المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414797
يتصفح الموقع حاليا : 240

البحث

البحث

عرض المادة

الغديــــر

الغديـــــر

      ذكرت من قبل ما قاله الجعفرية من أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن ينص على على وينصبه علماً للناس ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم امتثل للأمر - بعد تردد! وبلغ المسلمين عند غدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع . وبحث ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في الغدير يتعلق بالسنة ، ولكنهم ذكروا أن ثلاث آيات تتصل بهذه الحادثة ، آيتان من سورة المائدة ، وأول سورة المعارج  كما بينت عند ذكر أدلتهم من القرآن الكريم . وآية التبليغ هي قوله تعالى :

" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" ([1][121])

      ولم يكتف بعضهم بذكر أنها نزلت في على ، ولكن ذكر الأقوال المختلفة في أسباب النزول ، قال الطوسي ([2][122]) :

   قيل في سبب نزول هذه الآية أربعة أقوال :

أحدها : قال محمد بن كعب القرظى وغيره : إن أعرابياً هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم فسقط السيف من يده وجعل يضرب برأسه شجرة حتى انتثر دماغه .

الثانى : أن النبي صلى الله عليه وسلم كلن يهاب قريشاً ، فأزال الله عز وجل بالآية تلك الهيبة .  وقيل : كان للنبي صلى الله عليه وسلم  حراس بين أصحابه ، فلما نزلت الآية قال : ألحقوا بملاحقكم ، فإن الله تعالى عصمنى من الناس .

الثالث : قالت عائشة : إن المراد بذلك إزالة التوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي للتقية .

الرابع : قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام : إن الله تعالى لما أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستخلف علياً كان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره بأدائه .

       ولم يناقش الطوسي ما قيل ، ولم يذكر ما يرجح أحد هذه الأقوال ، ولكن كثيراً من طائفته استدلوا بروايات على أنها استخلاف على([3][123]) ، وظاهر النص لا يدل على هذا ، والروايات كلها أقصى ما تبلغه لا تصل إلى مرتبة السنة ، فليس فيها ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، على أنا لم  نجد رواية واحدة صحيحة عن طريق الجمهور تؤيد ما ذهب إليه الجعفرية ، ولننظر إلى ما ذهب إليه المفسرون .

قال الطبري في تفسير الآية الكريمة :-

      " هذا أمر من الله تعالى ذكره نبيه محمداً بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى من أهل الكتابين الذين قص تعالى ذكره قصصهم في هذه السورة ، وذكر فيها معايبهم وخبث أديانهم واجتراءهم على ربهم وتوثبهم على أنبيائهم ، وتبديلهم كتابه ، وتحريفهم إياه ، ورداءة مطاعمهم ومآكلهم ، وسائر المشركين وغيرهم ، ما أنزل عليه فيهم من معايبهم ، والإزراء عليهم ، والتقصير بهم والتهجين لهم ، وما أمرهم به وما نهاهم عنه ، وأن لا يشعر نفسه حذراً منهم أن يصيبوه في نفسه بمكروه ما قام فيهم بأمر الله ، و لاجزعاً من كثرة عددهم وقلة عدد من معه ، وأن  لايتقى أحداً في ذات الله ، فإن الله تعالى ذكره كافيه كل أحد من خلقه ، ودافع عنه مكروه كل من يبغى مكروهه ، وأعلمه تعالى ذكره أنه إن قصر عن إبلاغ شئ مما يبلغ إليه إليهم ، فهو في تركة تبليغ ذلك وإن قل ما لم يبلغ منه فهو في عظيم ما ركب بذلك من الذنب بمنزلته لو لم يبلغ من تنزيله شيئاً . وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل " ([4][124]) .

         والذى ذهب إليه أهل التأويل هو الذي يتفق مع سياق الآيات الكريمة ، ومع تكملة الآية ذاتها . والخروج على السياق وفصل صدر الآية عن عجزها لا يجوز بغير أدلة صحيحة .

      والطبرى بعد أن ذكر اتفاق أهل التأويل في المراد من الآية الكريمة ، ذكر أنهم اختلفوا في السبب الذي من أجله نزلت ، فقال بعضهم نزلت بسبب أعرابى كان هُّم بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكفاه الله إياه ، وقال آخرون : بل نزلت لأنه كان يخاف قريشـاً ، فأومن من ذلك ، وذكر روايـات القائلين بهذين القولين ([5][125]).

