المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409162
يتصفح الموقع حاليا : 373

البحث

البحث

عرض المادة

منظمــة كـاخ الصهيونيــة/الإســرائيلية

منظمــة كـاخ الصهيونيــة/الإســرائيلية
(Kach (An Israeli-Zionist Organization
»كاخ« كلمة عبرية تعني «هكذا» وهو اسم جماعة صهيونية سياسية إرهابية صاغت شعارها على النحو التالي: يد تمسك بالتوراة وأخرى بالسيف وكتب تحتها كلمة «كاخ» العبرية، بمعنى أن السبيل الوحيد لتحقيق الآمال الصهيونية هي التوراة والسيف (أي العنف المسلح والديباجات التوراتية) وهذه أصداء لبعض أقوال جابوتنسكي. وتضم حركة كاخ مجموعة من الإرهابيين ذوي التاريخ الحافل من بينهم إيلي هزئيف، وهو صهيوني غير يهودي كان يعمل جندياً في فيتنام ثم تهود واستقر في إسرائيل. ويبدو أنه ارتكب جريمة قتل وقُدِّم للمحاكمة بتهمة قتل جاره، وحيازة سلاح بشكل غير قانوني، وكان يُسمَّى «الذئب» أو «القاتل». وقد قُتل أثناء إحدى الهجمات الفدائية. ومن بين مؤسسي رابطة الدفاع، يوئيل ليرنر الذي قبض عليه عام 1975 بتهمة محاولة اغتيال كيسنجر، ثم قبض عليه مرة أخرى عام 1982 بتهمة تنظيم فريق من الفتيان والفتيات للاعتداء على المسجد الأقصى. وهناك أيضاً يوسي ديان الذي اعتقل عام 1980 بتهمة محاولة اغتيال سائق تاكسي عربي. وكان قد انسحب من كاخ بسبب صراعه مع كاهانا على السلطة. وتضم الجماعة أيضاً يهودا ريختر الذي حققت معه الشرطة للاشتباه بضلوعه في مقتل أحد أعضاء حركة السلام الآن. ومع هذا يظل مائير كاهانا أهم شخصيات الحركة، التي كانت تدور حول شخصيته، وهو "مفكرها" الأساسي (إن كان من الممكن إطلاق كلمة «فكر» أو حتى «أفكار» على تصريحاته المختلفة(.


ورغم أن البعض يشيرون إلى كاهانا باعتباره حاخاماً فإنه لم يتلق أي تعليم ديني، بل ادعى اللقب لنفسه. عمل كاهانا بعض الوقت عميلاً للمخابرات المركزية الأمريكية ولمكتب المخابرات الفيدرالية الأمريكية وأسس رابطة الدفاع اليهودي في الولايات المتحدة عام 1968 التي قُسِّمت إلى مجموعات من فئتين أُطلق على الأولى لقب «حيا» وهي كلمة عبرية تعني «وحش» أو «حيوان» وعلى الثانية لقب «أهل العلم والفكر». ثم نقل نشاطها إلى إسرائيل عام 1971 وتخلى عن التقسيم الثنائي، وتحولت إلى منظمة سياسية باسم كاخ قبيل انتخابات 1973.

وقد رشَّحَ كاهانا نفسه لانتخابات الكنيست في سنوات 1972 و1977 و1981 وفشل في الحصول على عدد كاف من الأصوات لانتخابه. ولكن مع تغيُّر المناخ السياسي ونمو الديباجات الدينية اليهودية المتطرفة واليمين العلماني المتطرف وازدياد مشاعر العداء ضد العرب بدأت كاخ تتحرك من الهامش إلى المركز. ولذا عندما رشَّحَ كاهانا نفسه في انتخابات عام 1984 حصل على نحو 26 ألف صوت وفاز بمقعد في الكنيست. وقد تصاعدت شعبيته حتى أن استطلاعات الرأي تنبأت بفوز حزبه بخمسة مقاعد برلمانية. ولكن المؤسسة الحاكمة أدركت خطورته على صورة الدولة الصهيونية فقامت بتعديل قانون الانتخابات بحيث تم حظر الأحزاب الداعية إلى التمييز العنصري وإثارة مشاعر الكراهية والعداء ضد العرب.

