ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
احكـام الذبائح والأطعمة وغيرها
بالرجوع إلى كتب الفقه عندهم نجد أثر عقيدتهم الباطلة التي نادى بها ابن سبأ تبدو فيما يأتى :
يرى الرافضة حرمة ذبيحة الناصب بلا خلاف بينهم ، واختلفوا في ذبيحة غير الجعفري : فقصر بعضهم الحل على ما يذبحه الجعفري الاثنى عشرى ، ورأي الباقون كراهة ذبيحة المخالف .
يرون حرمة أكل الطين إلا طين قبر الحسين ، فيزعمون أن فيه شفاء من كل داء ، وأمنا من كل خوف ، فيجوز الاستشفاء منه بقدر الحمصة المعهودة المتوسطة.
ثالثا : فى إحياء الموات من الأرض
اتفقوا على أن الموات للإمام خاصة لا يملكه أحد وإن أحياه ـ ما لم يأذن له الإمام ، فيملكه ـ إن كان مسلماً ـ بالإحياء إذا أذن له الإمام . هذا بالنسبة لزمن حضور أئمتهم . وقالوا كذلك : كل أرض لم يجر عليها ملك مسلم ، أو ليس لها مالك معين ، فهي للإمام .
أما في زمن غيبة إمامهم فقد اختلفوا : فرأي بعضهم أن الأرض لمن أحياها ، فإذا ظهر الثانى عشر ـ كما يعتقدون ـ كان له إقرار ملكية المحيى للأرض ، أو إزالة يده ([1][397]) .
يرون أن اللقيط العبد ، إذا لم يتول أحدا ، فعاقله([2][398]) ووارثه الإمام إذا لم يكن له وارث .
يرون من موانع الإرث الكفر، ولكنهم يفسرون الكفر ، بقولهم : هو كل ما يخرج به معتقده من دين الإسلام : سواء أكان حربياً ، أم ذمياً ، أم مرتداً ، أم على ظاهر الإسلام إذا جحد ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة ، كالخوارج والغلاة والنواصب .
وهم بعد هذا يختلفون في التوارث بين الجعفرية ، وغيرهم ، فأكثرهم يرى أن المسلمين يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب ، ويذهب بعضهم إلى ان جاحد الإمامة لا يرث المؤمن ، أي الجعفري الرافضي ، على حين يرث المؤمن غيره كما يرث المسلم الكافر ([3][399]) .
ويرون أن الابن الأكبر يأخذ بغير عوض بعض الأشياء الخاصة بالأب كمصحفه وسيفه ، ولكن فريقا من الجعفرية يشترطون لهذه الحبوة ألا يكون الابن فاسد المذهب ([4][400]) ، أي أن يكون جعفرياً رافضياً .
وفى الميراث بسبب الولاء يقولون بولاء الإمامة أي أن الإمام يرث من لا وارث له ـ ما عدا الزوجين ـ ومن في حكمه : كالمسلم والمرتد بغير وارث مسلم ، والمقتول بغير وارث إلا القاتل ، وهكذا . أما بالنسبة للزوجين : اختلف الجعفرية الاثنا عشرية عند انفراد أحدهما : فذهب بعضهم إلى أن الزوج - أو الزوجة - يأخذ نصيبه والباقى للإمام ، وذهب آخرون إلى أن الإمام لا يرث وباقى التركة يرد على الوارث منهما ، وفرق بعضهم بين زمن حضور أئمتهم وزمن الغيبة بالنسبة للزوجة ، فقالوا بإرث الإمام الظاهر ، وبالرد زمن الغيبة ([5][401]).
واتفقوا على أن الإمام الظاهر يأخذ إرثه يصنع به ما شاء ، واختلفوا في زمن الغيبة ، فقيل : يحفظ للإمام لحين ظهوره ، وقيل يصرف على المحتاجين من الجعفرية ، وقيل كما ذكرنا في إحياء الموات : إنه ملك لفقهاء الشيعة الاثنى عشرية .
