المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416029
يتصفح الموقع حاليا : 272

البحث

البحث

عرض المادة

تاريــخ الصهيونية في روسـيا

تاريــخ الصهيونية في روسـيا
History of Zionism in Russia
لعبت روسـيا دوراً مهـماً في تاريخ الحركة الصهيونية الاستيطانية، فقد كانت أوضاع اليهود في روسيا تربة خصبة لنمو أية أفكار تبشر بالخلاص، سواء الفردي مثل الحسيدية أو القومي مثل الصهيونية. ومثلها مثل العديد من دول شرق أوربا، بدأ التوجه الصهيوني فيها بنشأة حركة أحباء صهيون في ثمانينيات القرن التاسع عشر.


وحينما نشر هرتزل كتابه دولة اليهود، التف حوله صهاينة روسيا، وقد انعكس هذا في التمثيل الروسي في المؤتمر الصهيوني الأول (1897) الذي وصل إلى الثلث، فمن بين 197 مندوباً كان هناك 66 مندوباً روسياً. ومن هؤلاء شخصيات احتلت مراكز مهمة في الحركة الصهيونية فيما بعد مثل ليو موتزكين وفلاديمير تيومكين وهرمان شابيرا وغيرهم.

وقبل المؤتمر الصهيوني الثاني (1898)، اجتمع القادة الصهاينة الروس، ومنهم صهاينة الجزء الروسي من بولندا في وارسو، وظهر في هذا الاجتماع أن ثمة خلافاً في الرأي بينهم وبين القيادة العامة للمنظمة الصهيونية العالمية. وقد كان هذا الخلاف يعبِّر عن اختلاف في التوجه، فبينما اتجهت القيادة العامة ذات المنحى التوطيني إلى التفاوض مع الأتراك للحصول على وثيقة تتيح لليهود استيطان فلسطين، طالب الصهاينة الروس ذوو الاتجاهات الاستيطانية بالقيام بمشاريع استيطان فعلية في فلسطين وتنظيم برامج ثقافية تمهيداً لتوطين اليهود في فلسطين. ورغم هذا، لم يصل الخلاف إلى حد القطيعة أو الانفصال، فقد كان كل فريق بحاجة للآخر، فالروس (الاستيطانيون) كانوا في حاجة إلى الغربيين (التوطينيين) لإمدادهم بالدعم المادي والسياسي اللازم، والغربيون كانوا بحاجـة للروس لأنهم يمثلون المـادة البشـرية الخام. وعلى هذا، حضر الصهاينة الروس المؤتمر الثاني بينهم ياحيل تشيلينوف وحاييم وايزمان وناحوم سوكولوف وشماريا ليفين وموتزكين الذي قدَّم تقريراً مفصلاً عن رحلته التي قام بها بتكليف من المؤتمر الصهيوني الأول (1897) إلى فلسطين.

وازدادت قـوة الصهيونية الروسـية وسط المنظمة العالمية بمرور الوقت، فقد حضر المؤتمر الرابع في لندن عام 1900 أكثر من 200 مندوب روسي، وقاموا في المؤتمر الخامس في بازل عام 1901 بتشكيل "العصبة الديموقراطية" برئاسة وايزمان وموتزكين التي عبَّرت عن تطلعات الروس الاستيطانية مقابل المسعى التوطيني الذي التزم الغربيون به عن طريق العمل الدبلوماسي والضغط السياسي.

وشكَّل الجناح الأرثوذكسي المتدين بقيادة الحاخام إسحق رينز حركة المزراحي للتعبير عن مخاوف المتدينين من سيطرة العلمانيين. وفي عام 1902، عُقـد المؤتمر الصهيوني الأول لعمـوم روسـيا في مدينة منـسك.

