اقتحــام الأرض والعــمل والحراســة والإنــتاج - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 442576
يتصفح الموقع حاليا : 108

البحث

البحث

عرض المادة

اقتحــام الأرض والعــمل والحراســة والإنــتاج

اقتحــام الأرض والعــمل والحراســة والإنــتاج
Conquest of Soil, Labour, Guarding, and Production
«اقتحام الأرض والعمل والحراسة والإنتاج» مجموعة من المفاهيم الصهيونية العمالية المترابطة التي تشكل عصب الأيديولوجية الصهيونية العمالية:


1 ـ اقتحام الأرض:

كان مفهوم اقتحام الأرض أحد الأسس التي يستند إليها البرنامج الصهيوني الاستيطاني، وهو مفهوم ينادي بالاستيلاء على أرض فلسطين واستغلالها حتى يمكن إنقاذها من أيدي الأغيار وبناء المستعمرات اليهودية. وعن طريق غزو الأرض يُطهِّر اليهودي نفسه من طفيليته التي كانت تسمه كشخصية هامشية تعمل بالتجارة والربا في الدياسبورا (أي في أنحاء العالم)، حيث كان يعيش منفياً محرماً عليه ـ حسب التصوُّر الصهيوني ـ العمل في الزراعة والاحتكاك بالطبيعة ومصادر الحياة. فاقتحام الأرض لم يكن الدافع إليه اقتصادياً فحسب وإنما كان نفسياً أيضاً.

ولكن الاقتحام الحقيقي للأرض لم يتم بالطرق السلمية ولا حتى عن طريق التسلل والشراء، فالصندوق القومي اليهودي لم يتمكن خلال 45 عاماً (من تاريخ تأسيسه حتى عام 1947) من الحصول إلا على 3.9% من مساحة فلسطين، بينما نجد أن الهاجاناه (وشتيرن والإرجون) قد استولت في أقل من عام واحد (1948) على مساحة قدرها 76% من مجموع مساحة البلاد.

2 ـ اقتحام العمل:

لو كان الاستعمار الصهيوني استعماراً استيطانياً وحسب، لاكتفى باقتحام الأرض ولكنه استعمار استيطاني إحلالي، ولذا لم يكن هناك مفر من البحث عن أداة أخرى لتحقيق الإحلال، وقد وجد الصهاينة ضالتهم المنشودة في مفهوم اقتحام العمل. وفي إحدى مؤتمرات العامل الفتي، أكد جوزيف واتكين أن اقتحام الأرض واقتحام العمل صنوان لا يفترقان، يكمل الواحد منهما الآخر. وكلا المفهومين يعود في الأصل إلى المفكر الصهيوني العمالي الحلولي جوردون الذي كان يرى أن اليهودي في الدياسبورا يقوم بأعمال كتابية وحسابية ومالية، ولذا فهو يحيا حياة مُشوَّهة ينقصها الانفعال والإبداع، كما أنه لا يتمتع بأية سيادة ولا مشاركة في صنع القرارات التي تؤثر في حياته. ولذا، يجب على اليهودي أن يعود للأرض لا ليملكها فحسب وإنما ليشتغل فيها بالأعمال اليدوية الشاقة ويقهرها حتى يصبح هو نفسه محتلاًّ من قبَل العمل اليدوي. والعمل اليدوي هو إحدى وسائل الرجوع إلى عالم الطهارة والحواس والطبيعة ووسيلة الاتحاد الصوفي بها. ولذا يجب أن يعمل العامل اليهودي من أجل العمل ذاته، وهو بهذا سيطبّع نفسه ويتخلص من هامشيته وطفيليته ويحل إشكالية الهرم الطبقي اليهودي المقلوب إذ يصبح هناك عمال وفلاحون ومن ثم يكتمل تكوين الشعب اليهودي، كما أنه سيحل إشكالية العجز وانعدام السيادة وعدم المشاركة في السلـطة إذ أن هـذا الشـعب اليهودي الذي اقتحم العمل وأكمل تكوينه الطبقي يمكنه أن يؤسس دولة ذات سيـادة يمارس اليهود من خلالها صنع القرار ويتحكمون في مصيرهم.

