المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414996
يتصفح الموقع حاليا : 316

البحث

البحث

عرض المادة

فى عصر السيوطى

فى عصر السيوطى

      وفى هذه العجالة التى لا تهدف إلى الحصر والاستقصاء ، ننتقل من القرن الثالث إلى القرن التاسع ، فنرى الإمام السيوطى يؤلف كتاباً تحت عنوان " مفتاح الجنة فى الاحتجاج بالسنة " . وبين سبب تأليف كتابه فقال :

      اعلموا ـ يرحمكم الله ـ أن من العلم كهيئة الدواء ، ومن الآراء كهيئة الخلاء ، لا تذكر إلا عند داعية الضرورة ، وإن مما فاح ريحه فى هذا الزمان وكان دارساً ـ بحمد الله تعالى ـ منذ أزمان وهو أن قائلاً رافضياً زنديقاً أكثر فى كلامه أن السنة النبوية والأحاديث المروية ـ زادها الله علواً وشرفاً ـ لا يحتج بها ، وأن الحجة فى القرآن خاصة ، وأورد على ذلك حديث : " ما جاءكم عنى من حديث فاعرضوه على القرآن , فإن وجدتم له أصلاً فخذوا به وإلا فردوه . " ([1][246])

      هكذا سمعت الكلام بجملته منه ، وسمعه منه خلائق غيرى ، فمنهم من لا يلقى لذلك بالاً ، ومنهم من لا يعرف أصل هذا الكلام ، ولا من أين جاء .

      فأردت أن أوضح للناس أصل ذلك ، وأبين بطلانه ، وأنه من أعظم المهالك .

      فاعلموا ـ رحمكم الله ـ أن من أنكر كون حديث النبى صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف فى الأصول حجة ، كفر وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى ، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة .

      روى الإمام الشافعى ـ رضى الله عنه ـ يوماً حديثاً ، وقال إنه صحيح ، فقال له قائل : أتقول به يا أبا عبد الله ؟ فاضطرب وقال : يا هذا ! أرأيتنى خارجاً من كنيسة ؟ أرأيت فى وسطى زناراً ؟ أروى حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول به ؟

      وأصل هذا الرأى الفاسد أن الزنادقة وطائفة من الرافضة ذهبوا إلى إنكار الاحتجاج بالسنة والاقتصار على القرآن ، وهم فى ذلك مختلفو المقاصد ، فمنهم من كان يعتقد أن النبوة لعلى وأن جبريل ـ عليه السلام ـ أخطأ فى نزوله إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ، ومنهم من أقر للنبى صلى الله عليه وسلم بالنبوة ، ولكن قال : إن الخلافة كانت حقاً لعلى … إلخ .

      ثم قال السيوطى بعد ذلك :

      وهذه آراء ما كنت أستحل حكايتها ، لولا ما دعت إليه الضرورة من بيان أصل هذا المذهب الفاسد الذى كان الناس فى راحة منه من أعصار .

      وقد كان أهل هذا الرأى موجودين بكثرة فى زمن الأئمة الأربعة فمن بعدهم ، وتصدى الأئمة الأربعة وأصحابهم فى دروسهم ومناظراتهم للرد عليهم ،وسأسوق إن شاء الله جملة من ذلك ، والله الموفق ([2][247]) .

      والكتاب طبع فى ستين ومائة صفحة ، فارجع إليه .

 

  ([1][246]) ذكر الإمام الشافعى فى رسالته ، تحت باب العلل فى الأحاديث ، قول قائل : أفتجد حجة على من روى أن النبى r قال : " ما جاءكم عنى فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافقه فأنا   قلته ، وما خالفه فلم أقله " ؟ وأجاب : فقلت له : ما روى هذا أحد يثبت حديثه فى شئ صغر ولا كبر ، فيقال لنا : قد ثبتم حديث من روى هذا فى شىء . ( الرسالة 224 ـ 225 ). وقال السخاوى فى تخريج الحديث : قال الدارقطنى : إن أشعث تفرد به . انتهى

      وهو شديد الضعف ، والحديث منكر جداً . استنكره العقيلى وقال : إنه ليس له إسناد   يصح . ( المقاصد الحسنة 1 / 36 ) . وذكر العجلونى قول السخاوى ، وقال: قال الصغائى: هو موضوع  ( انظر كشف الخفاء 1 / 86 ) . وقال ابن حزم فى رواية لحديث عرض السنة على القرآن : رواه الحسين بن عبد الله ، وهوساقط متهم بالزندقة . ( الإحكام المجلد الأول ص 250 )  وفى رواية أخرى رواها أشعث قال : أشعث بن بزار كذاب ساقط لا يؤخذ حديثه . ( ص 252 ) وتتبع الروايات المختلفه للحديث ، وبين سبب رفضه لها ، ثم قال : أول ما نعرض على القرآن الحديث الذى ذكرتموه ، فلما عرضناه وجدنا القرآن يخالفه ، قال الله تعالى : ] وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا  [ . وقال تعالى : ] مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ  [ . وقال تعالى : ]   لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ  [ . ونسأل قائل هذا القول الفاسد : فى أى قرآن وجد أن الظهر اربع ركعات ؟ وأن المغرب … إلخ ( ص 252 ـ 253 ) ثم قال ابن حزم : ولو أن امرأ قال : لا نأخذ إلا ما وجدنا فى القرآن لكان كافراً بإجماع الأمة ، ولكن لا يلزمه إلا ركعه ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وأخرى عند الفجر ؛ لأن ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة ، ولا حد للأكثر فى ذلك ، وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال ، وإنما ذهب إلى هذا بعض غالية الرافضة ممن قد اجتمعت الأمة على كفرهم " . ( ص 253 ـ 254 من الإحكام المجلد الأول ) . *وقال الشيخ شاكر فى تخريج الحديث : هذا المعنى لم يرد فيه حديث صحيح ولا حسن ، بل وردت فيه ألفاظ كثيرة ، كلها موضوع أو بالغ الغاية فى الضعف ، حتى لا يصلح شىء منها للاحتجاج أو الاستشهاد . ثم أفاض فى بيانه ـ انظر حاشية ص 224 ، 225 من الرسالة .

  ([2][247])  انظر الكتاب المذكور ص 11 ـ 12 .

  • الثلاثاء PM 06:29
    2021-04-27
  • 643
Powered by: GateGold