منظمـــات الـــرواد - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 442573
يتصفح الموقع حاليا : 97

البحث

البحث

عرض المادة

منظمـــات الـــرواد

منظمـــات الـــرواد
Halutzim Organizations
ظهر عديد من المنظمات الصهيونية التي كانت تهدف إلى وضع رؤية الرواد الخاصة بالزراعة المسلحة واقتحام الأرض والعمل والحراسة والإنتاج موضع التنفيذ. وكان مناحم أوسيشكين من أوائل المنادين بتكوين مثل هذه التنظيمات التي يلتزم أعضاؤها بالذهاب إلى فلسطين للعـمل لمدة ثلاث سـنوات كنوع من أنواع الخدمة العسكرية للشعب اليهودي، على أن يكون سلاحه المجراف والمحراث وليس السيف أو البندقية (وهو ما يدل على جهله التام بحقائق الاستيطان الإحلالي الذي يتَطلَّب السيف قبل المجراف والبندقية قبل المحراث). وقد نشأت جمعيات في الولايات المتحدة وجنوب روسيا وبولندا ورومانيا تحت أسماء مختلفة. وأولى هذه المنظمات كانت منظمة البيلو للاستيطان في فلسطين ومنظمة عم عولام للاستيطان والهجرة إلى الولايات المتحدة. وظهرت المنظمات في كل مكان، فأسَّس بن جوريون واحدة في الولايات المتحدة عام 1915 حينما كان هناك، وأسَّس ترومبلدور منظمة في روسيا عام 1919.


وقد اكتسبت منظمات الرائد قوة غير عادية مع صدور وعد بلفور الذي حوَّل الفكرة الصهيونية إلى مشروع محدد قابل للتنفيذ من خلال آلية الإمبريالية، فتزايد عدد المنظمات. ولكن نشوب الثورة البلشفية أدَّى إلى تأثير معاكس، وخصوصاً أن كثيراً من أعضاء جماعات الرواد هم من الشباب الثوري الذي أصبح بوسعه التعبير عن تَوجُّهه الثوري من خلال التجربة السوفيتية.

وقد عُقد مؤتمر لمنظمات الرواد في الاتحاد السوفيتي عام 1918، ويُعَد ترومبلدور الأب الفعلي والروحي لهذه المنظمات، وقد أصبح المثل الأعلى بعد مقتله على يد المقاومة العربية عام 1920. ثم عُقدت عدة مؤتمرات بعد ذلك. وقد أصدر المؤتمر المنعقد عام 1923 قراراً بأن جماعات الرواد جزء عضوي من كل من الطبقة العاملة اليهودية وطبقة البروليتاريا العالمية وأكد حتمية الصراع وأن المنظمة ستحارب ضد الرأسمالية في كل أشكالها وأن كل عضو يرفض فكرة الكيبوتس وينضم إلى موشاف عوفديم لن يسمح له بالانضمام لبرامج التدريب. وقد تم تبنِّي هذه القرارات في أغسطس 1923، وانقسمت منظمات الرواد إلى شرعيين وغير شرعيين، إذ طالب الشرعيون بالصراع الطبقي الأممي والحياة الجماعية، بينما ذهب غير الشرعيين إلى أن هناك حركة عمالية يهودية مستقلة.

وقد شهد عام 1926 نجاح التجربة السوفيتية في توطين اليهود وتحويلهم إلى عنصر منتج في الوقت الذي كان فيه الاستيطان في فلسطين يعاني أزمة، وانتهى الأمر بأن سحبت السلطات السوفيتية اعترافها بجمعية الرواد عام 1928 وألقت أعضاءها في السجن.

وقد أُسِّست منظمات للرواد في وسط أوربا والولايات المتحدة وغيرها من البلدان. ويُلاحَظ أن صعود النازي للسلطة لم يَعُق نشاطها، فالنازيون لا يمانعون في أية نشاطات تؤدي إلى إفراغ أوربا من اليهود والنشاط الصهيوني الاستيطاني يؤدي إلى ذلك. ومما يلفت النظر أن منظمات الرواد لم يكن لها فروع في اليمن أو البلاد العربية التي كانت تضم أقليات يهودية ذات طابع عربي، بل انصب نشاطها على اليهود الإشكناز أو اليهود العرب ذوي الطابع الأوربي مثل بعض قطاعات اليهود في مصر وسوريا.

