المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416204
يتصفح الموقع حاليا : 392

البحث

البحث

عرض المادة

النوافل

النوافل

 ذكرنا في مناقشتنا للأغسال المندوبة أن كثيراً منها مما يرى الشيعة استحبابه يتعلق بمذهبهم ، كالاغتسال لزيارة الأئمة ، أو يوم الغدير ، أو المباهلة ، وتتكرر الصورة هنا فنرى صلاة الزيارة والغدير والمباهلة وهكذا .

 وهذا ـ كما قلنا هناك ـ تبع للخلاف فى المذهب من أساسه ([1][309]) . ونرى هنا كذلك صورة أخرى للصلاة تعمد إلى قراءة سور معينة مع الفاتحة ، مع تكرار هذه السور لدرجة تجعل المصلى مشغولا بالعد والإحصاء أكثر من التدبر والتأمل والخشوع ، كتكرار السورة مائة مرة بل ألف مرة ، ومثل هذه لم تثبت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد نجد لها مكاناً فى الأحاديث الموضوعة ([2][310]) .

 والشيعة ينسبون بعضها إلى الإمام على أو السيدة فاطمة الزهراء أو   غيرهما .

 وإذا كان هناك خلاف بين الشيعة والسنة حول السنن الراتبة فى اليوم والليلة أو غيرها ، فإنا نجد الخلاف أيضا بين الشيعة أنفسهم .

 وكذلك السنة ، حتى أن الإمام مالكا لم يوقت شيئاً معلوماً للسنن الرواتب وقال فى صلاة الليل والنهار : النافلة مثنى ([3][311]) . فقد اختلفت الآثار الواردة فى   النوافل ، وهي ـ كما قيل سابقاً ـ قربان كل تقى ، وخير موضوع ، فمن شاء استقل ، ومن شاء استكثر .

 

 ولكن الذى يلفت النظر هنا هو موقف الشيعة من صلاة الضحى والتراويح ، وما يروونه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتأييد مذهبهم . فصلاة الضحى ثبت أن الرسول r صلاها ، ولكنه لم يداوم عليها ([4][312]) وحتى لو لم يثبت ذلك فهي نافلة فى وقت غير منهي عنه ، والشيعة وهم يستدلون على عدم مشروعيتها ، يأتون بروايات ـ لو صحت ـ تدل على خطأ من ينهي عنها ، مثل ما يروونه عن عبد الله بن المختار الأنصارى ، عن أبى جعفر قال : سألته عن صلاة الضحى ، فقال أول من صلاها قومك ، إنهم كانوا من الغافلين  فيصلونها ، ولم يصلها رسول الله r. قال : إن علياً مر على رجل وهو يصليها ، فقال على : ما هذه الصلاة ، فقال : أدعها يا أمير المؤمنين ؟ فقال على : أكون أنهي عبداً إذا صلى " ([5][313]).

 وأما صلاة التراويح فقد روى أن النبى  r ـ صلى في المسجد ذات ليلة من رمضان فصلى بصلاته ناس ، ثم صلى من القابلة فكثر  الناس ، ثم اجتمعوا فى الليلة الثالثة فخرج إليهم رسول الله  r ، فلما أصبح قال : " قد رأيت الذى صنعتم ، ولم يمنعنى من الخروج إليكم إلا أنى خشيت أن تفرض عليكم " ، وفى رواية للبخارى : " أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها " ([6][314]) .

 إلى جانب روايات أخرى ، والثابت أنها لم تأخذ الصورة التى عليها الآن إلا فى عهد عمر بن الخطاب ، حيث جمع الناس علَى أبىّ بن كعب ، وأخرج   القناديل إلى المسجد ، فجعلهم جماعة واحدة بعد أن كانوا يصلونها جماعات ، وفرادى . وفى عهد على بن أبى طالب بقيت هذه السنة ولم يمنع المسلمين منها ، بل على العكس كان معجبا بما قام به عمر ، وروى أنه قال نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا ([7][315]).

 ومع هذا نجد الإمام الشافعى ـ من المذاهب الأربعة ـ يرى عدم استحبابها جماعة ، وإنما فرادى ([8][316])، فلو اقتصر الشيعة الاثنا عشرية على عدم استحبابها لما كان هناك خلاف يذكر ، فهم يرون قيام رمضان فرادى . لكن الخلاف الذى استحق الذكر هو أنهم أخذوا برواية موضوعة نتيجة لدور عمر في صلاة التراويح، وهو الخليفة الثانى ، وكان له أثره في بيعة الخليفتين الأول والثالث ، والثلاثة في نظر الشيعة الرافضة قد أخذوا حق علي في الخلافة ، وهذه الرواية هي أن النبي  r   كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ، ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيصلى . فخرج من أول ليلة في شهر رمضان ليصلى ما كان يصلى ، فاصطف الناس خلفه ، فهرب منهم إلى بيته فتركهم ففعلوا ثلاث ليال . فقام في اليوم الرابع على منبره فحمد الله وأثنى عليه . ثم قال : يا أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان في النافلة جماعة بدعة ، صلاة الضحى بدعة ، ألا فلا تجتمعوا ليلاً في شهر رمضان لصلاة الليل ، ولا تصلوا صلاة الضحى ، فإن تلك معصية ، ألا وإن كل بدعة ضلالة ، وإن كل ضلالة سبيلها إلى النار ، ثم نزل وهو يقول قليل في سنة خير من كثير في بدعة ([9][317]) .