وقد قام الحاخام الصهيوني كوك، العارف بأسرار القبَّالاه، بالدفاع عن فكرة اقتحام العمل، مستخدماً مصطلحاً حلولياً عضوياً، إذ يقول: "لقد أدرنا ظهورنا للاهتمام بحياتنا الجسدية ولتطوير أحاسيسنا كما أهملنا كل ما له علاقة ملموسة بحقيقة الجسد لأننا أصبحنا فريسة لمخاوفنا، لقد كان ينقصنا الإيمان بقدسية الأرض". ونحن نرى أن ثمة تشابهاً بنيوياً بين مفهوم اقتحام العمل وبين المفهوم الحسيدي للخلاص بالجسد الذي يؤكد أن روح الإنسان تستطيع، من خلال الانتشاء الجسدي والغوص في الأشياء المادية، أن تتسامى لتصل إلى درجة عالية من الطهارة والشفافية والسمو الروحي. والحديث عن اقتحام العمل وطهارة العمل العبري لم يكن أمراً مجازياً بل كان حرفياً إلى أقصى درجة، فلقد قام بعض العمال العرب الذين استأجرهم المستوطنون الصهاينة بغرس أشجار غابة هرتزل، فقام العمال اليهود باجتثاثها ثم أعادوا غرسها في اليوم التالي من خلال العمل العبري الطاهر.

والحديث عن اقتحام العمل والعمل اليدوي بهذا الشكل الرومانتيكي يدل على الجذور الطبقية البورجوازية الصغيرة للصهيونية العمالية التي جاءت جماهيرها من بين قطاعات اجتماعية فشلت في التأقلم مع أوضاعها الطبقية والاقتصادية الجديدة في شرق أوربا، ولم تتمكن من اللحاق بمن هاجر إلى الولايات المتحدة أو غرب أوربا، فكان عليها أن تبحث عن بنيان اقتصادي جديد يمكنها أن تتكيف معه، فوجدت ضالتها المنشودة في العودة إلى عالم زراعي مقدَّس في أرض الأجداد المقدَّسة!

ولكن الدافع وراء اقتحام العمل لم يكن نفسياً/طبقياً فحسب، بل كانت هناك ضرورات عملية يحتمها واقع الاستعمار الاستيطاني الإحلالي في فلسطين، فالأرض التي هاجر إليها اليهود لم تكن خالية من السكان، ولذا كان يتحتم إجلاؤهم وشَغْل أعمالهم. وقد أدرك المستوطنون منذ البداية أهمية العمل العبري كأساس للاستيطان الإحلالي، فاستئجار العمال العرب كان يعني أن المُستوطَن الصهيوني سيظل معتمداً على العرب غير مستقل عنهم، كما أنه في نهاية الأمر سيجعل تحقيق أغلبية يهودية أمراً مستحيلاً. ولذا، لم يكن هناك مفر من إحلال العامل اليهودي محل العامل العربي، وكان خلق وظائف جديدة للمهاجرين الجدد أمراً حتمياً، وهو أمر كان من العسير تحقيقه دون اللجوء إلى اقتحام العمل.

وقد قاوم بعض المستوطنين هذا المفهوم الصهيوني العمالي لتَناقُضه مع مصالحهم الاقتصادية، فالرأسمالي اليهودي كان يفضل العامل العربي الكفء قليل التكلفة على العامل العبري غير الكفء مرتفع التكلفة. وقد قام الصهاينة العماليون بتنظيم إضرابات عديدة ضد الرأسماليين اليهود الذين لا يحافظون على نقاء أو طهارة المُستوطَن، إلا أن الصهاينة العماليين كانوا مع هذا يؤكدون أن غزو الأرض لم يكن يتم لحساب الطبقة العاملة اليهودية وحدها وإنما لحساب الشعب اليهودي ككل وأن التناقض بينهم وبين الرأسماليين لم يكن ينصب إلا على نقطة جزئية خاصة بإصرار الفريق الآخر على استئجار العمل العربي.

وكمحاولة لحل هذا التناقض، لجأ المستوطنون إلى استيراد بعض اليهود الشرقيين من اليمن، فالعامل اليمني كان عاملاً عبرياً (مقدَّساً) يُرضي المطامع الإحلالية لدى الصهاينة العماليين، وهو كذلك عامل عربي رخيص يُرضي شراهة الصهاينة الرأسماليين. ولكن المشكلة زادت تفاقماً لأن العمال اليمنيين لم يكونوا سعداء بأحوالهم، الأمر الذي اضطر المستوطنين إلى وقف استيراد اليهود من اليمن.

ولم يحقق شعار اقتحام العمل أي نجاح، فحتى عام 1914 لم يزد عدد العمال اليهود عن 12% من القوة العاملة في فلسطين. ولذلك، اقترح جوزيف واتكين إنشاء مزارع الكيبوتس كوسيلة لجَعْل العامل الزراعي مالكاً زراعياً أيضاً، ذلك أن واتكين كان يعلم أن الجذور البورجوازية للعمال اليهود كانت تجعل تحولهم إلى مجرد عمال أمراً عسيراً عليهم، كما أن غياب الرباط العاطفي بينهم وبين الأرض كان سبباً لهجرة كثير منهم إلى الولايات المتحدة. وقد نجحت مزارع الكيبوتس في تحقيق أحلام البورجوازية اليهودية الصغيرة المهاجرة في أن تصبح مالكة، كما أنها ثَبتتها في الأرض وربطتها بها، أي أن مزارع الكيبوتس أصبحت الوسيلة المزدوجة لاقتحام الأرض والعمل معاً، وقد أصبح شعار اقتحام العمل من مبادئ هذه المزارع.

