المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414972
يتصفح الموقع حاليا : 281

البحث

البحث

عرض المادة

بعد الإمام الشافعى

بعد الإمام الشافعى

      هذا هو حوار الإمام الشافعى الذى هدى من حاوره بعد ضلال ، ولكن هداية هذا الرجل لا تعنى عدم ضلال الطائفة .

      ويأتى القرن الثالث ، الذى توفى الإمام الشافعى فى العام الرابع من بدايته ، ليكون العصر الذهبى لجمع السنة وتنقيتها وتدوينها ، حيث دون مسند الإمام أحمد ، والصحيحان ، وكتب السنن الأربعة ، وغيرها من الكتب الأخرى : كسنن سعيد بن منصور ، والدارمى ، ومسانيد إسحاق بن راهويه ، وبقى بن مخلد ، والبزار ، وأبى يعلى . غير أن ذاك القرن ضم أيضاً من حاول هدم السنة المطهرة .

      ننظر مثلاً إلى كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة المتوفى سنة 276  هـ، فنراه جعل كتابه فى الرد على أعداء أهل الحديث ، والجمع بين الأخبار التى ادعوا عليها التناقض والاختلاف ، والجواب عما أوردوه من الشبه على بعض الأخبار المتشابهة أو المشكلة بادئ الرأى . ولا يكتفى ابن قتيبة بالرد على الشبه ، وبيان سوء فهم من أثاروا تلك الشبه ، وإنما يتحدث عن الأشخاص أنفسهم الذين أثاروها حتى يعرف القارئ سبب عدائهم لأهل الحديث .

      فيذكر منهم النظام ويقول : وجدنا النظام شاطراً من الشطار ، يغدو على سكر ، ويروح على سكر ، ويبيت على جرائرها ، ويدخل فى الأدناس ، ويرتكب الفواحش والشائنات … إلخ .

      وذكر أن النظام خرج على إجماع الأمة ، وطعن فى أبى بكر وعمر وعلى وابن مسعود وأبى هريرة ، ثم عقب ابن قتيبة بعد هذا بقوله : هذا هو قوله ـ أى النظام ـ فى جلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضى عنهم ، كأنه لم يسمع بقول الله عز وجل فى كتابه الكريم : ] مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ  [ إلى آخر السورة ، ولم يسمع بقوله تعالى : ] لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ  [ ([1][245]) .

      وبعد حديثه عن النظام ، ورده عليه يقول : ثم نصير إلى قول أبى هذيل العلاف فنجده كذاباً أفاكاً… إلخ .

      وهكذا استمر ابن قتيبة فى كتابه .

      وكان أسوأ وأشد خطراً من هؤلاء الذين تحدث عنهم ، قوم اتخذوا لأنفسهم سنة خاصة تختلف عن مفهوم السنة عند الأمة ، فأشركوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فى العصمة ووجوب الاتباع أشخاصاً اعتبروهم أئمة طائفتهم ، ووضعوا الأخبار فى ظلمات هذا المفهوم ، وفى ظلماته أيضاً كتبوا  فى الجرح والتعديل .

      شهد القرن الثالث ثلاثة من كتب هؤلاء ، وبالرجوع إليها نجد أنها تطعن فى خير الناس : صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رضى الله عنهم ورضوا عنه ، وتذكر أن القرآن الكريم حرف نصاً ومعنى ، وجاء الطعن والقول بالتحريف فى روايات مفتراه ، اعتبروها صحيحة بمقياسهم .

      وألف كتاب رابع لتلميذ لأحد أصحاب الكتب الثلاثة ، واعتبر هذا الكتاب الكتاب الأول فى الحديث عندهم ، وعندما قرأته وجدت صاحبه قد ضل ضلالاً بعيداً ، ووضع من المفتريات ما لا يستطيع أن يتصوره أى مسلم .وعندما رجعت لكتب الجرح والتعديل عندهم وجدت آثار هذه الظلمات : فصاحب الكتاب الرابع ثقة الإسلام ! وشيخه ليس ثقة فحسب ، بل كل من وثقهم وروى عنهم فهم ثقات ! ولا يعتبر الحديث صحيحاً إلا إذا كان الرواة كلهم جميعاً من طائفتهم .

      والجرح عندهم سيئ للغاية ، ولذلك أكتفى بالإشارة السريعة . فأذكر هذه النماذج :

      عثمان بن عفان الأموى خليفة العامة : ضعيف .

      عبد الله بن عمر بن الخطاب : الخبيث ، ضعيف .

      عبد الرحمن بن عوف : من أضعف الضعفاء .

      المغيرة بن شعبة : صحابى فى غاية الضعف .

      محمد بن أبى بكر بن أبى قحافة : من أجلاء الثقات ، وتربى فى بيت سوء .

      معاوية بن أبى سفيان : زندقته أشهر من كفر إبليس .

      هذه نماذج قليلة ، نجد منها أكثر من عشرة آلاف فى كتاب واحد ، وهى مع قلتها تكشف ضلال هؤلاء فى جرحهم وتعديلهم .

      وأذكر هنا أن أحد هذه الكتب الثلاثة التى رزئ بها القرن الثالث وصل إليه المستشرقون ، فاعتمدوا عليه فى طعنهم فى القرآن الكريم ، وهكذا أخذ أعداء الله سلاحهم فى الطعن فى الإسلام من قوم انتسبوا للإسلام .

      وأذكر أيضاً أن معاوية بن أبى سفيان ، وهو من الأمناء ، أحد كتاب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قام ابن الوزير اليمانى من الشيعة الزيدية ، بتتبع أحاديثه ، فوجد أن ما صح عنه من أحاديث الأحكام ثلاثون حديثاً كلها صحيحة مروية  من طرق أخرى ليس فيها معاوية ، كما لم يصح أى حديث عنه ، فيه طعن فى على بن أبى طالب ـ رضى الله تعالى عنهم جميعاً . ولعل فى هذا ما يدمغ أولئك الطاعنين .

 

  ([1][245]) راجع حديثه عن النظام ، ومناقشته له فى ص 17 : 42 .

  • الثلاثاء PM 06:28
    2021-04-27
  • 717
Powered by: GateGold