المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415307
يتصفح الموقع حاليا : 216

البحث

البحث

عرض المادة

المسح على الخفين

المسح على الخفين

 منع الشيعة المسح على الخفين سفراً وحضراً ، وأجازه أصحاب المذاهب الأربعة، إلا في رواية عن مالك بالمنع في الحضر ([1][118]) .

 وحجة من أجازه ([2][119])  ما روى عن جرير " أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له : تفعل هكذا ؟ قال : نعم . رأيت رسول الله  r بال ثم توضأ ومسح على خفيه " .

 فكان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة . متفق عليه، ورواه أبو داود ، و زاد : فقال جرير لما سئل هل كان ذلك قبل المائدة أو بعدها : ما أسلمت إلا بعد المائدة ، وكذلك رواه الترمذى . ووردت روايات أخرى تؤيد هذا ، كرواية عبد الله بن عمر ، والمغيرة بن شعبة ، وغيرهم كثير.

 واستدل المانعون ، بأن آية المائدة ناسخة له . وبروايات في المنع . ويبطل دعوى النسخ رواية جرير ، فهي نص في الموضوع ([3][120]) ، ثم إنه لا تعارض بين الآية والمسح على الخفين ، فتخصيص العام ، أو تقييد المطلق ، أو تفسير المجمل لا يعد نسخاً .

 قال الإمام الشافعى بعد ذكر الآية : " فاحتمل أمر الله عز وجل بغسل القدمين أن يكون على كل متوضئ ، واحتمل أن يكون على بعض المتوضئين دون بعض ، فدل مسح رسول الله  r  على الخفين أنها على من لا خفين عليه إذا هو لبسهما على كمال الطهارة ، كما دل صلاة رسول الله r صلاتين بوضوء واحد، وصلوات بوضوء واحد ، على أن فرض الوضوء على من قام إلى الصلاة على بعض القائمين دون بعض ، لا أن المسح خلاف لكتاب الله عز وجل ، ولا الوضوء على القدمين " ([4][121]) .

وروايات المنع المذكورة عن طريق السنة رفضها المجيزون ، فما أخرجه ابن أبى شبيبة ، عن على رضي الله عنه أنه قال : " سبق الكتاب الخفين " منقطع وقد روى عنه مسلم والنسائى القول به بعد موت النبى r ، وأخرج أبو داود عنه " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله r يمسح على ظاهر خفيه " ، وهذا يذكرنا بما ذكره الشيعة عن أمير المؤمنين من قوله " لو كان الدين يؤخذ قياساً لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره ".

 وقلنا إنهم استدلوا به على بطلان القياس . ولكنهم يرفضون المسح على الخفين. ([5][122])

 وروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : سلوا هؤلاء الذين يروون المسح ، هل مسح رسول الله r بعد نزول المائدة ؟ والله ما مسح رسول الله r بعد نزول المائدة ، ولأن أمسح على ظهر عنز في الفلاة أحب إلى من أن أمسح على الخفين .

 وإنما قال جرير روايته المذكورة لما روى عن ابن عباس . وقد صح رجوعه عنه على ما قال عطاء بن أبى رباح رضي الله تعالى عنه : " لم يمت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما حتى اتبع أصحابه في المسح على الخفين " .

 وروى عن عائشة رضي الله تعالى عنها : " لأن تقطع قدمأي أحب إلى من أن أمسح على الخفين " ، وقد صح رجوعها عنه على ما روى شريح بن هانئ قال: سألت عائشة – رضي الله تعالى عنها – عن المسح على الخفين ، فقالت : لا أدرى ، سلوا علياً رضي الله تعالى عنه ، فإنه كان أكثر سفراً مع رسول الله r فسألنا علياً رضي الله تعالى عنه فقال : رأيت رسول الله r يمسح على الخفين . وفي رواية : سمعت رسول الله r يقول :

 يمسح المقيم يوماً وليلة ، والمسافر ثلاثة أيام ولياليها . فبلغ ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها ، فقالت : هو أعلم ([6][123]) .

 ونجد الشيعة يروون المنع عن على وعائشة رضي الله عنهما . ويروون رواية المغيرة ، ويقولون أنها منسوخة بآية الوضوء([7][124])  .

 وقد تقدم الكلام في ذلك .

