين فيه للناس ما نزل إليهم، لذا، جاء في القرآن نصوص كثيرة صريحة في وجوب الصلاة والأمر بها والحث عليها، وصرَف القول فيها وأعاده وأكده، ووعد مقيمها وأوعد تاركها، وكذلك الأمر بالنسبة للزكاة والصوم والأخلاق والمعاملات، بل إن أطول آية في القرآن جاءت لبيان أمر فرعي يتعلق بالدَّين وكتابته وأحوال الكاتب، وحكم الكتابة عن الصغير وغير العاقل، بكل تفصيل وتبيين، فكيف لم يعرض هذا الكتاب لمسألة الإمامة التي يتوقف عليها قبول الأعمال عند الله!!؟ ولم لم يذكر لنا هذا الركن الأساسي ويبينه ويفصله كسائر الأركان!!؟
فهل عندهم من علم فيخرجوه لنا؟ أم يتبعون الظن؟؟؟
وسترى مدى الحرج الذي لحق الشيعة من هذا السؤال، وكيف حاولوا الإجابة عنه بطرق سنعرض لها في مبحث موقفهم من القرآن الكريم.
من هم الأئمة الاثنا عشر:
يعتقد الشيعة بأن النبي لم يمت حتى أوصى بالأمر إلى علي بن أبي طالب، وعلي لم يمت حتى أوصى إلى ابنه من بعده، وهكذا كل إمام لا يموت حتى يوصي إلى واحد من أبناءه من بعده وينص عليه ويعينه.
فالأمر عندهم بالوراثة، مع أن إبراهيم لما سأل الله أن يجعل الأمر في بنيه وذريته قال له «لا ينال عهدي الظالمين»، لكن الثقافة الفارسية التي تقدس السلالة الساسانية، وترى بأنها مخلوقة للملك، تضفي بظلالها على هذه العقيدة، فتجعل الإمامة وراثة وليست تفاضلا.
وهكذا روت الشيعة في كتبها نصوصا عن الرسول صلى الله عليه وآله، ينص فيها على إمامة كل إمام فمن يليه.
وهؤلاء الأئمة حسب تسلسلهم، هم:
1- علي بن أبي طالب المرتضى 40هـ
2- الحسن بن علي الزكي 49هـ
3- الحسين بن علي الشهيد 61هـ
4- علي بن الحسين زين العابدين 110هـ
5- محمد بن علي أبو جعفر الباقر 119هـ
6- جعفر بن محمد الصادق 148هـ
7- موسى بن جعفر الكاظم 164هـ
8- علي بن موسى الرضى 203هـ
9- محمد بن علي النقي 220هـ
10- علي بن محمد التقي 254هـ
11- الحسن بن علي العسكري الزكي 260هـ
12- محمد بن الحسن المهدي – ما زال على قيد الحياة وعمره الآن 1171سنة، فيكون أطول عمرا من نوح عليه السلام-
وقد حصل إشكال في هذه الشجرة ثلاث مرات...
فقد كان إمامهم السادس جعفر الصادق قد عيّن ولده إسماعيل إماما من بعده، وأكد أنه حامل علمه ومعدن سره، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد عينه وأوصى به، ويأبى الله إلا أن يفضح الكذابين، فاخترمت المنية إسماعيل قبل موت أبيه...
فكانت الفضيحة، واضطربت الأمور، وكثر الاستنكار، ورجع كثير منهم إلى مذهب أهل السنة، وأنكر فرقة من الشيعة موته، وادعوا بأنه غاب ولم يمت، وبأنه المهدي المنتظر، وانشقوا بمذهب جديد، وتسموا بالشيعة الإسماعيلية.
لكن إمامهم أبا جعفر عين ولده موسى إماما جديدا من بعده، وأجابهم بجواب ستطلع عليه في باب عقيدة البداء إن شاء الله.
وحصل إشكال مرة ثانية، في عصر إمامهم التاسع علي بن محمد التقي، إذ مات ولده الذي كان قد عينه إماما من بعده وأخبر أنه معين من قبل الله ورسوله، من قبل أن يموت أبوه، ولم يتحقق ما أخبر الله به، تعالى الله عما يقولون، ويجيب إمامهم هذه المرة أيضا بالبداء، ويعين ابنا آخر إماما.
وفي المرة الثالثة كاد المذهب أن يهوي إلى الدقن، وتنهدَّ أركانه، ويذوبَ كالملح في الماء، حينما مات الحسن العسكري إمامهم الحادي عشر، قبل أن يولد له ولد، لتتلاشى عند ذلك الوصاية المزعومة، وتتلاشى معها الإمامة، وتتلاشى الرجعة والتقية والمتعة والخمس والبداء... وكل العقائد الشيعية التي أساسها ومربطها إنما هو الإمامة.
لكن مدبرها عنده شيء من الحكمة، فقد اختلق عقيدة جديدة ترقع ما تمزق، وترأب ما انصدع، إذ زعم أن للحسن العسكري ولدا خبأه في سرداب، وسيرجع لشيعته قريبا جدا-سترى ما ورد من التوقيت لخروج المهدي وكيف كان قريبا في بداية الأمر- لتدور عجلة هذا المذهب بعد توقف، ويدفعَ الناس الخمس بعد تخوف، وتعودَ تلك الدنانير إلى أكياسها، وتستمرَّ حياة المعممين في ظل العقيدة الشيعية، ويكتب لهذا المذهب عمر جديد...
صفات الأئمة:
لقد بالغ الشيعة في الرفع من أئمتهم، ووصفِهم بصفات الكمال والجلال، حتى قال الخميني: «وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا محمودًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل».
أولا: عصمة الأئمة:
ومن هذه الصفات أنهم معصومون عن الخطأ والسهو والنسيان يقول المجلسي: «جملة القول فيه – أي في مبحث العصمة- أن أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمدا وخطأ ونسيانا قبل النبوة والإمامة وبعدهما، بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله تعالى، ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد قدس الله روحهما فإنهما جوزا الإسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام وقالوا: إن خروجهما لا يخل بالإجماع لكونهما معروفي النسب»[8]
ويقول أحد علماء الحوزة الذين قابلتهم، في كتاب له بعنوان "العصمة" بعد أن ذكر تعريفها في اللغة والاصطلاح قال: «وإذا كان هذا تعريف العصمة، وأنها من اللطف والفضل والرحمة الإلهية بحق النبي، فنفس هذه العصمة يقول بها الإمامية للأئمة الاثني عشر ولفاطمة الزهراء سلام الله عليها »«[9]»
لذا جعلوا كلام أئمتهم ككلام الرسول صلى الله عليه وآله، وأعطوهم حق التشريع: «بل نعتقد أن أمرهم أمر الله تعالى، ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته، ومعصيتهم معصيته، ووليهم وليه، وعدوهم عدوه، ولا يجوز الرد عليهم، والراد عليهم كالراد على الرسول والراد على الرسول كالراد على الله تعالى. فيجب التسليم لهم والانقياد لأمرهم والأخذ بقولهم. ولهذا نعتقد أن الأحكام الشرعية الإلهية لا تستقى إلا من نمير مائهم ولا يصح أخذها إلا منهم»«[10]»
ومن رواياتهم في هذا الباب: عن أبي عبد الله قال: «ما جاء به علي عليه السلام آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وآله ولمحمد صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله عز وجل، المتعقب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله»«[11]»
ويقول الخميني: «إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن لا تخص جيلا خاصًا، وإنما هي تعاليم للجميع في كل عصر ومصر وإلى يوم القيامة، يجب تنفيذها واتباعها».«[12]»
وأشير هنا إلى أنه لا خلاف بين المسلمين في كفر من اعتقد هذا الاعتقاد، ونسب التشريع الديني إلى غير المشرع سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل « أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله »، وقال: « ألا له الخلق والأمر» فأثبت لنفسه الأمر والتشريع، كما أثبت لنفسه الخلق والتدبير، وقال « فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر»، ولم يأمرنا بالرجوع إلى هؤلاء الأئمة الذين تزعم الشيعة أن الأحكام الشرعية تؤخذ منهم، وتستقى من نمير ماءهم.
واعلم أن هذا هو أساس الافتراق بين السنة والشيعة، فالمشرع عندنا واحد، والمشرعون عندهم ثلاثة عشر، وخروجهم عن هذا الإجماع الذي أجمع عليه المسلمون من أن المشرع هو الله ورسوله لا غيرهما، جعلهم يختلفون مع سائر المسلمين في كثير من الأحكام والفروع الفقهية، فهذا منشأ الخلاف، ومن هنا يعالج، وليس الحل بأن نلجأ إلى حل الخلافات الفرعية، ما دام الأصل مختلفا فيه، والمنبع متنازعا عليه.