 فهذه الرواية ينقضها ما سبق من صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام ، والصحابة والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ، وكيف تكون النافلة التى  هي قربى إلى الله تعالى معصية وبدعة ضالة تؤدى إلى النار ؟ وإذا وجدنا بدعة فإنما جمع الناس على إمام في جماعة واحدة بعد أن كانوا يؤدونها جماعات ووحدانا ، وهذا الاجتماع لم يكن إلا بعد الرسول  r ، وهو ما قصده عمر عندما خرج ذات ليلة بعد أن جمع المسلمين على أبى بن كعب ووجد اجتماعهم في الصلاة ، فقال : " نعمت البدعة هذه " .

 فعمر لم يشرع صلاة جديدة ، وإنما جعل الجماعات جماعة واحدة لخير  ارتآه ([10][318]) ، والرسول u لم يفعل ذلك رأفة بالمسلمين خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا كما روى عنه ، فهذه طبيعته ، وكما قالت أم المؤمنين عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدع العمل وهو يحب أن يعمله ، خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم ([11][319]) ، فهل يعد ما فعله عمر معصية وضلالة سبيلها إلى النار ؟ وكيف خفي ذلك على إجلاء الصحابة ؟

 ولماذا لم يبطله على وهو بالكوفة ؟ بل استحسنه أيما استحسان فأبقاه ودعا لعمر .

 ومع هذا فالضحى والتراويح نافلتان ، فللمسلم أن يصليهما ، وله أن يدعهما ، وله أن يصلى التراويح فردا ، أو في جماعة ، ولكن ليس بمسلم من يتعمد الكذب على رسول الله  r ليؤيد ما ذهب إليه ، ويبطل ما ذهب إليه مخالفوه .

 ونجد في الجزء الثالث من وسائل الشيعة ( ص 74 ـ 75 ) باب عدم استحباب صلاة الضحى ، وعدم مشروعيتها .

 وتحت الباب ست روايات ، منها الرواية التي ذكرتها من قبل ، ومنها أن الرسول ـ r ـ قال : " صلاة الضحى بدعة " .

 ومن وضع هذه الرواية المفتراة نسأله : من الذى يجيء بصلاة بدعة في عهد رسول الله  r ؟

 فالهدف من هذا الباب برواياته هو مخالفة ما عليه جمهور المسلمين تبعا لأصول هذه الفرقة كما بينتها من قبل .

 وفى الجزء الخامس ( ص 224 ـ 225 ) " باب استحباب صلاة يوم  غدير …" ومما جاء فيه :

 صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا .. وهو عيد الله الأكبر ، وما بعث الله نبيا إلا وتعبد فى هذا اليوم وعرف حرمته .. ومن صلى فيه ركعتين عدلت عند الله ـ عز وجل ـ مائة ألف حجة ، ومائة ألف عمرة … وما خلق عز وجل - يوما أعظم حرمة منه … إلى آخر هذه الأباطيل والمفتريات العجيبة التى وضعها غلاة الرافضة .

 وفى الجزء الخامس أيضاً ( ص 288 : 289 ) نجد الحنين إلى  المجوسية حيث يصادفنا " باب استحباب صلاة يوم النيروز ، والغسل فيه ، والصوم ، ولبس أنظف الثياب ، والطيب ، وتعظيمه ، وصب الماء فيه " !!

  وكل ضلالة ينسبها الغلاة والزنادقة إلى الأئمة الأطهار كذباً وبهتاناً .

 

 ([1][309]) راجع ص 74 .

 ([2][310]) انظر مثلا : اللآلئ المصنوعة 2 / 48 – 62 ، والفوائد المجموعة 1 / 44- 52 .

 ([3][311]) انظر : المدونة 1 / 97 – 99 .

 ([4][312]) انظر : الموطأ 1 / 127 – 130 ، والمغني 1 / 771 – 772 ، وسبل السلام      2 / 16 –17 ، والبخاري وشرحة فتح الباري – كتاب التهجد : باب صلاة الضحي في السفر ، وباب من لم يصل الضحي ورآه واسعا ، وباب صلاة الضحي في الحضر .

 ([5][313]) الوسائل 5 / 104 . 

 ([6][314]) انظر فتح الباري ( 3 / 10 ) رواية رقم 1129 وشرحها .

 ([7][315]) انظر : المبسوط 2 / 144 – 145 ، والموطأ 1 / 102 – 105 ، والمغني                 1 / 801 – 804 ، وانظر كذلك : سبل السلام 2 / 9 – 11 ، والمنتقي ص 541 – 542 ، والبحر الزخار 2 / 35 وما في حاشيته من كتاب : جواهر الأخبار .

 ([8][316]) انظر الأم 1 / 125 .

 ([9][317]) انظر : الاستبصار 1 / 467 – 468 ، وقال محمد بن يحي بهران الصعدي ، بعد أن ذكر حديثا قريبا من هذا : " الأقرب أنه موقوف علي علي u إن صحت الرواية عنه " ( انظر: جواهر الأخبار بحاشية البحر الزخار 2 / 34 ) . ونقول له : نربأ بعلي أن يقول هذا ، فقد صلاهما رسول الله r  .

 ([10][318]) تحدث الأستاذ محمد مصطفي شلبي عن الأفعال التي فعلها الصحابة ، ولم تكن علي عهد رسول الله r ، وبين علة ذلك ، وضرب له الأمثال ، مؤيدا صحة ما ذهبوا إليه   ( انظر كتابة : تعليل الأحكام ص 64 – 71 ) .

 ([11][319]) انظر : الموطأ 1 / 128 ، وفتح الباري ( 3 / 10 ) رواية رقم 1128 وشرح الرواية رقم 1129 .

  • الاربعاء AM 07:47
    2021-04-28
  • 902
Powered by: GateGold