المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 408983
يتصفح الموقع حاليا : 382

البحث

البحث

عرض المادة

العلاقة الكولونيالية بين الاقتصاد الإسرائيلي وما تبقى من الاقتصاد الفلسطيني

العلاقة الكولونيالية بين الاقتصاد الإسرائيلي وما تبقى من الاقتصاد الفلسطيني
Colonial Relationship between the Israeli Economy and What is Left of the Palestinian Economy
العلاقة الكولونيالية بين الدولة المستعمرة والدولة المستعمَرة علاقة غير متكافئة إذ تقوم الدولة المستعمرة بما تملكه من قوة عسكرية، بنهب الدولة المستعمَرة واستغلال ثرواتها وقدراتها الاقتصادية. وتشمل عملية النهب الاستعماري استغلال المواد الخام والثروات الطبيعية والطاقات البشرية، وبخاصة الأيدي العاملة، واعتبار البلد المستعمَر سوقاً لتصريف المنتجات والبضائع الفائضة عن حاجة الدولة المستعمرة. وتؤدي هذه العملية إلى تشويه اقتصاد البلد المستعمَر وإضعاف هياكله الإنتاجية ليصير في حالة تبعية كاملة لاقتصاد البلد المستعمر يستحيل عليه الفكاك منها.


والاستعمار الصهيوني للأراضي العربية الفلسطينية نموذج بيِّن وكاشف لطبيعة هذه العلاقة الكولونيالية، علاوة على أنه استعمار استيطاني قائم على نَقْل اليهود من جميع أنحاء العالم إلى الأراضي المحتلة ليستنزفوا ثرواتها وإمكاناتها الاقتصادية على حساب سكانها العرب الأصليين، الذين يتم طردهم والاستيلاء على أرضهم وموارد المياه الخاصة بهم أو محاصرتهم في معازل، واستغلال طاقتهم البشرية كعمالة رخيصة وسوق مضمونة، مفتوحة أمام البضائع الإسرائيلية. وقد استهدفت السياسة الاقتصادية الإسرائيلية الحيلولة دون إمكانية قيام اقتصاد فلسطيني معتمد على نفسه.

وقد تمكَّنت إسرائيل من إخضاع اقتصاديات الضفة الغربية وغزة بسبب سيطرتها العسكرية والمؤسساتية من جانب، ولكون اقتصادها أكبر حجماً وأقوى من الاقتصاد الفلسطيني من جانب آخر، فسنَّت من القوانين ما يكفل لها الهيمنة والسيطرة على الاقتصاد الفلسطيني، حيث تجري الحياة الاقتصادية في ظل الاحتلال تحت قيود صارمة. فالحكومة الإسرائيلية تسيطر على الموارد الأساسية والبنية التحتية في مجالات الأرض والمياه والكهرباء والطرق وأنظمة الاتصالات.

لقد تحركت السلطات الإسرائيلية من أجل تحقيق أهدافها المتعلقة بإضعاف الاقتصاد الفلسطيني وإبقائه في حالة تبعية كاملة عبر مجموعة من الممارسات والإجراءات المتكاملة. فقامت من ناحية أولى بتقليص سيطرة الفلسطينيين على الموارد الطبيعية، فسيطرت السلطات الإسرائيلية على جميع مصادر المياه، بحيث إن الضفة الغربية لم تَعُد تستهلك إلا 15% ـ 20% من مياهها، أما الباقي فيُستخدَم في إسرائيل أو المستوطنات. وسيطرت السلطات الإسرائيلية على معظم الأراضي الفلسطينية عير المصادرة المستمرة، بحيث إنه كانت إسرائيل قد سيطرت بحلول عام 1994 على 68% من أراضي الضفة الغربية و40% من أراضي قطاع غزة.
وقامت الدولة الصهيونية من ناحية أخرى بعرقلة النشاط الاقتصادي. فوضعت الإدارة العسكرية للأراضي المحتلة يدها على جميع مرافق النشاط الاقتصادي، وعلى أساس ذلك الإشراف، أصبح على كل من يريد إقامة منشأة اقتصادية أو توسيع منشأة قائمة أن يحصل على رخصة الإدارة العسكرية، التي غالباً ما كانت تماطل في منح التراخيص أو ترفضها تماماً. كما تم مضاعفة الضرائب على النشاط الاقتصادي. علاوة على ذلك فقد قامت سلطات الاحتلال بإغلاق المصارف العربية والأجنبية التي تعمل في الأراضي الفلسطينية عقب الاحتلال مباشرةً، ولم تسمح بالعمل إلا لفروع المصارف الإسرائيلية. وبذلك تحكمت إسرائيل في العمليات المصرفية والمالية، وأصبحت العملة الإسرائيلية هي النقد الرئيسي المتداول.

