المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414899
يتصفح الموقع حاليا : 333

البحث

البحث

عرض المادة

الاتهامات الموجهة للطوسي وابن العلقمي

وجهة للرجلين تهم عديدة تشير إلى مشاركتهما في إسقاط الخلافة العباسية  ، وقد رد البعض هذه الاتهامات  وحاول تبرير تصرفات الرجلين  أو إنكار ما أمكنه إنكاره  وزعموا بأن سبب هذه الاتهامات هو العداء والخلاف المذهبي فقط

فما هو الصحيح ؟ إجابة على هذا السؤال  نذكر هذه التهم  ونرى هل كانت فقط من أعداء ومخالفين للمذهب الشيعي أم هذا منسجم مع عقائد ومبادىء المذهب الشيعي  وهل أقر بهذه الخيانات أحد من الشيعة  وقبل البدء أذكر أنني سوف أحرص إن شاء الله على أن يكون أكثر النقل في مناقشة هذه الاتهامات عن كتب ومراجع شيعية , أو حيادية , أو محسوبة على التاريخ المغولي وفي النادر سوف أذكر مراجع لعلماء السنة وهذا غالباً لتوضيح معنى ورد عند غيرهم من المراجع السابقة وأسأل الله التوفيق و الإعانة والسداد .

التهم الموجهة للطوسي

1- خيانته للإسماعيلية

بلغ الطوسي عند الإسماعيلية مرتبة عالية حتى أطلقوا عليه أستاذ الكائنات وكان الوزير المطلق لديهم([1])ويقول عارف تامر([2])[ وأما الإسماعيليون فكانوا يطلقون عليه أسم الداعي الأجل وحجة الإمام وداعي الدعاة ] أﻫ .

ومع هذا كان يعتبر حياته معهم لا يوجد أكدر منها ولا أصعب حالاُ منها بل هي عذاب أليم وحيرة وندم عظيم و…و… , وهذا الوصف كتبه في آخر كتابه " شرح الإشارات " وهو الذي ألفه خلال أقامته في قلاع الإسماعيلين [انظر كتاب أعيان الشيعة 9/416, والعلامة الخواجة نصير الدين الطوسي لمحمد تقي مدرسي] .

وأما عن سبب هذا الشعور فبعض المؤرخين يرجع هذا إلى أن سبب قدومه على الإسماعيلين هو أنهم هددوه  وأرغموه على المقام عندهم.

وقسم يرى أنه ذهب إلى ناصر الدين برغبته لما دعاه ناصر الدين ولكن حدث أمر جعل ناصر الدين يحبسه ويقول محمد الزنجاني – شيعي – أن هذا بسبب اختلاف عقيدته عن عقيدتهم ([3])هذا عن حاله معهم لكن ماذا عن دوره في إسقاط قلاعهم .

بطبيعة الحال نحن لا ندافع عن الإسماعيلية فقد كانوا معاول عدم هدم للأمة الإسلامية على جميع النواحي العقائدية أو السياسية , وقد وصفهم عارف تامر وهو منهم في تلك الحقبة فقال  : [ يوم كانت شوكة في عين الدولة العباسية وغيرها من الدول والإمارات ] ([4]).

وكما قيل فيهم [ مذهب ظاهره التشيع وباطنه الكفر والزندقة] ولكن يهمنا أن نوضح سلوك هذا الرجل وطريقة تعامله مع من يخدمهم .

نقل المشهداني([5])  "عن عبد الأمير الأعسم ([6])أن الطوسي راسل المغول سراً حوالي 650ﻫ وهذا الكتاب يشيد به الشيعي عارف تامر([7]) فيقول  : [ الذي لا يسعـني إلا الإشادة بـمقدرته وسعة إطلاعه ] .

علماً أنه في سنة 651هـ أصدر منكو خان أمراً إلى أخيه هولاكو بالتوجه لإخضاع الجهات الغربية منهم ([8])  وقد قال الهمذاني ([9]) [فلما أن كان منكوخان يودع أخاه كلفه بأن يرسل إليه الخواجه   نصيرالدين بعد الاستيلاء على قلاع الملاحدة ] فهذا مما يشهد لتلك الرسالة ويقوي احتمال  صحتها  ويقول الهمذاني أيضا ([10])( وفي ذلك الوقت – هجوم المغول على الإسماعيلين – كان مولانا السعيد الخواجة نصير الدين الطوسي الذي كان أكمل وأعقل العالم وجماعة آخرون من الأطباء ... يقيمون لدى ملك الإسماعيلية مكرهين .... وكانوا قد ملوا ملازمة الملاحدة ونفروا  منهم ومالوا إلى هولاكو إلى أقصى حد ومن قبل كانوا يرغبون في ذلك فصاروا يتشاورون سراً لكي يجعلوا هذا الملك يخضع لهولاكو على الوجه الأحسن والطريق الأسهل وانضم إليهم كثر من الغرباء والمسلمين … ولهذا السبب لم يدخروا وسعاً في حث خورشاه على الخضوع والطاعة وصاروا يخوفونه مغبة المقاومة وعدم التسليم فاستجاب لنصحهم .)  وهذا شبيه بالدور الذي لعبه ابن العلقمي مع الخليفة

ويقول الميرزا النوري الطبرسي([11]) : [ ثم لما قرب إيلخان المشهور بهولاكوخان من قلاع الإسماعيلية لفتح تلك البلاد خرج ولد الملك علاءالدين عن القلعة بإشارة المحقق– الطوسي-  سراً واتصل بخدمة هولاكوخان فلما استشعر هولاكو أنه جاء عنده  بإجازة المحقق ومشاورته وافتتح القلعة ودخل بها أكرم المحقق غاية الإكرام و الإعزاز ] .

فالقضية ليست كما يصورها حسن الأمين في دفاعه عن الطوسي بأن هولاكو أبقاه لعلمه فقط وأن الطوسي مكث عنده مكرهاً ([12]) .

بل أن السبب الحقيقي كما يقول مؤرخ المغول الهمذاني([13]) : [ ولما تأكد هولاكو من صدق و إخلاص الخواجه نصير الدين الطوسي و… شملهم بعطفه وإنعامه وأعطاهم الخيول اللازمة لحمل أهلهم ومواليهم وأقاربهم مع أتباعهم وخدمهم وأشياعهم وإخراجهم من القلعة وألزمهم حضرته وأبناؤهم حتى اليوم ملازمون للحضرة , ومقربون من هولاكوخان وأفراد أسرته المشهورين ]  .

وقد سبق بعض هذا وزيادة في مكانة الطوسي عند هولاكو فهل بعد هذا يقال إنه مجبر وستأتي – إن شاء الله – حوادث توضح بجلاء أكثر أنه يعمل لا خوفاً يل بإخلاص لتقوية هذه الدولة لما تحققه له من أهداف على حساب الأمة التي ينتسب إليها . 

2- تحريضه على غزو العراق وبغداد

      مر معنا في حكم الشيعة على أهل السنة بالكفر وإباحة دماءهم ونقلنا حكم الطوسي بكفر أهل السنة و إباحة دماءهم [ راجع …] فلا عجب ولا غرابة إذاً أن يحث هولاكو على غزو بغداد

ومما يشهد لوقوع هذا التحريض غير ما يذكره علماء ومؤرخوا أهل السنة  ما ذكره  بعض علماء الشيعة من أن الطوسي كان له دور في عزم هولاكو على غزو بغداد . نعم لم يكن هو ولا ابن العلقمي الدافع الأول لكن لا يعني هذا أنه لم يكن لهما دور .

يقول محدثهم النوري الطبرسي ([14]): [ ودخل القلعة ودخل بها – هولاكو – وأكرم المحقق – الطوسي – غاية الإكرام والإعزاز وصحبه وارتكب الأمر الكلية حسب رأيه وإجازته فأرغبه المحقق لتسخير عراق العرب فعزم هولاكوخان على فتح بغداد وسخر تلك البلاد والنواحي واستأصل الخليفة العباسي ] .

فانظر إلى هذه العبارات التي تفوح  منها رائحة  الشعوبية  والحقد على الإسلام والعروبة !!

ويقول نظمي زاده ([15])في كتابه كلش خلفا ترجمة كاظم نورس (ص127) [ وبتشويق من نصير الطوسي أتجه نحو بغداد ] .

ويقول محمد تقي مدرّسي رضوى ([16]): [ وبعد أن فرغ هولاكو من أمر الإسماعيلية فكر بغزو بغداد وتأديب السلطان العباسي فاستشار الخواجه الطوسي وطلب منه أن يتقصى هذه المهمة عبر التنجيم ويخبره بالنتيجة .