وهم متفقون على أن هذا المال لايعطى ـ مع الأمن ـ الحكام الجائرين ، أي الحكام من غير الرافضة .
اتفق الإمامية الرافضة على أن القاضى لابد أن يكون منهم ، وأن يكون بإذن الإمام لا بنصب العوام . وفى الغيبة يكون القضاء للفقيه الجعفري الجامع للشرائط ([6][402])
لا يقبلون شهادة غير الرافضي ، وأشرنا إلى هذا من قبل في الصيام .
ذكرنا في الجهاد أن الحدود لا ينفذها إلا الإمام أو من نصبه ، وفى زمان الغيبة يقيمها فقهاء الرافضة إذا أمنوا ويجب على الناس مساعدتهم .
ونجد أثر عقيدة الإمامة هنا كذلك في قولهم : من زنى في زمان شريف ، أو مكان شريف عوقب زيادة على الحد ، فأثر الإمامة في تحديد الأزمنة والأمكنة الشريفة عندهم ، وأشرنا إليها من قبل في الحديث عن الطهارة والصلاة ، حيث وجدنا الغدير ومراقد الأئمة إلى غير ذلك مما يتصل بعقيدتهم .
ولعل أخطر أثر هنا قولهم بقتل من سب أحد أئمتهم وحل دمه لكل سامع إذا أمن ([7][403]) .
يقولون : لا يقتل مسلم بكافر ، ولسنا في حاجة إلى التذكير بمفهوم الكفر عند الرافضة من الشيعة .
يقولون : لا دية لأهل الكفر ما عدا الذمى ، ولا تجب الكفارة بقتل الكافر .
ويرون أن الإمام ولى دم من لا ولى له . وأن الإمام يأخذ الدية من الأب الذى يقتل ولده عمدا وإذا لم يكن للولد من يرثه .
وبعد : فقبل أن ننتهي من كتب الفقه في هذا الباب ، أورد هنا بعض ما ذكره عالم النجف المعاصر الشيخ على كاشف الغطاء في الولاية العامة للمجتهد ، حيث أنه يكشف عن الاتجاه السائد في الوسط الجعفري في عصرنا ، وإن كان كثيراً مما ذكره سبق مجيئه مبثوثاً في هذا الجزء ، وسيأتى نظيره عن الخمينى في خاتمة الكتاب.
قال كاشف الغطاء : " وقع النزاع بين الفقهاء في أن الولاية المجعوله للفقيه الجامع لشرائط المرجعية هي الولاية الخاصة في موارد مخصوصة : كالرجوع إليه في الفتيا ، وقطع الخصومات ، وكل مورد قام الدليل على ولاية الفقية فيه ، بحيث لو شك في مورد أنه له الولاية فالأصل عدمها . أو أن المجعول للفقيه الولاية العامة ، بمعنى أن المجعول له هو الولاية العامة المجعولة للإمام بحيث تكون الولاية ثابتة له في كل مورد إلا إذا قام الدليل على عدمها " ([8][404]) .
ثم قال : " والحق هو الثانى ، وأن الفقيه الجامع للشرائط قد جعل الله له من الولاية ما جعله للإمام ، فيثبت للفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة المقدار الثابت للإمام : من السلطة الدينية ، والسلطة الزمنية ، والولاية العامة لأمور الناس ، والرياسة المكلفة ، والزعامة الشاملة فيما يخص تدبير شئون المسلمين العامة : الداخلية والخارجية ، الدينية والدنيوية ، وما يرجع لمصالحهم ، وما يتوقف عليه نظم البلاد وانتظام العباد ورفع الفساد بالنحو الذى هو ثابت للإمام في الموارد التي يكون للإمام الإذن فيها يكون للفقيه الإذن فيها ، وفى الموارد التي يكون للإمام التصرف فيها يكون الفقيه ذلك .
