المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415295
يتصفح الموقع حاليا : 212

البحث

البحث

عرض المادة

اعتبار المذى والودى من موجبات الوضوء

 اعتبار المذى والودى من موجبات الوضوء

   أجمعت المذاهب الأربعةعلى اعتبار المذى والودى من موجبات   الوضوء ([1][52]) ، وخالفهم في ذلك الإمامية الرافضة .

 استدل الإمامية بروايات عن أئمتهم تفيد ما ذهبوا إليه . وبحديث عن النبى   -r-  ، وهو أن علياً كان رجلاً مذاء ، فاستحيا أن يسأل رسول الله-r -لمكـأن

 فاطمة ، فأمر المقداد أن يسأله وهو جالس ، فسأله ، فقال له النبى r : ليس بشيء([2][53]) .

 وورد عن طريقهم أيضاً ما يعارض رأيهم فحملوه على التقية أو الاستحباب أو غير ذلك .

 من هذا ما رووه عن أحد أئمتهم أنه سئل عن المذى أينقض الوضوء ؟ قال : إن كان من شهوة نقض([3][54]).

 فحمله شيخ الطائفة الطوسى على الاستحباب ، ولكن نلاحظ أن كلمة " نقض " تنفي هذا الاحتمال ، لأن النقض يوجب التطهر .

ورووا عن أبى عبد الله أنه قال : ثلاث يخرجن من الإحليل ، وهن المنى وفيه الغسل والودى فمنه الوضوء لأنه يخرج من دريرة البول . قال : والمذى ليس فيه وضوء ، إنما هو بمنزلة ما يخرج من الأنف. ([4][55])

 وأعجب تخريج لهذه الرواية هو حملها على التقية ، فذلك الذي خاف على نفسه فقال تقية : إن الودى ينقض الوضوء ، كيف ذهب عنه الروع وهو يخالف جمهور المسلمين بقوله : والمذى ليس فيه وضوء . إنما هو بمنزلة ما يخرج من الأنف .

وحديث المقداد ـ الذي سبق ـ ورد عن طريقهم برواية خرى ـ هي " عن على u قال : كنت رجلاً مذاء ، فاستحييت أن أسأل رسول الله r لمكان فاطمة عليها السلام بنته ، لأنها عندى ، فقلت للمقداد يمضى ويسأله ، فسأل رسول الله r وآله وسلم عن الرجل الذي ينزل المذي من النساء ، فقال : يغسل طرف ذكره وأنثييه ، وليتوضأ وضوءه للصلاة " ([5][56]).

وهذه الرواية توافق الرواية التي احتج بها أهل السنة ، فقد روى عن " المقداد ابن الأسود أن على بن أبى طالب أمره أن يسأل له رسول الله r عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذى ، ماذا عليه ؟ قال على : فإن عندى ابنة رسول الله r وأنا استحى أن اسأله .

قال المقداد : فسألت رسول الله r عن ذلك فقال : إذا وجد ذلك أحدكم فلينضح فرجه ، وليتوضأ وضوءه للصلاة " ([6][57]).

ويؤيده من طريق أهل السنة ما روى عن سهل بن حنيف قال : كنت ألقى من المذى شدة وعناء .وكنت أكثر من الاغتسال ، فذكرت ذلك لرسول الله r  فقال : " إنما يجزيك من ذلك الوضوء " رواه أبو داود وابن ماجه والترمذى وقال : حديث حسن صحيح ([7][58]).

 وعن عبد الله بن سعد قال : سألت رسول الله r عن الماء يكون بعد الماء؟ فقال : " ذلك المذى ، وكل فحل يمذى ، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك ، وتوضأ وضوءك للصلاة " رواه أبو داود والترمذى وحسنه ([8][59]).

 وحديث الوضوء من المذى متفق عليه  ([9][60]).

 ويؤيد ذلك أيضاً من طريق الإمامية ، ماروى عن على قال : سمعت رسول الله r بعد أن أمرت المقداد يسأله وهو يقول :

 ثلاثة أشياء : منى ووذى ، وودى ، فأما المذى فالرجل يلاعب امرأته فيمذى ففيه الوضوء .

 وأما الودى : فهو الذي يتبع البول يشبه المنى ، ففيه الوضوء أيضاً.

 وأما المنى : فهو الماء الدافق الذي يكون منه الشهوة ، ففيه الغسل ([10][61]) .

 وهذه الروايات لا يمكن حملها إلا على وجوب الوضوء ، وقد صحت من الطريقين . أما ما روى من أن الرسول r أجاب المقداد بقوله : " ليس بشيء " فهذا لم يثبت من طريق أهل السنة ، ولو صح لأمكن الجمع بينه وبين هذه الأخبار بأن نقول : إن قوله " ليس بشيء " متعلق بالغسل لا بالوضوء ، أي أنه لا يوجب   الغسل ، ففي رواية سهل بن حنيف السابقة " كنت أكثر منه الاغتسال فذكرت ذلك لرسول الله " ، ووقع عند أبى داود والنسائى وابن خزيمة عن على بلفظ " كنت رجلاً مذاء فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشقق ظهرى " ([11][62]).   وبهذا يكون الرسول r قد بين أن المذى لا يوجب الغسل ، وهذا لا يتعارض مع وجوب الوضوء . ويؤيد ما ذهبت إليه ما رواه الشيعة عن على قال :  

  " إنى لمذاء ، وما أزيد على الوضوء " ([12][63]).