فتأمل الخواجه في طلب هولاكو كثيراً ثم وافاه بما توصل إليه فقال : إن الذي يلوح من التنجيم هو أن المستعصم سينتهي أمره , أن العراق سيقع تحت تصرف الملك بلا جهد ومشقة , وبالغ الخواجه مبالغة جعلت هولاكو يثق بكلامه حتى شد رحاله تلقاء بغداد وهو مطمئن البال ] .

فهل يعقل بعد هذا أن يقال أنه خائف مضطر فتأمل قوله [وبالغ الخواجه مبالغة جعلت …].

وينقل محمد المدرسي في نفس الكتاب([17])فيقول [ ويرى القاضي نور الشوشتري – شيعي – في كتاب مجالس المؤمنين أن الخواجة : (( لما كان الخواجة على علم بتعصب المستعصم مذهبياً وطرق سمـعه ما يـلاقيـه الـشـيعة من المحن : حث هولاكو على غزو بغداد ))  ] .

وقد حاول بعض المنجمين أن يثني هولاكو عن غزو بغداد عن طريق التنجيم لأن هولاكو يعتقد به أشد الاعتقاد ولكن أفشل هذه المحاولة نصير الدين الطوسي , وإليك سياق هذا الحدث كما في جامع التواريخ للهمداني ([18])حيث يقول : [ وكان الخان يتشاور مع أركان الدولة وأعيان الحضرة في أمر تصميمه على الزحف إلى بغداد فكان كل منهم يبدي رأيه حسب ما يعتقد ثم طلب حسام الدين المنجم الذي كان مصاحباً له بأمر القاآن… وقال له : (( بين كل ما يبدو لك في النجوم دون مداهنة ))  ولما كانت له جرأة بسب تقربه فقد قال للملك بصوره مطلقة : أنه ليس ميموناً قصد أسرة الخلافة والزحف بالجيش إلى بغداد إذ أن كل ملك – حتى زماننا هذا – قصد بغداد والعباسيين لم يستمتع بالملك والعمر و إذا لم يصغ الملك إلى كلامي , وذهب إلى هناك فستظهر ستة أنواع من الفساد

أولها : أن تنفق الخيول كلها , ويمرض الجنود .

ثانيها : أن الشمس لا تطلع .

ثالثها : أن المطر لا ينزل .

ربعها : تهب ريح صرصر , وينهار العالم بالزلازل .

خامسها : لا ينبت النبات في الأرض .

سادسها : أن الملك الأعظم يموت تلك السنة .

فطلب منه هولاكو خان شهادة بصحة هذا الكلام فكتبها المسكين وقال اللامات (بخشيان) والأمراء : إن الذهاب إلى بغداد هو عين الصواب       

بعد ذلك استدعى هولاكو خان الخواجة نصر الدين الطوسي واستشاره فخاف الخواجة وظن الأمر على سبيل الاختبار فقال : "لن تقع أية واقعة من هذه الأحداث " فقال هولاكو : إذاً ماذا يكون ....... قال :إن هولاكو خان سيحل محل الخليفة . ثم أحضر هولاكو حسام الدين ليتباحث مع الخواجة الذي قال : لقد استشهد جمع كثير من الصحابة باتفاق آراء الجمهور وأهل الإسلام ولم يحدث فساد قط ولو قيل إن للعباسيين مكرمة خاصة بهم . فإن طاهراً جاء من خراسان بأمر  المأمون وقتل أخاه محمد الأمين وقتل المتوكل ابنه بالاتفاق مع الأمراء كذلك قتل الأمراء والغلمان المنتصر والمعتز وقتل عدد من الخلفاء على يد    جملة من أشخاص فلم تختل الأمور .                      شعر

                     فأضاء قلب الملك من قول العالم                

                                      كأنه زهرة اللعل في الربيع الباكر ([19])

   فلو  قبلنا أنه قال هذا الكلام خوفاً على نفسه فهل من يتسبب في قتل مئات آلاف من المسلمين وسقوط الخلافة الإسلامية في يد الوثنيين لينقذ نفسه يعتبر تصرف تصرفاً مسؤول  وكيف يقبل هذا من عالم يبجل ويحترم ويعتبر مجدد القرن السابع عند بني مذهبه . والذي يظهر من الروايات السابقة أن الطوسي لم يكن يمانع بل سبق أنه  يحبذ ويشجع غزو بغداد لحقده على أهل السنة وحكامهم وانتقاما لبني مذهبه

وأما التبرير بأن هذا نتيجة لاضطهاد العباسيين للشيعة فلو قبلنا هذا القول لكان تصرف أحمق جاهل يستحق صاحبه كل وصف بالخيانة والنذالة ولكن الصحيح أن المحرك الأول لهولاء هو معتقدهم الذي يرى أن أهل السنة  هم أكفر من على هذه الأرض   كما سبق في حكمهم على أهل السنة وكما مر من رأيه  الشخصي في كفر أهل السنة واستباحة دمائهم ([20])

وحتى تعلم أخي شعور هذا الوزير بعد الاستيلاء على بغداد هل ندم أو تأثر  بما حصل للمسلمين , إليك بعض الرسائل التي كتب لملوك المسلمين يتهددهم على لسان هولاكو .

نقل محمد تقي مدرسي ([21]) هذه الرسالة حيث قال : وبعد غزو بغداد أمر هولاكو الخواجة الطوسي أن يكتب رسالة باللغة العربية حول غزو مدينة السلام وقمع الحاكم العباسي …… ثم يرسلها إلى بلاد الشام … وفيما يأتي نص الرسالة : [ … يعلم الملك الناصر أننا    نزلنا بغداد سنة ست وخمسين وستمائة فاستأسرنا مالكها وسألنا وسائل فيها وندم   واستوجب من العدم وضن بالمال فآل به الأمر إلى ما آل واستبدل نفائس نفيسة نفوساً بذية خسيسة وكان ذلك ظاهراً فوجدوا ما عملوا حاضراً وقد قال القائل : إذا تم أمر  دنا نقصه ونحن في الاستزادة أما بعد يعلم الملك الناصر و… أنا جند الله خلقنا من سخطه وسلطنا على من حل عليه غضبه … ]  إلى أخر الرسالة بهذا الأسلوب وبهذا الروح وبهذا المنطق يخاطب العرب والمسلمين في الشام نيابة عن هولاكو الوثني لنعلم بعد ذلك هل كان تصرفه عن خوف أو عن عقيدة ومبدأ راسخ ثابت .

وانظر نماذج أخرى من رسائله تلك في جامع التواريخ ([22])وكذلك في محكمة التاريخ لمحمد المشهداني(ص87) وما بعدها حيث أورد رسالة للطوسي في وصف دخولهم بغداد و هي مهمة فراجعها غير مأمور  .

3- تهوينه قتل الخليفة  لدى هولاكو

ومما يتهم به أنه كان ممن هون مع ابن العلقمي على هولاكو قتل الخليفة انظر طبقات الشافعية (8/271) و البداية والنهاية لابن كثير (13/283) (13/214).

وممن ذكر   هذه القضية من الشيعة الميرزا محمد ننكابني ([23]).حيث يقول : "ونقل المؤرخون أن حسام الدين المنجم عرض على هولاكو أن لا يقتل المستعصم لأن  له رحماً برسول الله e وليس في قتله مصلحة وإذا ما قتله فإن الأرض ستهتز  وتنشق وتخر السماء عليها فرد الخواجة الطوسي كلامه وقال هذه كلها أباطيل , ولما تردد هولاكو بعد سماع كلام حسام الدين أشار عليه الخواجة أن يضعوا المستعصم  في بساط ويضغطوا عليه قليلاً    فإذا بان أثر كلام المنجم يترك , وإلا يضغط عليه حتى تزهق روحه من غير أن يراق دمه فاستحسن هولاكو كلام الخواجة وأمر أن يفعل به كما أشار ] .

وقد سـبق الكـلام عـلى طريـقة موت الخليفة في عرض نكبة بغداد ([24]).