       أما الحافظ ابن كثير فقد توسع في الحديث عن هذه الآية الكريمة ، حيث  قال :

       " يقول تعالى مخاطباً عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم باسم الرسالة ، وآمراً له بإبلاغ جميع ما أرسله الله بذلك به وقد امتثل عليه أفضل الصلاة والسلام ذلك ، وقام به أتم القيام ، قال البخاري عند تفسير هذه الآية : حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : من حدثك أن محمداً كتم شيئاً مما أنزل الله عليه فقد كذب ، وهو يقول :

" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ " الآية هكذا رواه ههنا مختصراً ، وقد أخرجه في مواضع من صحيحه مطولاً ، وكذا رواه مسلم في كتاب الإيمان ، والتزمذى والنسائى في كتاب التفسير من سننهما ، من طرق عن عامر الشعبي ، عن مسروق بن الأجدع ، عنها رضي الله تعالى عنها . وفى الصحيحين عنها أيضاً أنها قالت : لو كان محمد صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من القرآن لكتم هذه الآية :-

" وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ " ([6][126])

      وقال ابن أبى حاتم :

           حدثنا أحمد بن منصور الرمادى ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه قال : كنت عند ابن عباس فجاء رجل فقال له : إن ناساً يأتونا يخبرونا أن عندكم شيئاً لم يبده رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس ، فقال ابن عباس : ألم تعلم أن الله تعالى قال :-

" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ " والله ما ورثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء في بيضاء وهذا إسناد جيد . وهكذا في صحيح البخاري من رواية أبى جحيفة وهب بن عبد الله السوائى قال : قلت لعلى بن أبى طالب رضي الله عنه : هل عندكم شئ من الوحي مما ليس في القرآن ؟ فقال : لا والذى فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت : وما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل ([7][127]) ، وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر .

        وقال البخاري :

   قال الزهرى : من الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم . وقد شهدت له أمته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع ، وقد كان هناك من أصحابه نحو أربعين ألفاً ، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يومئذ :  " أيها الناس إنكم مسئولون عنى فما أنتم قائلون ؟ " قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها إليهم ويقول :   " اللهم هل بلغت " . قال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير حدثنا فضيل يعنى ابن غزوان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع " يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ " قالوا : يوم حرام ، قال : " أي بلد هذا ؟ " قالوا : بلد حرام ، قال : " فأي شهر هذا " قالوا : شهر حرام ، قال : " فإن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا من شهركم هذا " مراراً قال : يقول ابن عباس : والله لوصية إلى ربه عز وجل  ، ثم قال : ألا فليبلغ الشاهد الغائب ، ولا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " . وقد روى البخاري عن على بن المديني ، عن يحيى بن سعيد ، عن فضيل بن غزوان به نحوه ، وقوله تعالى :

" وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ " يعنى وإن لم تؤد إلى الناس ما أرسلتك به فما بلغت رسالته ، أي وقد علم ما يترتب على ذلك لو وقع ، " وقال على بن أبى طلحة عن ابن عباس" وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ" يعنى إن كتمت آية مما أنزل إليك من ربك لم تبلغ رسالته([8][128]) . ا . هـ .

      ثم استمر ابن كثير في تفسيره ليبين ما يتعلق بتتمة الآية الكريمة . وأشار إلى كيد المشركين وأهل الكتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عصمه الله تعالى منهم ، وقال بعد أن ذكر شيئاً من كيدهم : " ولهذا أشباه كثيرة جدا  يطول ذكرها . فمن ذلك  ما ذكره المفسرون عن هذه الآية الكريمة " ([9][129]) ، وذكر بعض روايات الطبري     وغيره .

       وهكذا نجد أن تفسير الآية الكريمة لا يتفق مع ما ذهب إليه الجعفرية .                

      وبالإضافة إلى ما ذكره المفسرون روى الإمام أحمد ، وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبداً مأموراً بلغ والله ما أرسل به ، وما اختصنا دون الناس بشئ ليس ثلاثا ، أمرنا أن نسبغ الوضوء ، وأن لا نأكل الصدقة ، ولا ننزى حماراً على فرس "  ([10][130]).  

       وهذه رواية صحيحة السند ، ونصها يتعارض مع تأويل الجعفرية .