ويمكن القول بأن صهيونية كاخ هي الصيغة الشعبوية للصهيونية العضوية الحلولية. فالشعب اليهودي في تصوُّره هو شعب مختار فريد ومتميِّز، بل شعب مقدَّس، حقوقه مقدَّسة، ولذا فهو مكتف بذاته ومرجعية ذاته يستمد معاييره من ذاته، ولا يكترث بمعايير الشعوب الأخرى.

وكما هو الحال دائماً في المنظومات الحلولية العضوية لا تقل الأرض قداسة عن قداسة الشعب، فالإله يحل في كل من الشعب والأرض بنفس الدرجة ويربط بينهما برباط عضوي لا تنفصم عراه. ومن ثم فليس بإمكان الشعب اليهودي المقدَّس أن يُفرط في حقوقه المقدَّسة في الأرض المقدَّسة ويتنازل عن أجزاء منها للشعوب الأخرى (غير المقدَّسة(.

والتوجُّه السياسي لجماعة كاخ هو توجُّه مشيحاني قوي، فخلاص الشعب اليهودي المقدَّس بات قريباً ولكنه لن يتحقق إلا بعد ضم المناطق المحتلة وإزالة كل عبادة غريبة من جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى) وإجلاء جميع أعداء اليهود من أرض فلسطين.

في هذا الإطار يتناول كاهانا قضية علاقة اليهودية بالصهيونية (وبالحضارة الغربية). يتحرك كاهانا في إطار حلولي عضوي أحادي مصمت فيرفض الديباجات الصهيونية المتأثرة بالحضارة الغربية أو بقيم الديموقراطية أو الاشتراكية، ويؤكد أن اليهودية دين بطش وقوة. ولذا، فقد صرح بأنه لا يعرف يهودياً متديناً ليس على استعداد للقول بأن ما فعله العبرانيون بالكنعانيين أيام يشوع بن نون (أي أيام إبادتهم حسب الادعاء التوراتي) لم يكن عادلاً. وقد فقدت الصهيونية حسب تصوُّره قوتها وطاقتها حينما انفصلت عن هذه اليهودية الباطشة، ولا سبيل لبعثها إلا عن طريق ربطها بها مرة أخرى (أي بتخطِّي الازدواجية أو الانشطارية التي أشار إليها كوك وفيش). ولذا، يطالب كاهانا بتغيير التعليم في إسرائيل تغييراً شاملاً ودمجه باليهودية دمجاً كاملاً. وأما بالنسبة إلى أعضاء الجماعات اليهودية، فإن عليهم الهجرة إلى إسرائيل إذ لا مستقبل لهم إلا هناك. وهو يرى أن يهود العالم (الشعب العضوي المنبوذ) يتعرضون لعملية إبادة جديدة، وأن المؤسسة اليهودية في العالم بأسره متعفنة وخائنة لأنها لا تنبه اليهود إلى الخطر المحدق بهم. ويقف الشعب اليهودي الآن على عتبات الخلاص النهائي، وسيأتي الماشيَّح لا محالة، وسيسود الشعب المختار كل الشعوب الأخرى.

وتترجم هذه الأفكار نفسها بشأن اليهود واليهودية إلى فكر محدد بشأن الدولة الصهيونية. فإسرائيل، حسب رؤية كاهانا، هي وطن الأمة اليهودية، ومن ثم فإن اعتناق اليهودية يكون هو الأساس الوحيد لاكتساب الجنسية الإسرائيلية. فالدولة الصهيونية تخضع لشريعة التوراة وحسب، ولذا فهي إما أن تكون دولة يهودية تستند إلى التوراة أو دولة ديموقراطية.

والدولة الصهيونية التي سيعبِّر اليهودي من خلالها عن هويته الفريدة المتميِّزة دولة عضوية تقوم على وحدة السلالة ونقاء الدم، كما تقوم على أساس إعلان السيادة اليهودية المطلقة على فلسطين من خلال حياة مستقلة في إطار من الثقافة اليهودية المهيمنة على جميع مناحي الحياة في إسرائيل.