ويعلق محمد تقي  المدرسي وهو معاصر  على  هذا الحوار قائلاً : [ وعلى فرض أن الخواجة ضالعا في ذلك العمل , وأنه هو الذي دفع هولاكو إلى    قتل الحاكم العباسي فإن   هذا العمل إذا كان ذنباً  لا يغتفر عند السني  المتعصب فهو ليس  ذنباً عند  الشيعي الذي لا يؤمن بالحكومة العباسي ويرى أن العباسين غصبوا حق  آل محمد صلوات الله  عليه وعليهم بل هو- عنده – باعث على التقرب إلى الله زلفى وكسب أجره وثوابه , و الخواجة الطوسي كان شيعياً وكان يرى أن الإقدام على هذا العمل تكليف شرعي وواجب  ديني ؛ فمن هذا المنطلق ليس لهذا الأمر عند الشيعة وقع يذكر حتى يكون داعياً إلى الكفر…]  ([25]).   فكيف بعد هذا يقال  أنهم يسعون لوحدة وطنية  بل  هم يعتبرون قتل  حكامنا حتى على يد الكفار  تقربا لله  حتى لو تسبب ذلك في استيلاء الكفار على مقدرات الأمة لأننا والكفار في  عقيدتهم سواء إن لم نكن الأعظم كفرا

وا نظر إلى عبارة شيعي آخر إسماعيلي  نجدها خرجت من نفس المعين  معين بغض أهل السنة وتكفيرهم فيقول عارف تامر ([26])  : [ من جهة أخرى … فيجب أن ندخل في حسباننا بأن  نصير الدين لم يكن يعتبر المستعصم العباسي خليفة شرعي للمسلمين بل كان يحصر هذه الرتبة بالفاطميين الذين ينحدرون من أسرة الرسول الكريم وربما كان هو السبب بوقوفه موقف اللامبالاة من كارثة بغداد ] .

ويقول  ([27]):  [أليس  في هذا – قبو له وزارة هولاكو – ما يؤكد إسماعيليته !!! ويلبي  رغبته بمشاهدة مصير الذين كانوا وراء النكبة الكبرى ] إ ﻫ .

فهذا هو المنطق المنسجم مع عقائد الشيعة الثابتة , وأما الدموع التي يطلقها البعض منهم على بغداد والإسلام في هذه الحادثة فهي  إما دموع التماسيح , وانسجاماً مع عقيدة التقية , والتي سبق  ذكرها و إما هذه من العوام  جهلاً بمنطلقات ولوازم هذا المذهب  ولبقية فطرة سليمة .       

ولذلك لا نستغرب كثيراً عندما نقرأ لمحمد باقر الخونساري ([28])  عندما   يقول  ([29])  عند ترجمته لنصير الدين الطوسي : [ ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره  للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان … ومجيئه في موكب السلطان … إلى دار السلام بـغداد لإرشـاد العباد وإصلاح البلاد وقطع دابر البغي والفساد  ,  و إخماد ثائرة الجور الإلباس بإبادة دائرة ملك بني العباس و إيقاع  القتل العام في أتباع أولئك الطغاة , إلى أن أسال من دمائهم   كأمثلة  الأنهار  فانهار  بها في ماء   دجلة  و منها إلى نار جهنم دار البوار ومحل الأشقياء الأشرار ].

وقد حاول البعض أن يجعل هذا الموقف من الخونساري موقف شاذ عن المذهب الشيعي نتيجة رد فعل فقط  وأن المذهب الشيعي لا يجوّز قتل مسلم واحد , والحقيقة أن قول الخونساري هو المنسجم مع عقائد المذهب , وقـول هـذا الـمـدعـي أيضاً ينسجم مع عقيدة التقية !!!     

كتب  مكتبات بغداد

 يحلو لبعض كتاب الشيعة أن يثنوا على الطوسي عند د خول بغداد في أنه حمى العلم  و العلماء والكتب التي في بغداد ومن هؤلاء الطباطبائي  ([30])حين يقول عن الطوسي : [ كما استطاع أن ينقذ الكثير من علماء بغداد ومدارسها ومكتباتها وقد سلم بفضل  هذا العلم الجليل الكثير من التراث والكتب والمكتبات من سقوط بغداد …] .

ويقو أيضاً  ([31]): [ وكان للمحقق نصير الدين الطوسي … الدور الـكبير في إنقاذ ما أمكن إنقاذه من العلماء والمكتبات في بغداد ].

وكذلك حسن الأمين([32]).

ولكن مما يعكر على هذا المدح المصطنع أمران لا ينكران :

الأول : أن هذه الكتب والتي يزعم هؤلاء أنه أنقدها هو في الحقيقة قد نهبها من المكتبات  ولم يحافظ عليها ففي ذلك ينقل لنا علي الطباطبائي نفسه عن شاكر الكتبي  قو له […  واتخذ في    ذلك خزانة عظيمة فسيحة الأرجاء وملاءها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد] ([33]).

ويلطف العبارة حسن الأمين  ([34])فيقول : [ …لإنقاذ أكبر عدد من الكتب وتجميعها ] .

وأما الأمر الثاني : فهو أن المغول أتلفوا الكتب والمكتبات في بغداد حيث ينقل علي الطباطبائي  ([35])عن قطب الدين الحنفي قوله : [ وتراكمت الكتب التي ألقاها التتار في نهر دجلة حتى صارت معبراً يعبر عليه الناس والدواب واسودت مياه دجلة بما ألقي فيها من الكتب] .

 

وقد يقول أحدهم  أنه أنقذ ما يمكن إنقاذه لكن الأقرب أنه كان يختار ما كان يناسب معتقده وعلومه  ؛  ولذلك يقول أحد تلامذة الطوسي ([36])وهو ابن الفوطي   ([37]): [ سنة اثنتين وستين وست مئة فيه وصل نصير الدين الطوسي إلى بغداد … ثم أنحدر إلـى واسـط  والـبـصرة وجـمـع مـن الـعراق كتباً كثيرة لأجل الرصد ]  .

وشبيه بما حدث لمكتبات بغداد حدث لمكتبات قلاع الإسماعيلية حيث يقول عطا ملك الجويني والذي كان من أعوان هولاكو  وقد  تولى  بغداد  بعد غزوها  ([38]): [ وعندما كنت بأسفل لمسر استولت علي الرغبة في تفقد مكتبة آلموت التي استطار صيتها في الأقطار فعرضت على السلطان ……فتقبل السلطان طلبي بقبول حسن وأعطى الأوامر اللازمة , فتوجهت لتفقد المكتبة وأخرجت كل ما وجدت من المصاحف ونفائس الكتب … وأحرقت ما بقي وكان متعلقاً بضلالتهم وغوايتهم …]  .

وأما عن حفظه للعلماء   فكانت جهوده  في سلامة علماء الشيعة لا جميع علماء  بغداد فلم ينقل لنا عن جهده الخاص إلا إنقاذه للعلقمي وهذا ليس بمستغرب وقد سبق نقل الروايات في هذا في موضوع العلاقة بين الطوسي وابن العلقمي .

و أيضاً ما نقله محمد مدرسي – الشيعي – من شفاعة  الطوسي وابن العلقمي لابن أبي الحديد الشيعي ولأخيه من القتل عند هولاكو  ([39]).

وأما بقية العلماء فكان مصيرهم القتل وقد سبق نقل عبارات المؤرخين في ذلك  ([40]) عند الكلام عن إتلاف الكتب ومنهم علي الطباطبائي .

وهذا  عارف تامر ([41]) يشهد بهذا   فيقول : [  وعند اجتياح المغول لبغداد لم يتوقف عن    أعمال الخير !!! فا ستحصل من هولاكو على أمر باستثناء المسيحيين والشيعة والعائلات الغير إسـلامـيـة من الاستـباحة وهكذا بالنسبة للعلماء ورجال الفكر والدين ]   .

وقال أيضاً : [ فأعلن أنه من أتباع مذهبهم – الإثنى عشري -  وبأنه ما جاء إلى بغداد مع هولاكو إلا لحمايتهم من خطر المغول وعزلهم عن العباسين السنة ] .

ولذلك يقول ابن القيم  ([42]) –: [ ولما انتهت النوبة إلى وزير الملاحدة النصير الطوسي وزير هولاكو شفا نفسه من أتباع الرسول و أهل دينه فعرضهم على السيف حتى شفا إخوانه من الملاحدة واشتفى هو , فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين , واستبقى الفلاسفة والمنجمين والطبائعيين  والسحرة ونقل إليهم أوقاف المدارس والمساجد والربط إليهم …].

وفي مقدمة كتاب قواعد الأحكام لعلامتهم الحلي  ([43])قال الكاتب : [ وبفضل هذا الشيخ المعظم وتدبير نجا أهل الكوفة والحلة والمشهدين الشريفين من القتل والنهب والسبي وذلك حين غزا التتار العراق وعملوا ما عملوا ]  و هذه كلها أماكن شيعة .

