المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416231
يتصفح الموقع حاليا : 331

البحث

البحث

عرض المادة

الجمع بين الصلاتين

الجمع بين الصلاتين

 اختلف الشيعة فيما بينهم فى تحديد مواقيت الصلاة ([1][202]) والروايات التى رووها عن النبى  r تتفق مع روايات أهل السنة ، كالرواية المشهورة عن جبريل   u ، والروايات التى خالفت ذلك تنتهي إلى أئمتهم ([2][203]) . وهم فى اختلافهم لا ينفردون بالرأي ، فمنهم من حدد المواقيت كالسنة ، ولكنهم انفردوا بالقول دون المذاهب الأربعة ، بإجازتهم الجمع بين الصلاتين بلا عذر ، فلم يوافقهم أي مذهب منها([3][204]) .

 

 وقد استدل الشيعة بعدة أحاديث مؤداها : أن الرسول  r جمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، من غير خوف ، ولا مطر ، ولا سفر ، توسعة لأمته ، ومنعا للحرج عن المسلمين ، إلى جانب روايات أخرى عن أئمتهم ([4][205]) .

وإذا نظرنا في روايات السنة وجدنا ما يوافق أحاديثهم : كرواية ابن عباس رضي الله عنهما " أن النبي  r صلى بالمدينة سبعا وثمانيا ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء " متفق عليه ، وفى رواية أخرى :

 

 

" جمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر . قيل لابن عباس : ما أراد بذلك ؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته " ([5][206]) .

 وقد خرج أصحاب المذاهب الأربعة مثل هذه الرواية على الجمع الصوري ، بأن يصلى الظهر في آخر وقته ، والعصر في أول وقته ، وكذلك المغرب والعشاء، أو أن ذلك كان لعذر كمرض أو مطر ، أو غير ذلك ، ولهم ما يؤيد وجهة نظرهم([6][207]) .

 ولكنا وجدنا آخرين : كابن سيرين وربيعة وابن المنذر وغيرهم ، يستدلون  بهذا على جواز الجمع مطلقا بشرط ألا يتخذ ذلك خلقا وعادة ([7][208]) ، ووجدنا من علماء السنة المعاصرين من يؤيد الأخذ برواية الجمع دفعا للحرج والمشقة ([8][209]) .

 فلو اقتصر الشيعة على جواز الجمع دفعا للحرج ""  َمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ  "" ، وتأسوا بالرسول  r : حيث كان يفرق غالب الأوقات ، وما كان يجمع إلا نادرا باعترافهم ([9][210]) ، لو فعلوا ذلك لكان لهم ما يؤيد مذهبهم ، ولكنهم يجمعون دائما جماعة وفرادى كما يقول السيد كاظم الكفائى ([10][211]) ، بل يروون روايات تفيد استحباب الجمع ، مثل : عن عياش الناقد قال : تفرق ما كان فى   يدى ، وتفرق عنى حرفائى ، فشكوت ذلك إلى أبى محمد ( ع ) فقال لى : اجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ، ترى ما تحب " ([11][212]) .

 و" عن أمير المؤمنين  u قال : الجمع بين الصلاتين يزيد فىالـرزق " ([12][213]) .

 فهذه مخالفة صريحة لما كان عليه الرسول r . ولما أمر به سبحانه وتعالى فى قوله :   ""  إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا "" ، فالجمع بهذه الصورة مضيعة للمواقيت التى بينها جبريل والرسول عليهما السلام .

 وجاء عن طريقهم ـ غير حديث جبريل ـ روايات أخرى تفيد تحديد المواقيت الخمس ، ولزوم المحافظة على هذه المواقيت ، من ذلك ما كتبه الإمام على لمحمد بن أبى بكر عندما ولاه مصر : " وانظر إلى صلاتك كيف هي ، فإنك إمام لقومك . ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها ، ولا تعجل بها قبله لفراغ ، ولا تؤخرها عنه لشغل ، فإن رجلا سأل رسول الله  r عن أوقات الصلاة فقال : أتانى جبريل ( ع ) فأراني وقت الظهر حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن ، ثم أراني وقت العصر وكان ظل كل شيء مثله ، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس ، ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق ، ثم صلى الصبح فأغلس بها والنجوم مشتبكة ، فصل لهذه الأوقات ، والزم السنة المعروفة ، والطريق الواضح " ([13][214]) .