      على أن بعض المفسرين ناقش الشيعة فيما ذهبوا إليه ، وبين أنه قول لا يستقيم . قال الآلوسى عند تفسيره للآية الكريمة : ( أخبار الغدير التي فيها الأمر بالاستخلاف غير صحيحة عند أهل السنة ، ولا مسلمة لديهم أصلاً ) ([11][131]) وأيد هذا القول : ثم قال : ومما يبعد دعوى الشيعة من أن الآية نزلت في خصوص خلافة على كرم الله وجهه ، وأن الموصول فيها خاص كقوله تعالى : " وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ"  فإن الناس فيه وإن كان عاماً إلا أن المراد بهم الكفار ، ويهديك إليه     " إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " فإنه في موضع التعليل بعصمته عليه الصلاة والسلام ([12][132]): وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر ، أي لأن الله تعالى لا يهديهم إلى أمنيتهم فيك . ومتى كان المراد بهم الكفار بعد إرادة الخلافة : بل لو قيل لم تصح ، لم يبعد ، لأن التخوف الذي تزعمه الشيعة منه صلى الله عليه وسلم - وحاشاه - في تبليغ أمر الخلافة إنما هو من الصحابة. رضي الله تعالى عنهم - حيث إن فيهم - معاذ الله تعالى - من يطمع فيها لنفسه ، ومتى رأي حرمانه منها لم يبعد قصد الإضرار برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتزام القول - والعياذ بالله عز وجل - بكفر من عرضوا بنسبة الطمع في الخلافة إليه ، مما يلزمه محاذير كلية أهونها تفسيق الأمير كرم الله وجهه وهو هو ، أو نسبة الجبن إليه وهو أسد الله تعالى الغالب ، أو الحكم عليه بالتقية وهو الذي لا يأخذه في الله تعالى لومة لائم ، ولا يخشى إلا الله سبحانه ([13][133]).

        ولقد وفق الآلوسى في الاستدلال عن طريق ربط الآية بعضها ببعض وتأويله الآية كما ذهب إليه جمهور المفسرين لا يحتاج إلى دليل ، لأنه أخذ بظاهر النص وعمومه ، وبدلالة السياق ، ولكن تخصيصها باستخلاف على هو الذي يحتاج إلى أدلة أصح وأكثر قبولاً من أدلة الجمهور المذكورة ، وهذا ما لم نجده . وروايات الغدير تناقش تفصيلاً في بحث متصل بالسنة النبوية الشريفة .

       والآية الكريمة الأخرى من سورة المائدة هي " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي "   ([14][134]) وإختلف أهل التأويل في المراد بإكمال الدين ، فقال بعضهم : يعنى جل ثناؤه بقوله : " الْيَوْمَ أَكمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ "  اليوم أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضى عليكم ، وحدودى وأمرى إياكم ونهى وحلالى وحرامى ، وتنزيلى من ذلك ما أنزلت منه في كتاب ، وتبيانى ما بينت لكم منه بوحيى على لسان رسولى ، والأدلة نصبتها لكم على جميع ما بكم الحاجة إليه من أمر دينكم ، فأتممت لكم جميع ذلك ، فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم.

      وقال آخرون : إن الله عز وجل أخبر نبيه -صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، أنه أكمل   لهم - يوم أنزل هذه الآية على نبيه - دينهم ، بإفرادهم البلد الحرام ، وإجلائه عنه المشركين ، حتى حجه المسلمون دونهم لا يخالطهم المشركون ، وهذا هو الذي اختاره الطبري وأيده ([15][135])

     والجعفرية لا يخرجون في تأويلهم عن القولين ، ولكنهم يزيدون أن الآية الكريمة نزلت بعد أن نصب النبي صلى الله عليه وسلم علياً علماً للأنام يوم غدير خم عند منصرفه من حجة الوداع ، ويروون هذا عن الإمامين الباقر والصادق ، ويرون أن الولاية آخر فريضة أنزلها الله تعالى ، ثم لم ينزل بعدها فريضة ([16][136]).

      وفسر الطبرسي " وأتممت عليكم نعمتي " بولاية على بن أبى طالب ، وذكروا رواية عن أبى سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد نزوله الآية الكريمة:الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ، ورضا الرب برسالتي ، وولاية على بن أبى طالب من بعدى .