ونختم الكلام عن الطوسي بكلمة لأدوارد جرانفيل براون  حيث يقول عن الطوسي : [ يجب أن لا يغيب عن أذهاننا … رغم كتابته في الموضوعات الأخلاقية والدينية , أنه قد أنكر جميل مضيفيه الإسماعيلية , كما ساعد على الإيقاع بالخليفة في سبيل أن يرضي فاتحاً وثنياً سفاكاً للدماء مثل هولاكو …]  ([44])  .

الاتهامات التي وجهة للعلقمي

اتهامه بالخيانة

اتـهـم ابن العلقمي بالخيانة ومراسلة المغول العديد من مؤرخين الإسلام  منهم :

  • أبو شـامـة ( ت 665) أي أنـه معاصر للحدث ذكره في كتابه "الذيل على الروضتين" (ص199) .
  • الجوزجاني ( ت 698 ) في كتابه طبقات ناصري .
  • أحـمـد بن عبدالوهاب النويري ( ت 732) في كتابه نهاية الإرب .
  • الذهبي ( ت 748) في كتابه دول الإسلام .
  • عمر ابن الوردي ( ت 750) في تتمة المختصر .
  • ابن شاكر الكتبي ( ت 764) فوات الوفيات .
  • عبدالله الشيرازي " وهو على مذهب ابن العلقمي  الشيعي" ( ت 730 ) في كتابه وصاف الحضرة .
  • تـاج الـدين الـسبـكي ( ت 771 ) فـي طبقــات الـشـافــعـيـة (8/263) .
  • ابن كثير ( ت 774) في البداية والنهاية (13/225).
  • الملك الأشراف الغساني ( ت 803) في العسجد المسبوك .
  • ابن خلدون ( ت 880 ) في تاريخ ابن خلدون .
  • المقريزي ( ت 845) في السلوك لمعرفة دول الملوك .
  • ابن تغري بردي ( ت 874) في النجوم الزاهرة .
  • السيوطي ( ت 911) في تاريخ الخلفاء .
  • حسن الديار بكري ( ت 990) في تاريخ الخميس .
  • ابن العماد الحنبلي ( ت 1089) في شذرات الذهب .
  • ابن تيمية ( ت 728) .
  • نظمي زاده أفندي في كلش الخلفاء([45]) .
  • قطب الدين اليونيني ( ت 726) في ذيل مرآة الزمان .

وقد قال  عبدالله بن فضل الشيرازي ([46]): [ فكتب أهل بغداد على جدرانهم وأبواب المدارس و الأربطة بأقلام مختلفة :  لعن الله من لا يلعن ابن العلقمي … ] وهو شيعي .

مما يعطي انطباعاً أن خيانة ابن العلقمي كانت مشتهرة حتى عند العوام .

أما من اعترف بخيانة ابن العلقمي من بني قومه فهم :

  • نور الله بن شرف الدين الحسيني المرعشي المعروف بالششتري([47]) حيث يقول : [ إنه كاتب هولاكو و الخواجة نصير الدين الطوسي وحرضهما على تسخير بغداد للانتقام من العباسيين ] وهذا يذكرنا بإشارة المجلسي ([48])إلى الرسالة التي  بين ابن العلقمي و الطوسي وفيها إشارة لما حدث للعلويين أو أحدهم  من قبل العباسيين حيث يقول : [ ويحتمل أن يكون إشارة – يقصدقول أبو جعفر عن العباسيين لا يزال القوم في فسحة من ملكهم ما لم يصيبوا منا دماً حراماً – إلى قتل رجل من العلويين قتلوه مقارناً لانقضاء دولتهم كما يظهر مما كتب ابن العلقمي إلى نصير الدين الطوسي… ].
  • وهو علي بن أنجب البغدادي المعروف بابن الساعي ( ت 674 ) أي إنه معاصر وكذلك هو شيعي ([49])و إضافة لكونه شيعي معاصر لإحداث نكبة بغداد فقد كان يسكن بغداد ولذا فشهادة لا مطعن فيها حيث يقول : [ وفي أيامه – أي المستعصم – استولت التتار على بغداد وقتلوا الخليفة وبه انقضت الدولة العباسية من أرض العراق وسببه أن وزير الخليفة مؤيد الدين بن العلقمي كان رافضياً …] ([50]).
  • عبدالله فضل الشيرازي ( ت 730 ) ([51]) قال: [ … أرسل ابن العلقمي في الخفاء رسولاً إلى هولاكو , أظهر الإخلاص والطاعة وزين مملكة بغداد في خاطره ] وقد ذكره من الشيعة أغابرزك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة (3/123) وفي الذريعة إلى مصنفات الشيعة (3/358) .وقد ألف الشيرازي كتابه هذا  لأحد ولاة المغول .
  • وهاهنا نجد محقق كتاب بحار الأنوار لمحمد باقر المجلسي طبعة مؤسسة الوفاء بيروت الطبعة الثانية المصححة عام 1403- 1983 يقول عند ذكر المجلسي للوزير مؤيد الدين بن العلقمي ([52]): [ كان هو وزير أبو احمد المستعصم بالله عبدالله بن المستنصر بالله آخر خلفاء بني العباسيين لعنهم الله وكان من خيار الشيعة وأعان هولاكو خان المغول على هلاك الخليفة و أغفل سلطانه المذكور إلى أن قتله سلطان المغول وأزال دولة العباسية فاستوزر نفسه ] .    

وقد قال الواعظ الكوفي شمس الدين محمد بن عبيدالله الهاشمي بعد نكبة بغداد مراثي فيها منها :

      يــا عــصـبـة الإســلام نــوحــوا وانــدبــوا

                                                   أســـفــاً عــلــى مــا حــل بـالـمـسـتـعــصـم

      دســـت الـــوزارة كــان قــــبــل زمــانـــه

                                                    لابــن الــفــرات فــصــار لابــن الـعـلـقـمي

مما يشير لأثر وزارة ابن العلقمي فيما حل بالخليفة ولو كان ابن العلقمي كما حاول البعض أن يصفه أنه ليس له من الأمر شيء وأنه قد أصبح بسبب تحريض الدويدار لا حول له ولا قوة لما ذمه الهاشمي هنا .

ومن شعره أيضا في هذه المأساة لما شاهد قبور الخلفاء العباسيين قد نبشت وأحرقت.

                إن تـرد عـبــرة فـتـلـك الـعــبـ              ـــاس حـلـت علـيهـم الآفـــات

                اسـتـبـيـح الحريم إذ قتل الأحبــــ          ـــاء مــنهـم وأحــرق الأمـوات ([53])

 

 وحادثة إحراق قبور الخلفاء العباسيين تدل على أن الأمر فيه حقد دفين على هؤلاء وهذا لا يوجد عند المغول بل هو عند من يعتقد ديناً أن العباسيين  سلبوا حق العلويين بالخلافة و أنهم كفروا بهذا الفعل.   

   وقد حاول أفراد التشكيك في خيانة ابن العلقمي من خلال التشكيك في مؤرخي الإسلام الذين سبق نقل اتهامهم لابن العلقمي متعلق إما بعدم المعاصرة أو بالخلاف المذهبي([54]) .  .

ولكن ومن خلال النقل السابق فقد ذكر الخيانة من هو معاصر وشيعي إلا وهو ابن الساعي , وإضافة لذلك كان ممن يسكن بغداد وقت الهجوم المغولي حيث كان خازن الكتب في المدرسة المستنصرية ومات سنة(674 ﻫ ) .

وأيضاً هناك شهادة الشيعة أنفسهم [ نور الله المرعشي المعروف بالششتري و عبدالله الشيرازي والتي سبق نقل كلامهم ] .

وقد نقل الخيانة من أهل السنة المعاصرين للحادثة ابن أبي شامة ([55]) .

ومن خلال الفصل الذي تكلمنا فيه عن حكم الشيعة في دماء أهل السنة  وفي حكم العمل لدى سلاطينهم  لا يكون هذا التصرف غريباً بل ينسجم مع هذه العقيدة , وقد سبق نقل كلام محمد مدرسي بأن قتل الخليفة العباسي والقضاء على الخلافة العباسية ليس ذنباً بل قربة يتقرب بها الشيعي لربه ([56]) .

ومما يؤيد القول بخيانة  ابن العلقمي  توليه الوزارة  للمغول  ً  على بغداد حيث يقول مؤرخ المغول  الهمذاني ([57]): [ وفي نفس اليوم الذي قتلوا فيه الخليفة أرسلوا إلى المدينة مؤيد الدين ابن العلقمي ليقوم بالوزارة …] .

