المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409172
يتصفح الموقع حاليا : 361

البحث

البحث

عرض المادة

قانـون العـودة: قانون صهيوني أساسي

قانـون العـودة: قانون صهيوني أساسي
Law of Return: A Zionist Basic Law
«قانون العودة» قانون صدر في إسرائيل عام 1950 يمنح أي يهودي في العالم حق الهجرة إلى فلسطين وأن يصبح مواطناً فور وصوله. ومن المعروف أن جميع أجنحة الصهيونية تعاونت في مرحلة ما قبل 1948 على إنجاز أهم عنصر مُتضمَّن في الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، أي التخلص من السكان الأصليين وتغييبهم. وثمة أدبيات ثرية في هذا الموضوع توثق النية الصهيونية المبيتة لطرد العرب، وتبيِّن الطرق المختلفة التي لجأت إليها قوات المستوطنين لطرد الفلسطينيين وتفريغ فلسطين من سكانها. ولكن المشروع الصهيوني لم يُحقِّق النجاح الكامل إذ بقيت أقلية من العرب (وهي آخذة في التزايد). وقد لجأت دولة المستوطنين إلى اتخاذ إجراءات قانونية للضرب على يد هذه الأقلية العربية وتكبيلها. ولم يكن ذلك أمراً عسيراً، إذ ورثت هذه الدولة، فيما ورثت، خاصية اليهودية باعتبارها خاصية رئيسية ومحورية تسم اليهود الذين تقوم على خدمتهم مجموعة من المؤسسات الاستيطانية المقصورة عليهم. وبصدور قـانون العـودة في يولــيه 1950، تحوَّلـت خاصية اليهودية هذه إلى مقولة قانونية تمنح صاحبها حقاً تنكره على غير اليهود.


وقد صدر هذا القانون عن الكنيست الأول عام 1950، وخضع لتعديل لاحق في أغسطس عام 1954، وهو ينطلق من الافتراض الصهيوني القائل بأن اليهود "شعب بلا أرض"، شعب عضوي نُفي قسراً من وطنه فلسطين منذ ألفي عام. ولكن هذا النفي لم يؤثر في أعضاء هذا الشـعب، فغالبيتهم ـ حسب التصوُّر الصهيوني ـ مرتبطون عضوياً ارتباطاً تاماً بوطنهم ويريدون "العودة" إليه لينهوا حالة الشتات وليحققوا وحدة الشعب اليهودي بأرضه اليهودية. ومن هنا تسمية القانون بـ «قانون العودة».

ويعني هذا الافتراض أيضاً أن فلسطين "أرض بلا شعب"، وأنه إن وُجد شعب فيها في عشرات القرون الماضية فهو وجود عرضي ومؤقت ولا يُضفي على أعضاء هذا الشعب أية حقوق ثابتة، إذ أن اليهود وحدهم لهم حقـوق عضوية مطلقـة في أرض فلسـطين، أو إرتـس يسرائيل، كما يُقال في الأدبيات الصهيونية والإسرائيلية واليهودية.

لكل هذا نص قانون العودة صراحةً على حق كل يهودي في الهجرة أو العودة إلى إسرائيل (بعد آلاف السنين "من الغياب المؤقت")، وأنكر بشكل ضمني هذا الحق على الفلسطينيين الذين هاجروا من أرضهم عام 1948 حتى يبـقى المجـال الحيوي لليهود وللدولة اليهودية. خالياً من العرب. ونص القانون على حق كل يهودي في الهجرة إلى إسرائيل ما لم يكن وزير الداخلية مقتنعاً بأن طالب الهجرة يمارس نشاطاً موجَّهاً ضد اليهود، أو يمكن أن يعرض الأمن والصحة العامة للخطر، أو أن له ماضياً إجرامياً. وتضمَّن مواد هذا القانون الفريد حق اليهودي، في حالة رفض هجرته لغير الأسباب السابقة، في اللجوء إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لإجبار السلطات على السماح له بذلك حتى لو ظل مواطناً أجنبياً على أرض دولة أخرى. كما يمنح القانون الأشخاص الذين يدخلون إسرائيل بموجبه الجنسية وحقوق المواطنة على الفور.

وبموجب المادة الرابعة من قانون العودة، يُعتبَر كل يهودي هاجر إلى فلسطين (قبل سريان القانون) وكل يهودي مولود فيها (قبل سريانه أو بعده) شخصاً جاء إلى فلسطين بصفة "مهاجر عائد". ورغم أن هذا القانون قانون هجرة وليس قانون جنسية، فإن اعتماد جوهره في قانون الجنسية الإسرائيلية جعل منهما كلاًّ متكاملاً.