ومن ناحية ثالثة تمت عملية سلب المصادر المالية الفلسطينية عبر قنوات ثلاثة تمثلت في الضرائب الجمركية على السلع المستوردة، وضرائب الدخل، والضمان الاجتماعي على العمالة الفلسطينية في إسرائيل. والعائد الذي تحصل عليه إسرائيل من جراء استخدام عملتها النقدية (الشيكل) عملة رسمية في الأراضي المحتلة أو ما يُسمَّى بـ «ريع السيادة». وقد بلغ مجموع هذه الاقتطاعات نحو 15% ـ 20% من حجم الناتج القومي الإجمالي الفلسطيني في العام الواحد. وتفيد تقديرات البنك الدولي أن ما دفعه الفلسطينيون من أموال الضرائب منذ أواسط الثمانينيات يفوق ما تنفقه إسرائيل في الأراضي المحتلة.

وقامت السلطات الإسرائيلية من ناحية رابعة بتخريب البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني وإهمال المرافق والخدمات العامة، حيث انخفض حجم الإنفاق الحكومي كنسبة من الناتج القومي الإجمالي من 15% عام 1968 إلى 8% عام 1990 في الضفة، ومن 14% إلى 10% في غزة في الفترة نفسها.

وعمدت السلطات الإسرائيلية ـ من ناحية أخرى ـ إلى السيطرة على التجارة الخارجية، ففرضت على الأراضي المحتلة اتحاداً جمركياً أحادي الجانب وغير متكافئ، بحيث تُمنح حرية تامة لدخول البضائع الإسرائيلية إلى أسواق الضفة والقطاع، مقابل فرض القيود على دخول البضائع الفلسطينية إلى الأسواق الإسرائيلية. ونتج عن ذلك قيام المستورد الفلسطيني باستيراد بضائع إسرائيلية بتكلفة تبلغ أضعاف ما هي عليه في البلاد المجاورة، كما نتج عنها حالة تبعية واضحة، فإسرائيل تستوعب 65% من الصادرات الفلسطينية، وتحصل على 90% من الوارادات إلى فلسطين.

وقد ظلت التجارة بين الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل في الأساس نشاطاً من جانب واحد. فالمنتجات الإسرائيلية تدفقت إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة من غير أية إعاقة، في حين فرضت قيود كثيرة لا تتعلق بالتعريفة الجمركية (الأمن ـ السلامة والصحة ـ الحظر على الواردات) على الصادرات الفلسطينية إلى إسرائيل، ولم يكن مسموحاً للفلسطينيين أن يستوردوا إلا من خلال إسرائيل.

إن الاقتصاد الإسرائيلي مرهون بقيد السوق الذي يؤدي دور المحدد القسري الذي تحاول إسرائيل تجاوزه من خلال السياسة، فهناك أزمة فَيْض الإنتاج الناجمة عن التفاوت بين وتيرة نمو الطاقة الإنتاجية ووتيرة نمو الطاقة الاستهلاكية، فسعت إسرائيل إلى ربط اقتصاديات الضفة وغزة ربطاً وثيقاً بها، مع بقائهما منعزلتين من بعضهما البعض، وتبنت سياسة "الجسور المفتوحة" عبر إقامة وحدة جمركية وحيدة الجانب مع إسرائيل، ووضعت الحواجز والعراقيل لإضعاف القطاعات الإنتاجية الفلسطينية (الزراعة والصناعة).