وقـد ارتبطـت منظمات الرواد من البداية بفكرة الغزو المسـلح لفلسطين. فقد حارب كثير من الرواد مع الفيلق اليهودي عام 1917، وكان هذا ترجمة عملية لتفكير بن جوريون في تكوين جيش من العمال يسير إلى فلسطين ليحررها للشعب اليهودي. وفي عام 1919، حضر ترومبلدور مؤتمراً لجمعيات الرائد، وكان قد فَقَد الأمل في تكوين جيش قوامه مائة ألف يهودي في روسيا ليهاجم فلسطين ويستوطنها، وطالب بإنشاء جيش قوامه عشرة آلاف جندي من الرواد ليحل محل الحامية الإنجليزية.

وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية، كان عدد أعضاء منظمات الرواد 100 ألف. وقد نشر الهستدرت إحصاءً عام 1927 يقول إن 43% من كل العمال في فلسطين و80% من أعضاء الكيبوتس تم تدريبهم في جمعيات الرواد قبل استيطانهم فلسطين. وقد تَوقَّف نشاط الجمعيات مع تأسيس الدولة الصهيونية. وفي الوقت الحالي، تتبع كل حركات الشباب الصهيونية قسم الشباب والحالوتس في المنظمة الصهيونية.

الحركـــة التعاونيــة
Cooperative Movement
«الحركة التعاونية» هي أهم تعبير عن الصهيونية العمالية، وتعود جذور الفكر التعاوني الصهيوني إلى الفكر التعاوني الغربي والفكر الشعبوي الروسي وإلى أوضاع أعضاء الجماعات اليهودية في شرق أوربا، وخصوصاً في مرحلة التحديث المتعثر حيث تأزَّم وضعهم باعتبارهم بقايا جماعة وظيفية فقدت دورها التقليدي. وقد أُسِّست الحركة التعاونية اليهودية كمحاولة لتركيز قوى صغار التجار والمموِّلين اليهود حتى يمكنهم التصدي للمنافسة، ومن ثم فهي لم تكن حركة احتجاج على المجتمع التنافسي التعاقدي الذي أسسته الرأسمالية بقدر ما كانت آلية للبقاء داخله ولتحسين فرص التنافس.


وقد بدأت الحركة التعاونية اليهودية في روسيا بين الحرفيين اليهود الذين كوَّنوا جمعيات تعاونية تمنحهم تسهيلات ائتمانية تساعدهم على شراء الأدوات التي يستخدمونها وعلى تخزين منتجاتهم وعلى التأمين على حياة الأعضاء. وقد ساهم الأثرياء من اليهود الأمريكيين والألمان في تحويل هذه التعاونيات كجزء من محاولتهم تحويل اليهود إلى قطاع اقتصادي منتج (كما يقول الاصطلاح الصهيوني) وذلك حتى لا تزداد الهجرة من شرق أوربا إلى بلاد الغرب، الأمر الذي كان يهدد مصالحهم الاقتصادية ووضعهم الاجتماعي. وقد انتشرت التنظيمات التعاونية في روسيا حتى أصبحت تضم 400 ألف عضو (يعولون حوالي مليون ونصف مليون شخص، أي حوالي ثُلث يهود روسيا في ذلك الوقت). ومما له دلالة أن هذه التعاونيات كانت مُقسَّمة على النحو التالي:

36% تعاونيات صغار التجار

32% صناع مهرة

7.5% فلاحون

2% عمال

21.5 % تعاونيات مختلفة

أي أن الحركة التعاونية اليهودية في روسيا كانت أساساً حركة لحل مشاكل الطبقة البورجوازية الصغيرة، ونشأت في هذه التربة. والقول نفسه ينطبق على الحركة التعاونية في بولندا التي كانت تضم خُمس يهود بولندا (وقد تركت هذه النشأة البورجوازية الصغيرة أثرها في بناء الحركة التعاونية للصهيونية الاستيطانية فيما بعد).

وقد نقل المستوطنون اليهود في الأرجنتين نمط التنظيم التعاوني معهم إلى وطنهم الجديد (دون أية ادعاءات عقائدية أو مثالية بشأنها) فأنشأوا تعاونيات زراعية، ولكن لم يُقدَّر لها النجاح أو الانتشار (وهي آخذة في الاختفاء التدريجي) نظراً لانصراف المستوطنين في الأرجنتين عن الزراعة إلى الأعمال التجارية، ومن ثم فقد أسسوا تعاونيات مصرفية، إن صح التعبير، فساهم أكثر من 15 ألف يهودي في تأسيس تعاونية البنك التجاري عام 1917 وبنك الشعب اليهودي عام 1921.