وقد أشار بن جوريون إلى طبيعة قانون العودة إبان عرضه على الكنيست، حيث ذكر أن هذا القانون لا يمنح اليهودي "الحق" في الهجرة إليها، فهذا الحق كامن في كل يهودي باعتباره يهودياً، وإنما يهدف القانون إلى تحديد طابع الدولة الصهيونية وهدفها الفريد، فهذه الدولة تختلف عن بقية دول العالم من حيث عناصر قيامها وأهدافها، وسلطتها محصورة في سكانها ولكن أبوابها مفتوحة لكل يهودي حيث وُجد. وأكد بن جوريون أن قانون العودة هو التعبير القانوني عن الرؤية الصهيونية (من هنا وصفنا لقانون العودة بـ «الصهيوني»).

وفي مارس عام 1970، أدخل الكنيست تعديلاً جديداً على القانون، عقب نشوب أزمة وزارية متكررة الحدوث حول تعريف اليهودي. وتَضمَّن التعديل أن اليهودي هو «المولود لأم يهودية أو المهتدي إلى الدين اليهودي والذي لا يدين بدين آخر». كما نص على أن تُمنَح الجنسية الإسرائيلية بصورة آلية لجميع أفراد الأسرة المهاجرة من غير اليهود.

وعُدِّل قانون العودة فيما بعد، ووفقاً لهذا التعديل لا تُشتَرط الإقامة في إسرائيل أو إتقان اللغة العبرية أو حتى التنازل عن الجنسية الأخرى، ويُكتفى للاستفادة بقانون العودة أن يعرب المهاجر على نيته في الاستقرار في إسرائيل.

وقد قارن كثير من الكُتَّاب اليهود والإسرائيليين بين قانون العودة والقوانين النازية. فعلى سبيل المثال، أعـرب الأستاذ الإسرائيلي د. كونفيتس ـ خلال النقاش الذي دار قبل الموافقة على قانون العودة ـ عن مخاوفه من احتمال مقارنة هذا القانون بالقوانين النازية، ما دام يُجسِّد مبدأ التمييز بين الأفراد على أساس ديني أو عرْقي.

وبعد صدور هذا القانون، حذَّرت جريدة جويش نيوزلتر، في عددها الصادر في 12 مايو 1952، من أن هذا القانون يعيد إلى الذاكرة النظرية العنصرية الخطيرة القائلة بأن الفرد الألماني يتمتع بمزايا جنسيته، بغض النظر عن المكان الذي يوجد فيه.

وفي مقارنة عقدها روفن جراس بين قانون العودة والقوانين النازية، بيَّن أن قانون العودة يمنح امتيازات الهجرة لأيِّ يهودي بموجب تعريف قـوانين نورمبرج: أي أن يكون جـده يهـودياً. ويؤكد حاييم كوهين، الذي كان قاضياً بالمحكمة العلـيا في إسـرائيل أن "من سخرية الأقدار المريرة أن تُستخدَم نفس الأطروحات البيولوجية والعنصرية التي روَّج لها النازيون والتي أوحت لهم بقوانين نورمبرج الشائنة، كأساس لتعريف الوضع اليهودي داخل دولة إسرائيل".

وهناك، على الأقل، حالة واحدة معروفة، قامت فيها السلطات الدينية في إسرائيل بالرجوع إلى السجلات النازية، للتأكد من الهوية العنصرية الدينية الإثنية لأحد المواطنين الإسرائيليين. ورغم أن قانون العودة هو الإطار القانوني للإحلالية والتوسعية والعنصرية الصهيونية، وهو مصدر الهوية اليهودية المزعومة للدولة الصهيونية (ومن ثم فهو أساس عزلتها وعدائها لجيرانها)، ورغم أن أعداد اليهود التي ترغب في "العودة" إلى إسرائيل آخذة في التناقص (ومن هنا الضغط على اليهود السوفييت للهجرة إلى إسرائيل)، فإن جميع اتفاقيات ومعاهدات السلام لم تتعرض له من قريب أو بعيد. بل طُلب من منظمة التحرير الفلسطينية أن تلغي بنوداً أساسية في ميثاقها، بينما لم يطلب أحد من إسرائيل أن تلغي قانون العودة.