وظلت القطاعات الاقتصادية خاضعة لثقل سيطرة القوانين والسياسات الإسرائيلية، التي استخدمت تَحكُّمها في منح التراخيص لعرقلة النمو الصناعي عن طريق رَفْضها المتكرر منح التراخيص للفلسطينيين الراغبين في إنشاء مصانع. وأدَّت الأسعار المرتفعة الناجمة عن المصادرة المكثفة للأراضي الفلسطينية، والقيود المفروضة على استخدامها، وغياب النظام المصرفي الذي يؤمِّن التسليف، وفقر البنى التحتية والخدمات الداعمة للمشاريع إلى وَضْع المزيد من العراقيل أمام نمو قطاع الصناعة. وفي قطاع الزراعة أدت مصادرة الأراضي والتحكم في موارد الميـاه إلى فرض قـيود واسـعة على الزراعة الفلسطينية، وأدَّت المنافسة غير المتكافئة مع السلع الإسرائيلية إلى إضعاف قطاع الزراعة الفلسطينية، كما صارت شركات السياحة الفلسطينية ملحقة بالشركات الإسرائيلية أو الدولية.

لقد أدى تراكم هذه التطورات إلى إحداث تشويه قطاعي في الاقتصاد الفلسطيني، حيث انكمش القطاع الصناعي وتراجع القطاع الزراعي، حتى أن حصة الصناعة والزراعة في مطلع التسعينيات كانت لا تتعدى 35% من الناتج القومي الإجمالي، مع أن متوسط حصة هذين القطاعين في البلاد النامية تزيد عن 50%.

وبذلك تمكنت السياسة الإسرائيلية من تغيير بنية الاقتصاد الفلسطيني ليصبح تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي وغير قابل لتكوين الأرضية الضرورية لدولة مستقلة. ولكنها، مع هذا، لم تتمكن من تحقيق هدفها الآخر الذي يتمثل في خلق ظروف اقتصادية في الأراضي المحتلة تساعد في إضعاف حوافز مقاومة الاحتلال. فانبعثت سياسة تفكيك الصلة بين الدخل الفلسطيني والإنتاج الفلسطيني، وفي الواقع فإن زيادة الدخل لم تتناقض مع التخريب البنيوي للاقتصاد ما دامت تلك الزيادة تأتي من مصادر خارجية. بل إن زيادة الدخل بالطريقة التي تمت بها أثناء الاحتلال شكلت آلية لإضعاف القطاعات الإنتاجية، فالعمالة الفلسطينية في إسرائيل تعمل بأجور أعلى من الأجور المتاحة في الاقتصاد الفلسطيني وهو ما أضعف القطاعات الإنتاجية عبْر رفع تكلفة الإنتاج وتغيير هيكل الأسعار بصورة غير ملائمة للإنتاج.

لقد اعتمدت إسرائيل مجموعة من السياسات لتحقيق هدف إضعاف مقاومة الاحتلال عبر زيادة الدخل، فقامت بتشجيع اليد العاملة الفلسطينية على العمل داخل إسرائيل، واتبعت سياسة الجسور المفتوحة مع الأردن ليتمكن الفلسطينيون من تصدير بضائعهم إلى الأردن ومنه إلى العالم العربي، وكي يتمكن أصحاب الخبرات والمثقفين من السفر والعمل في الأردن وأقطار الخليج العربي.

وتُعتبَر العمالة الفلسطينية إحدى نتائج السيطرة على الاقتصاد الفلسطيني. ويعود سبب إقبال إسرائيل على الاستعانة بالعمالة الفلسطينية إلى رفض الإسرائيليين القيام بالأعمال اليدوية والمتدنية، بسبب ارتفاع مستوى الدخل الذي يعود في جانب كبير منه إلى الاعتماد على المعونات الخارجية (وهو ما يشير إلى تراجُع المفاهيم الصهيونية مثل العمل العبري واقتحام الأرض والعمل والحراسة والإنتاج، وتصاعُد النزعة الاستهلاكية). ولجأ الإسرائيليون إلى الاستعانة بالعمالة العربية التي بلغت أكثر من مائة ألف فلسطيني، بما يمثل نحو 35% من العمال الفلسطينيين، وذلك بسبب تفشِّي البطالة.