     ولكن الطوسي لا يذكر مثل هذه الرواية ، ويفسر " وأتممت عليكم نعمتي "  بقوله : " خاطب الله تعالى جميع المؤمنين بأنه أتم نعمته عليهم ، بإظهارهم على عدوهم المشركين ونفيهم إياهم عن بلادهم ، وقطعه طمعهم من رجوع المؤمنين وعودهم إلى ملة الكفر ، وانفراد المؤمنين بالحج والبلد الحرام ، وبه قال ابن عباس وقتادة والشعبي" .

        ولم يشر الطوسي إلى الولاية ، وما ذكره كأنما نقل عن شيخ المفسرين ، فقد قال الطبري في تفسيره : " يعنى جل ثناؤه بذلك : وأتممت نعمتي ، أيها المؤمنون بإظهاركم على عدوى وعدوكم من المشركين ، ونفيي إياهم عن بلادكم ، وقطعي طمعهم من رجوعكم وعودكم إلى ماكنتم عليه من الشرك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. وروى عن ابن عباس أنه قال : كان المسلمون والمشركون يحجون جميعاً ، فلما نزلت براءة : فنفُى المشركون عن البيت ، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين ، فكان ذلك في تمام النعمة : " وأتممت عليكم نعمتي ".

        وعن قتادة : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة يوم جمعة حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام ، وأخلص للمسلمين حجهم .

       وعن الشعبي قال : نزلت هذه الآية بعرفات ، حيث هدم منار الجاهلية ، واضمحل الشرك ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك .

      وعن عامر قال : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات ، وقد أطاف به الناس ، وتهدمت منار الجاهلية ومناسكهم واضمحل الشرك ، ولم يطف حول البيت عريان فأنزل الله :" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " . وعن الشعبي بنحوه .

      إن روايات قتادة والشعبى التي ذكرها الطبري تعارض ما قيل من أن الآية الكريمة نزلت يوم الغدير . وهناك روايات أخرى صحيحة السند تثبت نزولها يوم عرفة يوم جمعة لا يوم الغدير . وذكر الطبري بعض هذه الروايات ، وروايات أخرى معارضة ، ثم قال : وأولى الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روى عن عمر بن الخطاب : أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة ، لصحة سنده ، ووهى أسانيد غيره .

      وقال الحافظ ابن كثير : " قال الإمام أحمد : حدثنا أبى جعفر بن عون ، حدثنا أبو العميس ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين ، إنكم تقرءون آية  في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً . قال : وأي آية ؟

قال : قوله  " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي " فقال عمر : والله إنى لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم جمعة ([17][137]) ورواه البخاري عن الحسن بن الصباح عن جعفر بن عون به ، ورواه أيضاً مسلم والترمذى والنسائى أيضاً من طرق عن قيس بن مسلم به . ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية عن طريق سفيان الثوري عن قيس عن طارق قال : قالت اليهود لعمر : إنكم تقرءون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً . فقال عمر : إنى لأعلم حين أنزلت ، وأين أنزلت ، وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت : يوم عرفة وأنا والله بعرفة . قال سفيان : وأشك كان يوم الجمعة أم لا : " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " الآية وشك سفيان رحمه الله إن كان في الرواية فهو تورع حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا ، وإن كان شكاً في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة فهذا ما إخاله يصدر عن الثوري رحمه الله ، فإن هذا أمر مقطوع به لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي  والسير ، ولا من الفقهاء ، وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة لا يشك في صحتها، والله أعلم . وقد روى هذا عن غير وجه من عمر " .

      وبعد هذه الروايات ذكر ابن كثير روايات الطبري التي صح سندها ، وهى تبين - كما سبق - أن الآية نزلت يوم الجمعة . ثم ذكر الروايات المعارضة ، وهى التي استوهاها الطبري ، وبين ضعفها ، ومنها ما روى عن الربيع بن أنس أنها نزلت في المسير في حجة الوداع ، وقال : وقد روى ابن مردويه عن طريق أبى هارون العبدى ، عن أبى سعيد الخدري ، أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم حين قال لعلى : " من كنت مولاه فعلى مولاه " . ثم رواه عن أبى هريرة وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذى الحجة ، يعنى مرجعه عليه السلام من حجة الوداع ، ولايصح هذا ولا هذا ، بل الصواب الذي لا شك فيه و لامرية أنها أنزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة ، كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وعلى بن أبى طالب ، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبى سفيان ، ([18][138]) وترجمان القرآن عبد الله بن عباس ، وسمرة بن جندب رضي الله عنهم ، وأرسله الشعبي وقتادة بن دعامة وشهر بن حوشب ، وغير واحد من الأئمة والعلماء ، واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله .

 

     ومن هنا يظهر أن الروايات الصحيحة تعارض ما ذهب إليه الجعفرية من نزول الآية الكريمة يوم الغدير ، ولكن أحد كتابهم أيد ما ذهبوا إليه بقوله بأنه " يؤكده النقل الثابت في تفسير الرازى ( 3 ص 529 ) عن أصحاب الآثار أنه لما  نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم لم يعمر بعد نزولها إلا أحداً وثمانين يوماً ، أو اثنين وثمانين ، وعينه أبو السعود في تفسيره بهامش تفسير الرازى (3 ص 523 ) وذكره المؤرخون منهم : إن وفاته صلى الله عليه وسلم في الثانى عشر من ربيع الأول ، وكأن فيه تسامحاً بزيادة يوم واحد على الاثنين والثمانين يوماً بعد إخراج يومى الغدير  والوفاة ، وعلى أي فهو أقرب إلى الحقيقة من كون نزولها يوم عرفة كما جاء في صحيحى البخاري ومسلم وغيرهما ([19][139]) . لزيادة الأيام حينئذ ، على أن ذلك معتضد بنصوص كثيرة لا محيص عن الخضوع لمفادها " ([20][140]) .

        أما النصوص الكثيرة التي يرى ألا محيص عن الخضوع لمفادها فقد سبق ذكر بعضها وبيان عدم الأخذ بها ، فهى روايات ضعيفة السند متعارضة مع روايات صحيحة بل متواترة كما ذكر الحافظ ابن كثير .

       ومن الواضح البين أن رواية الرازى للأيام إذا تعارضت مع هذ الروايات وجب طرح رواية الرازى . وليس من البحث العلمي الصحيح أن رواية تأتى في أحد كتب التفاسير تسقط بها روايات متعددة كثيرة السند ، جاءت عن طريق الأئمة أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم .

       وأول النصوص الكثيرة التي  يرى مؤلف الغدير ألا محيص عن الخضوع لمفادها نص ذكر أن الطبري رواه بإسناده عن زيد بن أرقم في كتاب الولاية ، وأشار إليه هنا حيث أثبته بالكامل عند استدلاله على آية التبليغ السابقة في     غديره ([21][141]) ، وبالرجوع إلى النص نجد أمراً عجيباً ! فهو يكاد يجمع ما يتصل بعقيدة الإمامية وغلاتهم في الإمامة ، فهى لعلى بالنص ، ثم في أولاده إلى يوم القيامة إلى القائم المهدى ، وغيرهم أئمة يدعون إلى النار ، وهم وأتباعهم في الدرك الأسفل منها ، والله تعالى ورسوله بريئان منهم .... إلخ .

       والمعروف أن شيخ المفسرين الطبري ليس شيعياً فضلاً عن غلاتهم ، ولكن صاحب الغدير بعد ذكر الرواية وروايات أخرى قال ([22][142]) بأن الطبري أول من عرفناه ممن ذكر أن آية التبليغ حول قصة الغدير  .

      وأخذ يناقش الروايات التي جاءت في تفسير الطبري ليبين أنها  لا تتعارض مع الرواية المذكورة في كتابه عن الولاية ، مع أن الطبري متفق مع أهل التأويل كما ذكرنا من قبل عند مناقشة الآية الكريمة ، أفكل أهل التأويل جعفريون ؟!

      وعند الحديث عن آية الإكمال هذه ذكر رواية الطبري وأشار إلى كتابه في الولاية ، ولم يشر إلى تفسيره ، ويتضح سر هذا وقد عرفنا الرأي الذي اختاره الطبري حيث استوهى الروايات المخالفة لرواية عمر بن الخطاب . إذن لسنا في حاجة إلى بيان ضلال الباحث عندما يسيره هواه ، ولكن أحب أن أقول هنا بأن كتاب الولاية في ضوء ما سبق إما أنه ألف ونسب إلى الطبري زورا وانتصارا لمذهب ، وإما أن الطبري  جمع ما وجده من الولاية بغير نظر إلى مصادر الروايات : وفى كلتا الحالتين الكتاب  لا وزن له ، ولا يبين رأي الطبري ([23][143]) .