ونحن نرى أن قانون العودة هو أهم تجسد للاستيطانية الإحلالية الصهيونية، أي أهم تجسد لجوهر الصهيونية. ولا يوجد حل إلا بمحو هذا الجوهر، أي نزع الصبغة الصهيونية عن الكيان الصهيوني. ويمكن أن يأخذ هذا المطلب المجرد شكلاً إجرائياً متعيناً من خلال إما إلغاء قانون العودة أو أنسنته بمعنى أن يطبق على كل من الفلسطينيين واليهود دون تمييز، وأن يكون المقياس الوحيد هو حاجة فلسطين المحتلة إلى كثافة بشرية ومقدرتها الاستيطانية.

الطرق الالتفافية
By-Pass Roads
هي طرق تبنيها الدولة الاستيطانية الإحلالية الصهيونية يقتصر استخدامها على المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية بحيث تتحوَّل التجمُّعات الفلسطينية إلى كانتونات مُحاصَرة بالمستوطنات والطرق الالتفافية والمنشآت العسكرية. والطرق الالتفافية بذلك تكون بمنزلة سياج أمني حول المستوطنات، كما أنها تجعل المستوطنين الذين يعيشون وسط القرى والمدن العربية قادرين على التحرك دون أن يضطروا إلى عبور الأراضي الفلسطينية أو مواجهة الفلسطينيين.


وتستند خطة الاستيطان أمناه (وهي برنامج واسع للاستيطان والبناء في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة) على نظام متكامل من الطرق الالتفافية أعلنها الجيش الإسرائيلي رسمياً في أواخر سنة 1994 أثناء حكم حزب العمل واكتسبت شرعيتها من خلال اتفاق توسيع الحكم الذاتي عام 1995 (أوسلو ـ2) وموافقة السلطة الفلسطينية عليها لارتباطها بخطة إعادة الانتشار من المناطق الفلسطينية الآهلة.

وقد كثَّفت إسرائيل بناء هذه الطرق التي تخترق معظم مناطق الضفة الغربية المأهولة بالسكان منذ عام 1995، يتم من خلالها تجديد طرق ترابية قائمة وشق أخرى، إضافة إلى فتح طرق سريعة من الشمال إلى الجنوب عبر وادي الأردن، وشق مداخل ومخارج جديدة في شمال الضفة الغربية، وشق مجموعة طرق عسكرية. وأهم هذه الطرق الطريق رقم 60، والطريق رقم 20.

وقد بلغ عدد هذه الطرق عام1996 حوالي عشرين طريقاً تغطي 400 كم تتفرع من الطريق الرئيسي المعروف باسم «الطريق 60» الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب لجزئي الضفة الغربية. وبعض هذه الطرق ما زال قيد الإنشاء، وتعتزم سلطات الاحتلال بناء خمس طرق أخرى. ويلتف الطريق 60 حول المدن الفلسطينية في الضفة ويربط عشرات المستوطنات المنتشرة في كل أنحاء الضفة.

 

 ويتم الاستيلاء على معظم الأراضي اللازمة لبناء هذه الطرق من خلال أوامر وضع اليد، وهي غطاء قانوني يحجب المصادرة، وهي أولى الخطوات نحو المصادرة النهائية، والتبرير المعطى في أكثرية أوامر وضع اليد هو الأمن والضرورة العسكرية، وهو تبرير لا يمكِّن المُلاك الفلسطينيين من الاحتجاج ضده.

وتؤدي هذه الطرق إلى إتلاف آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية وتدمير مئات المنازل، وإلحاق خسائر فادحة لأن هذه الأراضي مزروعة بكثافة بأشجار الزيتون، الأمر الذي يؤدي إلى تدمير مصدر رزق العائلات الفلسطينية الوحيد. كما يؤدي شق هذه الطرق إلى إعاقة نمو القرى الفلسطينية والحد من قدرة البلديات الفلسطينية على توسيع الخدمات البلدية.

كل هذا يجعلنا نرى الطرق الالتفافية لا باعتبارها مجرد ظاهرة سياسية اقتصادية وإنما صورة مجازية تعبِّر بشكل متبلور عما آل إليه الاستعمار الاستيطاني الإحلالي الصهيوني في فلسطين المحتلة. فهو استيطان يستند إلى أكذوبة (أرض بلا شعب) لم يَعُد بمقدور صاحبها الاستمرار فيها فدب فيها الموت. ولكن الأكذوبة أساسية لبقائه واستمراره ولذا فهو يحاول أن يتشبث بها ويبث فيها الحياة بقدر الإمكان بالطرق الالتفافية، فهي محاولة أخيرة يائسة بعد أن فشل الاستيطان الصهيوني في جانبه الإحلالي، ولم يتمكن من إبادة الشعب أو طرده أو حتى تقليل كثافته وأثبتت فلسطين أنها ليست أرضاً بلا شعب بل أرض مأهولة يزرعها ويحرثها نسلها. ولذا فالحل أن تصبح فلسطين "أرضاً يسكنها شعب لا تقع عيوننا عليه، فكأنها بالفعل أرض بلا شـعب، وإن ظـهر الشـعب على طرقنـا الالتـفافـية حصدته رصاصات جيش الدفاع الإسرائيلي، فتستمر الأكذوبة".

