المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412458
يتصفح الموقع حاليا : 358

البحث

البحث

عرض المادة

اللجنــة اليهوديــة الأمريكيـة

اللجنــة اليهوديــة الأمريكيـة
American Jewish Committee
من أقدم المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة. تأسَّست عام 1906 بغرض الدفاع عن الحقوق المدنية والدينية للجماعة اليهودية في الولايات المتحدة، والعمل على تحسين أوضاعهم والمطالبة بمساواتهم اجتماعياً واقتصادياً وتعليمياً مع احتفاظهم بشخصيتهم اليهـودية، ومـواجهة مخـتلف أشـكال معـاداة اليهود أو التمييز الديني. كما اهتمت اللجنة بالدفاع عن الحقوق المدنية والدينية للجماعات اليهودية خارج الولايات المتحدة وبالمساهمة في إغاثة ضحايا الكوارث والاضطرابات العرْقية والطائفية والحروب من اليهود في العالم.


وقد أسَّس اللجنة اليهودية الأمريكية نخبة من البورجوازية اليهودية الأمريكية المندمجة ذات الأصول الألمانية أمثال لويس مارشال وجاكوب شيف وأوسكار ستراوس ومايير سولزبرجر وجوليوس روزنفالد. وقد انصب اهتمامهم في السنوات الأولى على مساعدة مئات الألوف من يهود شرق أوربا الفـقراء الذين تدفَّـقوا على الولايـات المتحدة والعمل على سرعة استيعابهم داخل المجتمع الأمريكي وتعليمهم وصَبْغهم بالصبغة الأمريكية. كما شاركت اللجنة في عمليات غوث الجماعات اليهودية في شرق أوربا ودول البلقان، وساهمت عام 1914 في تأسيس لجنة المعونة اليهودية الأمريكية التي كوَّنت صندوقاً لغوث ضحايا الحرب من اليهود. وقد كانت اللجنة أيضاً أهم عضو في لجنة التوزيع المشتركة، كما قادت الاتجاه الذي أدَّى إلى إلغاء اتفاقية التجارة الروسية الأمريكية عام 1911 احتجاجاً على قيام روسيا بالتمييز ضد اليهود الأمريكيين الراغبين في دخولها. وفي عام 1916، انضمت المنظمة إلى المؤتمر اليهودي الأمريكي بعد أن اشترطت أن يكون تشكيل هذا المؤتمر بصفة مؤقتة ولغرض محدَّد هـو تمثـيل يهـود الولايات المتحدة في مؤتمر فرساي للسلام، وذلك على أن يتم حله بعد ذلك حيث كانت اللجنة تخشى أن يتحول المؤتمر اليهودي الأمريكي إلى منظمة دائمة ومنافسة لها وهو ما حدث بالفعل. وفي مؤتمر السلام، ساهم ممثلو اللجنة بشكل فعال في ضمان حقوق الجماعات اليهودية وغيرها من الأقليات في اتفاقيات السلام. وخلال العشرينيات، ساهمت اللجنة في الحملة الناجحة ضد جريدة هنري فورد ديربورن إنديبندنت بعد أن قامت هذه الجريدة بنشر بروتوكولات حكماء صهيون وروجت لفكرة المؤامرة اليهودية الشيوعية ضد الولايات المتحدة (ونجحـت الحمـلة في انتزاع اعتـذار عـلني من هنري فورد عام 1927)

ولابد لنا أن نشير هنا إلى أن نشاط اللجنة اليهودية الأمريكية في المجالات السابق ذكرها لم يكن بدافع إنساني فحسب بل كان نتيجة القلق المتزايد من قبَل اليهود الأمريكيين من أعضاء البورجوازية من آثار هجرة يهود اليديشية على مكانتهم الاجتماعية وأوضاعهم الطبقية حيث كانت المدن الأمريكية تكتظ بالمهاجرين الجدد وكانت معدلات الجريمة تزداد بها بالإضافة إلى ما جلبه المهاجرون الجدد من أفكار اشتراكية وراديكالية أدَّت إلى إثارة قلق البورجوازية الأمريكية (كما أثارت اتهامات هنري فورد)، وذلك بالإضافة إلى اختلاف الميراث الديني والثقافي اليديشي للمهاجرين عن ميراث البورجوازية اليهودية المتأمركة ذات الأصول الألمانية. ومن هنا، كان حرصهم على سرعة استيعاب المهاجرين في المجتمع الأمريكي من ناحية، ومن ناحية أخرى تحسين أوضاعهم في أوطانهم الأصلية.