ثانيا: علمهم الغيب:
إن من المجمع عليه بين أهل الإسلام، أن الله استأثر بعلم الغيب، فلا يُطلِع على غيبه أحدا، إلا من ارتضى من رسله المبلغين عنه، قال تعالى «عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا» وقال « قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله» وقال على لسان نبيه نوح « ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب» وعلى لسان محمد صلى الله عليه وآله « ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير»
فهؤلاء أولوا العزم من الرسل يتبرؤون من دعوى علم الغيب، لكن الشيعة تزعم أن أئمتها تعلم الغيب، وبالغت في ذلك كأشد ما تكون المبالغة، ووضعت في ذلك من الأحاديث ما يُتعب أقلام الكتبة، ويُكِل أنامل الحسبة.
فمن ذلك ما أورد الكليني في كتابه الكافي، الذي هو بمثابة صحيح البخاري عندهم، الذي خصص فيه أبوابا في علمهم الغيب، ذكر منها:
باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون ما كان وما يكون، وأنهم لا يخفى عليهم الشيء«[13]»
وباب أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم«[14]»
وباب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام«[15]»
وتحت كل باب من هذه الأبواب عشرات الأحاديث، التي يجف القلم رهبة عند كتابتها، وترتعد الأصابع من هول ما فيها.
كهذه الرواية التي ينسبون إلى علي رضي الله عنه أنه يقول فيها: «ولقد أعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي: علمت المنايا والبلايا، والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني، أبشر بإذن الله وأؤدي عنه، كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه»«[16]».
وفي رواية أخرى عن جعفر بن محمد، قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: أعطيت تسعا لم يعط أحد قبلي سوى النبي صلى الله عليه وآله: لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا، والبلايا، والأنساب، وفصل الخطاب، ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربي، فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يأتي بعدي، وإن بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم، وأتم عليهم النعم، ورضي لهم إسلامهم»«[17]»
يقول إمامهم المظفر في علم الإمام: «أما علمه فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله. وإذا استجد شيء لا بد أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه، فإن توجه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطئ فيه ولا يشتبه، ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية ولا إلى تلقينات المعلمين، وإن كان علمه قابلا للزيادة والاشتداد»«[18]»
بل يزعمون أن أئمتهم يطلعون على اللوح المحفوظ. يقول أحد معاصريهم وهو الشيخ غلام رضا: «يرى محققوا المفسرين أن الضمير في «لا يمسه » يعود إلى الكتاب المكنون وهو اللوح المحفوظ، فيستفاد حينئذ من الآية أن الأفراد الذين طهرهم الله قادرون على الاطلاع على اللوح المحفوظ وحقائقه وهي غيب السماوات والأرض»[19]يقصد بذلك ما ورد في قوله تعالى «لا يمسه إلا المطهرون» أي اللوح المحفوظ، وقد ناقشته في هذه المسألة حينما قابلته في مدينة قم، وأكد لي بأن اللمس في القرآن حسي ومعنوي، فهذا اللمس هنا لمس معنوي، والمقصد من الآية أن الأئمة يطلعون على اللوح المحفوظ لأنهم هم المطهرون المرادون في الآية.
لذلك فهم يعلمون كل ما يحدث، كما ورد في رواياتهم «وما من ليلة تأتي علينا إلا وأخبار كل أرض عندنا وما يحدث فيها، وأخبار الجن وأخبار أهل الهوى من الملائكة، وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلا أتانا خبره، وكيف سيرته في الذين قبله، وما من أرض من ستة أرضين إلى السابعة إلا ونحن نؤتى بخبرهم»«[20]».
وهذا العلم التفصيلي للحوادث، هو مما اختص الله تعالى به، قال تعالى: « وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين» فلا يعلم ما يحدث في الكون على التفصيل إلا خالق الكون سبحانه، وكما رأيت فإن الشيعة ينسبون لأئمتهم مثل هذا العلم، ومن رواياتهم أن عليا رضي الله عنه -فيما يزعمون- قال لرجل: «أتدري ما حدث البارحة؟ وقع بيت بالصين، وانفرج برج ماجين، وسقط سور سرنديب، وانهزم بطرق الروم بأرمينية، وفقد ديان اليهود بأبلة، وهاج النمل بوادي النمل، وهلك ملك إفريقية، أكنت عالما بهذا؟ قال: لا يا أمير المؤمنين. فقال: البارحة سعد سبعون ألف عالم، وولد في كل عالم سبعون الفا، والليلة يموت مثلهم».«[21]»
فانظر إلى بُعد المسافة ما بين الصين وإفريقية، بل إلى بُعد ما بين السماء والأرض، والإمام يعلم ما يحدث في هذه العوالم كلها، إن هذا يعني بأن نعيد النظر في دلالات كل الآيات التي قصرت علم الغيب على الله عز وجل، وجعلت هذا من خصائص ربوبيته، ومظاهر عظمته. بل إن هذا نقض صريح ومشاقة لكل تلك الآيات.
وقد ناقشت أحد آياتهم وهو السيد علي مددي في بيته مدة ست ساعات في هذه القضية، وأكد لي أن علم الإمام الغيب مما أجمعت عليه الشيعة، ولم يخالف في ذلك إلا مرجعهم الخوئي، فإنه قال إنهم يعلمون إذا شاؤوا أن يعلموا، وليس على الإطلاق.
وصدق الله «قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون، بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون»
ثالثا: معجزات الأئمة:
لقد خص الله أنبياءه بمعجزات تكون حجتهم على الناس، ليعلموا أن ما جاءوا به هو من عند خالق الأرض والسماء، ومسير الدنيا بهذه السنن الكونية التي لا تنخرم إلا أن تتدخل القوة الإلهية فتخرمَها، فالنار تحرق إلا أن يشاء الله، والميت لا يرجع إلا أن يحييه الله، وهكذا سائر المعجزات، فإنها تكون خرقا لهذه السنن التي لا يقدر على خرقها إلا الذي سنها أول مرة، ليحصل اليقين بأنهم مبعوثون من عنده، فتقام بهم الحجة على الناس، ويُهدى بهم من شاء الله إلى صراطه المستقيم، ولا يدفع هذا اليقين الحاصل في النفوس من تلك المعجزات إلا الكبر والكفر.
وبما أن الإمامة أخت النبوة، والنبي مثل الإمام، فإن الشيعة الإمامية تزعم أن الله أيد الأئمة بمعجزات تثبت حجيتهم، وتدل الناس عليهم.
يقول عالمهم هاشم البحراني «اعلم أن المعجزات من الأنبياء والأئمة دليل على صدقهم على الله سبحانه في دعواهم النبوة والإمامة، لأن المعجز الخارق للعادة، فعله تعالى، وإقدارهم على ذلك منه جل جلاله، ومن المعاجز مثل كتابة أسمائهم على ساق العرش والحجب والشمس والقمر، وما شاكل مثل كتابتهم على الأشجار وغيرها»«[22]»
فلذلك يقررون في كتبهم هذه العقيدة «إن ظهور المعجز على يد النبي أو الإمام شاهد صدقه إذ لو كان كاذبا وجب على الحكيم المتعالي تكذيبه وإلا لزم الإغراء إلى الضلالة وهو لا يصدر منه تعالى»[23].
فنسجوا لكل إمام معجزات تدل على إمامته، وتلجم من خالفه، وتكون حجة بين يديه، فالإمام زين العابدين حين نازعه عمه محمد بن الحنفية على الإمامة، احتكم معه إلى الحجر الأسود قالوا: «فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله بلسان عربي مبين فقال: اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي عليهما السلام إلى علي بن الحسين بن علي، ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه»[24].
وعندما نازع زيد بن الحسن الإمام الباقر في الإمامة أمر سكِّينة كانت مع زيد أن تنطق «فوثبت السكِّينة من يد زيد بن الحسن على الأرض، ثم قالت: يا زيد، أنت ظالم، ومحمد أحق منك وأولى، ولئن لم تكف لأليَنَّ قتلك...» ثم أمر صخرة فيما يزعمون: «فرجفت الصخرة التي مما يلي زيد، حتى كادت أن تفلق، ولم ترجف مما يلي أبي –أي الإمام الباقر لأن الراوي ولده- ثم قالت: يا زيد أنت ظالم، ومحمد أولى بالأمر منك، فكف عنه وإلا وليت قتلك، فخر زيد مغشيا عليه، فأخذ أبي بيده وأقامه، ثم قال: يا زيد أرأيت إن أمرت هذه الشجرة تسير لي أتكف؟ قال: نعم فدعا أبي عليه السلام الشجرة فأقبلت تخد الأرض حتى أظلتهم ثم قالت: يا زيد أنت ظالم ومحمد أحق بالأمر منك فكف عنه، وإلا قتلتك» إلى آخر الرواية،[25]وزيد هذا هو الذي اختلفت عنده الشيعة، ففرقة زعمت أنه هو الإمام، وفرقة زعمت أن الباقر هو الإمام، وتسمى أتباعه بالشيعة الزيدية، وهم موجودون إلى اليوم في بعض مدن اليمن، ولا يعتقدون بكثير من هذه العقائد الفاسدة، بل هم أقرب فرق الشيعة إلى السنة.
