المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413551
يتصفح الموقع حاليا : 179

البحث

البحث

عرض المادة

بيرتـس سمولنسكين (1842-1885)

بيرتـس سمولنسكين (1842-1885(Peretz Smolenskin
كاتب روسي وداعية صهيوني. من مؤسسي منظمة قديما. وُلد في روسيا وتعلَّم في المدرسة التلمودية، كما تعلَّم اللغة الروسية واستقر في أوديسا مركز الثقافة الروسية اليهودية عام 1862، ومكث فيها مدة خمسة أعوام سافر بعدها إلى فيينا واستقر نهائياً هناك. أصدر مجلة هاشاحار (الفجر) عام 1868، وهي أهم مجلة تصدُر باللغة العبرية عبَّرت عن أفكار حركة التنوير التي كان سمولنسكين من دعاتها في مستهل حياته الفكرية، ومع هذا ظهرت المجلة في المرحلة الانتقالية التي كانت أفكار حركة التنوير قد بدأت فيها في التآكل والتحول إلى الفكر الصهيوني. وقد انتقد في مقالاته الشخصية اليهودية المتخلفة الخاضعة للتقاليد حسب قوله. ولكنه، مع هذا، هاجم موسى مندلسون باعتبار أن دعوته للتنوير كانت أيضاً دعوة للاندماج والانصهار. وقد طرح سمولنسكين في مقالاته حان وقت الزرع (1875 ـ 1877) تصوُّره للقومية اليهودية الروحية التي لا ترتبط بالأرض وإنما ترتبط بالتوراة (ومن الواضح تأثير أفكار جرايتز وكروكمال فيه). وانطلاقاً من هذا التصور بإمكان اليهود أن يصبحوا مواطنين مخلصين لأوطانهم محتفظين بتضامنهم الروحي فيما بينهم، وهم أمة عالمية لأن تضامنهم روحي وليس مادياً.


وقد كتب قصة انتقام الميثاق (1881) التي وصف فيها التغيير الذي طرأ على الشباب اليهودي نتيجة الاضطهاد الروسي. وتعبِّر كتاباته عن رغبته المترددة في الانتقال إلى أفكار العصر الحديث، وهي رغبة يشوبها خوف عميق من الانصهار في عالم الأغيار، وهو انصهار لا يؤدي بالضرورة للسعادة، ولهذا تنتهي قصته المتجول في سبيل الحياة (1876) التي تمثل سيرة ذاتية بالعودة إلى الشعب. وتصف قصته مكافأة الأمين (1875) موقف اليهود المأساوي لوقوعهم ضحية الصراع بين روسيا وبولندا عام 1863. وتنتقد روايته قبر الحمار (1873) تنظيمات الجماعات اليهودية. أما روايته الأخيرة فهي الميراث (1876 ـ 1880). وقد صدرت ترجمته لمسرحية جوته فاوست عام 1867.

وقد تعمَّقت رؤية سمولنسكين الصهيونية بعد تعثُّر التحديث في روسيا، فاتصل بالصهيوني غير اليهودي لورانس أوليفانت طالباً منه العون للبدء في نشاط استيطاني يهودي في فلسطين. ويبدو أن سمولنسكين كان يعرف جيداً أدبيات وجهود الصهاينة غير اليهود، ففي مقاله "فلنبحث عن طريقنا" (1881) يقول: "إن الخبراء من غير اليهود، وبعض الباحثين البريطانيين المرموقين، قالوا إن الأرض [أي فلسطين] جيدة جداً وإذا استُثمرت بجد ومهارة فباستطاعتها أن تستوعب أربعة عشر مليون يهودي". ثم تبنَّى سمولنسكين الصيغة الصهيونية الأساسية، ونادى بالعودة الفعلية إلى صهيون رافضاً فكرة الهجرة إلى الولايات المتحدة، ثم انضم لجمعية أحباء صهيون. والواقع فإن جميع ملامح هذه الصيغة، بعد تهويدها، توجد في كتابات سمولنسكين، من رفض للدين اليهودي "وللهوية اليهودية المتخلفة" وإدراك أن معاداة اليهود جزء من بنية المجتمع الغربي، وأن التنوير لم يقلل حدتها "إذ أن اليهودي المتعلم منافس خطير للمسيحيين". وهو يؤمن أيضاً بأن اليهود شعب عضوي منبوذ على يد القوميات الغربية العضوية، ولذلك فإن الهجرة الفردية مستحيلة لأن الدول المتحضرة (الغربية) سترفض هجرة اليهود إليها. ويصبح الحل بذلك هو تحويل الهجرة إلى استعمار، أي أن يحل الشعب المنبوذ من قبل أوربا مشكلته عن طريق أوربا، ويتم ذلك عن طريق تطبيع اليهود وتطويعهم وتحويلهم إلى مادة استيطانية ثم نَقْلهم إلى فلسطين. وقد توصَّل سمولنسكين إلى إدراك وجود صهيونيتين: واحدة استيطانية بالنسبة ليهود الغرب المندمجين، والأخرى توطينية بالنسبة ليهود اليديشية في الشرق.

ومن أهم إنجازات سمولنسكين علمنته مفهوم إرتس يسرائيل الديني بحيث تحوَّلت إلى مجرد أرض. فهو يتحدث عن ضرورة العودة للأرض لأسباب صوفية محضة مثل الارتباط الأزلي بين اليهود والأرض المقدَّسة، ثم يضيف مزايا عملية أخرى مثل أن الأرض ليست بعيدة عن مساكن اليهود، وأن رمالها ذات نوعية عالية الأمر الذي يساعد على ازدهار الاستيطان اليهودي وذلك بإقامة مصانع زجاج، ويضيف كذلك أن التجارة والزراعة والصناعة ستزدهر فيها (وهذه بدايات الديباجة الاشتراكية). كما أن موقع الأرض سيجعلها تتحول إلى مركز تجاري يربط أوربا بآسيا وأفريقيا كما كانت منذ زمن بعيد (وهذه أيضاً بدايات عرض الدولة اليهودية كدولة وظيفية تقام للدفاع عن مصالح الاستعمار الغربي). وهذا الخطاب المراوغ، متعدد الدلالات، هو إحدى سمات الخطاب الصهيوني بحيث تصبح كلمة «الأرض» ذات دلالة دينية للمتدين وذات قيمة استثمارية لمن ينشدون الربح. ولكن حين وصل إلى مستوى الإجراءات والتنفيذ، لم يكن سمولنسكين على المستوى نفسه من الحداثة إذ توجَّه للأثرياء الروس ولم يتوجَّه للعالم الغربي الاستعماري رغم معرفته بالصهاينة غير اليهود. ولعل تاريخ الصهيونية بعد ذلك هو الانتقال من توجهات أحباء صهيون التسللية اعتماداً على دعم أثرياء الغرب إلى الاعتماد على الاستعمار الغربي لوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ.

  • الاحد PM 03:00
    2021-05-09
  • 1611
Powered by: GateGold