وقام أحاد هعام وناحوم سوكولوف بطرح فكر العلمانيين فيما يخص الثقافة والتربية "اليهوديتين". وقد عارضت حركة المزراحي هذا الفكر بشدة تحت قيادة رينزو شمويل ياكوف. ووصلت الحركة الصهيونية إلى حل توفيقي يقبل جود اتجاهين متعارضين في الصهيونية فيما يخص التربية والثقافة اليهودية. والواقع أن هذا الحل وتلك الطريقة التوفيقية التلفيقية المستمرة حتى اليوم إنما تكشف عن جانب مهم وخاصية أساسية في الصهيونية الاستيطانية ألا وهي محـورية فكرة الاسـتيطان نفسـها التي تتـلاشى معها الفروق الأخرى.

وقد أثارت زيارة هرتزل لروسيا في صيف 1903 ومحاولته مقابلة وزير الداخلية فون بليفيه ضجة استنكارية واسعة في صفوف الصهاينة الروس الذين عبَّروا عن رفضهم أسلوب التعامل مع من كانوا يعتبرونه جلاد اليهود والمسئول عن المذابح اليهودية.

وفي المؤتمر الصهيوني السادس (1902)، اتُخذت تلك المسألة تكئة لمعارضة هرتزل في مسألة أهم هي اقتراحه الرامي إلى وضع خطة التوطين في شرق أفريقيا. وقد كانت الحركة الصهيونية الروسية بشُعبها التي تعدَّت 1572 جمعية محلية (عام 1903) تمثل القوة الأولى في المنظمة وتمثل المادة الخام البشرية الأهم. ومن ثم، لم يكن بالإمكان الاستهانة بمعارضة الصهاينة الروس لهذا المشروع. ويمكننا أن نقول إن هذه المعارضة قد تصاعدت حتى بلغت ذروتها في أكتوبر عام 1903 وتجلَّت في شكل مؤتمر كراكوف الذي حضرته القيادات الصهيونية الروسية كافة وقُدِّم في هذا المؤتمر تهديد صريح لهرتزل بضرورة ترك مشروع شرق أفريقيا أو مواجهة انسحاب شامل من المنظمة. وفي مؤتمر بازل عام 1905، حدث الصدام الحاد بين التوطـينيين بقيادة إسـرائيل زانجويل وبين الصهاينة الاستيطانيين الروس، وخصوصاً بعد موت هرتزل. وانتصر الاستيطانيون وانفصل زانجويل مكوِّناً المنظمة الصهيونية الإقليمية.

بيد أن التأثير الأعظم للإقليميين كان على الحركة العمالية الصهيونية التي كانت لا تزال وليدة عام 1905 ولم تكن ذات شأن بين الحركات العمالية في روسيا في هذا الوقت، حيث رأى القادة العماليون أن أية هجرة يهودية إلى أي مكان ستشكل في النهاية حركة استيطان ذات طابع عمالي ومن ثم تنحل المشكلة اليهودية حلاًّ اشتراكياً. وكان الداعية الأساسي لهذه الحركة هو الزعيم الصهيوني بير بوروخوف. وقد تعرضت الحركة الصهيونية في هذا الوقت إلى معارضة قوية في صفوف أعضاء الجماعات اليهودية من حزب البوند الذي كان يدعو إلى نبذ فكرة الهجرة وإلى الاستقلال الذاتي في إطار روسيا الكبرى. وقد ساهمت الحركة العمالية الصهيونية في حركة الهجرة الروسية الثانية التي اسـتمرت بين عامي 1904 و1914 والتي أقـامت مسـتوطـنات مثل داجانيا.