ومن الواضح أن فلسـطين ثابتة، فمدنها وقراها لا تتحول، وسكانها لا يكفون عن المقاومة. فالطرق الالتفافية من ثم تعبير عن قدرة الصهاينة على خداع الذات. ولكنه خداع للذات يكلف صاحبه الكثير من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية. فالطرق الالتفافية تتناقض مع أبسط معايير الجدوى الاقتصادية (أن يكون هناك طريق للمستعمر وآخر للسكان الأصليين) وهدفها تحقيق قدر كبير من الراحة النفسية لصاحبه. ولكن لا شك في أن وجود الجنود الإسرائيليين لحراسة هذه الطرق يؤدي إلى القلق ويُذكِّر المستوطنين "بالشعب الذي لا تقع عيوننا عليه".

والطرق الالتفافية تُذكِّر المرء بتجربة أعضاء الجماعات اليهودية في أوكرانيا حين أسس النبلاء البولنديين (شلاختا) للمتلزمين اليهود (أرانداتور) مدناً صغيرة شُتلت شتلاً في أوكرانيا (الشتتل) وهي جيتوات متكاملة كان أعضاء الجماعة اليهودية الوظيفية يمارسون فيها حياتهم كاملة، لا يتعاملون مع البيئة الجغرافية والتاريخية والاجتماعية المحيطة (بل والمحدقة) بهم، فهم فيها وليسوا منها، لا يتعاملون مع الأغيار إلا في السوق، في عمليات التبادل المجردة، التي لا تتخللها أية حميمية ولا تعبِّر عن أيِّ تراحم. والطرق الالتفافية تحقق هذا للمستوطنات الصهيونية المشتولة في الضفة الغربية، فهم في الضفة الغربية وليسوا منها، ولا يقابلون السكان الأصليين إلا في السوق.

ورغم أن إقامة الشتتلات كان يهدف إلى حماية أعضاء الجماعة اليهودية، حتى يمكنهم الاستمرار في استغلال الفلاحين الأوكرانيين لصالح النبلاء البولنديين، فإن الشتتلات تحوَّلت إلى معازل محصنة مسلحة، وحتى المعبد اليهودي نفسه تمت إعادة صياغته معمارياً بحيث أصبح معبداً وقلعة في آن واحد، يتعبد فيه اليهود ومنه يقاتلون، معبداً له أبراج بها كوات تخرج منها المدافع والبنادق، وهو ما يُذكِّرنا بالدولة الصهيونية الوظيفية، التي تزعم أنها في الشرق الأوسط وليست منه، والتي تحاول ألا تتعامل مع العرب إلا في السوق الشرق أوسطية. فهي الدولة/الشتتل، أو الدولة/الجيتو وهي في الوقت نفسه المعبد/القلعة.

وقد كان الجنود البولنديون يقومون على حراسة الشتتلات حتى لا يهاجمها الفلاحون الأوكرانيون، وهذا ما يفعله الدعم العسكري والاقتصادي الأمريكي الذي يصب في الكيان الصهيوني فيقوي عضده ويجعله قادراً على بناء طرق التفافية ليس لها أية جدوى اقتصادية. وحينما هبت انتفاضة شميلنكي لم تكتسح في طريقها القوات البولندية وحسب وإنما اكتسحت الشتتلات المحصنة والمعابد/القلاع أيضاً.

ومن هنا خطورة الطرق الالتفافية، فبدلاً من أن يواجه الإسرائيليون طبيعة وضعهم ويتعاملوا معه خارج الإطار الصهيوني (الذي يؤدي إلى عَزْل الآخر وتحصين الذات وإطاحتها بسياج عسكرية) فإنهم يحاولون إطالة عمر الأكذوبة، وهو ما يعني أن الفلسطينيين لن ينالوا حقوقهم إلا من خلال الانتفاضات المتتالية، التي ستقضي على الطرق الالتفافية وغيرها من الطرق.

  • الاثنين AM 12:31
    2021-05-17
  • 929
Powered by: GateGold