كما جعل الشيعة لأئمتهم كمثل ما للأنبياء من المعجزات، فإذا كان نبي الله صالح قد أخرج لقومه ناقة من صخرة صماء، فإن عليا حين جاءه رجل يطلبه بدين ادعاه على رسول الله صلى الله عليه وآله بعد وفاته، أمر ابنه فخرج معه إلى صخرة صماء، فأمرها فتململت، وخرجت منها مائة ناقة تجر بعضها بخطام بعض.«[26]»
وإذا كان موسى قد أحيى ميتا قتله قومه، فإن عليا كذلك أحيى مقتولا فدل على قاتله بإذن الله«[27]»، تعالى الله عما يقولون.
ومعجزات أئمتهم كثيرة لا تعد ولا تحصى، وكتبهم في ذلك تزاحم كتب الفقه كثرة وتنوعا، وإني لأحاول جاهدا أن أنتقي مما أمامي من الروايات، ما يكون الأقرب إلى خيال البشر وليس إلى العقل، فما أبعد ما أمامي عن العقل، لأضع القارئ في السياق، ويحس بمكانة الإمام وقدراته في نفوسهم، ويرى مدى تغلغل الخرافة في هذه العقول، وبعد الاختيار والانتقاء، أورد هنا ما لا بد من إيراده من هذه الروايات التي نُنَزه عنها العقلاء فضلا عن الأنبياء...
فقد رووا بأسانيدهم، أن جنيا كان جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبل أمير المؤمنين علي، فاستغاث الجني وقال: « أجرني يا رسول الله من هذا الشاب المقبل. قال: ما فعل بك؟ قال: تمردت على سليمان، فأرسل إلي نفرا من الجن، فطلت عليهم، فجاءني هذا الفارس، فأسرني وجرحني، وهذا مكان الضربة إلى الآن لم تندمل»[28]
ورووا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله إذ دخل علي بن أبي طالب فقال رسول الله: «يا أبا الحسن أتحب أن نريك كرامتك على الله؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله. قال: فإذا كان غدا فانطلق إلى الشمس معي فإنها ستكلمك بإذن الله تعالى... إلى أن قال: فقال علي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته أيها الخلق السامع المطيع، فقالت الشمس: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا خير الأوصياء، لقد أعطيت في الدنيا والآخرة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، فقال علي - عليه السلام -: ماذا أعطيت؟ فقالت: ولم يؤذن لي أن أخبرك فيفتتن الناس، ولكن هنيئا لك العلم والحكمة في الدنيا والآخرة»[29].
وحسبي وحسبك هاتان الروايتان، وإلا صار هذا الكتاب من كتب القصص الهندية القديمة.
المهدي:
لقد أسست الشيعة مذهبها كما سبق على مبدأ الوصاية، وأن النبي لم يمت، حتى أوصى إلى وصيه، وأن عليا لم يمت حتى أوصى إلى الذي يليه، وهكذا سائر الأئمة، فلا يُعقل على حد قولهم، أن يموت الرسول دون أن يترك وصيا على أمته.
لكن المذهب أوشك على الانهيار، بعدما توفي الحسن العسكري إمامهم الحادي عشر، ولم يوص، ولم يكن له أن يوصي، إذ لم يترك خلفا له، ولم يُعرف له ولد، حتى أن ماله قسم على أمه وأخيه جعفر، ولم يكن له وارث غيرهما.[30]وهذا أكبر دليل على أنه لم يعرف له ولد، وإلا لما ساغ تقسيم تركته على أمه وأخيه، فالولد يحجب الأخ من الميراث.
لكن مفكري الشيعة سرعان ما تداركوا الموقف، وادعوا أن للحسن العسكري ولدا غيبه منذ ولادته في سرداب بمدينة سامراء، وكانت فكرة هذا الولد الغائب، هي الدعامة التي أسندت المذهب، فرقعت منه ما تمزق، وضمنت له الاستمرار، بعدما تلاشت نظرية الوصاية والإمامة، بانقطاع نسل الإمام الحادي عشر.
فالشيعة يؤمنون بوجود إمام هو الثاني عشر، ويلقبونه بصاحب الزمان، ويعتقدون أنه مختف في سرداب بمدينة سامراء، وهم ينتظرون خروجه، ويزعمون أنه إمامهم الآن، وأنه حجة الله على الخلق، كما كان سائر الأئمة حجة على الخلق، ويروون بأنه من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية،«[31]» بل يروون أنه لو بقيت الأرض بدون إمام لساخت بأهلها«[32]».
ولم يكن أمر هذا الغلام معروفا قبل هذه الحادثة المفجعة، وقبل أن يموت الحسن العسكري من دون أن يدركهم بإمام تتسلسل معه هذه النظرية، وتستمر به هذه الوصاية، ولم يكن أحد يروي أي خبر أو أثر عن هذا الوليد وغيبته، ولم يكن أحد يعرف أن المهدي هو هذا، بل قد اختلفت فرق الشيعة وتشتت بعد موت كل إمام، فكان التنازع يحصل على من هو الإمام المعين بعده، فتتمسك فرقة منهم بالإمام الذي مات، ويزعمون أنه لم يمت وإنما غاب ليرجع في آخر الزمان، وأنه هو المهدي، وهذا ما حصل بعد وفاة الباقر، وبعد وفاة الصادق، وكذلك تفرقوا بعد وفاة الكاظم فوقف كثير منهم عنده وزعم أنه المهدي، وافترقوا بعد وفاة الرضا، وبعد وفاة الجواد وبعد الهادي وبعد العسكري.[33]
وهذا آكد دليل على عدم وجود الأحاديث التي ذكروها عن هذا الوليد، وأن الرسول صلى الله عليه وآله، لم يخبر عنه ولا عن غيبته، فلو كان منصوصا عليه من قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لما تفرقوا وتنازعوا، ولما تناطحوا في أمر المهدي وتهارشوا، خصوصا أنهم قبل موت الإمام الذي يختلفون بعده يكونون فرقة واحدة، لهم نفس المصادر، ونفس الأحاديث، وقد جرد عالم الشيعة الاثني عشرية والمعروف بالطوسي، سيفه في كتابه "الغيبة"، على كل من زعم من فرق الشيعة مهديا قبل محمد بن الحسن ورد عليهم وأبطل دعاويهم، وفسقهم وضللهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «علماء الشيعة المتقدمون ليس فيهم من نقل هذا النص ولا ذكره في كتاب ولا احتج به في خطاب، وأخبارهم مشهورة متواترة، فعلم أن هذا من اختلاق المتأخرين، وإنما اختُلق هذا لما مات الحسن بن علي العسكري وقيل إن ابنه محمدا غائب، فحينئذ ظهر هذا النص بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر من مائتين وخمسين سنة».[34]
لكن الاثني عشرية مصرة على ضرورة الاعتقاد بوجود هذا المهدي وغيبته، وهو من العقائد الأساسية عندهم، يقول مقرر عقائدهم آية الله المظفر: «غير أن الفرق بين الإمامية وغيرها هو أن الإمامية تعتقد أن هذا المصلح المهدي هو شخص معين معروف ولد سنة 256 هجرية ولا يزال حيا، هو ابن الحسن العسكري واسمه محمد. وذلك بما ثبت عن النبي وآل البيت من الوعد به، وما تواتر عندنا من ولادته واحتجابه»«[35]»
لذا تراهم يدعون دائما عند ذكر اسمه بقولهم «عجل الله فرجه» ويكتبون أمام اسمه حرفي ع ج، ويلهجون في أدعيتهم بانتظار خروجه، وترقب موعده، ليملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا، كما ورد في رواياتهم، وكما تسمعه في تراتيلهم وأهازيجهم.