وقد أيَّدت الحكـومة الروسـية الاتجاهات الاستيطانية ورحبت بالهجرة، إلا أن مقررات مؤتمر هلسنجفورس عام 1906، التي دعت إلى تقوية الحركة داخلياً والدفاع عن حقوق اليهود القومية، أثارت شـكوك الحكومة القيـصرية، وهو ما حـدا بها إلى منع الحركة عام 1907. وفي عام 1908، زار ديفيد ولفسون رئيس المنظمة الصهيونية العالمية سان بطرسبورج وحصل ثانيةً على وعد بالاعتراف بالنشاطات الصهيونية الخاصة بالصندوق القومي والصندوق الاستعماري. بيد أن الحكومة القيصرية رفضت التصريح بإعادة المنظمة للمجال الشرعي. ورغم هذا، استمر تأثير المنظمة الروسية عالمياً، فحصل الصهاينة الروس على مقاعد أساسية في اللجنة التنفيذية للمنظمة العالمية في المؤتمر العاشر عام 1911 وفي المؤتمر الحادي عشر في فيينا عام 1913.

ومع اندلاع ثورة فبراير عام 1917 في روسيا، انتهت كل المعـوقات التي كانت تضـعها الحكومة القيصـرية أمام الحركة الصهيونية، فاجتذبت أعداداً ضخمة من اليهود الذين شردتهم الحرب وأضرت بهم. وعُقد مؤتمر صهيوني لعموم روسيا في بتروجراد في 24 مايو عام 1917 حضره 552 مندوباً يمثلون 140 ألف شيقل بالمقارنة بعام 1913 حيث كان عدد دافعي الشيقل 26 ألفاً فقط. وقد أقر هذا المؤتمر مقررات مؤتمر هلسنجفورس وصاغ برنامجاً موحداً لكل الجماعات الصهيونية للمشـاركة في انتخـابات الجمعية التأسيسـية لعموم يهود روسيا. ودُعيت اللجنة التنفيذية الجديدة للعمل على إعداد مؤتمر عام. وحينما عُقد المؤتمر، حضره جوزيف ترومبلدور من فلسطين ودعا إلى إنشاء جيش من اليهود الروس لاحتلال فلسطين مروراً بالقوقاز، وأيَّد حوالي 20 مندوباً أفكار جابوتنسكي حول التعاون مع بريطانيا من أجل تكوين الفيلق اليهودي. بيد أن الغالبية العظمى كانت تؤيد فكرة حياد اليهود التي تبنتها المنظمة الصهيونية العالمية. وقد انتهى هذا الحياد مع صدور وعد بلفور عام 1917.

ومع قيام الثورة البلشفية في 24 أكتوبر 1917، لم تتأثر الحركة الصهيونية في البداية، بل أُقيم أسبوع لفلسطين في ربيع عام 1918. وسيطر الصهاينة على الاجتماعات اليهودية التي قاطعتها الأحزاب الاندماجية، ففي مؤتمر موسكو الذي حضره 149 مندوباً من أربعة تجمعات يهودية محلية في روسيا كان الصهاينة هم الوحيدون المُمثَّلون، وحصل الصهاينة في أوكرانيا على 55% من مقاعد المجالس اليهودية. ولكن، مع ازدياد قوة الحكم السوفيتي واستتباب الأمر للشيوعيين، أصبحت الصهيونية هدفاً للاتهامات الحكومية، وتم إلغاء الأحزاب والمنظمات الصهيونية وألُقي القبض على بعض القادة. وقد قام القسم اليهودي في الحزب الشيوعي السوفيتي الجديد بمحاربة الروح (الانعزالية والكهنوتية) الصهيونية بين الجماعات اليهودية. وفي العشرينيات، قامت الحركة الصهيونية بعدة محاولات للحصول على حق القيام بنشاط صهيوني علني، وخصوصاً في المجال الثقافي، وفي مجال تشجيع الهجرة لفلسطين (مثلما حدث في المفاوضات شبه الرسمية التي أجراها عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية العالمية م.د. إدر أثناء زيارته لموسكو عام 1921). بيد أن هذه المحاولات باءت بالفشل. وقد استؤنف النشاط الصهيوني العلني في روسيا وأوكرانيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.

  • الجمعة AM 08:23
    2021-04-30
  • 1613
Powered by: GateGold