المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415882
يتصفح الموقع حاليا : 217

البحث

البحث

عرض المادة

شـــــهود يهــــوه

شـــــهود يهــــوه
Jehovah's Witnesses
«شهود يهوه» جماعة دينية مسيحية بروتستانتية اسمها الأصلي هو Watchtower Bible and Tract Society يؤمن أتباعها بعدد من الأفكار المشيحانية الصهيونية. ويعود اسم الجماعة الشائع إلى إيمانها بأن اسـم الإله الحقيقي هو «يهـوه» وأن الاسم الحقيقي للمسيحيين هو «شهود». نشأت الحركة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1872 في مدينة بتسبرج بولاية فيلادلفيا على يد رجل أعمال شاب يدعـى تشـارلز راسل (1852 ـ 1916) كان ينتمي لجماعة الأدفنتست، وهي جماعة بروتستانتية تدور أفكارها حول أطروحة عودة المسيح (فهم الأدفنتست أو المؤمنون بالعودة) وتنصير اليهود باعتبارهم أس الشر وجرثومة الفساد التي نمت في العالم.


ولقد واكب ظهور حركة شهود يهوه نهاية الحرب الأهلية الأمريكية التي شهدت دمار الجنوب وإخضاعه لسيطرة الشمال. وبذا، وُجدت تربة خصبة لنمو الأفكار المشيحانية عن الخلاص ونهاية العالم في جو الإحباط والدمار الذي تلا الحرب.

وقد أسس راسل جماعة لدراسة التوراة ونشر عام 1874 على نفقته الخاصة كتيب غرض عودة الرب وكيفيتها الذي يزعم فيه كاتبه أنه كشف للعالم الخطة التي رسمها الرب للبشرية.

وفي عام 1879، قامت الجماعة بتأسيس مجلة برج صهيون وبشير مجيئ المسيح الشهرية التي ازداد توزيعها بمرور الوقت. وقد انخرط راسل في حسابات معقدة مستمدة من التوراة لمعرفة وقت عودة المخلِّص وبداية العهد الألفي وتخليص العالم من الشر ونهاية التاريـخ وهـي الأفكار التي تمثل حـجر الزاويــة في كل الأنساق الحلولية. وقد حدد راسل عام 1914 لعودة اليهود. وفيما بعد، أعلن أتباعه أنه كان يقصد الإشارة لوعد بلفور الذي صدر عام 1917.

وصاغ راسل نظرية دينية تقوم على منظومة تمرُّد الشيطان وخــداعه لآدم وحـواء ودفعهــما للخطيـئة ومحاربته للرب. وبعدئذ، سيطر الشيطان أو قوة الشر على العالم فيما أسماه راسل «إمبراطورية الشر» (المصطلح الذي يتواتر في الخطاب السياسي الأمريكي).

كل هذا يعني في واقع الأمر أن حُكم المسيح الألفي أصبح وشيكاً وأن معركة هرمجدون بين قوى الخير والشر وشيكة وسيُهزَم الشيطان ويُحطم الأشرار إلى الأبد. أما من يرضى عنهم يهوه فنصيبهم هو الخلود. هذا يعني أن هناك من الأحياء الآن الذين لن يموتوا قط وسيحيون هذه الحياة الخالدة في العصر الألفي. وكما قال أحد قادة شهود يهوه "يوجد ملايين من الأحياء الآن لن ينال منهم الموت". وترى جماعة شهود يهوه أنه يوجد 144 ألف من المؤمنين عميقي الإيمان عبر التاريخ سيولدون كأبناء الإله الروحانيين وسيشاركون في حكم العالم مع المسيح. ومملكة المسيح ليست مفارقة للأرض فالمملكة الألفية ستؤسَّس هنا وهي مملكة كل ما فيها مثالي إذ ستمتلئ الدنيا عدلاً بعد أن امتلأت جوراً، بل إن الطبيعة المادية ذاتها ستتغيَّر، كما هو الحال في الرؤى المشيحانية.