لكل هذا يظل من لا يعتنق اليهودية غريباً لا يتمتع بأية حقوق سياسية أو ثقافية. ولن تسمح الدولة اليهودية العضوية بتكاثر هؤلاء الغرباء "كالبراغيث" (على حد قول كاهانا) حتى لا يهددوا أمنها، ولن يُمنحوا سوى إقامة مؤقتة لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد، وذلك بعد خضوعهم لتحقيق دقيق في نهاية كل عام. وعلى العرب الذين يبقون داخل الدولة اليهودية أن يقبلوا العبودية، ويبقوا كعبيد ودافعي ضرائب. وسيُمنَع غير اليهود (أي العرب) من الإقامة في القدس ومن شغل الوظائف المهمة، ومن التصويت في انتخابات الكنيست. كما سيمنع اختلاطهم باليهود في كثير من الأماكن العامة كحمامات السباحة والمدارس، وسيُحظَر بطبيعة الحال الزواج المختلط. وكما هو ملاحَظ، فإن ثمة تشابهاً كبيراً بين قوانين كاهانا (الصهيونية العضوية) وقوانين نورمبرج (النازية العضوية) كما بيَّن مايكل إيتان عضو الكنيست الإسرائيلي. وتطالب كاخ بإزالة الآثار الإسلامية كافة.

ويوزع كاهانا خريطة لإسرائيل تمتد من النيل إلى الفرات، إذ لا مجال للشك، حسب رأيه، فيما ورد في التوراة من أن "أرضنا تمتد من النيل إلى الفرات". والعنصر الجغرافي مهم جداً في فكره، كما هو الحال في الفكر الصهيوني بشكل عام. فالأرض ـ كما يقول ـ هي الوعاء الذي يضم جماعة من البشر عليهم أن يحيوا فيها حياة متميِّزة عن حياة غيرهم من الجماعات الإنسانية وأن يحققوا رسالتهم القومية والتراثية. والدولة هي الأداة لتحقيق ذلك الغرض ولتمكين الشعب من بلوغ غاياته، فالأمة هي صاحبة الأرض وسيدتها، والناس هم الذي يحددون هوية الأرض وليس العكس، والشخص لا يصبح إسرائيلياً لأنه يعيش في أرض إسرائيل ولكنه يصبح إسرائيلياً عندما ينتمي إلى شعب إسرائيل ويغدو جزءاً من الأمة الإسرائيلية.

ولا يمكن تفسير تَطرُّف كاهانا إلا بالعودة إلى النسق الصهيوني. فهو نسق يحتوي على بذور معظم هذه الأفكار والممارسات. وإذا كان هرتزل قد تحدَّث عن طرد السكان الأصليين بشكل ليبرالي عام، فذلك لأنه لم يكن (في أوربا) مضطراً إلى الدخول في التفاصيل المحددة في تلك المرحلة. لقد كان مشغولاً بالبحث عن إحدى القوى العظمى لتقف وراءه وتشد أزره وتعضده وتقبله عميلاً لها، ولذا كانت الصياغات العامة بالنسبة إلى السكان الأصليين مناسبة تماماً في تلك المرحلة. وإذا كانت الدولة الصهيونية قد احتفظت بعد عام 1948 بالديباجة الاشتراكية، فذلك لأنها كانت قد "نظفت" الأرض من معظم العرب، وكان بوسعها أن تكبل الأقلية المتبقية بمجموعة من القوانين وأن تتحدث عن الاشتراكية وعن الإخاء الإنساني. وأما الآن، فلقد زادت التفاصيل واحتدمت الأزمة وتصاعدت المقاومة. وهكذا، فإن الديباجات تسقط، وما كان جنينياً كامناً أسفر عن وجهه وبات صريحاً كاملاً.