وأدَّت العمليات الفدائية والاستشهادية وعمليات المقاومة المسلحة، وخصوصاً في عامي 1993 ـ 1994، إلى انخفاض أعداد العمال الفلسطينيين بشكل حاد نتيجة سياسات الحظر والإغلاق. ولتعويض هذا النقص في الأيدي العاملة لجأت الحكومة الإسرائيلية إلى استيراد عمالة أجنبية من الخارج بخاصة من تايلاند ورومانيا ومصر. وأدَّى ذلك إلى وصول نسبة البطالة إلى معدلات كبيرة جداً في الضفة والقطاع، وصلت في قطاع غزة إلى نحو 60% أحياناً. وتوصف السياسة الإسرائيلية تجاه الاقتصاد الفلسطيني بأنها تعتمد على "الازدهار الشخصي والركود المجتمعي(إندفيديوال بروسبرتي آند كوميونال ستاجنيشن (individual prosperity and communal stagnation )،ويطلق عليها البعض «دي ديفيلوبمنتde-development»، أي أنها ممارسات تقود إلى نتائج معاكسة لعملية التنمية الاقتصادية، ويطلق عليها آخرون «إنترنال كولونياليزم internal colonialism» أو «الاستعمار الداخلي» الذي يختلف عن الاستعمار الخارجي على أساس أن أهدافه ليست عسكرية وسياسية فحسب، بل إنه يعمل بصورة رئيسية على محور اقتلاع السكان الأصليين وترحيلهم عن وطنهم، وفرض علاقة تبعية تقزيمية على أولئك الذين يبقون في الوطن.

أما فيما يتصل بالفلسطينيين في الأراضي المحتلة قبل عام 1948 فقد مرت سياسة الاقتصاد الإسرائيلية تجاههم بعدة مراحل. فبعد أن كانت السياسة الإسرائيلية تقوم خلال فترة الحكم العسكري (1948 ـ 1966) على أساس منع أيِّ نشاط اقتصادي في المناطق العربية يهدف إلى إقامة اقتصاد عربي يعتمد على نفسه، أخذت هذه السياسة في الفترة الثانية 1967 ـ 1974 تُبدي بعض الاهتمام بالوضع الاقتصادي العربي وتجري محاولات بسيطة لدمجه في الاقتصاد الإسرائيلي. لكن المرحلة منذ عام 1976 التي تميَّزت بتنامي الوعي الوطني عند الأقلية العربية، أثبتت أن صانع القرار في إسرائيل لا يفكر في دمج الاقتصاد العربي في الاقتصاد الإسرائيلي، بل يعمل على اختراقه. ففي الوقت الذي بدأ فيه رأس المال الإسرائيلي في دخول المناطق العربية وإقامة مشاريع مشتركة مع العرب، تعاظم الاهتمام بموضوع الخطر السكاني وضرورة تهويد الجليل.

ويمكن القول بأن السياسة الإسرائيلية ذات طبيعة احتوائية تجاه الفلسطينيين حيث صرفت جُل اهتمامها في أوائل السبعينيات إلى مسـائل وقضايا ثقافية واجتماعـية بـدلاً من التركيز على البُعْد الاقتصادي، محتجة بأن قصور النمو في القطاع العربي إنما يُعزى إلى تخلُّف الثقافة والقيم العربية. وبصفة عامة فإن الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في إسرائيل يخضع لسياسة التمييز العنصري، حيث يتضح أن وجود العرب بشكل فعال في قطاعي الزراعة والصناعة محظور، فمن غير المسموح لهم الوجود في المؤسسات التعاونية الزراعية، كما أنهم لا يستطيعون العمل في أية شركة صناعية إسرائيلية لها علاقة بصناعة السلاح، كذلك لا يحق لهم العمل في المنشآت الحكومية المهمة.