      وإذا كانت آية التبليغ السابقة نزلت قبل آية الإكمال هذه - كما قال الجعفرية أنفسهم - فإن الروايات السابقة تدل على أن آية التبليغ نزلت قبل الغدير ، مما يؤيد ما ذهب إليه جمهور المفسرين في تأويلها ، ويعارض ما قاله الجعفرية من أنها خاصة بالاستخلاف يوم الغدير ، وهذا دليل آخر يضاف إلى أدلة الجمهور .

       ومما سبق رأينا أن آية الإكمال نزلت يوم عرفة ، ولكن لو فرضنا أنها نزلت يوم الثامن عشر من ذى الحجة يوم الغدير فإنها لا تعتبر دليلاً على استخلاف على ، لأن هذا مبنى على أساس أن آية التبليغ خاصة بالاستخلاف وهذا غير ثابت كما بينت من قبل .

     ويبقى بعد هذا ما يتعلق بأول سورة المعارج " سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ " .

والسورة الكريمة " مكية " بالاتفاق ، وما ذكره بعضهم ([24][144]) يستلزم أن تكون مدنية بل من أواخر ما نزل بالمدينة بعد حجة الوداع قبيل الوفاة : وشيخ طائفتهم الطوسي لم يقع في هذا الخطأ ، ولذا قال : سورة المعارج مكية في قول ابن عباس والضحاك وغيرهما . وفسرها بما يتفق مع جمهور المفسرين ، ولم يشر إلى أن التكذيب كان بالولاية ، ولا أن جزءاً من هذه السورة نزل بالمدينة فضلاً عن كونه بعد حجة الوداع ([25][145]).

      وفى مجمع البيان ذكر الطبرسي مثل هذا التفسير، ثم زاد رواية عن جعفر ابن محمد عن آبائه ، قال : لما نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً عليه السلام يوم غدير خم ، وقال : من كنت مولاه فعلى مولاه ، طار ذلك في البلاد ، فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم النعمان بن الحرث الفهرى فقال : أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة ففعلناها ، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت : من كنت مولاه فعلى مولاه : فهذا شىء منك أو أمر من عند الله ؟ فقال : والله الذي لا إله إلا هو إن هذا من الله ، فولى النعمان ابن الحرث وهو يقول : " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " ، فرماه الله بحجر على رأسه فقتله ، وأنزل الله تعالى: " سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ" .

      ولكن هذه الرواية تتعارض مع ما ذكره الطبرسي نفسه حيث قال:  "سورة المعارج مكية ، وقال الحسن : إلا قوله " وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ"([26][146]) .

       وفى موضع آخر ذكر روايات تبين ترتيب نزول سور القرآن الكريم ، وبحسب هذا الترتيب نجد سورة المعارج مكية ، وبعدها سبع سور مكية أخرى ، ثم ذكر السور المدنية . وفى إحدى هذه الروايات : " وكانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ، ثم يزيد الله فيها ما يشاء بالمدينة " .

 

     ومعنى هذا أن سورة المعارج مكية وبالأخص فاتحتها ، والطبرسي في تفسيره الآخر " جوامع الجامع " الذي كتبه بعد أن اطلع على تفسير الكشاف للزمخشرى وأعجب به ([27][147]) ، ذكر أن سورة المعارج مكية ، وفسرها بما يتفق مع مكيتها ، ولم يشر للرواية المنسوبة للإمام الصادق . وفى تفسير الآية الخامسة وهى" فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا " قال : فاصبر يتعلق بسأل سائل لأنهم استعجلوا العذاب استهزاء وتكذيباً بالوحي([28][148]) .

       فالطبرسي هنا لم يأخذ بالرواية المنسوبة للإمام الصادق ، وما ذكره الطوسي موافقاً به جمهور المفسرين فيه ما يكفى لرد ما ذهب إليه بعض الجعفرية.

 

*****

 

تعقيب

 

بعد المناقشة السابقة نقول :-

    ظهر أن عقيدة الإمامة عند المذهب الجعفرى لا تستند إلى شىء من القرآن الكريم ، واستدلالاتهم تنبنى على روايات متصلة بأسباب النزول ، وتأويلات انفردوا بها ، ولم يصح شئ من هذا ولا ذاك بما يمكن أن يكون دليلاً يؤيد مذهبهم .