ومن الطريف أنهم يُعرضون عن القرآن والسنة، ويعتمدون في دينهم وتشريعهم على نصوص أسموها الرقاع، أو تواقيع الإمام، وهي عبارة عن أوراق تأتي من الإمام المهدي، تأمرهم وتنهاهم، وتجيب عن تساؤلاتهم واستفساراتهم، ويجعلونها حجة على الخلق، أذكر لك واحدا منها:
فقد تساءل الناس ما فائدة هذا الإمام الغائب، وكيف تحصل به الحجة وإرشاد الخلق، وهو مختبئ عنهم، فخرج التوقيع عن الإمام: «أما وجه الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأبصار السحاب، وإني لأمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا أبواب السؤال عما لا يعنيكم، ولا تتكلفوا على ما قد كفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى».[36]وله توقيعات كثيرة في مختلف أحكام الفقه، وكلها تعد نصوصا قطعية في بابها، ولا يجوز محالفتها.
وإسحاق بن يعقوب هذا، واحد من أبطال هذه المسرحية، فقد تولى أشخاص أمر هذه الصلة بين الناس والمهدي، فكانوا يوصلون إليه ما يدفعه الشيعة من أموال الخمس، ويلتقون به، وكانوا يسمون بالأبواب، أي أصحاب الباب، ويسلمونه رسائل الشيعة وأسئلتهم، ويتلقون منه هذه التوقيعات.
ومن الطريف أيضا، أن أمر هذه البابية اضطرب، إذ أصبحت مصدراً للثراء وجمع الدنانير، فادعى كثير من الناس أنهم أبواب، وأخذوا يجمعون الأموال باسم المهدي، لكن المهدي فضح أمرهم وأصدر فيهم تواقيعه بلعنهم والتبرؤ منهم، والأطرف أن كل باب كان يأتي بتواقيع يلعن فيها الباب الآخر ويتهمه.[37]
وكان منهم الشلمغاني الذي فضح الأمر وكشف الحال، بعد أن لُعن ولم يحصل على شيء، فقال: «ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه، لقد كنا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش الكلاب على الجيف».[38]
ولما تحول الأمر إلى صراع مقيت، بعد أن لعن بعضهم بعضا، وكفر بعضهم بعضا، وأصدر بعضهم التواقيع في بعض، وكادت اللعبة أن تنكشف، تقرر إنهاء أمر البابية، بعد سبعين سنة من جمع الأموال وإيصالها إلى المهدي، -وما أدري ما حاجته إلى هذه الأموال وهو لا يدفع إيجار الغار المختبئ فيه- وعندما حضرت الوفاة آخرهم، واسمه السمري، سُئل عن الوصي على الباب بعده، فقال: «لله أمر هو بالغه»أأ
.[39] وأخرج التوقيع الذي أنهى الخلاف، حيث جاء فيه: «أما الوقائع الحادثة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله»[40].فجعل القسمة متساوية بين المراجع والعلماء، إذ أخذ كل نصيبه من أموال الخمس، وتلاشت الصراعات الطاحنة حول البابية.
واصطلحوا بعد انقطاع الصلة بالمهدي على تسمية هذه المرحلة الجديدة بالغيبة الكبرى، وسموا التي قبلها الغيبة الصغرى، ورووا كالعادة في ذلك أحاديث، وأن الرسول صلى الله عليه وآله قد أخبر بأن للقائم غيبتان.
ماذا يفعل المهدي عند خروجه؟
ولنستبق الزمان، ولنطو السنين والأعوام، لنصل إلى نهاية التاريخ، ونرى ما سيحدث عند خروج هذا القائم الذي سيملأ الأرض عدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وماذا بعد هذه الغيبة وهذا الانتظار الطويل؟! وماذا سيفعل هذا المصلح؟!
وأقول: ماذا عساه أن يفعل، وهو مختبئ كل هذه القرون خوفا من القتل في جحر كجحر الضب أو أضيق.
أريدك أخي أن تتوسم في هذه الروايات، وتقرأها بتأن، فلعل سيرة هذا المهدي أن تكشف لك الكثير عن شخصية واضع هذه الأسطورة، وتتلمح ملامح مؤلف هذه الخرافة.
فإذا كان أول عمل قام به رسولنا العظيم، حين قدم المدينة قائدا للمسلمين، أن آخى بين الأنصار والمهاجرين، جاعلا من الأخوّة شعار دولته، وعنوان سياسته، فلننظر إلى هذا الذي يزعمون أنه من أبناءه، كيف سيبتدئ مسيرة البناء والإصلاح، ليغير هذا العالم، ويملأ الأرض عدلا، بعد أن ملئت جورا وظلما، وما هو أول عمل يعمله، بعد أن يخرج من مخبأه ويطل من جحره:
فعن أبي عبد الله قال: «هل تدري أول ما يبدء به القائم عليه السلام؟ قلت: لا، قال: يخرج هذين رطبين غضين فيحرقهما ويذريهما في الريح، ويكسر المسجد».[41]يقصدون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
وعنه أيضا أنه قال: «إذا قدم القائم عليه السلام وثب أن يكسر الحائط الذي على القبر فيبعث الله تعالى ريحا شديدة وصواعق ورعودا حتى يقول الناس: إنما ذا لذا، فيتفرق أصحابه عنه حتى لا يبقى معه أحد –وهذه عادتهم، تماما كما فعلوا مع الحسين بن علي حين دعوه إلى الكوفة فخذلوه وتفرقوا عنه وأسلموه للقتل-، فيأخذ المعول بيده، فيكون أول من يضرب بالمعول ثم يرجع إليه أصحابه إذا رأوه يضرب المعول بيده، فيكون ذلك اليوم فضل بعضهم على بعض بقدر سبقهم إليه، فيهدمون الحائط ثم يخرجهما غضين رطبين فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرقهما ثم يذريهما في الريح».[42]
و في رواية: فإذا دخل المدينة «أخرج اللات والعزى فأحرقهما»[43]، وعلق المجلسي بعد إيراده هذه الرواية: «يعني باللات والعزى، صنمي قريش، أبي بكر وعمر».[44]
وقال تعليقا على رواية أخرى: «لعل المراد بإحداث الحدث، إحراق الشيخين الملعونين»[45]
فيشفي بذلك قلوب أولياء الله، كما ورد في حديث قدسي عندهم، أن الله أرى محمدا صلى الله عليه وآله وسلم المهدي والأئمة فقال: «يا رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي وهو راحة لأوليائي وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس بهما يومئذ أشد من فتنة العجل والسامري».[46]
ثم ماذا؟
سيبعث عائشة أم المؤمنين من قبرها ويقيم عليها الحد:
عن أبي جعفر قال: «أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة « عليها السلام » منها»«[47]»
وسيُكثر القتل في قريش والعرب خاصة!
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: « إذا قام القائم من آل محمد عليه السلام أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة أخرى حتى يفعل ذلك ست مرات».[48]
أما سائر العرب سوى قريش، فليس بينه وبينهم إلا الذبح!
عن أبي عبد الله قال: «ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأومأ بيده إلى حلقه»[49].
وكيف يقدم رجل عربي على قتل العرب قبيلتِه وعشيرتِه، وما الفائدة في قتل العرب!! أليس فيهم مسلمون صالحون! بل وفيهم شيعة أيضا!!
وإذا كنا نحن نكذب بهذا المهدي الآن ونشكك به، فإن أتباعه كذلك سيشكون في أمره بعد خروجه وظهور حجته، لما يرون من كثرة قتله وشراسته!
فعن أبي جعفر أنه قال: «لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس، أما إنه لا يبدء إلا بقريش، فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم».[50]
ولعله ليس من آل محمد كما قالوا، وإنما هو من بني إسرائيل، واقرأ ما يلي لتعرف شخصية هذا المهدي المنتظر:
عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي على خده الأيمن خال كأنه كوكب دري، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، يرضى في خلافته أهل الأرض وأهل السماء، والطير في الجو» [51].أما رضى من في السماء، فإن الله لا يحب المفسدين، وأما من في الأرض، فإن أمة العرب كلها لن ترضى.
وبما أنه إسرائيلي فلن يحكم بحكم محمد صلى الله عليه وآله وإنما سيحكم بحكم آل داوود.
عن أبي عبد الله قال: «إذا قام قائم آل محمد حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام، ولا يحتاج إلى بينة».[52]
ولن يسير بسيرة جده محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد سئل إمامهم الباقر، عن المهدي هل سيسير بسنة محمد، فقال: «هيهات، إن رسول الله صلى الله عليه واله، سار في أمته باللين، وكان يتألف الناس، والقائم أمر أن يسير بالقتل وأن لا يستتيب أحدا»[53].
فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يسير بالقرآن، وهذا سيجيء بكتاب جديد غير القرآن:
«وقد تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم، بأن إمام الزمان ناموس العصر والأوان صلوات الله وسلامه عليه، يأتي بكتاب جديد، على العرب شديد، وبأن أكثر عساكره أولاد العجم»[54].
ولن يعرف المسلمون كتابا جديدا غير كتاب الله تعالى، إلا إذا كان هذا المهدي من أولاد العجم، وإلا إذا كانت هذه الروايات من صنعهم ووضعهم.
ويمكننا الآن أن نبني تصوراً عن شخصية هذا المهدي آخذين بعين الاعتبار مما مر:
- أنه يقتل العرب وليس بينه وبينهم إلا السيف.
- أن جسمه جسم إسرائيلي.
- سيحكم بحكم آل داود «اليهود»
- أكثر عساكره من أولاد العجم.
- لن يسير بسيرة محمد.
- سيأتي بكتاب جديد على العرب شديد.
- يشمئز الناس من وحشيته ودمويته «وهذه الخصلة في اليهود إلى اليوم»
وهذا غيض من فيض من سيرة هذا المهدي الخواف، الذي سيملأ الأرض دما وقتلا، بدل أن يملأها رحمة وعدلا...
عقيدة الرجعة:
إن الانتقام وقهر الخصم، محبب إلى النفوس، فالنفس البشرية مجبولة على كره من ظلمها وحب الانتصار منه، ويتحقق لها من السعادة في ذلك ما لا يوصف حتى قال أحد الشعراء حين أدرك ثأره:
فطاب لي الشراب وكنت قبلا أكاد أغص بالماء الحميم[55]
لذا فقد أرضت هذه العقيدة غريزة الثأر والانتقام عند الشيعة من أعدائهم قديما وحديثا، وجعلتهم يحسون بنشوة الانتصار، ولو في الأحلام، إذ كان أعدائهم عبر التاريخ بدءا بصحابة رسول الله ثم الخلفاء الراشدين، فمن بعدهم، أهل شوكة ومنعة، وأهل جند وعز، وكان هذا النصر والعز دافعا لكثير من الشيعة لأن يرتاب في عقيدته المخذولة، وينصرف عن جماعته المهزومة، فكانت الرجعة موعدهم المنتظر، يوم النصر والثأر من كل أعدائهم:
فكانوا يعزون أنفسهم بمثل هذه النصوص: «لترجعن نفوس ذهبت، وليقتصن يوم يقوم، ومن عذب يقتص بعذابه، ومن أغيظ أغاظ بغيظه، ومن قتل اقتص بقتله، ويرد لهم أعداؤهم معهم، حتى يأخذوا بثأرهم، ثم يعمرون بعدهم ثلاثين شهرا، ثم يموتون في ليلة واحدة قد أدركوا ثأرهم، وشفوا أنفسهم، ويصير عدوهم إلى أشد النار عذابا. ثم يوقفون بين يدي الجبار عز وجل فيؤخذ لهم بحقوقهم»[56].
فالرجعة في العقيدة الشيعية، هي رجوع شخصيات بعينها انتقاما منهم، إلى هذه الحياة الدنيا، فيرجع المنتقمون، وهم من علت درجتهم في الإيمان، والمنتقم منهم، وهم من بلغ الغاية في الفساد، يقول أحد معاصريهم:
(من حصيلة مجموع الروايات الواردة في هذا الباب نلاحظ أنها تنص على رجعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمير المؤمنين عليه السلام، والإمام الحسين عليه السلام، وكذلك باقي الأئمة والأنبياء عليهم السلام. وتنص كذلك على رجعة عدد من أنصار الإمام المهدي عليه السلام، ووزرائه ، وبعض أصحاب الأئمة وشيعتهم، ورجعة الشهداء والمؤمنين، ومن جانب آخر تنص على رجعة الظالمين وأعداء الله ورسوله وأهل بيته عليهم السلام، وخصوم الأنبياء والمؤمنين، ومحاربي الحق والمنافقين)([57]).
وبما أن أول عدو للشيعة هو أول ظالم ظلم حق محمد والثاني والثالث[58]، وهم أشد من بلغ الغاية في الظلم والفساد، فهم أول الراجعين لينتقم المهدي منهم.
إن هذه العقيدة هي من العقائد التي أجمعت الشيعة الاثني عشرية على الاعتقاد بها، يقول عالمهم الحر العاملي في كتابه "الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة" بعد أن ذكر أدلتهم على الرجعة: «ومنها –أي الأدلة- إجماع جميع الشيعة الإمامية، وإطباق الطائفة الاثني عشرية على اعتقاد صحة الرجعة، فلا يظهر منهم مخالف يعتد به من العلماء السابقين ولا اللاحقين، وقد علم دخول المعصوم في هذا الإجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي والأئمة عليهم السلام، الدالة على اعتقادهم بصحة الرجعة، حتى أنه قد ورد ذلك عن صاحب الزمان محمد بن الحسن المهدي»[59]
عن أبي عبد الله قال: (ما يقول الناس في هذه الآية ويوم نحشر من كل أمة فوجا، قلت يقولون إنها في القيامة، قال ليس كما يقولون، إن ذلك في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا ويدع الباقين، إنما آية القيامة قوله : وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا)([60])
وعنه قال: « فمهل الكافرين يا محمد، أمهلهم رويدا لوقت بعث القائم عليه السلام فينتقم لي من الجبارين والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس »[61]
ورأس الطواغيت عندهم هما الجبت والطاغوت، أبو بكر وعمر، صهري رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصرحون بهذا في روايات أخرى، كقصة ابن المهزيار الذي التقى الإمام المنتظر في واد بعد الطائف، -ولا أدري ما الذي جاء به إلى الطائف! فلعله مل من السرداب في سامراء- فمما قال له: «ألا أنبأك الخبر أنه إذا قعد الصبي، وتحرك المغربي، وسار العماني، وبويع السفياني يأذن لولي الله، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا سواء، فأجئ إلى الكوفة وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأول، وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة، وأحج بالناس حجة الإسلام، وأجئ إلى يثرب فأهدم الحجرة، وأخرج من بها وهما طريان، فآمر بهما تجاه البقيع، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما، فتورق من تحتهما، فيفتتن الناس بهما أشد من الفتنة الأولى، فينادي مناد من السماء: يا سماء أبيدي، ويا أرض خذي، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان. قلت: يا سيدي، ما يكون بعد ذلك. قال: الكرة الكرة، الرجعة الرجعة».[62]
ويقرر شيخهم المجلسي هذه العقيدة بعد أن ذكر أدلتها، فيقول: «اعلم يا أخي ! أني لا أظنك ترتاب بعد ما مهدت وأوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار، واشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار، حتى نظموها في أشعارهم، واحتجوا بها على المخالفين في جميع أمصارهم، وشنع المخالفون عليهم في ذلك، ...وكيف يشك مؤمن بحقية الأئمة الأطهار عليهم السلام، فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام، والعلماء الأعلام، في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم كثقة الإسلام الكليني، والصدوق محمد ابن بابويه، والشيخ أبي جعفر الطوسي – وذكر أسماء من أخرج هذه الروايات- ثم قال: وظني أن من يشك في أمثالها فهو شاك في أئمة الدين، ولا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين، فيحتال في تخريب الملة القويمة، بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين، وتشكيكات الملحدين، يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره المشركون»[63]
وسيأتيك في المبحث التالي، كيف أن الشيعة تربى بهذه العقائد وبهذه الأماني منذ زمن بعيد.
عقيدة البداء:
إن من العقائد الباطلة التي ابتدعها اليهود، وافتروها في دينهم، قولهم بالبداء على الله عز وجل، وأنه يبدو له الشيء فيغير ما كان قد سبق له تقديره، ويقولون في التوراة: «إن الله ندم على خلق البشر لما رأى سوء أفعالهم» تعالى الله. [64]
ولعله تم استيراد هذه العقيدة للمذهب الشيعي بدافع الحاجة، إذ أن من أصوله التي اطلعتَ عليها، أن الإمام يعلم الغيب، فكانت أخبار أئمتهم ترِد ببشارة قريبة، أو نصر متوقع، أو ظهور للمهدي، فيتخلف الوعد، ولا يحصل المأمول، فيعتذر الإمام بأن الله قد بدا له شيء فغير أمره، أما الإمام فقد أخبر على نحو ما كان قبل البداء.
ولهذا لما توفي إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق، في حياة أبيه، وقد كان أبوه عينه على أنه الإمام من بعده، نسبوا إلى أبي جعفر أنه قال: «ما بدا لله في شيء كما بدا له في ابني إسماعيل... إذ اخترمه قبلي، ليعلم أنه ليس بإمام بعدي»[65].