والحاصل أنه قد جعل الله تعالى للفقيه الجامع الشرائط في عصر الغيبة الكبرى كل ما جعله تعالى للإمام بما هو إمام يرجع إليه فى شئون تدبير الملة دينا ودنيا ، لا بما هو مبلغ لأحكام الله تعالى ، فإنه بالصفة الثانية لابد من إظهار المعجزة لصدقه ، والعصمة لعدم خطئه ، وإزالة حب الدنيا عن نفسه ، لرفع التهمة عنه في التبليغ ، ولا بما يرجع لتعظيمه واحترامه ومحض إكرامه . وإنما جعل الله تعالى للفقيه كل ما جعله للإمام من حيث رياسته على كافة الأنام ، وسلطنته على سائر العباد وإدارته لأمور الملة ، وإمامته لقيادة الأمة ، لتنفيذ القوانين الدينية ، وتدبير الشئون الحيوية .
والفقهاء عبروا عن هذه الحيثية للإمام بالولاية ، وهي التي من آثارها الإفتاء والقضاء ، وقبض ما يعود لمصالح المسلمين : كأموال الخراج ، والمقاسمة ، والأوقاف العامة والنذور ، والجزية ، والصدقات ، ومجهول المالك ، واللقطة قبل التعريف ، وقبض ما يعود للإمام من الأموال : كحق الإمام والأنفال وإرث من لا وارث له ([9][405]).
والتولى للوصايا مع فقد الوصى ، وللأوقاف مع فقد المتولى ، وحقظ أموال الغائبين واليتامى ، والمجانين والسفهاء ، والتصرف بما فيه المصلحة لهم حفظاً أو إدارة أو بيعا أو نحو ذلك ، وجعل بيت المال ، ونصب الولاة على الأمصار والوكلاء والنواب والعمال المعبر عنهم في لسان الفقهاء بالأمناء . وتجنيد الجنود والشرطة : للجهاد ، ولحفظ الثغور ومنع التعديات وحماية الدين وإقامة الحدود على المعاصى والتعزيزات على المخالفات وإعاشتهم وتقدير أرزاقهم وتعيين رواتبهم . ونصب القضاء لرفع الخصومات وحمل الناس على مصالحهم الدينية والدنيوية : كمنع الغش والتدليس في المعايش والكاييل والموازين ، وكمنع المضايقات في الطرقات ، ومنع أهل الوسائط من تحميلها أكثر من قابليتها ، والحكم على المبانى المتداعية بهدمها أو إزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة . وضرب السكة ، وإمامة الصلاة ، وإجبار الممتنع عن أداء الحقوق الخالقية والمخلوقية وقيامه مقامه في أدائها . وإجبار المحتكر والراهن على الأداء والبيع ، وإجبار الشريك على القسمة ، وإجبار الممتنع عن حضور مجلس الترافع والخصومة . وتسيير الحج ، وتعيين يوم طلوع الأهلة ، والجهاد في سبيل الله ، وإصلاح الجسور وفتح الطرق وحفر الترع وصنع المستشفيات وسياسة الرعية وإعطاء الراية والعلم واللواء وتقسيم الغنيمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ([10][406]) .
هذا ما ذكره العالم الجعفري الإمامي المعاصر ، وإذا كان ما جعله لأئمته غير صحيح ـ كما أثبتنا ـ فمن باب أولى أنه لا يثبت لفقهائهم ، ولا خلاف بين الجعفرية حول جعل الولاية للأئمة وإنما الخلاف في جعلها للفقهاء ([11][407])، فالفقهاء من جانبهم حاولوا إثباتها لأنفسهم ليقنعوا شيعتهم ، ويبدو أنهم أقنعوهم .
وإذ كانت الحكومات تتولى هذه الولاية العامة فلا ضير ، لأن الأموال ـ من الخمس وغيره ـ التي استحلها الفقهاء لأنفسهم جاءتهم وفيرة غزيرة ، وأعتقد أنه لولا هذه الأموال لما ظل الخلاف قائما بين الجعفرية الرافضة وسائر الأمة الإسلامية إلى هذا الحد ، فكثير من فقائهم يحرصون على إذكاء هذا الخلاف حرصهم على هذه الأموال . والله سبحانه وتعالى أعلم ، ونسأله عز وجل أن يطيب مطعمنا ، ويهدينا الصراط المستقيم .