قال أحد مفسرى الجعفرية عن أسباب النزول :

    " ما ذكروه من أسباب النزول كلها أو جلها نظرية ، بمعنى أنهم يردون غالباً الحوادث التاريخية ، ثم يشفعونها بما يقبل الانطباق عليها من الآيات الكريمة فيعدونها أسباب النزول ، وربما أدى ذلك إلى تجزئة آية واحدة ،أو آيات ذات سياق واحد ، ثم نسبة كل جزء إلى تنزيل واحد مستقر وإن أوجب ذلك اختلال نظم الآيات وبطلان سياقها . وهذا أحد أسباب الوهن في نوع الروايات الواردة في أسباب النزول ([29][149]).

       وما ذكره هذا المفسر الجعفرى يكاد ينطبق على جميع الآيات الكريمة التي استدلوا بها .

       ومن قبل  قال الإمام أحمد بن حنبل :

     ثلاثة أمور ليس لها إسناد : التفسير والملاحم والمغازى ([30][150]).

     ويروى " ليس لها أصل " أي إسناد ، لأن الغالب عليه المراسيل .

يرى الجعفرية أن الاعتقاد بإمامة الأئمة الاثنى عشر ركن من أركان الإيمان، والقرآن الكريم – تبيان كل شيء – كيف لا يبين هذا الركن بنصوص ظاهرة من آياته البينات .

غلاة الجعفرية لم يكتفوا بالتأويلات الفاسدة ، ووضع الروايات كأسباب للنزول ، وإنما أقدموا على ما هو أشنع من هذا وأشد جرماً ، ذلك أنهم قالوا بتحريف القرآن الكريم ، وحذف اسم على منه في أكثر من موضع ، وسيأتي لهذا مزيد بيان في بحث التفسير عندهم في الجزء الثانى من هذه الموسوعة ، والذي جرفهم إلى هذه عقيدتهم في الإمامة ، وجعلهم إياها ركناً من أركان الإيمان .

 

  (124)  سورة المائدة – الآية 67.

  (125)  التبيان 3/587-588 .

  (126)  انظر البيان ط مكتبة الحياة 6/152 –153 ، والميزان 6/42 –64 وتفسير شبر      ص 143 ، والغدير 1/214 –229 ، ومصباح الهداية 190-198.

  (127)  تفسير الطبري تحقيق شاكر 10/467.

  (128)  صاحب كتاب الغدير ذكر أن الطبري يرى أن الآية الكريمة نزلت في الغدير كما يذهب الجعفرية (امظر كتابه 1/214 –216 –223-225 ) وما قاله الطبري يتفق مع أهل التأويل – كما نص هو على هذا – وإن اختلفوا في السبب الذي من أجله نزلت ، ومعنى هذا أن أهل التأويل متفقون على صحة ما ذهب إليه الجعفرية لو صح ما ذكره صاحب الغدير ! قول غريب نعود إليه في الحديث عن الآية التالية .

  ([6][126]) المائدة الآية- 67 .

  ([7][127]) أي الدية . 

  ([8][128]) تفسير ابن كثير 2/77 –78 .

  ([9][129]) المرجع السابق 2/97 .

  ([10][130]) انظر الرواية وتخريجها ، وبيان صحة سندها في المسند ج 3 رواية رقم 1977 تحقيق المرحوم الشيخ أحمد شاكر ، وأشار إلى روايات أخرى مؤيدة . وفى التعليق تفسير للجزء الأخير بأن الخيل كانت في بنى هاشم قليلة فأحب r  أن تكثر فيهم .

  ([11][131])   تفسير الآلوسى 2/349.

  ([12][132])   انظر مثل ما ذكره الآلوسى هنا في الكشاف 1/631 ، والبحر المحيط 3/530 .

  ([13][133]) انظر مثل ما ذكره الآلوسى هنا في الكشاف 1/631 ، والبحر المحيط 3/530 .

  ([14][134])   جزء من الآية الثالثة.

  (138)  انظر تفسير الآية الكريمة في الطبري تحقيق شاكر 9/517 ـ 531 وابن كثير 2/12 ـ 14 والكشاف 1/593 ، و الآلوسى 2/248 ـ 249 والقرطبى 6/61 ـ 63 ، والبحر المحيط 3/426.