وقد حكمت هذه الاعتبارات موقف اللجنة اليهودية الأمريكية من الصهيونية والمشروع الاستيطاني اليهودي في فلسطين. وحتى عام 1946، ظلت اللجنة تُعرَف بأنها أبرز منظمة يهودية أمريكية غير صهيونية وتؤكد أن الهوية اليهودية هي هوية دينية أو هوية ثقافية على أكثر تقدير وترفض مقولة «القومية اليهودية» أو «الشعب اليهودي» أو فكرة إقامة دولة يهودية، فقد كانت ترى أن مثل هذه المقولات تثير مسألة ازدواج الولاء بالنسبة لليهود الأمريكيين وتشكِّك في انتمائهم الأمريكي. ومع ذلك، أيَّدت اللجنة الاستيطان اليهودي في فلسطين باعتباره يمثل حلاًّ للمسألة اليهودية ويساعد على تحويل جزء من هجرة يهود اليديشية بعيداً عن الولايات المتحدة. ومن هذا المنطلق، وافقت اللجنة اليهودية الأمريكية على وعد بلفور مع تأكيد ما نص عليه الوعد من أن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين لن يهدد الحريات التي يتمتع بها اليهود في الدول الأخرى. كما لعب قادة اللجنة، وخصوصاً لويس مارشال، دوراً مهماً في تأسيس الوكالة اليهودية الموسعة. واشتركت اللجنة في إرسال المساعدات إلى المستوطنين الصهاينة في فلسطين من خلال لجنة المعونة اليهودية، أهم أعضاء لجنة التوزيع المشتركة وعضو النداء اليهودي الموحَّد التي كانت تتعاون في العمل تحت إشراف المنظمة الصهيونية العالمية. كما عارضت اللجنة الكتاب الأبيض البريطاني عام 1939. وفي الوقت نفسه، اتخذت اللجنة اليهودية الأمريكية موقفاً معارضاً لمفهوم قومية الدياسبورا المتضمن في كلٍّ من برامج المؤتمر اليهـودي الأمريكي والمؤتمر اليهـودي العـالمي الذي عارضت اللجنة تأسيسه. كما رفضت برنامج بلتيمور عام 1942، وانسحبت عام 1943 من المؤتمر اليهودي الأمريكي الذي انعقد لمناقشة الأزمة في أوربا بعد أن صوَّتت ضد إقامة كومنولث يهودي في فلسطين، وأعربت عن أملها في تأمين مستقبل الجماعات اليهودية عن طريق الاعتراف العالمي من خلال الأمم المتحدة، بحقوق الإنسان وحمايتها.

وقد وجدت اللجنة أن نفوذها يتقلص داخل الجماعة اليهودية خلال الأربعينيات نتيجة مواقفها وكذلك نتيجة انتهاجها أسلوب العمل الهادئ البعيد عن الإثارة والضجة في مواجهة مصير الجماعات اليهودية في ألمانيا وأوربا في ظل السيطرة النازية. وعلى عكس المؤتمر اليهودي الأمريكي، رفضت اللجنة القيام بحملة مناهضة للنازية واسعة النطاق داخل الولايات المتحدة كما رفضت عقب صعود النازية إلى ألمانيا تنظيم حظر تجاري ضد ألمانيا بدعوى أن ذلك قد يهدد وضع يهود ألمانيا.

ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، غيرت اللجنة اليهودية الأمريكية موقفها من التعاون مع الصهيونية إلى تأييدها تماماً والعمل من أجلها بشكل علني. فمن ناحية، رأت أن المسألة اليهودية لن تُحل إلا عن طريق إقامة الدولة الصهيونية، ومن ناحية أخرى أصبح إقامة كيان صهيوني يمثل قاعدة للمصالح الرأسمالية والإمبريالية الغربية في تلك المنطقة الحيوية من المشرق العربي يحظى بتأييد الولايات المتحدة مركز الثقل الإمبريالي الجديد بعد الحرب، أي أن تأييد اللجنة للمشروع الصهيوني وإسرائيل كان من منطلق الانتماء الأمريكي بالدرجة الأولى وهو يندرج تحت ما نصفه بالصهيونية التوطينية. ولذلك، وبرغم تأييد اللجنة قرار التقسيم عام 1947، وتشجيعها الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ومساندتها عمليات الدعاية الصهيونية، وعملها منذ عام 1948 على كَسْب الدعم المادي والدبلوماسي الأمريكي لإسرائيل، إلا أنها رفضت دعوى بن جوريون بضرورة هجرة الشباب اليهودي الأمريكي إلى إسرائيل. وقد أكدت اللجنة التمييز بين مصالح إسرائيل ومصالح الجماعات اليهودية في العالم، وأصرت على ضرورة وضع أُسس للعلاقة بين الطرفين. ومن هنا، صَدَر عام 1950 التصريح المشترك لبن جوريون والصناعي الأمريكي جاكوب بلاو ستاين رئيس اللجنة اليهودية الأمريكية (1949 ـ 1954) والذي أكد أن إسرائيل تمثل مواطنيها فقط وتنطق باسمهم وحدهم. كما انسحبت اللجنة عام 1952 مع عصبة مناهضة الافتراء من الصندوق اليهودي الموحَّد بسبب معارضتها تخصيص قدر كبير من المساعدة لإسرائيل. أما بعد حرب 1967، فقد زاد نشاط التيار المناصر لإسرائيل بشكل حاد داخل اللجنة اليهودية الأمريكية، وهو تحوُّل طرأ على أغلب المنظمات اليهودية الأمريكية. ورغم أن اللجنة ليست جماعة ضغط (لوبي) مسجلة رسمياً إلا أنها تقوم بالضغط لصالح إسرائيل عن طريق العمل الهادئ والاتصال الفعال بالشخصيات البارزة والمجموعات المهمة في المجتمع الأمريكي. وتعتمد في فعالية أساليبها على ثقل ونفوذ أعضائها، فرغم أن اللجنة تُعَد منظمة صغيرة نسبياً (50 ألف عضو) إلا أنها لا تزال منظمة «نخبة» كما أنها قريبة من دهاليز القوة بحكم ارتباطات قيادتها ووضعها الطبقي. ومن هنا، فهي تركِّز مجال نشاطها داخل الذراع التنفيذي للدولة، وخصوصاً البيت الأبيض ووزارة الخارجية، في حين تترك الكونجرس للجنة الإسرائيلية الأمريكية للشئون العامة (إيباك) فيما يُعَدُّ تقسيماً غير رسمي للعمل بين المنظمتين. ويُعَد هذا أحد الأسباب التي حالت دون انضمام اللجنة إلى مؤتمر رؤساء كبرى المنظمات اليهودية الأمريكية حيث بقيت في وضع مراقب فقط حتى لا تتخلى عن حرية العمل التي منحتها لها علاقتها بالفرع التنفيذي.

ويتبين بأس اللجنة اليهودية الأمريكية من خلال اجتماعاتها السنوية التي تحضرها شخصيات أمريكية ويهودية وإسرائيلية بارزة، من بينهم رؤساء أمريكيون سابقون ووزراء وأعضاء في الكونجرس. وتحدد اللجنة خلال هذا الاجتماع برامجها وقراراتها السياسية التي توزعها على رجال السياسة ووسائل الإعلام والمنظمات الأخرى.

