المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414939
يتصفح الموقع حاليا : 257

البحث

البحث

عرض المادة

فروع الكافى وبقية الكتب

فروع الكافى وبقية الكتب

      قلنا إن الفروع من الكافى تشتمل على الروايات المتصلة بالأحكام الفقهية وهى بهذا تلتقى مع كتاب الصدوق " فقيه من لا يحضره الفقيه " وكتابى الطوسى   " التهذيب والاستبصار " .

      وبعد أن انتهينا من الحديث عن أثر عقيدة الإمامة فى أصول الكافى وروضته لسنا فى حاجة إلى التوسع فى بيان أثر الإمامة فى الفروع والكتب الثلاثة ما دامت هذه كلها متعلقة بالفقه ، فالفقه خصصناه بالجزء الرابع ، والآراء التى تأثرت بالإمامة تعتمد بصفة عامة على ما جاء فى هذه الكتب . إذن يمكن القول بأن أثر الإمامة فى الفقه يبين إلى حد كبير أثر الإمامة فى فروع الكافى والكتب الثلاثة الأخرى .

      ولنأخذ مثلاً أثر الإمامة فى " كتاب الحج " كما نراه فى الفقه وفى كتب الحديث الأربعة عند الجعفرية .

      فأما الفقه فنجد أنهم يرون أن غير الجعفرى الإمامى إذا حج ثم صار جعفرياً فيستحب أن يعيد الحج . ولا يصح للجعفرى أن ينوب فى الحج عن غير  الجعفرى إلا إذا كان أباه ، وفى الزيارة يستحب استحباباً مؤكداً زيارة الأئمة ، وفى الدعاء يستحب أن يكون بالأدعية المأثورة ، إلى غير ذلك مما سيظهر من دراستنا للحج فى الجزء اللاحق .

      وننظر إلى ما كتبه المحمدون الثلاثة ـ أصحاب الكتب الأربعة فى كتاب الحج من كتبهم فنراهم يذكرون ما يدل على هذه الأحكام:

      فيروى الثلاثة عن الإمام الصادق : عن رجل حج ولا يدرى ، ولا يعرف هذا الأمر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به أعليه حجة الإسلام ؟ فقال : قد قضى فريضة الله عزوجل والحج أحب إلي ([1][217]) .  

 

      وفى " باب الحج عن المخالف " ([2][218]) يروى الكلينى عن وهب قال : قلت لأبى عبد الله : " أيحج الرجل عن الناصب ؟ فقال : لا ، فقلت : فإن كان أبى ؟ قال : فإن كان أباك فنعم " .

      ويروى أن الإمام الهادى كتب " لا يحج عن الناصب ولا يحج به " .

      وفى فضل الزيارة وثوابها يروى الكلينى والقمى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال   للحسن : يا بنى من زارنى حياً أو ميتاً ، أو زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقاً  علي أن أزوره يوم القيامة فأخلصه من ذنوبه ([3][219]) .

      ويرويان عن أبى جعفر أنه قال : " من تمام الحج لقاء الإمام " ([4][220]) .

      ويروى الكلينى والطوسى عن يونس بن أبى وهب قال : " دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله فقلت : جعلت فداك ، أتيتك ولم أزر أمير المؤمنين ؟ قال : بئس ما صنعت ، لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك ، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة ، ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون " ([5][221]) .

      ويروى القمى والطوسى عن الإمام الصادق قال : " إن الله تبارك وتعالى يبدأ إلى زوار قبر الحسين بن على بن أبى طالب عشية عرفة ، قيل له : قبل نظره إلى أهل الموقف ؟ قال نعم ، قيل وكيف ذلك ؟ قال : لأن فى أولئك أولاد زنى وليس فى هؤلاء أولاد زنى " ([6][222])  .

      ويروى القمى  عن البيزنطى قال : قرأت كتاب أبى الحسن الرضا : أبلغ شيعتى أن زيارتى تعدل عند الله تعالى ألف حجة . قال : قلت لأبى جعفر ـ يعنى ابنه ـ ألف حجة ؟ قال : إى والله وألف ألف حجة لمن زاره عارفاً بحقه ([7][223]) .

      ويروى الثلاثة عن الإمام الصادق : يا سدير تزور قبر الحسين فى كل يوم ؟ قلت : جعلت فداك لا . قال : فما أجفاكم ! قال : فتزورونه فى كل جمعة ؟ قلت : لا قال : فتزورونه فى كل شهر ؟ قلت لا : قال فتزورونه فى كل سنة : قلت قد يكون ذلك . قال : يا سدير ما أجفاكم للحسين ! أما علمت أن لله عزوجل ألفى ألف ملك شعث غبر يبكون ويزورونه لا يفترون ؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين فى كل جمعة خمس مرات وفى كل يوم مرة ؟

      قلت : جعلت فداك إن بيننا وبينه فراسخ كثيرة . فقال لى : اصعد فوق سطحك ثم تلتفت يمنة ويسرة ثم ترفع رأسك إلى السماء ثم تنحو نحو القبر وتقول : السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك ورحمة الله وبركاته . تكتب لك زورة ، والزورة حجة وعمرة ([8][224]).