  (139)  راجع للجعفرية : التبيان 3/435 -436، ومجمع البيان ط مكتبة الحياة 6/25 ـ 26 ، وجوامع الجامع ص 104 ، وتفسير شبر ص 133 ، ومصباح الهداية ص 204 ـ 205 .

  (140)  الرواية صحيحة الإسناد ، ورواها الإمام أحمد بسند صحيح أخر ، وانظر الروايتين رقم 188 ، 272 في الجزء الأول من المسند .

   (141)  المروى في الصحاح الستة عن طريق معاوية في الأحكام ثلاثون حديثاً ، ذكرها ابن الوزير – من علماء الزيدية – في كتابه الروض الباسم ، وأثبت صحتها ثم صحة باقي الأحاديث المروية عن طريقه في غير الأحكام ، وأشار إلى أنه لم يرد حديث واحد عن طريق معاوية في ذم الإمام على " انظر كتابه 2/114 –119" .

  ([19][139]) من العجيب الغريب أن الروايات التي ينكرها هنا يستدل بها هي ذاتها في مكان آخر بشيء آخر ، فذكر قول اليهودى " لو نزلت فينا هذه الآية لاتخذنا يوم نزولها عيداً " ثم قال : وصدر من عمر ما يشبه التقرير لكلامه . وانتهى من هذا إلى أن يوم نزولها عيد وهو عيد الغدير ! ولم يشر إلى يوم عرفة ! ( انظر الغدير 1/283) .

  ([20][140]) المرجع السابق 1/230 .

  ([21][141]) انظر المرجع المذكور 1/214-216 .

  ([22][142]) راجع قوله في ج1 ص 223-225.

  ([23][143]) قد بحثت عن الكتاب المذكور فلم أجده ، وبحثت عن أسماء الكتب المنسوبة للطبرى فوجدت ما يزيد عن مائة كتاب منها كتاب فضائل على بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه . قال ياقوت الرومى في كتابه إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب 6/452 بأن الطبري تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم ، ثم تلاه بالفضائل ، ولم يتم ، فالطبرى إذن لم يتم كتابه وهو – مع عشرات الكتب الأخرى – غير موجود ، فلعل أحداً استغل هذا فأخرج كتاباً بعنوان الولاية ونسبه للطبرى . والرواية التي ذكرها صاحب كتاب الغدير عن زيد بن أرقم نقلا عن كتاب الولاية لا تصح بحال ، وقد ذكرنا من قبل الروايات الصحيحة عن زيد بن أرقم  كما رواها الإمامان أحمد ومسلم . فإذا كان الطبري قد صحح الأخبار الواردة في غدير خم كما قال ياقوت فإنها لا تزيد عما أخرجه مسلم ، وما صح من مسند أحمد ، أما أن يصح عنده مالا يؤمن به ، بل لا يقول به إلا الغلاة فهذا أمر مرفوض قطعاً  .*

    *ومن المعاصرين لشيخ المفسرين عالم شيعي اسمه محمد بن جرير بن رستم الطبري ويكنى أبا جعفر ، وله كتاب المسترشد في الإمامة (انظر الفهرست للطوسى ص 158 ـ 159) فلعله صاحب كتاب الولاية ، واستغل التشابه بين الاسمين والكنيتين في نسبة الكتاب لشيخ المفسرين ، وهو بلا أدنى شكل براء مما جاء به .   

  (147)  سبق ذكر روايتهم في بداية الفصل .

  ([25][145]) انظر التبيان 10/112 –113 .

  ([26][146]) المرجع السابق 10/350 .

  ([27][147])  انظر مقدمة جوامع الجامع ففيها بيان سبب التأليف ، ومما جاء في هذه المقدمة            ص 3 : " وحثني وبعثنى عليه أن خطر ببالى وهجس بضميرى ، بل ألقى في روعى ، محبة الاستمداد من كلام جار الله العلامة ولطائفه ، فإن لألفاظه لذة الجدة ورونق الحداثة " .

  ([28][148]) انظر المرجع السابق ص 508-509 .

  (152)  الميزان 4/76-88 .

  (153)  مقدمة في أصول التفسير ص 20 .

  • الثلاثاء PM 07:06
    2021-04-27
  • 885
Powered by: GateGold