أما من ناحية الدخل، فهناك فارق كبير بين معدل دخل الأسرة اليهودية ومعدل دخل الأسرة العربية، وتقديرات عام 1983 تبيِّن أن معدل دخل الفرد العربي هو 46% فقط من دخل الفرد اليهودي. والعمال العرب ممنوعون من العمل في صناعة الإلكترونيات والمصنوعات الكهربائية وبناء السفن وصناعة الأسلحة التي تقع كلها تحت سيطرة المجمع العسكري/الصناعي في إسرائيل، وذلك لأسباب أمنية. ويشكل العمال العرب نحو 25% من عدد العمال غير المهرة في إسرائيل، ويعمل العامل العربي في متوسطه خمس ساعات أسبوعياً أكثر من نظيره اليهودي، ونسبة البطالة بين العمال العرب دائماً أعلى من نسبة اليهود.

وقد حاول الشعب الفلسطيني ـ بنجاح جزئي ـ خلال الانتفاضة أن يفكِّك خيوط نسيج السيطرة الاقتصادية عن طريق مقاطعة البضائع الإسرائيلية ومقاومة دفع الضرائب، وتشجيع الإنتاج المحلي وهو ما أدَّى إلى حدوث تحسُّن ملموس في القطاعين الزراعي والصناعي بسبب سياسة الاعتماد على النفس. فمقاطعة السلع الإسرائيلية عملت على إضعاف التأثير السلبي للمنافسة غير المتكافئة، وتدعيم الإنتاج الفلسطيني، وبذلك نجحت الانتفاضة في جعل الاحتلال الإسرائيلي أكثر تكلفة من الناحية الاقتصادية.

لقد أحدثت الانتفاضة تغييراً جذرياً في علاقة إسرائيل بالأراضي المحتلة إذ انقلب الاحتلال من عملية تعود على إسرائيل بالأرباح الاقتصادية إلى عملية مكلفة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وهو ما أدَّى بالسلطات الإسرائيلية إلى انتهاج أسلوب جديد منذ عام 1991، وهذا الأسلوب المتدرج والبطئ يهدف إلى الإنعاش الاقتصادي عن طريق رفع بعض القيود المفروضة على حرية النشاط الاقتصادي، وعن طريق مساعدة بعض المشاريع الزراعية والصناعية. ولكن الهدف الرئيسي للاحتلال ـ وهو ربط الاقتصاد الفلسطيني بعلاقة التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ـ ما زال هدف السياسة الإسرائيلية الجديدة، فالاختلاف بين السياستين القديمة والجديدة لا يتعلق بالهدف وإنما بالأسلوب فقط. فالهدف مثلما كان في الماضي هو زيادة اعتماد الفلسطيني على مصادر خارجة عن الإنتاج الفلسطيني، لكن بدلاً من أن يتم ذلك عبر تشغيل الفلسطينيين في إسرائيل، تُقام مصانع في المناطق المحتلة لا يمكنها أن تنتج إلا باستخدام مواد أولية إسرائيلية، ولا أن تبيع إنتاجها إلا عن طريق وسائل التصدير الإسرائيلية.

كما حاول المفاوضون الفلسطينيون إعادة التفاوض بشأن العلاقة الاقتصادية بين الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، ولكن الاتفاق الاقتصادي الفلسطيني/الإسرائيلي كرَّس واقع التبعية لإسرائيل، وذلك من خلال إعطاء لجنة إسرائيلية/فلسطينية مشتركة صلاحيات واسعة تنتقص من السيادة الاقتصادية في مناطق الحكم الذاتي، وأبقى الاتفاق أسواق الضفة وغزة مفتوحة بالكامل أمام السلع الإسرائيلية، وتم اعتماد الشيكل الإسرائيلي وقبوله قانونياً لتسوية المدفوعات، وأصبح لإسرائيل حق تحديد عدد العمال الفلسطينيين الذين يُسمَح لهم بالعمل لديها، وذلك رغم أنه أعطى الفلسطينيين هامشاً للحركة في بعض المجالات الاقتصادية.

وبذلك يمكن القول بأنه في ظل اتفاق الحكم الذاتي فإن إسرائيل مستمرة في التمتع بصلاحية السيطرة على التطور الاقتصادي، وكما كان الأمر في السابق فإنها ستتصرف بما ينسجم مع نظرتها الخاصة إلى الوضع النهائي للمناطق المحتلة.

  • الثلاثاء AM 10:48
    2021-05-18
  • 1291
Powered by: GateGold