لكن من الشيعة من لم يقبل هذا التعليل، ولم تنطل عليه الحيلة، ولم يقبل أن يتغير الإمام، فانشقوا عن أصحابهم، وتوقفوا على إسماعيل، وزعموا أنه المهدي...
ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي يخطئ فيها خبر المعصوم، ويعين الإمام ابنه المنصوص عليه بزعمهم من الله عز وجل، ثم يموت الولد المعين، قبل موت أبيه الإمام.
فقد حصل أن مات محمد بن علي التقي الإمام العاشر، وقد كان أبوه عينه هو الإمام من بعده، وإليك الخبر:
عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد ما مضى ابنه أبو جعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر ابن محمد عليهم السلام، وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبو محمد المرجى بعد أبي جعفر عليه السلام، فأقبل عليَّ أبو الحسن قبل أن أنطق فقال: «نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله، وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبو محمد ابني الخلف من بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة».[66]
ويروون أن هذه العقيدة التي تنسب الجهل إلى الله عز وجل، هي من تعظيم الله عز وجل.
ففي رواياتهم: «ماعبد الله بشيء مثل البداء» و «ما عظم الله بشيء بمثل البداء»[67]
وقد كثر التترس بهذه العقيدة في موضوع المهدي، إذ تكررت البشارات بظهوره، واقتراب الفرج بخروجه، ولكن يأبى الله الذي لا يطلع على غيبه أحدا إلا إكذاب هذه الدعوات، ومع ذلك فلا حرج على الإمام، فإنه كان قد اطلع على اللوح المحفوظ فأخبر صادقا بما سيقع، لكن الله بدا له، فمحا وأثبت.
وكانت البشارات تضرب لآجال قريبة في بادئ الأمر.
فقد قال أبو جعفر: « ليس بين قيام القائم عليه السلام وقتل النفس الزكية أكثر من خمس عشرة ليلة»[68]
ثم زيد في المدة...
فعن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: « يا ثابت: إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الأمر في السبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل الأرض، فأخره إلى أربعين و ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب»[69].
وتكرر هذا الأمر، وطالت الحسرة على هؤلاء الذين ينتظرون الفرج، واشتد يأسهم، وتكرر إخلاف أئمتهم، فيموت أحدهم أسفا قبل يدركه الموت ويدفن في حفرته، وقد قضى عمره ينتظر المهدي، لينتقم وينتصر، ويشفي الصدر، لكنه لا يدرك إلا الغم والنكد، ولا يلقى من انتظاره إلا حرقة الانتظار، ويصور لنا أحد شعرائهم هذه الآلام فيقول:
كفى أسفا أن يمر الزمان * ولست بناه ولا آمر
وأن ليس أعيننا تستضئ * بمصباح طلعتك الزاهر
على أن فينا اشتياقا إليك * كشوق الربى للحيا الماطر
وطول انتظارك فت القلوب * وأغضى الجفون على عائر[70]
وتطييبا لخاطر هذا الذي قضى عمره في تتبع الأخبار وانتظار الإمام، رووا عن أبي عبد الله أنه قال: «من مات وهو عارف لإمامه لم يضره، تقدم هذا الأمر أو تأخر، ومن مات و هو عارف لإمامه، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه»[71]. وليس أمامه في القبر إلا منكر ونكير.
وما أشد ما تأخر هذا الفرج على منتظريه، وطال الوقت على مؤمليه، ولعل مدبري هذا الأمر كانوا على علم بأن لا فائدة من الانتظار، وأن لا فرج قريب، ولا مهدي سيظهر، بل لقد كانوا على علم تام، وإليك سيد الأدلة، أعني اعترافهم بأنهم كانوا على علم بما يفترون:
فقد روى الكافي عن علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: «الشيعة تربى بالأماني منذ مائتي سنة، قال: وقال يقطين-يقطين سني وابنه شيعي- لابنه علي بن يقطين: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن؟-أي ما كان يبشر به من ظهور دولة بني العباس- قال: فقال له علي: إن الذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد، غير أن أمركم حضر، فأعطيتم محضه، فكان كما قيل لكم، وإن أمرنا لم يحضر، فعللنا بالأماني، فلو قيل لنا: إن هذا الأمر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة، لقست القلوب ولرجع عامة الناس من الإسلام، ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألفاً لقلوب الناس وتقريبا للفرج»[72]، وما زالت الشيعة تربى بتلك الأماني إلى اليوم، أي منذ ثلاثة عشر قرنا.
وهذه حكمة عظيمة من حكم تشريع البداء واهتمام الأئمة به، كما ذكر علامتهم المجلسي، فقد علل هذا الاهتمام البالغ أنه لحكم كثيرة، وذكر منها: «أن يكون في هذه الأخبار تسلية من المؤمنين المنتظرين لفرج أولياء الله وغلبة الحق وأهله... لأنهم عليهم السلام لو كانوا أخبروا الشيعة في أول ابتلائهم باستيلاء المخالفين وشدة محنتهم، أنه ليس فرجهم إلا بعد ألف سنة، ليئسوا ورجعوا عن الدين. ولكنهم أخبروا شيعتهم بتعجيل الفرج، وربما أخبروهم بأنه يمكن أن يحصل الفرج في بعض الأزمنة القريبة، ليثبتوا على الدين، ويثابوا بانتظار الفرج كما مر في خبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه»[73]. ثم ساق الحديث السابق ذكره من أن الشيعة تربى الأماني...فاعترفوا أنهم كانوا يخبرونهم بخروج المهدي وهم يعلمون يقينا أنه لن يخرج في ذلك الوقت، تثبيتا وتأليفا، وقد صدقهم أولائك المساكين، ويا للعجب من هذا العالم الذي يعتبر الكذب حكمة عظيمة، ويتبع إماما كذابا، يربي أتباعه بالأكاذيب.
وفي الحقيقة إن المتتبع لأحوال الشيعة ليرثي لما هم عليه، فهاهم مشايخهم يربونهم بالأماني، ويعدونهم بالشيء ليسكنوهم ويدخلوا عليهم السرور، تماما كما يعد الأب المعدم ابنه بشراء ما طلبه منه، ويبتسم في وجهه ويجفف دموعه، وهو يعلم في نفسه أن هذا لن يكون، ثم إنك لترثي لحالهم أكثر، وأنت ترى ما يلحقونه بأنفسهم وبأبنائهم من الأذى والجراحات، وإراقة الدم وضرب الصدور والظهور بالسلاسل، تقربا إلى الله، فلم يكفهم الأذى المعنوي والنفسي الذي ألحقوه بهم، حتى أثخنوهم بالجراح، وآلموهم بالسياط، وأخذوا أموالهم باسم الخمس، واستحلوا فروج بناتهم باسم المتعة، وجعلوهم أضحوكة الأولين والآخرين، «ومن يهن الله فماله من مكرم إن الله يفعل ما يشاء».
عقيدة التقية:
لقد عرف الفكر الإسلامي عبر التاريخ، الكثير من التيارات الفكرية، والمذاهب العقدية، المختلفة والمتباينة، لكن أكثرها دهاءً وتلونا، وأقدرها على التغلغل برفق في المجتمعات، والذوبان بسلاسة في مختلف البيئات، هو المذهب الشيعي، فقد استفاد من الصياغة اليهودية المتقنة لعناصر التخفي والبقاء، وأتقن متَّبعوه سلاح التقية، وتلقوه عقيدة ودينا، وتربوا عليه منذ نعومة أظافرهم، فعاش هذا المذهب مستخفيا عبر الزمن، يخفي عقائده، ويواري أفكاره، ولم تُعرف الكثير من كتب المذهب الشيعي إلا بعد قيام الدولة الصفوية في إيران، وإلا بعد انتصار ثورة الخميني، حيث طبعت كتبهم واطلع العالم المسلم على هذا المذهب، وكان كثير من عقائده في طي الكتمان.
