ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
تاريخ الإرهاب الصهيوني/الإسـرائيلي منذ عام 1967حتى الثمانينيات
الإرهاب الصهيوني/الإسـرائيلي منذ عام 1967حتى الثمانينيات: تاريخ
Israeli-Zionist Terrorism from 1967 till the Eighties: History
كان من الطبيعي أن تنشط آلة الإرهاب الصهيوني مع عدوان 1967 وبعده، الذي أسفر عن ضم المزيد من الأراضي المحتلة (الضفة الغربية وغزة والقطاع الشرقي من القدس) وهي ذات تركيب سكاني عربي خالص.
ولتمهيد الطريق أمام الاستيطان الإحلالي في الضفة الغربية وقطاع غزة اختار المخطط الإسرائيلي بعناية نمط القتل الجماعي/ المذبحة بوصفه أكثر أنواع الإرهاب دموية وأوضحها فجاجة. ولذا فإن الأيام والأسابيع القليلة التي تلت دخول القوات الإسرائيلية إلى الضفة وغزة في 5 يونيه 1967 شهدت سلسلة من عمليات القتل الجماعي للمدنيين دون تمييز. كما لابد وأن يذكر مئات الأسرى والجرحى المصريين الذين تم قتلهم ودفنهم فى مقابر جماعية. وسجل مراقبو الأمم المتحدة وهيئة غوث اللاجئين التابعة لها في تقارير عديدة جانباً من هذا السلوك الإرهابي الفج الذي لم يَسلْم منه حتى اللاجئون الفلسطينيون الذين أخذوا في الفرار عَبْر معبر اللنبي/الملك حسين على نهر الأردن. وفيما بعد جرى اكتشـاف العـديد من القـبور الجماعية في قطاع غزة والضفة الغربية.
واقترنت ممارسات القتل الجماعي/المذابح بإزالة قرى وأحياء بكاملها وطَرْد سكانها الفلسطينيين وتشريدهم بدعوى شق الطرق الأمنية للقوات الغازية. وعلى ذلك فإن المذبحة والطَرْد الجماعي وهَدْم الديار هو أول ما واجه به جيش الاحتلال الصهيوني الفلسطينيين في الضفة وغزة في إطار السعي لتحطيم معنويات شعب بأسره ودفعه لتقبُّل الهزيمة والإعداد لاقتلاعه من الوطن.
وخلال السنوات العشرين الفاصلة بين يونيه 1967 والانتفاضة في 1987 طوَّرت سلطات الاحتلال آليات ممارسة إرهاب الدولة المنظم منتهكة كل بنود الاتفاقات الدولية الخارجية بمعاملة السكان المدنيين تحت الاحتلال. ولذا فإن المقارنة ظلت حاضرة وبقوة بين ممارسات الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي والممارسات المنسوبة للاحتلال النازي الألماني.
ويبرز بين هذه الآليات الإرهابية الاستخدام الواسع والمكثَّف لأساليب العقاب الجماعي من حظر للتجوال وفرض الحصار الأمني (الإغلاق) وهدم البيوت وغيرها. وعلى سبيل المثال فإن الفترة بين يونيه 1967 ويونيه 1980 شهدت قيام قوات الاحتلال بهدم 1259 بيتاً فلسطينياً. ولقد خص مدينة القدس العربية اهتمام خاص في سياسة هدم المنازل (525 بيتاً فلسطينياً خلال الفترة المشار إليها)، وهو الأمر الذي يمكن تفسيره بمركزية القدس في المشروع الاستيطاني الإحلالي الصهيوني.
وتاريخ الأراضي المحتلة عقب 1967 هو سجل يومي لشتى ممارسات الإرهاب التي تعتبر ثمرة تراث سلطة احتلال استيطاني، بدءاً من إطلاق النار على المتظاهرين وسقوط القتلى والجرحى وضمنهم الأطفال والنساء، والاعتداء على السياسيين والمثقفين وترحيلهم خارج البـلاد. وفرض أوامر الإقامـة الجبرية والاعتقال والتعذيب بمختلف أنواعه.
