المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409182
يتصفح الموقع حاليا : 369

البحث

البحث

عرض المادة

الصــوت اليهــودي في أوربــا الغــربية وأمريكـا اللاتينيـة

الصــوت اليهــودي في أوربــا الغــربية وأمريكـا اللاتينيـة
The Jewish Vote in Western Europe, and Latin America
لا يشذ الصوت اليهودي في دول أوربا الغربية عن هذه القاعدة العامة فهي دول تؤيد إسرائيل من الناحية الإستراتيجية، وتضم جماعات يهودية تدين بالولاء لأوطانها، ومن ثم فهي قد تؤيد الدولة الصهيونية وتضغط لصالحها ولكن داخل إطار انتماء أعضائها لأوطانهم وقبولهم للعقد الاجتماعي السائد فيها. ولا يمكن تفسير سياسات الحكومة من منظور مدى تزايد أو تناقص النفوذ الصهيوني أو الصوت اليهودي. ففرنسا، على سبيل المثال، حين اتخذت موقفاً معادياً نوعاً ما تجاه إسرائيل أيام الجنرال ديجول وفرضت حظراً على تصدير السلاح لها، لم يكن هذا بسبب ضعف نفوذ اليهود فيها وإنما بسبب سياسة ديجول التي كانت ترمي إلى إيجاد شخصية مستقلة لأوربا بين الدولتين العظميين. وحينما رفعت فرنسا هذا الحظر، فلا يمكن تفسير ذلك بتعاظم الصوت أو النفوذ اليهودي. وعلى كلٍّ، يُلاحَظ أن أعضاء الجماعة اليهودية في فرنسا يُشكِّلون أقل من 1% من مجموع السكان (700 ألفاً من نحو 54 مليوناً). كما أن الجماعة اليهودية لا تتسم بالتماسك الشديد إذ أنها مُقسَّمة إلى يهود سفارد شرقيين من جهة ويهود غرييين من جهة أخرى. كما أن يهود فرنسا مركزون أساساً في باريس وبضع مدن أخرى، وهو ما يجعلهم قريبين من مؤسسات صنع القرار، ولكنهم غائبون في الوقت نفســه عن معظـم فرنســا. وهـذا لا يعني أن الفرنسيين اليهود غــير مؤثـرين على الإطـلاق، فهم ولا شـك ذوو أثــر عمـيق، وخصوصاً في الإعلام، ولكن أثرهم ينبع من كونهم فرنسيين.

ويمكن أن نضرب مثلاً آخر بسياسة إنجلترا التي تلتزم بتأييد إسرائيل، وتؤيد المواقف الأمريكية بشكل شبه كامل. ولو نظرنا إلى الصوت اليهودي لوجدنا أن اليهود لا يشكلون كتلة بشرية كبيرة، فعددهم لا يتجاوز 0.6% من مجموع السكان، وهم ليسوا أقوياء من ناحية النفوذ الاقتصادي، كما أن أصواتهم موزعة بين عدة دوائر (ولذا لا يمكن الحديث عن دوائر يهودية). ومع هذا، بلغ عدد الأعضاء اليهود في البرلمان الإنجليزي عام 1983 ثمانية وعشرين عضواً من أصل ستمائة وخمسين، وهي نسبة تفوق نسبة اليهود إلى عدد السكان. ولكن هؤلاء النواب كانوا يمثلون دوائر لا يُلاحَظ فيها وجود يهودي غير عادي، أي أنهم انتخبوا باعتبارهم بريطانيين وأعضاء في أحزاب بريطانية. وكان عدد النواب اليهود ستة وأربعين عضواً عام 1974، أي أنه حدث انخفاض كبيرفي عددهم. ولكن لا يمكن تفسير هذا الانخفاض في إطار حركيات يهودية، وإنما لابد من العودة إلى حركيات المجتمع البريطاني والجماعة اليهودية فيه. ولذا، فإن هذا الانخفاض لا يصلح مؤشراً على تراجع النفوذ الصهيوني، تماماً كما لا يصلح الحكم على وجود خمسة وزراء يهود في إحدى وزارات تاتشر في عام 1986 (وهو أكبر عدد شهدته أية حكومة بريطانية) على أساس تزايد هذا النفوذ. فالموقف البريطاني من إسرائيل موقف إستراتيجي مبدئي لن يتغيَّر بتراجع النفوذ اليهودي، بل لن يتغيَّر باختفائهم الكامل (وهو الأمر الذي يتوقعه بعض المراقبين)

يبقى بعد ذلك الصوت اليهودي في أمريكا اللاتينية. ويجب أن نشير ابتداءً إلى أن عدد أعضاء الجماعة اليهودية ضئيل للغاية في كل دول أمريكا اللاتينية. وربما يكون الاستثناء الوحيد هي الأرجنتين حيث يوجد معظم يهود أمريكا اللاتينية فيها، وهم مركزون أساساً في بوينس أيرس. ومن الملاحَظ عدم وجود دور فعال لهم في تحديد سياسية الأرجنتين الخارجية. فالحكومة العسكرية كانت تؤيد إسرائيل وتشتري منها السلاح وتضطهد أعضاء الجماعة. كما تم انتخاب رئيس جمهورية من أصل عربي (!). هذا إلى جانب أن الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية تتسم بعدم التجانس، ومن ثم بعدم التماسك وتوزُّع الصوت اليهودي. كما يُلاحَظ أن النظام السياسي في أمريكا اللاتينية تسـوده الرمـوز الكاثوليكية واللاتينية وهو ما يضعف فعالية النفوذ اليهودي. ولكن ضعف العملية الديموقراطية نفسها في أمريكا اللاتينية قد يجعل الانتخابات السياسية أمراً لا يتمتع بالأهمية نفسها التي يتمتع بها في الولايات المتحدة، وعلى كلٍّ تتكفل الانقلابات المتكررة بجعل الانتخابات مسألة محدودة الأهمية.

  • الاثنين AM 12:00
    2021-05-10
  • 904
Powered by: GateGold