3 ـ اقتحام الحراسة:

إذا أضفنا إلى كل هذا شعار اقتحام الحراسة المرتبطة أيضاً بمزارع الكيبوتس، وهو شعار يطلب من اليهود أن يقوموا بحراسة أنفسهم بدلاً من استئجار عرب أو شراكسة، اكتشفنا أن الكيبوتس هو التجسيد العملي للاستيطان الصهيوني الإحلالي بكل رومانتيكيته وشراسته الزراعية والعسكرية. وقد اعتنقت فرق العمال مبدأ العمل والدفاع (عفوداه وهاجاناه) أو جمعت بين شعاري اقتحام العمل بحرمان العمال العرب من حق العمل واقتحام الأرض بالاستيلاء على أراضي فلسطين تحت ستار العمل. وقد تكونت قوات الهاجاناه والبالماخ في معظمها من سكان مزارع الكيبوتس والموشاف من العمال غزاة الأرض والعمل.

4 ـ اقتحام الإنتاج:

وحتى يكتمل انعزال المستوطنين، ظهر شعار "اشتروا الإنتاج" واتخذ ذلك طابعاً منظماً لمقاطعة المنتجات العربية ومنع التعامل مع العرب وشراء المنتجات اليهودية وحدها والتعامل مع اليهود وحدهم. وقد قام الهستدروت بفرض العمل العبري والاستهلاك العبري إن صح التعبير. وبذا، تكون الدائرة قد اكتملت: من غزو مسلح للأرض، لغزو مسلح للعمل، لانغـلاق اقتصادي حضاري كامل لا يـزال يسـم إسـرائيل بكل مؤسسـاتها الاقتصادية والعسـكرية، وفي هذا تكمن صهيونية الدولة الصهيونية.

العـمـل العـبري
Hebrew Labour
«العمل العبري» من المفاهيم الصهيونية العمالية المحورية. وملخص هذا المفهوم أن اليهودي العائد إلى أرض الميعاد يجب عليه أن يتخلص من أدران المنفى العالقة به، ويمكنه إنجاز هذا ليس فقط بأن يمتلك الأرض (كما يفعل يهود الدياسبورا الذين يعملون بالمهن الطفيلية مثل الإتجار في العقارات) وإنما يجب أن يعمل فيها بنفسه وبيديه، وهو بذلك يُخلِّص الأرض من العمال الأغيار ويُطبِّع نفسه ويتخلص من هامشيته وطفيليته ويتحكم في مصيره السياسي إذ أنه سيؤسس دولة يهودية بإمكان اليهود أن يمارسوا من خلالها صنع القرار السياسي ويتخلصوا من العجز الذي وسمهم تاريخياً. ولهذا المفهوم الصهيوني بُعده الاستيطاني الإحلالي الذي تغطيه ديباجات اشتراكية رومانسية، فهو يعني في واقع الأمر إحلال المُستوطَن الصهيوني محل الفلاح العربي.


وقد تساقط مفهوم العمل العبري من خلال الممارسات اليومية، فقد تزايدت الطفيلية الاقتصادية في إسرائيل وتزايد الاعتماد على العمالة العربية. وبعد الانتفاضة وتَصاعُد الهجمات الفدائية حاول التجمع الاستيطاني الصهيوني أن يستغنى عن العمال العرب، فلم يجد أحداً من المستوطنين الصهاينة ليعمل فاضطر لاستيراد عمالة أجنبية من تايلاند ورومانيا يبلغ عددهم 48 ألف (33 ألف موجودون بشكل قانوني، و15 ألف بشكل غير قانوني يعملون أساساً في الزراعة وقطاع البناء).

ويشكل الأجانب نسبة عشرة في المائة من اليد العاملة في إسرائيل (عام 1997) ويعملون كذلك في قطاعي البناء والزراعة أو خدماً في المنازل. وبعد ما كانوا حتى وقت قريب موضع ترحيب، باتو يثيرون ردود فعل معادية. وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن "مشاكل اجتماعية" عدة نشأت من تدفق العمال الأجانب الذين تضاعف عددهم خمس مرات في ثلاث سنوات، وخصوصاً بسبب الإقفال شبه المستمر للأراضي الفلسطينية. (انظر: «الصهيونية العمالية» - «اقتحام الأرض والعمل والحراسة والإنتاج»).

  • الاثنين AM 11:33
    2021-05-17
  • 1540
Powered by: GateGold