فيا ترى من الذي ميز العلقمي عن الدويدار أو سليمان باشا حتى يقتلوا ويسلم هو ويسند له تدبير أمور الدولة مع أن المدافعين عنه كانوا يظهرونه بصور العاجز عن التدخل في شئون البلد مع أنه الرجل الثاني بها مما يدل على ضعفه  حسب زعم المدافعين

ومما يدل على أن الأمر ليس لقدرات شخصية أنه لما توفي بعد أشهر من دخولهم بغداد ولوا ابنه عز الدين أبو الفضل الوزارة بعده فياترى ماهي مناصبه وخبرته السابقة حتى يولى وزارة بغداد ؟!!. ([58])

ويعترض بعضهم أن هذا ليس بدليل كاف على خيانته بل هو دليل على إخلاصه من هؤلاء الطقطقي([59]) قال : [ فأن السلطان لما فتح؟!! بغداد وقتل الخليفة سلم البلد إلى الوزير وأحسن إليه وحكَّمه , فلو كان قد خامر على الخليفة لما وقع الوثوق به ] وممن ذكر هذا أيضاً جعفر خصباك وحسن الأمين, ([60]) وذكروا أن هولاكو اختاره لأنه يحتاج لمن يدير المدينة له .   

فيقال : أن هذا ليس الدليل الوحيد على خيانته , وما سبق وما يأتي يعضد هذا . هذا جواب عام

و أما التفصيلي فقول ابن الطقطقي أنه لو خامر لما وثق به يقال بل حدث أن ولى هولاكو من خان أميره  وهذا  في قلعة ماردين حيث  قاوم الملك السعيد جيوش المغول فقتله ابنه ونصب نفسه وأرسل للمغول يطلب الصلح فوافقوا وعفا عنه هولاكو وسلمه قلعة ماردين وظل عليه سلطاناً حتى عام (695ﻫ) ([61])  .  فهذا خان أباه وقتله وهذه أشد أنواع الخيانة ومع هذا سلمه الحكم .

وأما ما ذكر جعفر خصباك وأيده الأمين في أن هولاكو عينه لحاجته إليه ؛ فلماذا لما مات وبعد أشهر فقط أي أن البلد لازال بحاجة لتوطيد واستقرار لماذا عين بدلا عنه ابنه عز الدين ؟ كما مر سابقاً.

ومما يدعم كون الوزير على علاقة بالمغول

محاولتهم رفع شأنه بين الناس بجعل داره آمنة وقت المذابح التي كانت في بغداد وذلك قبل مقتل الخليفة أي أن محاولة  تمكينه  كانت مقررة سلفا وقبل قتل الخليفة  حيث يقول ابن الفوطي([62]) : [ و وضع السيف في أهل بغداد يوم الاثنين خامس صفر مازالوا في قتل ونهب و…فلم يبق…إلا القليل ما عدا النصارى … والتجاء إليهم خلق كثير من المسلمين … وكان ببغداد جماعة من التجار …قد تعلقوا من قبل على أمراء المغول وكتب إليهم فرامين …والتجاء إليهم أيضاً جماعة… وكذلك دار الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي فإنه سلم بها خلق كثير ودار صاحب الديوان …ودار حاجب الباب …وماعدا هذه الأماكن فأنه لم يسلم فيه أحد إلا من قن في لأبار والقنوات ].

وقد ذكر الفوطي في كتابه مجمع الألقاب أن ابن أبي الحديد كان ممن خلص من القتل في دار الوزير مؤيد الدين العلقمي مع أخيه موفق الدين ([63]) .

ولا يبرر له  كونه ليس وحيداً في هذا بل  التهمة له ولغيره   .

سبب هذه الخيانة

يُرجع من اتهم ابن العلقمي بالخيانة السبب إلى غضبه مما جرى على أهـل نحلته" الشيعة" حيث وقع في وقت وزارته صراع بين السنة و الشيعة في بغداد عدة مرات.

المرة الأولى عام 650 هـ ([64]) .

والمرة الثانية حدثت عام 653 هـ بين أهل الكرخ وباب البصرة ([65]) . والمرة الثالثة في ذي الحجة من عام 654 هـ حين قتل شيعة  الكرخ رجلاً من السنة فشكا السنة للخليفة فأقر الخليفة بردع الجناة ولكن الجند اشتدوا على الشيعة حتى أشتكى الشيعة للخليفة فأقر بالكف عنهم ورد ما نهب منهم وقبض على مسبب الفتنة و قتل ([66]) .

وكما يقول التوجي([67])[ إن حادثة الكرخ لاشك فيها ويذكرها المؤرخين كافة ]

وكانت الغلبة في أكثر الأحيان لأهل السنة لكثرتهم ولكون الخليفة و الجيش منهم  .

كل هذا جعل الوزير يغضب ويحقد على الخليفة و الدولة وقد مر معنا في الرسالة التي بينه وبين الطوسي و التي ذكر شيء منها المجلسي([68])  و الذي يرى فيها ابن العلقمي أن الدولة العباسية استحقت الزوال بدلالة حديث عندهم لأنها قتلت بعض العلويين في هذه الأحدث مما يجعلنا ندرك مدى الأثر الذي تركته أحدث الكرخ  في نفس ابن العلقمي وسوف يأتي معنا أيضاً موقف لبعض الشيعة يقفون في صف هولاكو مستدلين لهذا الموقف برواية أخرى مما يعطي  دلالة عن نفسية القوم تجاه هولاكو بثتها معتقداتهم العامة والتي سبق ذكرها و منطلقات خاصة بشأن مسألة زوال الدولة العباسية وأحداث الكرخ الأخيرة .

وممن ذكر موقف ابن العلقمي بعد حادثة الكرخ من الدولة العباسية محمد الحسون([69])حيث قال عن كتاب الوسيلة : [ والظاهر أنه كان الكتاب الرائج بين الشيعة في بغداد في القرن السابع وذلك واضح من الكتاب الذي كتبه الوزير العلقمي إلى تاج الدين ابن صلايا – وهو شيعي – وفيه فكان جوابي بعد خطابي لابد من الشنيعة بعد قتل جميع الشيعة ومن إحراق كتاب الوسيلة والذريعة ] .

وقد ذكر رسالة ابن العلقمي لابن صلايا كاملة ابن الوردي في تتمة المختصر( [70]). وكذلك السبكي ([71])ومنها ما يلي : [ وكتب الوزير إلى نائب الخليفة بإربل … ابن صلايا وهو أيضاً شيعي رسالة يقول فيها :نهب الكرخ المكرم و العترة والعلوية , وحسن التمثيل بقول الشاعر بقول الشاعر :

                أمور تضحك السفهاء منها        ويبكي من عواقبها اللبيب

فلهم أسوة بالحسين حيث نهب حريمه وأريق دمه

               أمرتهم أمري بمنعرج اللوى          فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد

وقد عزموا لا أتم الله عزمهم و لا أنفذ أمرهم , على نهب الحلة والنيل بل سولت لهم أنفسهم أمر فصبر جميل و الخادم قد أسلف الإنذار وعجل لهم الإعذار

                أرى تحت الرمـاد وميض نارٍ            ويـوشك أن يكون لـه ضـرام

               وإن لـم يـطفئها عقلا قومٍ                 يـكـون وقـودها جثث وهام

                 فقلت من التعجب ليت شعري           أيقظان أمية أم نــيـــام

                فـإن يك قومنا أضحوا نياماً              فـقـل هبوا لقد حان الـحـمام

…… فكان جوابي بعد خطابي ً: لابد من الشنيعة بعد قتل الشيعة , ومن إحراق كتاب الوسيلة والذريعة , فكن لما نقول سميعاً … - إلى أن يقول -  فلأفعلن بلـُبـِّي  كما قال المتنبي:

           قوم إذا أخذوا الأقلام من غضب    ثم اسـتمروا بهـا ماء الـمـنيات

          نالوا بها من أعاديهم وإن بعدوا             ما لا ينال بحد المشرفيات

      ولأتينهم بجنود لا قبل لهم بها , ولأخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون

         ووديـعة من سر آل محمد          أودعتها إذا كنت من أمنائـهـا

        فإذا رأيت الكوكبين تقاربا          في الجدي عند صباحها ومسائـها

            فهناك يؤخذ ثأر آل محمد          لطلابها بالترك من أعـدائها

فكان لهذا الأمر بالمرصاد , وترقب أول النحل وآخر صاد ] أﻫ .  يقصد ]أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [ [72]  و ] وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ[ .