 ونجد روايات أخرى تحتم علينا أن نعيد ما قلناه من وضع الأحاديث لنصرة المذهب ، وما ارتبط به من آراء فقهية ، وقد ضربنا أمثلة لذلك ، وفي رواية منها ذكر لعدم جواز المسح على الخفين ([8][125]) ، ونكتفي هنا بذكر هذه الرواية : " خطب أمير المؤمنين ـ u ـ فقال : " قد عملت الولاة قبلى أعمالا خالفوا فيها رسول الله r وآله متعمدين لخلافه ، ولوحملت الناس على تركها لتفرق عنى جندى ، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم فرددته إلى الموضع الذي كان فيه ( إلى أن قال ) : وحرمت المسح على الخفين ، وحددت على النبيذ ، وأمرت بإحلال المتعتين ، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، ( إلى أن قال ) : إذا لتفرقوا عنى " ([9][126]).

 ونحن نعلم جزاء من يخالف أمر الرسول r :

 قال عز وجل: ([10][127])

"" فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "". 

 والخلفاء الراشدون الثلاثة قد خالفوا الرسول متعمدين هذا الخلاف ، والخليفة الرابع لا يخشى الله فيقيم حدوده ، وإنما يخشى أن يتفرق عنه جنده لو أقام هذه الحدود !

 يدل الخبر على هذا المعنى الضال فكيف يقبله مسلم ؟! أو لم يدرك هذا من سولت له نفسه أن يضع مثل هذه الأخبار ؟ ومن تلقاها بالقبول ؟!

 

 ([1][118]) انظر المبسوط جـ 1 ص 97 ، والمدونة جـ 1 ص 41 ، والأم جـ 1 ص 27 ، والمغنى جـ 1 ص 293 .

 ([2][119]) انظر ما سبق ،مع متابعة الأدلة في بعض الصفحات ، وانظر كذلك : نيل الأوطار 1/221-226 ، وسبل السلام 1 / 56 ـ 60 .

 ([3][120]) قال الموسوى – أحد علماء الشيعة – تعقيبا على ذلك : " بل أسلم قبل نزول المائدة ، بدليل حضوره حجة الوداع مع رسول الله ، وقد أمره r يومئذ – كما في ترجمته من الإصابة نقلا عن الصحيحين – أن يستنصت الناس ، فإسلامه لابد أن يكون قبل تلك الحجة ، ونزول المائدة لم يكن قبلها يقينا " ( ص 144 المسح على الأرجل أو غسلها ) .                                

    ولو سلمنا بذلك في بعض آيات من سورة المائدة ، فلا نسلم بأن جميعها نزل بعد حجة الوداع أو إبانها ، فمن الثابت أن بعضها نزل قبل ذلك يقينا ، وجرير – وهو الثقة الذي روى عن الرسول الكريم – هو نفسه الذي قال بأن إسلامه لم يكن قبل آية الوضوء . ( انظر صحيح ابن خزيمة 1 / 92 جماع أبواب المسح على الخفين وفيه المسح بعد نزول سورة المائدة  ،       وراجع ما جاء في سورة المائدة في كتاب التفسير في صحيح البخاري ، والاختلاف في آخر ما نزل في البرهان للزركشى 1/209-210 ،وراجع كذلك تعليق الشيخ شاكر على هذا الحديث  في : سنن الترمذى جـ 1 : حاشية ص 155-156 ، وانظر صحيح البخاري – كتاب   الوضوء : باب المسح على الخفين ، وشرح أحاديث الباب في فتح الباري 1 / 305 : 309 ، وباب من ادخل رجليه وهما طاهرتان ، وصحيح مسلم : كتاب الطهارة : باب المسح على  الخفين ، وشرح النووي 1/556 ) .

 ([4][121]) الأم 1/27-28 .

 ([5][122]) انظر ما ذكر آنفا في نوع طهارة الرجلين .

 ([6][123]) وروى عنها أنها قالت : لأن تقطعا أحب إلى من أن أمسح على القدمين بغير خفين ( انظر: الكشاف للزمخشرى ) فإن صحت هذه الرواية فهي تؤيد غسل الرجلين ، والمسح على الخفين .

 ([7][124]) انظر الوسائل جـ 1 : باب عدم جواز المسح على الخفين إلا لضرورة شديدة أو تقية عظيمة ص 55 وما بعدها .

 ([8][125]) راجع ما جاء من قبل في نوع طهارة الرجلين .

 ([9][126]) الوسائل 2 / 56 .

 ([10][127]) سورة النور : الآية ( 63 ) .

  • الاربعاء AM 07:18
    2021-04-28
  • 1231
Powered by: GateGold