وتُعتبَر اللجنة خزاناً فكرياً (بوتقة تفكير) للنشاط المناصر لإسرائيل حيث تقوم بإعداد الدراسات وإجراء استطلاعات الرأي العام بشأن عديد من الموضوعات وخصوصاً معاداة اليهود، وكذلك لتبيُّن اتجاهات الرأي العام الأمريكي خلال الأزمات أو القضايا الخلافية التي تمس إسرائيل مثل حرب لبنان والانتفاضة وبيع الأسلحة لدول عربية. وللجمعية شبكة واسعة من المجلات والمنشورات والمذكرات من أهمها مجلة كومنتري Commentary (تعليق) وهي أشهر دورياتها و برزنت تنس Present Tense (الزمن المضارع) وهي مجلة تُصدر كتاباً سنوياً يُسمَّى أمريكان جويش يير بوك American Jewish Year Book (الكتاب السنوي اليهودي الأمريكي) يُعتبَر مرجعاً جامعاً عن حياة الجماعة اليهودية في أمريكا الشمالية. ذلك بالإضافة إلى المنشورات والمذكرات المرتبطة بمناسبات محدَّدة التي تُصدرها دوائر اللجنة وأقسامها المختلفة والتي تقدم موقف اللجنة إزاء الأحداث والقضايا الجارية ويتم توزيع بعضها على وسائل الإعلام وعلى السياسيين والمنظمات التي تمثل الأقليات والمجموعات النسائية وعلى نقابات العمال والكنائس وأعضاء ومناصري اللجنة اليهودية الأمريكي.

ويتبيَّن من مجلات ومطبوعات اللجنة مواقفها المتشددة إزاء قضايا الشرق الأوسط. فمجلة كومنتري التي كانت أميل إلى الليبرالية، وتُعَد الآن منبراً للمحافظة الجديدة في الولايات المتحدة، تدعو على صفحاتها إلى ضرورة التدخل العسكري الأمريكي في الخليج كحل لأزمة الطاقة وإلى ضرورة استناد الإستراتيجية الإسرائيلية إلى أسلحة نووية. كما أنها تهاجم الأفراد والمنظمات اليهـودية التي تنتقـد إسـرائيل مـثل بريرا والأصدقاء الأمريكيين للسلام. وأيَّدت اللجنة بحماس الاجتياح الإسرائيلي للبنان. كما تهاجم اللجنة المقاطعة العربية وتُنبِّه إلى خطورتها الاقتصادية، وتهاجم كذلك صفقات السلاح مع الدول العربية، مثل صفقة طائرات الأواكس إلى السعودية (1981). وتُقدِّم كثير من منشورات ومذكرات اللجنة المواقف الرسمية للحكومة الإسرائيلية تجاه القضايا الخاصة بالشرق الأوسط.

إلا أن ذلك لا يعني غياب التوتر والخلاف بين اللجنة اليهودية الأمريكية وغيرها من المنظمات اليهودية من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، وخصوصاً خلال حكم الليكود حيث تسببت بعض سياسات الحكومة الإسرائيلية في إحراج أعضاء الجماعة اليهودية وفي إثارة استيائهم، مثل: مذابح صبرا وشتيلا خلال حرب لبنان، وقضية الجاسوس بولارد التي أثارت مسألة ازدواج ولاء اليهود الأمريكيين، وتورُّط إسرائيل في فضيحة إيران كونترا وأسلوب معالجتها للانتفاضة الفلسطينية وقضايا السلاح. وكانت اللجنة قد أصدرت عام 1980 وثيقة تنتقد سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضـفة الغـربية وغـزة وتحذِّر من آثار تلك السياسة على صورة إسرائيل.

كذلك قامت اللجنة اليهودية (التي تتبع المؤسسة القومية للعلاقات الإنسانية) برعاية دراسات علمية واجتماعية مهمة خارج البرامج الخاصة بإسرائيل، كما تشارك في الحوارات بين الأديان. كذلك ساهـمت في تأسـيس عــدد من المعـاهد ومراكــز الأبحــاث والدراسـات. واللجنة اليهودية الأمريكية منظمة معفاة من الضرائب ولها مكاتب في كلٍّ من إسرائيل وفرنسا والبرازيل والمكسيك.

  • الاثنين AM 12:11
    2021-05-10
  • 1083
Powered by: GateGold