([1][397]) انظر ما سبق في مفتاح الكرامة 7 / 4 - 13 .
([2][398]) العاقل دافع الدية .
([3][399]) انظر مفتاح الكرامة – كتاب الفرائض : ص 17 – 18 ، 34 –35 ، وراجع مفهوم الكفر عند الرافضة في بداية الباب الثانى وفى أكثر من موضع من هذا الكتاب .
([4][400]) انظر المرجع السابق : ص 134 – 137 .
([5][401]) انظر نفس المرجع : ص 20-28 ، 47 ، 64 ، 179 – 183 ، 205 – 212 ، 267 وانظر النور الساطع 1 / 425 – 427 .
([6][402]) ذكر الشيخ على كاشف الغطاء : أن من ضرورة المذهب الجعفري أن القضاء من مناصب النبى r ـ وأئمتهم بالأصالة لكونه من شئون الرياسة العامة والولاية التامة الثابتة لهم ، وأن ثبوت هذا المنصب لغيرهم إنما هو من قبلهم وبواسطتهم ، وأنهم قد أثبتوه للمجتهد العادل الجامع لشرائط الافتاء . ( انظر النور الساطع 1 / 576 ) .
والجعفرية الاثنا عشرية الآن لهم محاكم خاصة بالبلاد التي يكثر عددهم فيها .
([7][403]) لا ندرى كيف أباحوا لأنفسهم هذا القتل ، وفى الوقت ذاته أباحوا سب الخلفاء الراشدين الثلاثة والصحابة الكرام ؟ ! بل وجدنا منهم من يقول ـ والعياذ بالله ـ بأن الله ورسوله وكل نبى مجاب لعنوا الصديق والفاروق لموقفهما من العترة وأحاديث الإمامة ولذا فلا يتصور عقوبة ما لمن سبهما !! ( انظر منهاج الشريعة 1/ 112- 113 ، 293 –294) . غلاة في الجانبين ، وأن وجدنا من شيعة اليوم من يستنكر السب ، ولكنا لم نجد من يستنكر القتل .
([8][404]) النور الساطع 1 / 341 .
([9][405]) من الأموال التي ذكر أنها ملك للإمام وأنها تعود للفقيه في زمن الغيبة يصرفها على نفسه وشئونه ما يأتى :
المعادن ، البحار ( في رأي الكليني وغيره ، والمشهور عدم عدها من أمواله ) ، والأرض التي استولى عليها المسلمون من غير قتال ، والأرض الميتة والأرض التي لا مالك لها ، ورءوس الجبال ، وتبعها ما يكون فيها من حجارة أو شجر أو معدن أو عين ماء ونحو ذلك حتى ولو كانت مملوكة لشخص معين ، وبطون الأودية بما فيها ، والآجام ، وصفو الغنيمة : وهو ما يصطفيه الإمام لنفسه قبل القسمة مما يحب ويشتهي كالجارية الحسناء والسيف القاطع ، وما كان في الغنيمة من المال الخالص لسلطان المحاربين ، والغنيمة بغير إذن الإمام .
انظر النور الساطع 1 / 405 – 432 واقرأ فيه كذلك :
الأمور التي للفقيه الولاية عليها في صرفها في مواردها في زمن الغيبة : ص 433 – 470 ، وتذنيب فيما ذكره الفقهاء للمجتهد من الولايات الخاصة ص 383 – 528 .
([10][406]) المرجع السابق 1 / 341 –343 .
([11][407]) سواء أثبتت الولاية لأئمة الجعفرية أم لم تثبت فهم من آل البيت الأطهار الكرام البررة ، أما الفقهاء - في كل عصر ومصر – فمنهم من يعبد الله تعالى ، ومنهم من يعبد المال ويتخذ إلهه هواه .
-
الاربعاء AM 08:27
2021-04-28 - 832