ومن أطرف الأشكال التعاونية، تعاونية الباعة الجائلين اليهود التي كانت تأخذ شكل مخازن مفتوحة في كل المدن التي يذهب إليها البائع اليهودي الجائل. فإذا كان البائع عضواً في التعاونية تَوجَّه إلى المخزن التعاوني وأخذ ما يريد من بضائع بشروط ائتمانية سهلة. كما أن وجود المخازن في معظم المدن أعفى البائع المتجول من مشقة حمل بضائعه معه أينما ذهب واكتفى بحمل عينات من السلع فحسب، فإذا ما باع كمية من السلع تَوجَّه إلى المخزن وحصل على الكمية المطلوبة ووردها للزبون. وقد تطوَّر هذا الأسلوب بحيث اكتفى البائع المتجول بعرض العينة على الزبون على أن يتوجه الأخير بنفسه إلى المخزن التعاوني، وهذا لا يختلف كثيراً عن الطريقة الشائعة في الولايات المتحدة وأوربا للبيع بالكتالوج. وهذه التعاونيات التجارية منظمات رأسمالية في بنائها وحركياتها وأغراضها، ولكنها تستخدم أساليب تعاونية باعتبار أن الأسلوب التعاوني هو أكثر الأساليب ملاءمة للمستوطنين اليهود في الأرجنتين الذين يريدون ممارسة نشاط رأسمالي، ولكن حجم رأس مال كل منهم على حدة يحول دون ذلك.

وقد استمرت بعض التعاونيات اليهودية بعد الثورة السوفيتية، وبعد وصول الشيوعين للحكم في بولندا. وكان الغرض من التعاونيات في الإطار الاشتراكي الجديد هو إعادة تدريب اليهود مهنياً حتى يكتسبوا من الخبرات ما يؤهلهم للاندماج في المجتمع إذ يبدو أن ما يُسمَّى «هامشية اليهود» قد استمرت حتى الثلاثينيات في الاتحاد السوفيتي وحتى الخمسينيات في بولندا.

ولا تختلف الحركة التعاونية الصهيونية في فلسطين في جذورها التاريخية ولا في رؤيتها عن الحركة التعاونية اليهودية في أوربا. فالحركة التعاونية الصهيونية كانت متأثرة بأفكار سيركين وجوردون وبوروخوف وأوبنهايمر. وقد تحدَّث سيركين وجوردون عن العمل الجماعي اليهودي كوسيلة لنبذ الهامشية والطفيلية ولاكتساب هوية جديدة يهودية منفصلة. ولذلك ترجمت هذه الأيديولوجية نفسها إلى مفاهيم عنصرية مثل مفهوم اقتحام الأرض والعمل والحراسة والإنتاج ومفهوم العمل العبري. أما أوبنهايمر فقد قنَّن هذه التعاونية الانفصالية، إن صح التعبير، فقد كان من المطالبين بما كان يسميه «الاستعمار الكبير» الذي كان يعني الاستيلاء على كل الأرض الفلسطينية بشكل جماعي على عكس «الاستعمار الصغير» الذي يقوم على أساس دعم أثرياء الغرب والتسلل. والاستعمار الكبير لن يتم إلا عن طريق إنشاء شبكة من المستعمرات الزراعية والقرى التعاونية على أساس الاعتماد الذاتي، إذ لا بقاء لليهود في فلسطين إلا بالزراعة وإقامة اقتصاد زراعي وتكوين طبقة من الفلاحين والمزارعين لضمان استقرار المدن اليهودية. وقد طالب أوبنهايمر بأن تظل الأرض كلها ملكاً أزلياً للشعب اليهودي كما طالب بإحياء القوانين الزراعية لإسرائيل القديمة بعد تجديدها، وإدخال قوانين السنة السبتية وسنة اليوبيل. وطالب أوبنهايمر بعدم السماح بقيام سلطة قوية لكبار الملاك لأن هذه السلطة في عرقلتها تطبيق القانون كانت لها اليد الطولى في انهيار الدولة العبرانية القديمة، أي أن أوبنهايمر كان يؤيد الحركة التعاونية كاستمرار للتقاليد الدينية وكترجمة لمطامح الشعب اليهودي في الانفصال وفي ممارسة شعائره الدينية التي هي من أهم مظاهر انفصاله.