وعلى عضو جماعة شهود يهوه أن يظل بمنأى عن الدنيا الفاسدة وألا يطيع تلك القوانين والممارسات العلمانية، وأن يتبع تفسير الجماعة للإنجيل، وبناءً عليه يجب عدم استخدام الصور في العبادة وعدم المشاركة في الحوار بين الأديان وألا يسمح عضو الجماعة بنَقْل دم له وألا يُحيِّي العلم القومي لأية دولة ولا يُقسم يمين الولاء لأية أمة من أمم الأرض (وقد أدَّى هذا إلى اضطهـاد أعضاء الجمـاعة وإلى مقتل بعضهـم).

ويؤمن الشهود بالثالوث المسيحي، ولكن الأب يهوه يشغل مكانة عالية تفوق مكانة الابن. ومع هذا يشغل الابن مكانة خاصة فهو أول مخلوقات الإله، دفع حياته تكفيراً عن خطايا البشر وقد مات على الخازوق (لا الصليب) ورُفع كروح خالدة، وهو موجود في العالم على هيئة الروح. والابن هو المركز الذي يتجمَّع حول الشهود في صلاتهم، فهم يصلون ليهوه من خلال المسيح.

ورغم أن الشهود يؤمنون بالميلاد بدون دنس إلا أنهم لا يحتفلون بعيد الكريسماس باعتبار أنه من أصول وثنية ولا يعترفون بالصوم الكبير ولا عيد الفصح، والتعميد عن طريق شهود يهوه يتم من خلال إغراق الجسد كله في الماء. وهم لا يُصلّون يوم الأحد إذ يقولون إن إقامة شعائر السبت تنطبق على اليهود وحدهم وأنه تم نَسْخها من خلال المسيح. ومع هذا يقبل الشهود يوم الأحد كيوم راحة وتغيير (كمحاولة للتكيف مع المعايير الاجتماعية السائدة وليس على أساس عقائدي). ولا توجد طبقة كهنوتية عند شهود يهوه ويجتمع أعضاء الجماعة فيما يُسمَّى «صالات المملكة» للدراسة والتعميد، كما يجتمعون في منازل الأعضاء.

ويُلاحَظ أنه بعد موت راسل عام 1916 حدث تَحوُّل عميق في الحركة ظهرت آثاره عام 1931. فقد تبنَّت الحركة في هذه المرحلة اسمها الجديد (شهود يهوه) وتسنَّم رئاستها محام بروتستانتي معمداني هو جوزيف رذرفورد تَبنَّى آراءً أكثر تطرفاً من المجتمعات العلمانية. إذ أعلن نهاية زمن الأغيار وأن الشيطان قد أصبح الحاكم الحقيقي والفعلي لكل حكومات الأرض وأن عصبة الأمم أصبحت ألعوبة في يد الشيطان.

وينعكس هذا التطور على موقف الجماعة من اليهود ومن المُستوطَن الصهيوني. ففي المرحلة الأولى كان راسل يذهب، وفقاً لحساباته، إلى أن اليهود سيلعبون دوراً حاسماً في صراع الرب ضد الشيطان حيث اصطفى الرب إسرائيل أو اليهود وأعطاهم حكماً دينياً ليكونوا شعبه المختار. لكن اليهود عصوا الرب، فعاقبهم بالنفي والشتات، وسيستمر هذا النفي مدة من الزمان تساوي سبعة أمثال خطاياهم كما ورد في التوراة. وبعدئذ، يعود اليهود إلى أرض إسرائيل، وتعود صهيون لأهلها، ويسامح الرب شعبه المختار. وقد دعا راسل اليهود إلى العودة لأرض إسرائيل كخطوة أولى نحو إقامة مملكة الرب على الأرض. وقد ازداد نمو حركة راسل بسرعة مع نهاية القرن واتصل بالقيادات الصهيونية وأبدى إعجابه الشديد بهرتزل وسماه «رجل الأقدار». وقد زار راسل فلسطين عدة مرات وتقابل مع قادة الصهاينة الاستيطانيين هناك، وزاد دعايته للهجرة اليهودية إلى فلسطين وأعرب عن اعتقاده أن فلسـطين تستطيع أن تسـتوعب ضعف عدد اليهود في الأرض، ولكنه أعرب في الوقت نفسه عن شكه في إمكانية هجرتهم جميعاً واقترح "هجرة الفقراء المخلصين باستخدام أموال الأغنياء". ولا يخفي الفكر الاسـتيطاني التوطـيني الذي يقـدمه راسـل ولا تَطابُقه مع الفكر الصهيوني، وخصوصاً الفرع الأمريكي للمنظمة الصهيونية العالمية. وقد قابل جاكوب دي هاس محرر جريدة الجويش أدفوكيت في بوسطن راسل، وأعرب عن إعجابه به وأشار إلى أن آراءه تشبه كثيراً آراء اليهودية الحسيدية، بل سماه «أول محبي اليهود».