ولقد لجأت سلطة الاحتلال الإسرائيلي إلى قوانين الطوارئ البريطانية الصادرة عام 1945 وكذلك إلى قانون الأحكام العرفية المشدد (العسكرية) الذي فرضه الاستعمار البريطاني لقمع الثورة الفلسطينية (عام 1936). ويجيز هذا القانون العسكري سيء السمعة الاعتقال التعسفي بكل أشكاله. وبعد نحو ثلاث سنوات من احتلال الضفة وغزة لجأت إسرائيل إلى إصدار الأمر العسكري رقم (378) الذي يمنح سلطات الاحتلال صلاحيات أوسع في ممارسة الاعتقالات، وأصبح أي مواطن فلسطيني معرَّضاً للاعتقال في أي مكان وأي وقت بدون أسباب وبدون إذن قضائي. كما بات مسكن أي فلسطيني بالضفة وغزة عرضة للتفتيش دون سبب ودون إذن مسبق. ومما يلفت النظر أن سلطات الاحتلال عادت وأدخلت 46 تعديلاً على هذا الأمر لسد الثغرة تلو الأخرى التي تتيح حماية ضحايا الاعتقال. وتذهب بعض التقديرات إلى أن واحداً من بين خمسة فلسطينيين قد تعرَّض للاعتقال أو السجن في الفترة الواقعة بين عامي 1967 ـ 1987. وهو الأمر الذي يعكس ضراوة الصراع بين سـلطة الاحتـلال الاستيطاني ومقاومة الفلسطينيين له.
ويقترن الاعتقال بممارسة التعذيب على نطاق واسع في المعتقلات والسجون الإسرائيلية. ولما كانت منظمات حقوق الإنسان الدولية قد بدأت مع الثمانينيات تنتبه إلى أن تعذيب الفلسطينيين يشكل ركناً لا يتجزأ من سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وضمنه نظامه القانوني العنصري التمييزي، فقد كلفت الحكومة الإسرائيلية في عام 1987 مائير شامجر رئيس المحكمة العليا بتعيين لجنة قضائية للتحقيق في ممارسات التعذيب التي يقوم بها جهاز الأمن الداخلي المسمى «شين بيت». وكان من الواضح أن قرار الحكومة الإسرائيلية يحصر نطاق التحقيق في جهاز واحد (الشين بيت) ، متجاهلاً عن عمد الممارسات اليومية الواسعة لجنود جيش الاحتلال بصفة عامة. وجاءت أبلغ المفارقات دلالة في أن شامجر نفسه كان أحد الإرهابيين الذين طردتهم سلطات الانتداب البريطاني خارج فلسطين عام 1944 لتورطه في أنشطة إرهابية كما عمل فيما بعد مستشاراً قانونياً لوزارة الدفاع الإسرائيلية في غضون حوادث 1967. ومن جانبه فإن شامجر قام بتعيين الماجور جنرال إسحق هوفي بين أعضاء اللجنة الثلاثية المكلفة بالتحقيق. وهوفي هو الآخر كان من بين إرهابيي البالماخ وكان قائد وحدة بالجيش الإسرائيلي جرى تكليفها بأعمال انتقامية إرهابية في سيناء خلال حرب 1956 وفيما بعد تولَّى رئاسة جهاز الموساد بين عامي 1974 و1982.
وبالطبع فإن اللجنة الإسرائيلية انتهت إلى محاولة إضفاء الشرعية على انتزاع الاعترافات من المعتقلين الفلسطينيين تحت وطأة التعذيب بدعوى "اعتبارات أمن إسرائيل". ونتائج لجنة التحقيق الإسرائيلي وتُدعَى «لجنة لاندو» تعترف ضمناً بأن التعذيب ركن أساسي في النظام القانوني العنصري الإسرائيلي، لكن فلسفة ممارسة التعذيب استناداً إلى آلاف الوقائع الواردة في تقارير المنظمات الدولية تتجاوز هدف انتزاع الاعترافات بالإكراه إلى غلبة إشاعة "أجواء الرعب" بين أبناء الشعب الفلسطيني بأسره. واستخدام التعذيب كأداة انتقامية ضد كل أشكال المقاومة وإثبات رموز الوجود الوطني.