      وروى الكلينى عن بشير الدهان قال : قلت لأبى عبد الله : " ربما فاتنى الحج فأعرف ([9][225])عند قبر الحسين فقال : أحسنت يا بشير ، أيما مؤمن أتى قبر الحسين عارفاً بحقه فى غير يوم عيد كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات ، وعشرين حجة وعمرة مع نبى مرسل أو إمام عدل ، ومن أتاه فى يوم عيد كتب الله مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبى مرسل أو إمام عدل . ([10][226]) قال : قلت له : كيف لى بمثل الموقف ؟ قال : فنظر إلى شبه المغضب ثم قال لى : يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه كتب الله له بكل خطوة حجة بمناسكها ، ولا أعلمه إلا قال : وغزوة ([11][227]).

      وذكر الكلينى بعد هذا عشر روايات لم يقل فضل زيارة قبر الحسين فى إحداها عن عشرين حجة ، وفى أكثر من رواية قال : من أتى قبر أبى عبد الله عارفاً بحقه ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ([12][228]) .

      وبالنسبة للأدعية المأثورة روى الثلاثة فيما يقال عند زيارة قبر أمير  المؤمنين :

      السلام عليك يا ولى الله ، أنت أول مظلوم ، وأول من غصب حقه .. جئتك عارفاً بحقك ، مستبصراً بشأنك معادياً لأعدائك ومن ظلمك .. لعن الله من خالفك ، ولعن الله من افترى عليك وظلمك ، ولعن الله من غصبك ، ولعن الله من بلغه بذلك فرضى به ، أنا إلى الله منهم برىء . لعن الله أمة خالفتك وأمة جحدتك وجحدت ولايتك ، وأمة تظاهرت عليك ، وأمة قتلتك ، وأمة حادت عنك وخذلتك . الحمد لله الذى جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود ، وبئس ورد الواردين ، وبئس الدرك المدرك . اللهم ألعن قتلة أنبيائك ، وقتلة أوصياء أنبيائك بجميع لعناتك ، وأصلهم حر نارك ، اللهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللات والعزى والجبت وكل ند يدعى من دون الله ، وكل مفتر . اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم ومحبيهم لعناً كثيراً .

      أشهد أنك جنب الله ، وأنك باب الله ، وأنك وجه الله الذى يؤتى منه ، وأنك سبيل الله .

      أشهد أن من قاتلكم وحاربكم مشركون ، ومن رد عليكم فى أسفل درك من الجحيم ([13][229]) .

      ومما رواه القمى عند زيارة قبر الحسين :

      " بكم تنبت الأرض أشجارها وبكم تخرج الأشجار أثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ، وبكم يكشف الله الكرب ، وبكم ينزل الله الغيث ، وبكم تسبح الأرض التى تحمل أبدانكم . لعنت أمة قتلتكم ، وأمة خالفتكم ، وأمة جحدت  ولايتكم ، وأمة ظاهرت عليكم ، وأمة شهدت ولم تنصركم ، الحمد لله الذى جعل النار مأواهم وبئس الورد المورود " ([14][230]) .

      هذه بعض روايات كتاب الحج التى بدا فيها أثر الغلو فى عقيدة الإمامة . وكان لهذه الروايات صداها فى الفقه الجعفرى ، ولكن نجد روايات أخرى يبدو فيها هذا الأثر ، أثر الغلو فى العقيدة ، ولا أثر لها فى الفقه . مثال هذا ما رواه الكلينى عن الحارث عن أبى جعفر قال :

      " كنت دخلت مع أبى الكعبة ، فصلى على الرخامة الحمراء بين العمودين فقال : بهذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قتل ألا يردوا هذا الأمر فى أحد من أهل بيته أبدا .

      قال : قلت : ومن كان ؟ قال : كان الأول والثانى وأبو عبيدة بن الجراح وسالم بن الحبيبة ([15][231]) .

      وما رواه أيضاً عن حسان الجمال قال : حملت أبا عبد الله من المدينة إلى مكة ، فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر إلى ميسرة المسجد فقال : ذلك موضع قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : من كنت مولاه فعلى مولاه . ثم نظر إلى الجانب الآخر فقال : ذلك موضع فسطاط أبى فلان وفلان وسالم مولى أبى حذيفة وأبى عبيدة الجراح .

