المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416204
يتصفح الموقع حاليا : 383

البحث

البحث

عرض المادة

الآذان

الأذان

 ينحصر الخلاف هنا في أن الشيعة يزيدون " حي على خير العمل " مرتين بعد " حي على الفلاح " ، ويثنون لا إله إلا الله ، وحاليا يزيدون الشهادة بالولاية بعد الشهادتين .

 وحجة الشيعة روايات عن أئمتهم تفيد ذلك ([1][216]) .

 وقالوا : إن " حى على خير العمل " كان موجوداً فى الأذان والإقامة إلى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو الذى أسقطها رغبة منه فى إعلام الناس بأن خير العمل إنما هو الجهاد فى سبيل الله ، وقد كان عصره عصر فتوحات ، فلو عرف الناس أن الصلاة خير العمل مع ما فيها من الدعة والسلامة لاقتصروا فى ابتغاء الثواب عليها ، وأعرضوا عن خطر الجهاد المفضول بالنسبة إليها ، وفتح الممالك لا يكون إلا بتشويق الجند إلى التورط فى سبيله بالمهالك ، بحيث يشربون فى قلوبهم الجهاد ، حتى يعتقدوا أنه خير عمل يرجونه يوم الميعاد ، فقدم المصلحة على التعبد بما جاء به الشرع الأقدس ، وقد تبعه فى إسقاطها عامة من تأخر عنه من المسلمين ، حاشى أهل البيت ومن يرى رأيهم " ([2][217]) .

 وروى أن ابن عمر كان يؤذن بحى على خير العمل أحياناً ، وعن على بن الحسين أنه قال : هو الأذان الأول ، وعن زيد بن أرقم أنه أذن بذلك ، وروى بذلك عن أمامة بن سهيل البدرى ([3][218]) .

 ويلعب الخيال الشيعى دوره ، ويجد الوضاعون مجالا لهم هنا ، فيروى أن الإمام السابع موسى الكاظم سئل عن ( حي على خير العمل ) لم تركت من الأذان؟ فقال : " أما العلة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالا على الصلاة ، وأما الباطنة فإن خير العمل الولاية ، فأراد من أمر بترك ( حى على خير العمل ) من الأذان ألا يقع حث عليها ، ودعاء إليها " ([4][219]) .

 وسواء قال الإمام ذلك أو لم يقله ، فهو طعن فى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وتعصب جاهل لمبدأ دخيل ، وإذا كانت الولاية خير العمل فلم لم يوضح ذلك الرسول r ؟ وكيف حرم منها الصفوة الصافية من سلف المسلمين رضوان الله عليهم ؟ وكيف أن عمر الفاروق يعلم بأن الولاية خير عمل فيقدم على أمر فيه مخالفة لله سبحانه ولرسوله عليه الصلاة والسلام ؟

 لقد ذكرنا من قبل أن الشيعة جميعهم ليس فيهم من يصل إلى مكانة عمر رضي الله عنه باعتراف أبى الأئمة على كرم الله وجهه ، ولكن العداء للإسلام ، ولرافعى رايته من خيرة المسلمين ، هو الذى دفع هؤلاء إلى الطعن في شخصية ارتبط اسمها بالعدالة الإسلامية ، وبالدفاع عن الدين ، ونشره في العالمين .

 ويبقى بعد ذلك أن روايات الشيعة يعارضها الأحاديث الصحيحة في كتب السنة عن النبي r ، فليس في شيء منها ما يدل على ثبوت حي على خير العمل، وليس فيها أن عمر رضوان الله عليه أو غيره هو الذى أسقط ذلك ، فالأذان كما بينه الرسول r يتفق مع ما ذهب إليه أصحاب المذاهب الأربعة ([5][220]) .

 ولا خلاف في أن الأذان المشروع هو ما كان على عهد رسول الله r ، وليس لأحد أن يزيد فيه أو ينقص منه .

 ولكنني عندما سمعت آذانهم وجدتهم يزيدون بعد الشهادتين " أشهد أن علياً ولى الله ، أشهد أن علياً أمير المؤمنين وأولاده المعصومين حجة الله " .

 بحثت فى كتاب " مستمسك العروة الوثقى " للمرجع السابق السيد محسن الحكيم ، فوجدته يقرر أن الشهادة بالولاية ليست جزءاً من الأذان والإقامة بلا خلاف ولا إشكال ، وينقل عن محكى الفقيه قوله : ( هذا هو الأذان الصحيح ، لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخبارا زادوا بها فى الأذان : " محمد وآل محمد خير البرية " مرتين ، وفى بعض رواياتهم بعد " أشهد أن محمداً رسول الله " " أشهد أن علياً ولى الله " مرتين .