 وقد احتج أحد علمائهم على مانعي الجمع لغير عذر بروايات السنة التي أباحت ذلك ، وقال في آخر كلمته : " لا كلام في أن التفريق أفضل ، ولذلك كان يؤثره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا لعذر كما هي عادته في المستحبات كلها " ([14][215]) .

 فإذا كانت هذه حقيقة لا كلام فيها ، فعلى أي أساس إذن يجمع الشيعة دائماً بين الصلاتين ؟؟

 

 ([1][202]) انظر : مفتاح الكرامة ـ كتاب الصلاة 1/13 ـ29.

 ([2][203]) انظر وسائل الشيعة ومستدركاتها جـ 5 باب أوقات الصلوات الخمس ص166 ـ 177 .

 ([3][204]) انظر : المبسوط 1 / 194 والموطأ 1 / 123 والأم 1 / 65 والمغنى 2 / 121 .

 ([4][205]) انظر الوسائل ومستدركاتها جـ 5 : باب جواز الجمع بين الصلاتين لغير عذر ص 225 وما بعدها .

 ([5][206]) راجع صحيح البخاري : كتاب مواقيت الصلاة : باب تأخير الظهر إلى العصر ، وفتح البارى 2/ 24 ، وباب وقت المغرب ، وكتاب التهجد : باب من لم يتطوع بعد المكتوبة ، وفيه الجمع الصوري .

    وراجع صحيح مسلم : كتاب صلاة المسافرين وقصرها ـ باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر ، وانظر شرح النووي 2/356 :359 .

    وانظر نيل الأوطار 1/264 باب جمع المقيم لمطر أو غيره .

 ([6][207]) انظر مراجع أهل السنة السابقة ، وبداية المجتهد 1 / 174 وما بعدها .

 ([7][208]) انظر الموضع السابق من نيل الأوطار .

 ([8][209]) أورد الشيخ أحمد شاكر ما حكى عن ابن سيرين أنه كان لا يرى بأسا أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة أو شيء ، ما لم يتخذه عادة ، ثم قال : " وهذا هو الصحيح الذى يؤخذ من الحديث ، وأما التأول بالمرض أو العذر أو غيره فإنه تكلف لا دليل عليه ، وفى الأخذ بهذا رفع كثير من الحرج عن أناس قد تضطرهم أعمالهم ، أو ظروف قاهرة ، إلى الجمع بين  الصلاتين ، ويتأثمون من ذلك ويتحرجون ، ففى هذا ترفيه لهم وإعانة على الطاعة ، ما لم يتخذه عادة ، كما قال ابن سيرين " ( سنن الترمذى 1 / 358 ـ 359 الحاشية ) .

  وقد ذكر الأستاذ الشيخ على الخفيف ما يؤخذ على المالكية من تركهم العمل بخبر الواحد إذا كان العمل في المدينة على خلافه ، ومن هذه الأخبار حديث الجمع بين الصلاتين .

( انظر : أسباب اختلاف الفقهاء ص 78 ـ 79 ) .

 ([9][210]) انظر : مفتاح الكرامة ـ كتاب الصلاة 1 / 23 .

 ([10][211]) انظر حديثه بآخر هذا الجزء ، وهذا ما رأيته في العراق والكويت .

 ([11][212]) الوسائل 5 / 227 .

 ([12][213]) الوسائل 5 /227 .

 ([13][214]) انظر المرجع السابق ص 170 .

 ([14][215]) انظر : رسالة الإسلام ـ العدد الثامن ، السنة السابعة ( رمضان سنة 1374 ) : الجمع بين الصلاتين للسيد شرف الدين الموسوى ص 148 وما بعدها .

  • الاربعاء AM 07:38
    2021-04-28
  • 1037
Powered by: GateGold