وهكذا نظَّر مؤسسوا هذا المذهب لعقيدة التقية ليجعلوها من أهم ركائز الفكر الشيعي وأركانه، بل جعلوها تسعة أعشار الدين:
قال أبو عبد الله لأبي عمر: «يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له»
وعنه أيضا قال: «اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له، إنما أنتم في الناس كالنحل في الطير، لو أن الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا أكلته، ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبونا أهل البيت، لأكلوكم بألسنتهم، ولنحلوكم في السر والعلانية».[74]
وهكذا أخذت التقية مكانها من عقائدهم، وأصبحت ركنا من تركه قبل خروج القائم: «فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية، وخالف الله ورسوله والأئمة»كما تزعم الرواية. [75]
ولقد كانت هذه التقية، مصدر قوة للمذهب الشيعي، وأمانا كي يحيا بسلام داخل المجتمعات الإسلامية، ويفرِّخ ويبيض، حتى إذا ما وجد الفرصة الملائمة، والمكان المناسب، والجو الآمن، اندلع كالنار في الهشيم، فيبدأ بنشر المذهب وتأسيس الدولة بالقوة، كدعاة الدولة الفاطمية، الذين أقاموا بالمغرب دولتهم، ونشروا بحد السيف مذهبهم، وقتلوا كل من خالفهم، وقد كانوا في غاية من القلة والذلة، بل دخل المغرب ثلاث رجال ثم كونوا بعد ذلك دولة.[76]
لكن السحر انقلب على الساحر، فقد دمرت عقيدة التقية المذهب بكامله، وقضت بناءه من أركانه، وارتدت هذه المكيدة التي أسسها منظروا التشيع على مذهبهم بالنقض والإبطال. وإليك السبب:
يقول أحد علماءهم: «غير خفي على ذوي العقول من أهل الإيمان، وطالبي الحق من ذوي الأذهان، ما بُلي به هذا الدين من أولئك المردة المعاندين –أي الصحابة- بعد موت سيد المرسلين، وغصب الخلافة من وصيه أمير المؤمنين، وتواثب أولئك الكفرة عليه، وقصدهم بأنواع الأذى والضرر إليه، وتزايد الأمر شدة بعد موته صلوات الله عليه، وما بلغ إليه حال الأئمة صلوات الله عليهم من الجلوس في زاوية التقية، والإغضاء على كل محنة وبلية، وحث الشيعة على استشعار شعار التقية، والتدين بما عليه تلك الفرقة الغوية –أي التدين بدين أهل السنة-، حتى كُورت شمس الدين النيرة، وخسفت كواكبه المقمرة، فلم يُعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل، لامتزاج أخباره بأخبار التقية، كما قد اعترف بذلك ثقة الإسلام وعلم الأعلام محمد بن يعقوب ... فصاروا صلوات الله عليهم محافظة على أنفسهم وشيعتهم، يخالفون بين الأحكام وإن لم يحضرهم أحد من أولئك الأنام، فتراهم يجيبون في المسألة الواحدة بأجوبة متعددة وإن لم يكن بها قائل من المخالفين، كما هو ظاهر لمن تتبع قصصهم وأخبارهم وتحدى سيرهم وآثارهم»[77].
فكانت المحصلة، نصوصا متضاربة، وأقوالا متعارضة، تنسب كلها إلى نفس الإمام، خوفا على نفسه كما يزعمون، ولا أدري ماذا يدفع عنه أن يضارب بين فتاويه، ويخالف بين أقواله، وأي خوف يحمل الإنسان على هذا الكذب والافتراء على الله، والقول في دين الله ما ليس منه، وكيف يكون هذا الكذب دفعا للقتل عن النفس!! بل لأن يقتل المسلم ويقطع، أهون عليه من أن يقول على الله الكذب وهو يعلم!.
وقد اعترف بهذا التضارب، شيخ الطائفة الطوسي كما يلقبونه بينهم، فقال وهو يحاول وجود حل لهذه المعضلة: «ذاكرني بعض الأصدقاء أيده الله ممن أوجب حقه علينا، بأحاديث أصحابنا أيدهم الله ورحم السلف منهم، وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد، حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا، وتطرقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا»[78].
ثم ذكر عن شيخه أبي الحسن الهاروني العلوي أنه كان يعتقد الحق، ويدين بالإمامة، فرجع عنها لما التبس عليه الأمر في اختلاف الأحاديث، وترك المذهب.[79]
وقد بلغ من خطورة هذا الأمر أن الإمام يفتي بشيء، فترد عليه فتواه، ولا يقبل منه قوله، بدعوى أنه تقية.
كما وقع لأحدهم وهو شعيب العقرقوفي الذي سمع الإمام الصادق عليه السلام ينهى عن أكل ذبائح أهل الكتاب، قال شعيب: «فلما خرجنا من عنده، قال لي أبو بصير: كلها فقد سمعته وأباه جميعا يأمران بأكلها، ثم سأل الإمام عن ذلك، فقال: لا تأكلها، قال شعيب: فقال لي أبو بصير: كلها وفي عنقي، فسأل الإمام ثانية، فقال: لا تأكلها، فقال أبو بصير: سله ثالثة، قال شعيب: فقلت: لا أسأله بعد مرتين»[80]وأبو بصير هذا من أكابر رواتهم.
فهذا حال الإمام المعصوم الذي لا يجوز مخالفته والراد عليه كالراد على الله تعالى، بعد أن أفسدت عليه التقية صدقه، وجعلت أتباعه يصدون عن قوله، ويردون فتواه في وجهه.
وقد نقضت هذه النصوص المتضاربة عقيدة عصمة الأئمة، وأن أقوالهم معصومة، إذ أصبح لكل قول قول يضربه، ولكل دليل دليل يناقضه، فأين كلام الإمام الذي هو حجة على الخلق، هل هو ذا أم ذا !!! وأي القولين تقية!؟
وسنذكر أمثلة استعمالهم لهذه التقية التي قطعت المذهب، وملأته بالاختلاف والاضطراب، فضاع بذلك ما أصلوه من اللطف بوجود الإمام، والأمر بطاعته، وأنه لولاه لما عرف الناس كيف يعبدون الله، وغير ذلك، وكما ذكر الطوسي فإن هذا من أكبر الطعون على المذهب، فكل ما حاولوا إيراده لإثبات وجوب وجود الإمام، وأنه لطف لازم لحفظ الشريعة وهداية الخلق، قد انتقض، فأصبح الإمام وأقواله سببا للاختلاف والاضطراب، وتضليل الناس، فيفتي مرة بالإباحة ومرة بالتحريم، ومرة يفسر الآية بمعنى، ومرة بمعنى مخالف، وما هذا الاختلاف الكثير، إلا مصداق واضح لقوله تعالى «ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا»
فمن أمثلة استدلالهم بالتقية، أنه عندما استدل عليهم مخالفوهم ببطلان ما ادعوا من أن الرسول صلى الله عليه وآله قد وصَّى بالخلافة لعلي ، وأن الصحابة ظلموه حقه، واغتصبوا منصبه، بأنه لو كان الأمر كما زعموا، لما زوج علي ابنته لعمر بن الخطاب رضي الله عنه خليفة المسلمين، فهذا دليل على الأخوة التي كانت تربطهم، والمودة التي كانت تسري في قلوبهم، مع رابطة الدين المتينة، فيجيبون بأن ذلك كان من علي تقية.
يقول الطوسي «فإن قيل: لو كان الأمر على ما ذكرتموه من النص لما زوج أمير المؤمنين عليه السلام بنته من عمر، وفي تزويجه إياها دليل على أن الحال بينهم كانت عامرة بخلاف ما تدعونه، ويدعي كثير منكم أن دافعه كافر. قلنا: في أصحابنا من أنكر هذا التزويج، وفيهم من أجازه وقال فعل ذلك لعلمه بأنه يقتل دونها، والصحيح غير ذلك وأنه زوجها منه تقية».[81]
والعجب كيف ينسبون لعلي الشجاعة والقوة ويضيفون إليه الخوارق والمعاجز، ثم يروون عن أبي عبد الله أنه قال في تزويج أم كلثوم: «إن ذلك فرج غصبناه»[82].
وكيف يرضى علي أسد بني هاشم بهذا الذي لا يرضى به صعلوك من صعاليك العرب، فضلا عن ساداتهم وأشرافهم في الجاهلية والإسلام.
وبسبب التقية أيضا، تتضارب الروايات عن الإمام المعصوم حتى في تفسير كلام الله تعالى:
فعن موسى بن أشيم قال: «كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عز وجل فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر به الأول، فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه، وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطاء كله، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي، فسكنت نفسي، فعلمت أن ذلك منه تقية، قال: ثم التفت إلي فقال لي: يا ابن أشيم إن الله عز وجل فوض إلى سليمان بن داود فقال: «هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب» وفوض إلى نبيه، صلى الله عليه وآله فقال: «ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا » فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا»[83].وهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يناقض أخباره، ويفتن أصحابه حتى كأنهم يشرحون بالسكاكين !!