وعلى مستوى الممارسة قامت كاخ بتنظيم مسيرات في النصف الأول من الثمانينيات للتحرش بالسكان العرب في فلسطين التي احتلت عام 1948 "وإقناعهم" بأنهم ليس أمامهم مفر من الرحيل عن "أرض إسرائيل". كما قامت بأنشطة إرهابية سرية شملت الاعتداء على الأشخاص والإضرار بالممتلكات وتخريب الأشجار والمزروعات وأحياناً القتل. ولا يوجد بين أعضاء كاخ البارزين من لم يُعتقَل أكثر من مرة أو منْ ليس له ملف إجرامي في سجلات الشرطة.

وقد نقلت كاخ نشاطها منذ أواخر الثمانينيات إلى الضفة الغربية حيث قاعدتها البشرية الأساسية ومقر قيادتها الموجودة في مستوطنة كريات أربع (بالقرب من الخليل).

وقد أسس كاهانا معهدين لتدريس تعاليم اليهودية وتعاليمه: "معهد جبل الهيكل" (يشيفات هارهبيت)، و"معهد الفكرة اليهودية" (يشيفات هرعيون هيهودي). كما أسس تنظيمين سريين مسلحين الأول هو "لجنة الأمن على الطرق" الذي يُقدَّر عدد أعضائه بالمئات. وقد قام هذا التنظيم بتوفير مواكبة مسلحة للمواصلات العامة الإسرائيلية وسيارات المستوطنين المسافرين على طرق الضفة الغربية. ثم انتقل التنظيم إلى العمل السري حيث كان ينظم حملات انتقامية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في المدن والقرى وعلى الطرق، قُتل وجُرح بسببها عدد كبير من الأشخاص. وفي جميع الحالات، كان الجيش يصل إلى أماكن الحوادث بعد أن يكون أعضاء التنظيم قد غادروا المكان.

أما المنظمة الثانية فهي "دولة يهودا المستقلة" التي أعلنت أنها موالية لدولة إسرائيل طالما أنها متمسكة بكامل أرض إسرائيل. وهذا يعني أن المنظمة لا تدين بالولاء للدولة الصهيونية إن تخلت عن أي جزء من أرض إسرائيل، ويصبح من حق المنظمة أن تقوم بالاستيلاء بالقوة عليها وتعلن قيام دولة يهودا التي ستقوم بالدفاع عن هذه الأراضي! وقد اقترن اسم كاخ أيضاً بتنظيمين سريين هما: ت. ن. ت (الإرهاب ضد الإرهاب) والسيكارييم (حملة الخناجر).

وقد انشقت الحركة بعد مقتل كاهانا (في نيويورك عام 1990 على يد مواطن أمريكي من أصل مصري) إلى قسمين: احتفظ الأول باسم كاخ وهو التنظيم الأكبر والأخطر، يبلغ عدد أعضائه المسجلين عدة مئات أما أنصاره فهم عدة آلاف تنتمي لشرائح اجتماعية فقيرة، قليلة التعلم، متذمرة وناقمة على المؤسسة الحاكمة، وتتسم بعداء وكراهية شديدين للعرب. وتشكل العناصر المهاجرة من الولايات المتحدة (ذات التوجُّه الحلولي العضوي الواضح) النواة الصلبة لهذا التنظيم وقيادته.

أما القسم الثاني فهو تنظيم كاهاناحي الذي يرأسه ابن مائير كاهانا، وهذا أقل شأناً من تنظيم كاخ وإن كان يقوم بنفس النشاطات الإرهابية العلنية والسرية.

وفي إثر مذبحة الخليل حظرت الحكومة الإسرائيلية نشاط كل من كاخ وكاهانا حي. ولكن هذا لا يعني نهاية العنف في الكيان الصهيوني. فالعنف جزء من بنيته، كما أن كثيراً من أفكار كاخ (وكاهاناحي) ترسخت في الوجدان الاستيطاني الصهيوني وتسللت للخطاب الصهيوني نفسه، رغم كل محاولات الصقل والمراوغة.

  • الاثنين AM 11:15
    2021-05-17
  • 1021
Powered by: GateGold