 فأما ما رواه الشيعة عن أئمتهم من أن المذى لا يوجب الوضوء ، فيمكن حمله على ما ذهب إليه الإمام مالك حيث قال : " إذا كان ذلك منه من سلس من برد أو ما أشبه ذلك قد استنكحه ودام به فلا أرى عليه الوضوء . وإن كان ذلك من طول عزبة إذا تذكر فخرج منه ، أو كان إنما يخرج المرة بعد المرة ، فأرى أن ينصرف فيغسل ما به ويعيد الوضوء " ([13][64]) .

 ويؤيد هذا من طريق الشيعة ما روى عن محمد بن إسماعيل ، عن أبى الحسن الرضا قال : سألته عن المذى فأمرنى بالوضوء منه ، ثم أعدت عليه سنة أخرى ، فأمرنى بالوضوء منه ، وقال : إن علياً u أمر المقداد أن يسأل رسول الله r واستحيا أن يسأله ، فقال : فيه الوضوء . قلت : وإن لم أتوضأ ، قال لا بأس " ([14][65]).

  فكيف يخالف أمر رسول الله إذن ويبيح للسائل عدم الوضوء . مع أن الرسول قال : فيه الوضوء ؟ فلعله ارتأي ما يراه الإمام مالك ، ولا شك أن السائل لقى مشقة كبيرة ، حيث سأل ، ثم جاء بعد عام ليسأل مرة أخرى ، وحيث قال : وإن لم أتوضأ بعد أن سمع حكم الرسولr  ، فيلحق بأصحاب الأعذار الذين لا يوجب عليهم الوضوء في رأي الإمام مالك .

 بهذا يمكن الجمع بين أحاديث أهل السنة وأحاديث الشيعة ورواياتهم عن الأئمة ، وإذا لم يمكن الجمع ، فإنا بلا ريب نسقط روايات الأئمة ، وتبقى أحاديث الرسولr  وهي صريحة نصاً في إيجاب الوضوء .

 

 ([1][52]) انظر : المبسوط 1/67 ، المدونة 1/10 ، الأم 1/33 المغنى 1/165 .

 ([2][53]) انظر : وسائل الشيعة 1/261-262 والاستبصار ص 91 جـ 1 وانظر كتاب الخلاف للطوسى 1 / 24 . 

 ([3][54]) انظر المرجعين السابقين : الأول ص 263 ، والثانى ص 93 .

 ([4][55]) انظر الوسائل 1/263-264 .

 ([5][56]) انظر وسائل الشيعة جـ 1 : المستدرك ص 265 .

 ([6][57]) أخرجه مالك في الموطأ : كتاب الطهارة : باب الوضوء من المذى . وانظر صحيح ابن خزيمة 1/ 14 : 16 . ورواه غيرهما : انظر سبل السلام 1 / 64 ، ونيل الأوطار 1 / 63 . 

 ([7][58]) نيل الأوطار ص 62 .  

 ([8][59]) نفس المرجع 63 .

 ([9][60]) انظر صحيح البخارى : كتاب الوضوء – باب من لم ير الوضوء الا من المخرجين من القبل والدبر ، وكتاب الغسل – باب غسل المذى والوضوء منه ، واقرأ شرح الحديث في فتح البارى .

     وصحيح مسلم : كتاب الحيض – باب المذى .

 ([10][61]) وسائل الشيعة ج 1 : المستدرك ص 265 .

 ([11][62]) انظر : سبل السلام 1/64 .

 ([12][63]) وسائل الشيعة جـ 1 المستدرك ص 265 .

 ([13][64]) المدونة 1/10 ، وقد ذهب الإمام إلى ذلك لأنه لا يوجب الوضوء على أصحاب الأعذار ، كالمستحاضة ، والسلس البول .

 ([14][65]) الوسائل 1/263 ، وانظر الاستبصار ص 92 جـ 1.*

*وبهذه الرواية أيد السيد محسن الحكيم ـ مرجع الشيعة السابق بالعراق ـ ما ذهب إليه من حمل الروايات التى تذكر أن من المذى الوضوء على الاستحباب ( انظر كتابه : مستمسك العروة الوثقى 2/217-218 ) ولكنا وجدنا فيما سبق عدم جواز هذا الحمل ، ثم إن هذه الرواية يمكن تخريجها كما نرى في التعقيب عليها .

 

  • الثلاثاء PM 08:40
    2021-04-27
  • 927
Powered by: GateGold