هذا الموقف المتعاطف تراجع مع تسنُّم رذرفوره قيادة الحركة فقد أفزعه أن الصهاينة اتجهوا للتعاون مع المؤسسات العلمانية، ولذا قام بتحذيرهم من خطر الابتعاد عن حظيرة الرب. وقد حدَّد رذرفورد عام 1925 بوصفه عاماً حاسماً في بناء مملكة الرب. وعندما مرّ العام دون حدوث شيء يذكر، تذرَّع الأتباع بواقعة إقامة الجامعة العبرية (فالنسق الحلولي الكموني لا يعدم العثور على الشواهد التي يتم تأويلهـا من خـلال ليّ عنق الواقـع حتى يتفق مع النموذج المطروح).

وشهد عام 1931 تحولاً كاملاً في حركة شهود يهوه، فقد أعلن رذرفورد أن اليهود باتجاههم المستمر نحو العلمنة وتخليهم عن الحكومة الدينية قد نقضوا، وإلى الأبد، عهدهم مع الرب، وأصبح شهود يهوه هم الشعب المختار الروحي الوحيد. ودعا رذرفورد اليهود إلى نبذ المؤسسات الدولية والانضمام لحركة شهود يهوه. وبعدئذ انقلب من محب لليهود إلى معاد لهم. وعلى كلٍّ لا تقبل الأيديولوجيات التي تدور حول مركب الشعب المختار شعباً مختاراً آخر، إذ لا يمكن أن يوجد أكثر من شعب مختار واحد، ومن هنا جذور الصراع بين شهود يهوه والصهاينة، وهو لا يختلف كثيراً عن معركتهم مع النازيين. وقد سُئل هتلر مرة عن سبب عدائه لليهود، فكانت إجابته واضحة ومباشرة: "لا يمكن أن يكون هناك شعبان مختاران. ونحن وحدنا الشعب المختار، فهل هذه إجابة شافية عن السؤال؟". ولذا عادى النازيون كلاًّ من اليهود وشهود يهوه (باعتبارهم شعوباً مختارة)، بل اتهم النازيون حركة شهود يهوه بأنها ألعوبة يهودية في إطار المؤامرة اليهودية المستمرة من أجل حكم العالم. وبعد إقامة دولة إسرائيل، أصبحت دولة إسرائيل بالنسبـة لأتبـاع شــهود يهوه قلعة أخرى من قلاع الشيطان على الأرض.

وحركة شهود يهوه حركة تبشيرية قوية لها نشاط ملحوظ في إسرائيل وتحارب الحكومة الإسرائيلية ضدها. وقد وصل عدد أعضاء جماعة شهود يهوه في العالم إلى ما يزيد عن 2 مليون فرد في حوالي مائتي بلد.

ومما يجدر ذكره أن الجماعة بدأت تُهدئ قليلاً نزعتها المشيحانية فأعلن قادتها أن كل النبوءات السابقة القائلة بأن هرمجدون والحقبة الألفية وشيكة كانت مجرد نبوءات وليست عقائد مستقرة.

  • الاحد AM 10:00
    2021-05-02
  • 1523
Powered by: GateGold