وبهذا يتبين قوة وصحة القول بتورط ابن العلقمي بالخيانة وما ذكر للاستدلال على صحة الاتهام بالخيانة هنا هو من باب إلزام الطرف الآخر , وأما عن مقام ثبوتها لدينا فإن هذا العدد الضخم من مؤرخي الإسلام  وعلمائهم والذين سبق ذكرهم والذين يثبتون تورط ابن العلقمي وخيانته كاف في إثبات الخيانة لدينا خاصة أنهم المعنيين بهذه القضية و أهل المصيبة فيها وقد قرأنا كلماتهم المملوءة أسى وحرقة على هذا المصاب الجلل فهل يرد قول هؤلاء لقلة أنكروا هذا إما لجهل بالأمر أو لموافقة في المعتقد أو لعدم اهتمام لكونه من أهل الكتاب أو ممن عمل للمغول في دولتهم  .    

الاتهامات الموجهة للعلقمي

فيما مضى تكلمنا عن أصل وجود الخيانة والمراسلة مع المغول  وفي هذا الباب نفصل القول في التهم الموجة إليه

  •  أنه قلل جند بغداد

ممن اتهمه بذلك السبكي ([73])وابن كثير ([74])وكذلك الكتبي في عيون الأخبار والذهبي في دول الإسلام وغيرهم . يقول ابن كثير : [ وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة لا يبلغون عشرة آلاف فارس هم وبقية الجيوش كلهم قد حرموا إقطاعاتهم حتى استعطى كثير منهم في الأسواق و أبواب المساجد  , وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم ويحزنون على الإسلام وأهله ] .

وقال السبكي في الطبقات : [ وحبب الوزير إلى الخليفة جمع المال والتقليل من العساكر فصار الجند يطلبون من يستخدمهم في حمل القاذورات ومنهم من يكاري على فرسه , ليصلوا إلى ما يتقوتون به ] ([75]).

وقد قال البكري في تاريخ الخميس: [ محا اسم من ذكر من الديوان ثم نفاهم من بغداد , ومنعهم من الإقامة بها ثم بعد شهر فعل مثل فعلته الأولى ومحا اسم عشرين ألفاً من الديوان ثم كتب إلى هولاكو بما فعل ] ([76])  .

وبهذه الطريقة فقد تم إضعاف الجيش بسرعة كبيرة جداً ومما يساعدنا في تحديد الزمان الذي حدث فيه تسريح الجند ما كتبه ابن الفوطي([77]) تلميذ الخواجة الطوسي والمعاصر للأحداث وذلك في حوادث سنة خمس وخمسين وست مئة:[ وكان الخليفة قد أهمل حال الجند ومنعهم أرزقهم وأسقط أكثرهم من دساتير ديوان العرض . فآلت أحوالهم إلى سؤال الناس وبذل وجوههم في الطلب في الأسواق و الجوامع ونظم الشعراء في ذلك الأشعار .....] .

ومما يشير الى قلة جند بغداد ما كتبه ابن طباطبا الشيعي([78])عندما خرج الدويدار لملاقاة الجيش المغولي فقد وصف جنده بقوله : [ وكان عسكراً في غاية القلة ]   .

من خلال النقل الذي كان عن ابن الفوطي يتضح أن تقليل الجيش كان في سنة (655ﻫ ) ومما يقوي هذا الاحتمال أن هولاكو لما وبخ القائد المغولي ((  بايجو نويان)) قال له : [ … إنك لم تفعل شيئاً سوى أنك رحت تخوف القوات المغولية بالمبالغة في غلبة الخليفة من قوة وعظمة ] فأجبه بايجو قائلاً : [ إنني لم أقصر … وقد أخضعت …ماعدا بغداد فإنه بسبب كثر سكانها ووفرة جيوشها وبسبب كثرة ما فيها من الأسلحة ومزيد الأهبة  وبسبب الطرق الضيقة الصعبة …]

ذكر هذا مؤرخ المغول الهمذاني ([79])وأنه وقع عام خمس وخمسين وستمائة في ربيع الأول أي في أول السنة  ومما يؤيد أن جند بغداد من القوة بمكان  أنه في سنة ( 643 ﻫ) هزم جيش بغداد جيشاً للمغول ([80]).

بل ذكر الهمذاني ([81])أن هولاكو [ كان يفكر في كثرة جند بغداد ].

إذا فقد كان جند بغداد بالكثرة التي تستحق أن يفكر بها هولاكو وأن يخشاها بايجو ويفر منها جيش مغولي فلماذا تهاون الخليفة بأمر الجند ؟ ولماذا فكر بتوفير المال الذي كان مخصص للجند ؟ !! يقول ابن تغري  بردي ([82]): [  أن ابن العلقمي أشار على المستعصم بقطع أرزاق الجند , ومصانعة التتار وإكرامهم يحصل بذلك المقصود , ولا حاجة لكثرة الجند ففعل ذلك الخليفة ] .

أما كون الوزير هو الذي كان يشير بمصانعة التتار وعدم قتالهم , ويشير بإعطائهم المال الكثير فهذا ثابت عند الذين يتهمونه  وعند من يدافعون عنه ويبقى أن يقال أن  التفسير المنطقي هو أن الذي دفع الخليفة لهذا العمل هو ابن العلقمي نفسه . والله أعلم خاصة أن ابن الفوطي وهو القريب من الأحداث ذكر قبل ذكره لحالة الجند السيئة التي وصلوا إليها أن الوزير أشار على الخليفة [ ببذل الأموال وحملها إليه – هولاكو- مع التحـف الكثيرة و الأشياء الغريبة و الأعلاق النفـيـسـة ] ([83])مما يشعر بأن مشورة الوزير هي السبب في تردي حالة الجند  والله أعلم .

ومن الأحداث التي تثير الريبة حول ابن العلقمي الحادثة التالية ([84]) :[  ولما تحققت أمنية حسان الدين – حاكم درتنك – التي طالما تمناها وتجمعت عنده جنود سليمان شاه تعاظم وتكبر وأرسل ابن صلايا العلوي – الشيعي الذي راسله ابن العلقمي بعد حاثة الكرخ – إلى- هكذا- حاكم إربل ليصلحه مع ديون الخليفة و قال : [ لقد قدرتُ هولاكو خان , وما هو عليه من كفاءة وكياسة , ومهما يكن له من العنف والتهديد فليس له عندي وزن . فلو طيب الخليفة خاطري و طمأن قلبي وبعث إلى بجند من الفرسان , لجمعت أنا أيضاً ما يقرب من مائة ألف من فرق المشاة من كرد و تركمان ولسددت الطرق في وجه هولاكو خان  لا أدع أي مخلوق من جنده يدخل بغداد فعرف ابن صلايا الوزير بذلك فعرضه هذا بدوره على الخليفة فلم يبدي اهتماماً كثيراً , ولما بلغ هولاكو خان هذا الكلام؟! ثارت ثورة غضبه … ثم قتله المغول مع كافة أتباعه ].

عدم اهتمام الخليفة بالعرض غريب إلا إن قلنا أنه كان أخذ بمشورة الوزير والتي تشير بعدم الاستعداد للقتال بل إن بذل المال يكفي ولعل هذا ما أشار به الخليفة عند عرضه لرسالة حسام الدين لأن الوزير لم يعرف عنه تغير في موقفه ألا وهو بذل المال والاستسلام للمغول مما يذكرنا بموقف نصير الدين الطوسي مع الإسماعيلية لما أقنع ركن الدين خورشاه بالتسليم فسلم نفسه فقتله هولاكو ونجا نصير الدين الطوسي . وقد يتساءل الشخص عن مدى تغلل جواسيس هولاكو في بلاط الخليفة مما جعله يعلم وبسرعة عن خيانة حسام الدين عكه له ؟!!

وبعض من يدافعون عن العلقمي يقولون إنه بذل نصحه للخليفة وأرشده للطريق الصحيح وهو بذل المال والخضوع لهولاكو لأن في هذا سلامة الخليفة والخلافة .

والذي ينظر لسيرة المغول يدرك ضعف هذا الرأي وأنهم لا يوثق بهم بل ديدنهم أنهم يقتلون كل من يشكون في كونه قد ينازعهم الأمر أو أن يكون مؤهلاً لهذا فقط حتى لو لم يفعل شيئاً ضدهم وإليك هذه الشواهد التاريخية :

1- قتله لحاكم الإسماعيلية بعد أن أعطاهم الأمان واستسلم له أبقاه مدة حتى أتم احتلال القلاع ثم قتله([85]) .