وإذا كانت هذه هي التبريرات النظرية للحركة التعاونية الصهيونية، فهي تعتبر ديباجات تبرر ظاهرة برزت بشكل برجماتي لم تَدخُل النظرية في تشكيله. فقد ظهرت أولى التعاونيات الصهيونية في فلسطين كامتداد طبيعي واستمرار تلقائي للتعاونيات اليهودية في شرق أوربا وهي التعاونيات التي كانت قد ظهرت كوسيلة عملية لتحسين دخول الأعضاء فيها (وليس كمحاولة اشتراكية بدائية من جانب العمال المُستغَلين للوصول لصيغ تنظيم اقتصادية جماعية تراحمية تختلف عن الصيغ الرأسمالية السائدة والمبنية على التنافس والتناحر والاستغلال). ومن المُلاحَظ أن التعاونيات اليهودية الأولى التي نشأت في فلسطين كانت تعاونيات استهلاكية، كما كانت هناك تعاونيات تسويقية، وتعاونيات عمالية تقيم للعمال مطابخ ومغاسل ونوادي لأن معظمهم كان مُقتلَعاً من تربته خارج أي بناء أسري. ومن أشهر التعاونيات العمالية التنظيم التعاوني لعمال البناء الذي كان يتفاوض مع الزبائن والمؤسسات من أجل الحصول على عقود البناء (وهذه التعاونيات هي التي تحولت فيما بعد إلى أشهر شركة يملكها الهستدروت وهي شركة سوليل بونيه للبناء). وإلى جانب كل هذا، كانت هناك تعاونيات لصغار الملاك الزراعيين للمساهمة في زراعة الأرض وتسويق المنتجات الزراعية.

ومع هذا، فإن الصيغة التعاونية الصهيونية ظلت حقيقة قائمة على المستوى العملي المباشر وحسب، ولم يتم اكتشافها واكتشاف إمكانياتها الاستيطانية الصهيونية بشكل واع إلا عام 1904. وقد تم ذلك بالصدفة المحضه، فبعد موت هرتزل ازداد النشاط الاستيطاني، وقد ظهرت بعض التعاونيات في فلسطين كاستجابة مباشرة وتلقائية لمتطلبات الاستعمار الاستيطاني الإحلالي (الذي يدور في إطار محاولة الاستيلاء على الأرض وإفراغها من سكانها العرب وإحلال عنصر يهودي محلهم). وقد تبيَّن أن الحركة الصهيونية الدبلوماسية أو العامة (التوطينية) قادرة على شراء الأراضي، ولكنها كانت غير قادرة على توطينها (وهو الأمر الذي يمكن أن تقوم به الصهيونية العمالية الاستيطانية وحدها). وحيث إن تمويل الأفراد قد تَعذَّر، فقد تقرَّر أن تبقى الأراضي التي يشتريها الصندوق القومي اليهودي ملكية جماعية على أن تُؤجَّر للمجمعات العمالية التي يدفع لها أجراً حسب كمية إنتاجها، وقد عُيِّن مدير لهذه المجمعات من قبَل الحركة الصهيونية.

وقد حدث أن قام نزاع حاد بين المدير المعيَّن من قبَل الحركة الصهيونية والمستوطنين في إحدى المستوطنات، فاتخذت المنظمة الصهيونية قراراً بعقاب المدير والعمال، ولكنها عدلت عن هذا واكتفت بفصل المدير وبدأ تطبيق نظام التسيير الذاتي، وهكذا بدأت الحركة التعاونية الصهيونية والصيغ الاشتراكية الأخرى.

وقد قُدِّر لهذه الصيغة الجماعية التعاونية أن تسود رغم وقوع الحركة الصهيونية تحت تأثير كبار المموِّلين اليهود والإمبريالية العالمية، وذلك لأنها كانت الطريقة الوحيدة القادرة على ترجمة الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة إلى حقيقة واقعية، فهي الصيغة التي قامت بعزل المستوطنين وتحويلهم إلى جماعة استيطانية قتالية متماسكة يمكنها الصمود أمام السكان الأصليين.

ولعل أكبر دليل على أن الحركة التعاونية الصهيونية ضرورة حتَّمها الاستيطان الإحلالي فحسب، دون أي ارتباط بأيديولوجيا أو رؤية اشتراكية إنسانية، هو وجود منظمات تعاونية عمالية وتعاونية تابعة لكل الأحزاب بغض النظر عن انتمائها الديني أو الطبقي أو الفكري، بل توجد مدرسة تلمودية/ناحال في إسرائيل، أي مدرسة تلمودية تأخذ شكل مستوطنة زراعية تعاونية عسكرية.

ويعكس الهستدروت في تركيبه الشامل التعاوني الرأسمالي بنية الحركة التعاونية الصهيونية وجذورها التاريخية، فهو تنظيم نقابي ولكنه في الوقت نفسه أكبر رأسمالي في إسرائيل. ومما هو جدير بالذكر أن هذه الحركة التعاونية آخذة في الاختفاء والضمور التدريجي بعد أن أدَّت غرضها، بينما القطاع الخاص من الاقتصاد آخذ في التوسُّع على حسابها.

  • الاثنين AM 11:29
    2021-05-17
  • 1453
Powered by: GateGold