 ومنهم من روى بدل ذلك " أشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً " مرتين ، ولا شك فى أن علياً ولى الله ، وأمير المؤمنين حقاً ، وأن محمداً وآله صلى الله عليهم خير البرية ، لكن ليس ذلك فى أصل الأذان ) .

 وقال : " وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض المدلسون أنفسهم فى جملتنا " .

 وعن الشيخ فى محكى النهاية " فأما ما روى فى شواذ الأخبار من قول : أن علياً ولى الله وآل محمد خير البرية ، فمما لا يعمل عليه فى الأذان والإقامة ، فمن عمل به كان مخطئاً " .

 ونقل عن المبسوط : " وأما قول : أشهد أن علياً أمر المؤمنين وآل محمد خير البرية ـ على ما ورد في شواذ الأخبار ـ فليس بمعمول عليه في الأذان ، ولو فعله الإنسان لم يأثم به ، غير أنه ليس من فضيلة الأذان ولا كمال فصوله " .

 وعن المنتهي : " وأما ما روى من الشاذ من قوله : أن علياً ولى الله وأن محمدا وآله خير البرية ـ فمما لا يعول عليه " ([6][221]) .

 ولكن السيد الحكيم عقب على ذلك بقوله : " الظاهر من المبسوط إرادة نفى المشروعية بالخصوص ، ولعله أيضا مراد غيره ، لكن هذا المقدار لا يمنع من جريان قاعدة التسامح على تقدير تماميتها في نفسها ، ومجرد الشهادة بكذب الراوي لا يمنع من احتمال الصدق الموجب لاحتمال المطلوبية ، كما أنه لا بأس بالإتيان به بقصد الاستحباب المطلق لما في خبر الاحتجاج " إذا قال أحدكم : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فليقل : على أمير المؤمنين ، بل ذلك في هذه الإعصار ، معدود من شعائر الإيمان ، ورمزا إلى التشيع ، فيكون من هذه الجهة راجحاً شرعاً ، بل قد يكون واجباً ، لكن لا بعنوان الجزئية من الأذان . ومن ذلك يظهر وجه ما في البحار من أنه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبة للأذان : بشهادة الشيخ والعلامة والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها " ([7][222]) .

 ولا أدرى لم استحق قوم اللعنة لأنهم زادوا " محمد وآل محمد خير البرية " ولم يستحق هذه اللعنة من زاد الشهادة بالولاية التي لا يقول بها أحد غير الإمامية الرافضة ؟!

 ولنا أن نتساءل بعد هذا : أكل من ارتأي رأيا ـ ولو كان صحيحاً ـ فله أن يزيده فى الأذان ؟ وكيف يكون الأذان إذن لو زاد كل ما ارتأي ؟!

 إن الأذان شرع للصلاة ، وليس اعلاناً عن المبادىء التي يراها كل فريق . فيجب أن يبقى كما بينه رسول الله r ، فليس لأحد أن يشرع من بعده .

 وشيء آخر أحب أن أشير إليه هنا وهو أنهم أسقطوا أذانين !!

 فحرصهم على الجمع بين الصلاتين دائما جرفهم إلى الاكتفاء في مساجدهم بالأذان ثلاث مرات ، وأسقطوا أذان العصر وأذان العشاء . ولا شك أن هذا يخالف ما كان عليه رسول الله r ، وما أمر به"" فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ … "".

 وأولى لمن يزعمون أنهم أتباع أهل البيت أن يتبعوا سنة صاحب البيت r ، لا أن يهدموا البيت لبنة لبنة ، أو يغيروا معالمه ، فجمعهم الدائم وآذانهم فيهما هدم وتغيير . نسأل الله تعالى أن يهديهم سواء السبيل .

 

 

 ([1][216]) انظر : الاستبصار جـ 1 ص 305 وما بعدها .

 ([2][217]) انظر : الفصول المهمة ص 89 ـ 92 .

 ([3][218]) انظر : نيل الأوطار 2 / 19 .

 ([4][219]) الحقائق جـ 2 ص 145 .

 ([5][220]) ارجع إلى : المبسوط 1 / 127 ـ 129 ، والمدونة 1 / 57 ـ 58 ، والأم 1 / 73 ـ 74، والمغنى 1 / 418 ـ 422 ، وانظر كذلك : نيل الأوطار 2 / 15 ـ 26 .  وصحيح مسلم ـ كتاب الصلاة : باب صفة الأذان ، وصحيح البخارى ـ كتاب الأذان ـ وصحيح ابن خزيمة ـ جماع أبواب الأذان والإقامة . 

 ([6][221]) راجع ما سبق في مستمسك العروة الوثقى جـ 5 ص 437 ـ 438 . والمبسوط ، وغيره من الكتب التى ذكرت ، لعلماء من الشيعة .

 ([7][222]) المرجع السابق 5 / 438 .

  • الاربعاء AM 07:39
    2021-04-28
  • 974
Powered by: GateGold