2- ابن صلايا العلوي نائب إربل للخليفة .

قال ابن الفوطي([86]): [ وكان قد قصد حضرة السلطان بعد وقعة بغداد ليقر رجاله فأمر بقتله …]   .

وينقل المحققان بشار عواد وعماد عبدالسلام في حاشية هذا الخبر قول الذهبي : [ …فيقال إن لؤلو – صاحب الموصل – قال لهولاكو : هذا شريف علوي ونفسه تحدثه بالخلافة ولو قام تبعه الناس واستفحل أمره ؛ فقتله هولاكو ]

وانظر في مسالمة ابن صلايا لهم ومحاولته تسليمهم القلعة بدون حرب ولا مقاومة([87])   .

3- أهل قلعة حارم

قال الهمذاني([88]): [ ثم شغلوا مدة بمحاصرة قلعة حارم وأخيراً طلب أهلها الأمان لكنهم اشترطوا أن يقسم لهم فخر الدين المعروف بالساقي على الأمان لكي ينزلوا , ثم سلَّموا بناءً على عهده وإيمانه . فكان أن غضب عليهم هولاكو غضباً شديداً , وأمر بأن يقتلوا دفعة وحدة مع نسائهم وأطفالهم ولم ينج منهم إلا صائغ أرمني ] .

ولذلك كان التصرف المنطقي هو عدم الأمان لعهودهم ولهذا  كان موقف  أمراء وحكام العديد من المناطق الإسلامية هو  رفض الصلح معهم لمعرفتهم بخيانتهم  فمن هؤلاء.

  • الملك السعيد حاكم ماردين

لما أرسل قائد المغول للملك السعيد يقول له : [ أهبط من القلعة وقدم الطاعة والولاء لملك العالم ليبقى لك رأسك ومالك ونسائك وأبناؤك …فأرسل الملك السعيد يقول : كنت فد عزمت على السمع والطاعة والحضور إلى الملك , ولكن حيث إنكم قد عاهدتم الآخرين ثم قتلتموهم بعد أن اطمأنوا إلى عهدكم و أمانكم فإني لا أثق بكم …] ([89]) .

2 – الملك الكامل

 قال الهمذاني([90]): [ ولما بلغوا حدود ميافارقين أرسلوا رسولاً إلى الملك الكامل ودعوه إلى الطاعة و الخضوع فأجاب الملك الكامل  : ينبغي ألا يضرب الأمير في حديد بارد ..... إذ كيف أثق بابن رجل نكث العهود الميثاق مع خورشاه و الخليفة وحسام الدين عكه وتاج الدين أربل وقد جاء الملك الناصر الدين خصيصا بأمانكم فرأى في نهاية الأمر مارآى وسوف أرى أنا أيضا ما سبق أن رأوه ] .

3- السلطان قطز

قبل أن ينصرف هولاكو من الشام عائداً إلى موطنه لموت القان الأكبر أرسل رسالة إلى سلطان مصر يتهدده بها ويأمر بالتسليم فتشاور السلطان قطز مع أمرائه فمما كان  في هذا الاجتماع أن قال ناصر الدين قيمري : [ عن هولاكو خان ..... إنه ليس بالإنسان الذي يطمأن إليه , فهو لا يتورع عن احتزاز الرؤوس وهو لا يفي بعهده وميثاقه , فإنه قتل فجأة خورشاه  والخليفة وحسام الدين عكه وصاحب إربل بعد أن أعطاهم العهد و الميثاق فإذا ما سرنا إليه فسيكون مصيرنا هذا السبيل   ......)) وفي ختام التشاور  استقر رأيهم على القتال و قد نصرهم الله في عين جالوت وتوقف المد المغولي فهذه هو الرأي الصواب مع المغول وليس ما دعا إليه ابن العلقمي حتى جعل الخليفة يحرم الجند أرزاقهم ويجمعها ليعطيها المغول ([91])

وقد اعترف بأن المغول قوم ليس لهم عهد ولا ذمة الشيعي المعاصر حسن الأمين ([92])  حين يقول [ ولكن الذي يطالب بمثل هذا ينسى أن المغول امتهنوا الشرائع وغدروا بالرسل وخانوا المستأمنين ونقضوا العهود ] .

فكيف يقال إن العلقمي نصح وأرشد للخليفة حتى أن حسن الأمين نفسه يقول : [ وبعد فوات الأوان يدرك المستعصم أن ما قد أشار به ابن العلقمي كان هو الصواب , وأنه لو عمل بآرائه لما وصل الحال إلى ما وصل إليه ] ([93])  وما هذا إلا تناقض أو هوى .

  • ومن التهم الموجه لابن العلقمي التغرير بالخليفة ليخرج لهولاكو مع كبراء البلد ليقتلهم

فممن ذكر هذا اليونيني ([94])قال: [ فحينئذ أشار ابن العلقمي الوزير على الخليفة بمصانعة ملك التتر و مصالحته وسأله أن يخرج إليه في تقرير ذلك فخرج وتوثق منه لنفسه ثم رجع إلى الخليفة وقال له : إنه رغب أن يزوج ابنته من ابنك الأمير أبى بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى سلطان الروم .... ويمكن بعد ذلك أن تفعل ما تريد وحسن له الخروج إليه في جمع من أكابر أصحابه فأنزل في خيمة ثم دخل الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل ليحضروا عقد النكاح فيما أظهره فقتلوا وكذلك صار يخرج طائفة بعد طائفة ] .

ونفس الاتهام في طبقات الشافعية للسبكي([95])وفي البداية و النهاية ([96])  لكن من غير ذكر لقصة الزواج .

ولو بحثنا في الكتب التي تعتبر  حيادية أو معاصرة  كمثل كتاب جامع التواريخ للهمذاني لأنه كتب من منطلق الوثائق المغولية التي جعلت تحت يده ولكونه يشغل منصب مهماً في دولتهم وكذلك كتاب جامع الحوادث لابن الفوطي لأنه معاصر للأحداث وفي بغداد ولأنه من طلاب الطوسي نفسه وغيرها نجد ما يلي

ذكر الهمذاني أن الخليفة أستشار الوزير قبل خروجه وأنه خرج ومعه ثلاثة آلاف من السادات و الأئمة و القضاة والأكابر وأعيان البلد ([97]) .

وذكر ابن الفوطي ([98]):[ خرج الوزير .... إلى خدمه السلطان فى جماعه من مماليكه وأتباعه وكانوا ينهون الناس عن الرمي بالنشاب ويقولون : سوف يقع الصلح إن شاء الله فلا تحاربوا . هذا وعساكر المغول يبالغون في الرمي ..... وعاد الوزير ... يوم الأحد – وكان قد خرج الخميس – سابع عشرين من المحرم وقال للخليفة قد تقدم السلطان أن نخرج إليه فأخرج ولده الأوسط .... فلم يقع الاقتناع به فخرج الخليفة و الوزير .... ومعه جمع كثير ]

وقد ذكر ابن الفوطي قضية إخراج الفقهاء و قتلهم ([99])في كتابه تلخيص مجمع الآداب ج 4 القسم (2/195 ) فقال عن عبد الله الطهراني الرازي الحنفي : [ وهو ممن كان يخرج الفقهاء الى باب السور إلى مخيم السلطان هولاكو مع شهاب الدين الزنجاني ليقتلوا ].

وهذا يثبت لنا أن إخراج الفقهاء و العلماء و قتلهم  حقيقة ثابتة  وثبت لنا أيضاإخراج العلقمي للخليفة ومعه ثلاثة آلاف وابن الفوطي هنا لم يقل أن الطهراني و الزنجاني هما فقط من فعل ذلك بل  قال [ ممن كان ] أي هناك غيرهم .

وإذا احتج علينا محتج بأن هؤلاء محسوبون على أهل السنة نقول نعم ولكن ما هو موقف أهل السنة ممن تعاون مع المغول هل هو الإجلال و التقدير كما فعله الشيعة مع الطوسي و العلقمي أم الذم ([100]).

وقد قتل بعض الشباب في حلب رئيس حلب وآخر لتواطئهما مع المغول([101]) .

ومما هو معلوم حتى عند المدافعين عن ابن العلقمي أن خروج الخليفة كان بتطمين الوزير للخليفة بعهود هولاكو ولا أدري لماذا يخرج ثلاثة آلاف رجل لعقد صلح إلا أن كانوا فعلاً قد خرجوا للسبب الذي ذكره بقية المؤرخين .