وهكذا يتربى الشيعة على التقية، وعندما تلتقي شيعيا وتسأله عن بعض عقائد مذهبه كتكفير الصحابة مثلا، فإنك ستجده ينكر ويقسم ويتهرب، ويستخدم أغلظ الأيمان، ويدعوا ثبورا، ويلعن من قال ذلك، وكل هذا مباح في شرعه، بل هو مثاب على كذبه ونفاقه، بل لو تركها لخرج من دين الإسلام.
«[1]» صاحب كتاب من أهم كتبهم وهو: بحار الأنوار، في مائة وعشر مجلدات.
[2] بحار الأنوار ج26 ص82 وفي الكافي وغيره روايات كثيرة تؤكد ذلك، نذكر منها هذه الرواية في باب الفرق بين النبي والرسول والمحدث، قال: «كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والامام؟ قال: فكتب أو قال: الفرق بين الرسول والنبي والامام أن الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع والامام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص» الكافي - الكليني - ج 1 ص 176.
[4] عقائد الإمامية - الشيخ محمد رضا المظفر - ص 74
[5] الكافي، ج2 ص18
[6] انظر هذه الروايات في الكافي ج2 ص21،22،32. أمإلي الصدوق ص221، 279، 510. ثواب الأعمال ص 15. إثبات الهداة ج1 ص90، 91، 529، 545، 635. رجال الكشي ص 356. علل الشرائع ص 94 تفسير العياشي ج2 ص 117. أمإلي المفيد ص209. أمإلي الطوسي ص 530. من لا يحضره الفقيه ج1 ص 101، 131
[7] وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 1 - ص 123 وفي امالي الصدوق ص 154 والبحار ج24ص51/ج27 ص167 وغيرها.
[8] بحار الأنوار - المجلسي - ج 25 ص 350، ونكتة قوله معروفي النسب أنهم يعتقدون بأن المهدي قد يحضر مجالس الفقهاء، ويقول قولا، فيستدلون بجهلهم به وبنسبه، على أنه هو المهدي.
«[9]» العصمة - السيد علي الميلأني - ص 13 - 14
«[10]»عقائد الإمامية - الشيخ محمد رضا المظفر - ص 70، وهذا الكتاب يدرس ضمن مقررات الحوزة العليمة.
«[11]» الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 196
«[12]» الحكومة الإسلامية ص 113
«[16]» الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 196 - 197
«[18]»عقائد الإمامية - الشيخ محمد رضا المظفر - ص 67 - 68
[19] الرد على شبهات الوهابية - الشيخ غلام رضا كاردان - ص 17وهذا الرجل قد قابلته شخصيا في مدينة قم.
«[20]» كامل الزيارات - جعفر بن محمد بن قولويه - ص 541 - 542
«[22]»مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني - ج 1 - ص 41
[23] بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية - السيد محسن الخزازي - ج 1 - ص 246
[24] بحار الأنوار - المجلسي - ج 42 - ص 78،82 وكررها في في عشر مواضع، و مختصر البصائر ص 14 والغيبة للطوسي ص16، 119.
[25] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 46 - ص 329 – 330 و الاختصاص ص 201
«[26]» خصائص الأئمة للشريف الرضي ص49 -50
«[27]» عيون المعجزات - حسين بن عبد الوهاب - ص 22، ونوادر المعجزات – الطبري «شيعي»- ص36 ومدينة المعاجز –سيد هاشم بحراني- ج1 ص251
[28] مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني - ج 1 - ص 142 و الثاقب في المناقب ج2ص 248 ومشارق أنوار اليقين ص85.، ويروون مثل ذلك عن سائر الأنبياء، بل رووا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يا علي إن الله أيد بك النبيين سرا، وأيدني بك جهرا » مدينة المعاجز ج 1ص 144
[29] مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني - ج 1 - ص 220 ورواه في فرائد السمطين ج1ص185.
[30] المقالات والفرق ص102 وقد ذكرت كتب التاريخ هذه الحقيقة، وأكدت على أنه لم يعرف للحسن العسكري ولد، وإنما اقتصرت في النقل على هذا الكتاب لألتزم بالنقل من كتبهم فقط.
«[31]» انظر الرواية في بحار الأنوار ج25 ص115
[33] انظر ماكتبه الدكتور فيصل نور في كتابه: الإمامة والنص ص141-257
[34] منهاج السنة ج8 ص248
[36] نفس المصدر ص 292 – 293 وانظر البحار ج47 ص334 والاحتجاج ص470
[37] انظر ما حكاه الطوسي في باب ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله، فقد ذكرا عددا منهم ولعنهم، وأورد تواقيع المهدي الصادرة في حقهم. ص397 وما بعدها.
[38] نفس المصدر ص373 وانظر الرواية في البحار ج 52 ص358 عند ترجمته
[39] نفس المصدر ص393
[40] نفس المصدر ص285 وانظر ما كتبه الدكتور ناصر القفاري، حول البابية، ج2ص892 من كتابه أصول مذهب الشيعة
[41] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 52 - ص 386
[42] نفس المصدر
[43] نفس المصدر ج52 ص283 وكمال الدين ص352 وإثبات الهداة ج3ص469
[44] المصدر السابق
[45] المصدر السابق ج52ج346
[46] المصدر السابق ج 52 ص 379وعيون أخبار الرضا ج2ص61
«[47]»الخبر في علل الشرائع ج2ص267 والبحار ج52ص314 وإثبات الهداة ج3ص498 ودلائل الإمامة ص256،ومختصر بصائر الدرجات 213 ومستدرك الوسائل ج18ص91 وجامع أحاديث الشيعة للبروجردي ج25ص453 وتفسير نور الثقلين ج3ص467والإيقاظ من الهجعة ص232
[48] الإرشاد - الشيخ المفيد - ج 2 - ص 383 والبحار ج52ص338 والأنوار البهية –عباس القمي- ص382
[49] بحار الأنوار ج 52 ص 349 والغيبة –للنعماني- ص241
[50] بحار الأنوار ج 52 ص 354 والغيبة –للنعماني-ص238
[51] شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج 13 - ص 161ودلائل الإمامة ص441 وبحار الأنوار ج51ص80/85/91 والأربعين – الماحوزي- ص208
[52] الإرشاد ص413 وأعلام الورى –الطبرسي- ص433
[53] بحار الأنوار ج52ص354
[54] الفوائد المدنية والشواهد المكية - محمد أمين الإسترآبادي، السيد نور الدين العاملي - ص 532 - 533
[55] نسب إلى عبد الله بن يعرب أو إلى غيره، انظر خزانة الأدب – البغدادي- ج1 ص409
[56] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 53 - ص 44
([57])الرجعة أو العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت - مركز الرسالة - ص 53 - 54
[58] أي أبو بكر وعمر وعثمان، وهذا نص من دعاء يوم عاشوراء المشهور عندهم، انظر كامل الزيارات ص331 والمزار ص 484 والبحار ج98 ص293
[59] نفس المصدر ص 63-64 ويقصد أن المهدي أخرج لهم توقيعا بذلك، وهذا من أقوى الأدلة عندهم.
[62] دلائل الإمامة للطبري ص 522
[63] بحار الأنوار ج 53 - ص 122 - 123
[64]انظر بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود –عبد الله الجميلي- فقد نقل النص من التوراة ج1 ص317
[65] الاعتقادات في دين الإمامية ص 41 والتوحيد كلاهما لابن بابويه «الصدوق»- ص336
[66] الكافي ج 1 - ص 327 ومدينة المعاجز ج7 ص522 والإرشاد للمفيد ج2 ص314 وكشف الغمة –الإربلي- ج3ص201
[67] انظر الروايتين في الكافي ج1 ص 146-148
[68] الإرشاد - الشيخ المفيد - ج 2 - ص 374
[69] الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 368
[70] ديوان السيد حيدر الحلي ج 1 - ص 32
[71] الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 372
[72] ج 1 - ص 369
[73] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 4 - ص 131 - 132
[74] انظر هذه الروايات في الكافي باب التقية ج 2 - ص 217 - 218
[75] الاعتاقادات ص114-115
[76] انظر أخبار الدولة الفاطمية وما صنع دعاتها، تاريخ ابن خلدون ج 4 ص 31 فما بعدها
[77] الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 1 - ص 4 - 5
[78] تهذيب الأحكام –الطوسي- ج1 ص2
[79] نفس المصدر
[80] ذبائح أهل الكتاب - الشيخ المفيد - ص 9 – 10وبحار الأنوارج 63 ص15
[81] الاقتصاد - الطوسي - ص 213
[82] الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 346
[83] الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 265 - 266
-
الاثنين PM 01:11
2021-07-26 - 2304