وعلى مستوى نشاط آلة الإرهاب الصهيوني ضد العرب في البلدان المجاورة، شهدت مرحلة ما بعد 1967 طفرة جديدة تتناسب مع ما استشـعرته النخبـة الصهيونيـة من تفوُّق عسـكري وبخاصة في مجال الجو. فاتسع حيز ممارستها جغرافياً، وانتقل تركيز نشاطها الإرهابي من الأردن إلى لبنان. فقد صعَّدت حجم اعتداءاتها على المحيط العربي المجاور لفلسطين، حتى لو بدا في حالة استسلام تام لواقع وجودها وسيطرتها. ولقد سقط مئات الضحايا من المدنيين العُزَّل نتيجة الاعتداءات الإرهابية الصهيونية. ويكفي التذكير بضحايا مدرسة بحر البقر للأطفال في دلتا النيل بمصر، وعمال مصانع أبي زعبل بجوار القاهرة وذلك خلال عام 1970، وضرب 15 قرية ومخيماً للاجئين على امتداد نهر الأردن بقنابل النابالم في فبراير 1968. أما لبنان فيصعب على المرء انتقاء حادث دون آخر من سلسلة حافلة من الأعمال الإرهابية بلغت ذروتها بغزو البلاد عام 1982، واستخدام الأسلحة المحرَّمة دولياً ضد مواطنيه ومواطني الشعب الفلسطيني، ومن بينها القنابل الانشطارية والأسلحة الكيماوية.
وقبلها كان عام 1972 ذروة لنشاط الموساد في الاغتيال على الساحة اللبنانية حيث اغتيل الأديب الفلسطيني غسان كنفاني وابنة شقيقه في 8 يوليه 1972، وأصيب د. أنيس صايغ فضلاً عن د. باسل القبيسي الأستاذ في الجامعة الأمريكية في بيروت. كما اغتيل ثلاثة من كبار القيادات الفلسطينية في بيروت: محمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال نصر. وهو نفس العام الذي شهد تركيزاً في أعمال الاغتيال الإسرائيلي خارج المنطقة حيث اغتيل وليد زعيتر ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في روما ومحمود الهمشري ممثلها في باريس.
ولقد شهدت مرحلة ما بعد 1967 كذلك مزيداً من جرائم إسرائيل ضد الطائرات المدنية وكان أشهرها نسف طائرة الركاب الليبية المدنية في الجو عام 1973 وقتل 106 شخص على متنها، وهو نفس العام الذي أُجبرت فيه طائرة لبنانية على الهبوط في إسرائيل.
والأمر الذي يحتاج إلى الالتفات هو ذلك الطابع التفاخري الإعلاني والفوري الذي يقترن بهذا النشاط، حيث تسعى إسرائيل لتأكيد بطشها وقدرتها على مجافاة المنطق وانتهاك الأخلاقيات والأعراف الدولية. ومن اللافت أيضاً ذلك الميل الاستعراضي الفج لهذه الأعمال الإرهابية الدولية وما تلقاه من اهتمام وإعجاب داخل التجمُّع الصهيوني بصفة عامة.
ولا تزال العمليات الإرهابية الإسرائيلية يجرى الإعلان عنها رسمياً حتى الآن، وقد أصبحت نشاطاً ذا صفة كونية إذ وسَّع دائرة حركته إقليمياً (بغداد ـ تونس ـ عنتيبي.. إلخ). كما يوجد تعاون عسكري إسرائيلي أمريكي على مستوى النشاط الإرهابي المُعلن والنشاط الاستخباري بين الموساد والـ سي. آي. آيه. وقد أُعلن في الثمانينيات عن دور إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة في تدريب خبراء الإرهاب والقمع وتوفير معداته للأنظمة الدكتاتورية والعدوانية في أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص.
-
الاثنين AM 11:11
2021-05-17 - 1375