      فلما رأوه رافعاً يديه قال بعضهم : انظروا إلى عينيه تدور كأنهما عينا مجنون ، فنزل جبرئيل بهذه الآية : ] وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ [ ([16][232]).

      وبعد : فهذه الأمثلة القليلة توضح الاتجاه العام لتأليف هذه الكتب تأثراً بعقيدة الإمامة ؛ وما يقال عن أثر الإمامة فى الفقه الجعفرى أقل مما يقال عن أثرها فى هذه الكتب الأربعة ، ففى الكتب مزيد من التأثر بالغلو فى عقيدة   الإمامة ، ومزيد من الكفر والضلال والزندقة .

      وإذا كان هؤلاء أعداء الإسلام الذين أرادوا هدمه من الداخل كما يتضح بجلاء من كتبهم وآرائهم ومعتقداتهم فمن الواضح البين أنهم اتخذوا شعار حب آل البيت الأطهار ستاراً لهدفهم وعدائهم ، ومن اللازم الذى لا ينفك أبداً أن عداءهم للإسلام وأهله يستتبع عداءهم لآل البيت الأطهار ، وهذا العداء يظهر من وقت لآخر من حيث أرادوا كتمانه :

     انظر مثلاً إلى زواج عمر بن الخطاب ابنة على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنهم ، وما سبق من قولهم " ذاك فرج غصبناه " ، وقولهم بأن علياً وافق خوفاً من تهديد عمر!

      إن أمة الإسلام تعرف علياً الشجاع المقدام الذى لا يخشى أحداً إلا الله عزوجل ، والرافضة يصورونه هنا جباناً ذليلاً مهاناً !! وانظر إلى عثمان بن عفان ذى النورين ، وهو من آل البيت ، وزواجه من ابنتى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ، فلم يراع الرافضة مكانتهما من أبيهما صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا يتحدثون عنهما بعبارات   ساقطة ، بل شكوا فى نسبهما كما بينا فى الجزء الأول .

      ثم انظر إلى حب آل البيت الأطهار للخلفاء الراشدين الثلاثة رضى الله تعالى عنهم :

      فهذا على بن أبى طالب يختار أسماء الثلاثة لثلاثة من أبنائه ، وهم أبو بكر الذى قتل بين يدى أخيه الحسين ، وعمر ، وعثمان الذى قتل أيضاً مع أخيه  الحسين .

      ومن أحفاد على بن أبى طالب :

      أبو بكر بن الحسن الذى قتل بين يدى عمه الحسين ، وعمر بن الحسن الذى قتل كذلك مع أخيه وعمه الحسين .

      وعمر بن الحسين الذى قتل بين يدى أبيه .

      ( انظر معجم رجال الحديث للخوئى ، ففيه ترجمة هؤلاء جميعاً ) .

      أفترى رافضة الأمس أو اليوم يسمون أحد أسماء هؤلاء الثلاثة ؟ أم أنهم  ـ لعنهم الله تعالى ـ لا يذكرون أى اسم من الأسماء الثلاثة إلا مع اللعن  والتكفير ؟!  

 

  ([1][217]) انظر فقيه من لا يحضره الفقيه 2 / 263 والاستبصار 2 / 145 .

  ([2][218]) راجع الكافى 4 / 209 .

  ([3][219]) انظر الفقيه 2 / 354 .

  ([4][220]) انظر الكافى 4 / 580 .

  ([5][221]) الفقيه 2 / 347 .

  ([6][222]) المرجع السابق 2 / 349 .

  ([7][223]) انظر الكافى 4 / 589 والفقيه 2 / 361 ـ 362 .

  ([8][224]) انظر الكافى 4 / 589 والفقيه 2 / 361 ـ 362 .

  ([9][225]) عرف : أى وقف بعرفات ولكنه هنا جعله عند قبر الحسين .

  ([10][226]) فى هذا حث على ترك الحج وزيارة قبر الحسين ، وسيأتى أنه يمكن أن تسقط فريضة الحج بزيارة قبر الحسين .

  ([11][227]) الكافى 4 / 580 .

  ([12][228]) انظر الكافى 4 / 580 : 583 .

  ([13][229]) انظر الكافى 4 / 569 والفقيه 2 / 252 .

  ([14][230]) الفقيه 2 / 359 .

  ([15][231]) الكافى 4 / 454 . والمراد بالأول والثانى الخليفتان الصديق والفاروق .

  ([16][232]) الكافى 4 / 566 ـ 567 والآيتان آخر سورة القلم .

  • الثلاثاء AM 11:38
    2021-04-27
  • 851
Powered by: GateGold