وكما تلاحظ فلا يوجد تعارض بل قصارى الأمر أن هؤلاء لم يذكروا القضية أو العهد و الاتفاق الذي جرى بين هولاكو و الوزير وبموجبه خرج الخليفة معه ثلاثة آلاف من أعيان البلد و أما مؤرخو أهل السنة فقد ذكروه وهو سبب وجيه لخروج هذا العدد

والله اعلم بعد أن تبين لنا موقف الرجلين   وحتى تكتمل الصورة  نذكر موقف بقية علماء الشيعة

 

([1]) أعيان الشيعة 9/415  .

([2]) كتابه عن نصير الدين الطوسي ص43  .

([3]) انظر: أعيان الشيعة 9/416 .

([4])  ص 57  كتاب نصير الدين الطوسي   .

([5])  محكمة التاريخ 70-71 " .

([6])  في كتابه نصير الدين الطوسي (ص 22-46)  .

([7])  كتاب نصير الدين الطوسي   ص 40 . وانظر ص 132  .

([8])  محكمة التاريخ ص 70- 71  .

([9])  جامع التواريخ – تاريخ هولاكو ص203 .

([10])  ص 249  .

([11])  خاتمة المستدرك (2/425)  .

([12])  انظر الغزو المغولي لحسن الأمين 118- 154 وأعيان الشيعة 9/416 .

([13])جامع التواريخ 257  .

([14])  خاتمة المستدرك (2/425) .

([15]) نقلاً عن في محكمة التاريخ للدكتور محمد المشهداني ص43 .

([16])  نصير الدين الطوسي حياته وآثاره ص21   .

([17])  ص22.

([18]) ص 278-280   .

([19]) انظر: أعيان الشيعة 9/92، ونصير الدين الطوسي للمدرسي ص  21 .

([20]) كما في ص   من هذا البحث  .

([21]) نصير الدين الطوسي  ص 30   .

([22])   ص296 .

([23])في كتابه  قصص العلماء (ص287) كما نقله عنه محمد تقي مدرسي في كتابه العلامة الخواجة نصير الدين الطوسي (ص28)   .

([24])  ص من هذا البحث   .

([25])   مــحـمـد مـدرسـي فـي كتابه عن الطوسي ص 69 .

([26])   نصير الدين الطوسي ص 89   .

([27])  ص  62  .

([28])   انظر ترجمته في  أعيان الشيعة (9/157) –  .

([29])   في كتابه روضات الجنان في أحوال العلماء والسادات (ص578) نقلاً عن محكمة التاريخ لمحمد المشهداني (101) وانظر أيضاً مثل هذا الكلام في حاشية رقم (1) من بحار الأنوار للمجلسي (104/31)   .

([30])  رياض المسائل (2/26)  .

([31])  رياض المسائل:2/ 27    .

([32])  في الغزو المغولي ص 156 ، وفي أعيان الشيعة   (9/416)   .

([33])   رياض المسائل (2/26) . وهو أيضا في خاتمة المستدرك (2/423) وانظر كذلك مقدمة الرسالة السعدية للحلي (35) حيث قال [ الكتب التي نهبت في بغداد…]

([34])   ص 156  من الغزو المغولي .

([35])  رياض المسائل (2/7)   .

([36])  ذكره محمد مدرسي ص 64 في كتابه نصير الدين الطوسي .

([37])   كتابه الحوادث الجامعة ص 382 .

([38])  في كتابه جها نكشاي ص 271 من كتاب دولة الإسماعيلية في إيران لمحمد السعيد جمال علي حيث نقل في أخر الكتاب جزءً كبيراً من كتاب الجويني   .

([39])  كتاب نصير الدين الطوسي  ص 29-113  .

([40]) ص  من هذا البحث    .

([41])   نصير الدين الطوسي ص77  ، وانظر ص 88-89   .

([42])  إغاثة اللهفان (2/380) .

([43])   1/14   .

([44])  تاريخ الأدب في إيران ص 588 ، نقلاً عن محكمة التاريخ لمحمد المشهداني ص 108   .

([45])  انظر: محكمة التاريخ  ص29.

([46])   وصاف الحضرة  ص151  .

([47])   مجالس المؤمنين ص 400 نقلاً عن محكمة التاريخ ص29 .

([48])  بحار الأنوار (64/343)  .

([49])  ترجم له في أعيان الشيعة (1/305) .

([50])   من مختصر أخبار الخلفاء لعلي الساعي ص136-137.  نقلاً عن ناصر القفاري في مسألة التقريب بين السنة والشيعة (2/263).

([51])  تاريخ وصاف الحضرة (1/37- 38) نقلاً عن محكمة التاريخ ص 25  .

([52])  104/31 الحاشية رقم (1) .

([53])  انظر:الحوادث الجامعة لابن الفوطي المعاصر للأحداث ص 364.

([54])  كما في أعيان الشيعة  (9/100) . .

([55])  ذيل   الروضتين  ص 656   .

([56])   العلامة الخواجة نصير الدين الطوسي ص69.

([57])   جامع التواريخ  ص 295 .

([58])  انظر: الحوادث الجامعة لابن الفوطي ص362 . وعنه أعيان الشيعة (9/87) والذي في جامع التواريخ :شرف الدين ص 297, وكذلك في طرائف المقال للبروجردي (1/105)  .

([59]) في الفخري ص313  .

([60])  انظر الغزو المغولي  ص 105 ،أعيان الشيعة (9/101)  .

([61])  انظر :جامع التواريخ ص 325 .

([62])  الحوادث الجامعة ص 359 . ونقله في أعيان الشيعة (9/87).

([63])  نقلاً عن مقدمة شرح نهج البلاغة (1/18) .

([64])نقله محمد التوجي   في من بلاد الشام إبان الغزو المغولي ص114 ، عن تاريخ المغول المختصر  .

([65])  انظر: الحوادث الجامعة لابن الفوطي ص320.

([66])  انظر: جامع الحوادث لابن الفوطي ص331  .

([67])  من بلاد الشام إبان الغزو المغولي ص120  .

([68])  بحار الأنوار 64/341  .

([69])  مقدمة كتاب الوسيلة لابن حمزة الطوسي والذي نشرته مكتبة آيتهم العظمى المرعشي في قم وذلك في ص 8 .

([70])   ص 88.

([71])الطبقات الكبرى للشافعية (8/263)   .

[72]   النحل: من الآية1

([73])  الطبقات (8/262)  .

([74])  البداية والنهاية ( 13/214) .

([75])  الطبقات 8/262 .

([76])  نقلاً عن في محكمة التاريخ ص35 .

([77])  الحوادث الجامعة ص350  .

([78])  الفخري ص311 .

([79])  جامع التواريخ  ص260  .

([80])  انظر الغزو المغولي حسن الأمين ص86، والحوادث الجامعة لابن الفوطي ص240 .

([81])  في جامع التواريخ ص 277 .

([82])في النجوم الزاهرة (7/48)   .

([83]) الحوادث الجامعة ص  349 .

([84])  جامع التواريخ ص 267 .

([85])  انظر حسن الأمين الغزو المغولي ص18،  وجامع التواريخ للهمذاني ص 257 .

([86])الحوادث الجامعة ص 366 .

([87])  جامع التواريخ ص 298  .

([88])  جامع التواريخ ص 307 .

([89])  جامع التواريخ ص 324  .

([90])  جامع التواريخ ص319 .

([91])  جامع التواريخ ص310 وما بعدها  .

([92])  الغزو المغولي ص 150  .

([93])  في محكمة التاريخ (37) .

([94])  ذيل مرآة الزمان 1/88   .

([95])   8/270  .

([96])   13/214 .

([97])  جامع التواريخ ص290   .

([98])  الحوادث الجامعة  ص356.

([99]) انظر الحاشية 4 في الحوادث الجامعة ص396، وأعيان الشيعة( 9/85) .

([100])  ولذا نرى محقق الحوادث الجامعة يقول بعد نقله للنص السابق في الحاشية  انه ابتلي بمرض لقي منه مشاقة عظيمة حتى توفي قال [ فهذا والله أعلم بعض جزائه في الدنيا .......] ص 396 .

([101]) انظر:  بلاد الشام إبان الغزو المغولي محمد التونجي ص 154  .

  • الاحد PM 12:52
    2021-05-23
  • 2641
Powered by: GateGold