المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415292
يتصفح الموقع حاليا : 240

البحث

البحث

عرض المادة

التولية اختيارا ً

التولية اختياراً

فرق الشيعة بين الاستعانة بالغير في الوضوء وبين التولية . فهم يرون أن الاستعانة هي صب الماء على يد المتوضئ ، لا على أعضاء وضوئه ، على أن يتولى هو بنفسه توزيع هذا الماء على الأعضاء .

 أما التولية فهي التوضئة بصب الغير الماء على أعضاء الوضوء كلاً أو بعضاً ، وإن تولى هو الدلك.([1][135])

 وهم يكرهون الاستعانة ، ويحرمون التولية اختياراً .

 وهم بهذا لا ينفردون بالقول بكراهة الاستعانة ، وإنما بالتفرقة بين الاستعانة والتولية ، وتحريم الأخيرة .

 والتولية بهذا المفهوم تعد استعانة تكره عند الشافعية والحنابلة ، والمالكية لا يرون كراهتها ، والحنفية لا يرون الكراهة إلا إذا لم يباشر المتوضئ بنفسه غسل الأعضاء ومسحها([2][136]).

 وقد ورد عن طريقى السنة والشيعة ما يفيد جواز الصب في الوضوء ، وفي روايات أخرى كراهة ذلك . وإن كان المروى في الكراهة عن طريق أهل السنة ضعيفاً . ولم يرد عن الطريقين ما يفيد التحريم ([3][137]) .

  فبم إذن استدل الشيعة على ماذهبوا إليه ؟

 احتجوا ([4][138]) بالوضوءات البيانية ، وبظاهر الأوامر بالغسل والمسح فإنها تقتضى المباشرة ،وإرادة كون الفعل مستنداً إلى المأمور به . وقوله تعالى : "" فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ  "" خطاب لنا يجب علينا امتثاله ، وإنما يتحقق الامتثال بوقوع الفعل منا ، وصدوره عنا .

وإذا صح ذلك فإنه يتعلق بمباشرة الغسل والمسح . فلم يثبت عن النبى r أنه وكل غسل أعضاء وضوئه إلى أحد . أو قال بجواز ذلك . وهنا يكون الامتثال والاتيان بالفعل ، أما الصب على اليد والصب على الأعضاء ، فكله استعانة بجنس الصب ، وهو ما أفادت الأدلة جوازه ، كحديث المغيرة " فصببت عليه – أي على النبى r - وضوءه للصلاة " ، وحديث صفوان بن عسال : " صببت الماء على النبى r في السفر والحضر في الوضوء ".

 وعن طريق الشيعة رواية أبى عبيدة الحذاء " وضأت أبا جعفر u بجمع وقد بال ، فناولته الماء فاستنجى ، ثم صببت عليه كفاً فغسل به وجهه ، وكفاً غسل به ذراعه الأيمن ، وكفا غسل به ذراعه الأيسر ، ثم مسح بفضلة الندى رأسه ورجليه " ([5][139]) .

 وأعجب ما قيل في هذه الرواية هو جواز حملها على التقية ([6][140]) .

 فذلك الذى استعان بغيره في الوضوء بصب الماء خوفاً وتقية من جمهور المسلمين ، الذين يجيزون ذلك مع القول بالكراهة عند كثير منهم ، ولم يوجبه أحد على الإطلاق ، أفلا خافهم فغسل رجليه بدلا من مسحهما مخالفاً بذلك ما أجمعوا عليه ؟

 علماً بأن الشيعة يجيزون غسل الرجلين تقية .

 فلا دليل على التفرقة بين الاستعانة والتولية ، وجعل الصب على الأعضاء تولية تحرم اختياراً.

 

 ([1][135]) انظر : مفتاح الكرامة – كتاب الطهارة ص 276-277 .

 ([2][136]) انظر : حاشية ابن عابدين 1/131 ، وحاشية الدسوقى 1/104 ، وحاشية البجيرمى        1/89 والشرح الكبير /147-148 .

 ([3][137]) انظر الموضع السابق من الشرح الكبير ، وحاشية ابن عابدين ، وانظر نيل الأوطار 1/219-220 ، وصحيح مسلم : باب المسح على الخفين ،والنسائى : باب صفة الوضوء ، وابن ماجه : باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه .

 ([4][138]) انظر في ذلك : الانتصار ص 17 –18 ، والحقائق 1/184-185 .

 ([5][139]) الوسائل 1 / 273 .

 ([6][140]) انظر : الوسائل 2/77 .

  • الاربعاء AM 07:20
    2021-04-28
  • 877
Powered by: GateGold