المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414995
يتصفح الموقع حاليا : 319

البحث

البحث

عرض المادة

الجزء الثانى من أصول الكافى

الجزء الثانى من أصول الكافى

      بعد عرضنا للجزء الأول أعتقد أننا لسنا في حاجة إلى أن نطيل الحديث عن الجزء الثانى ، ذلك أن هذا الجزء يتحدث في جملته عن الإيمان والكفر ، والجزء السابق بين مفهوم الإيمان والكفر عند الكلينى ، وأمثاله من غلاة الفرقة الضالة وزنادقتهم . كما رأينا في كثير من رواياته ، فقد ربط الإيمان والكفر بإمامة الجعفرية الإمامية فالمؤمن بها هو المؤمن ، ومنكرها كافر ، إلى غير ذلك مما رأينا . فهذا الجزء إذن يعتبر امتدادا للجزء الأول ، فيكفى أن نورد بعض الأمثلة لنرى أن الكلينى ظل سائرا في نفس الطريق الذى رسمه لنفسه تأثراً بعقيدته في الإمامة .

       من هذه الأمثلة ما رواه عن أبى جعفر قال : " إن الله تبارك وتعالى حيث خلق ماء عذبا وماء أجاجا فامتزج الماءان ، فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديداً ، فقال لأصحاب اليمين وهم كالذريدبون : إلى الجنة بسلام ، وقال لأصحاب الشمال : إلى النار ولا أبالى ، ثم قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى   شهدنا ، أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، ثم أخذ الميثاق على النبيين ، فقال : ألست بربكم وأن هذا محمد رسولى ، وأن هذا على أمير المؤمنين ؟ قالوا : بلى فثبت لهم النبوة . وأخذ الميثاق على أولى العزم أننى ربكم ، ومحمد رسولى ، وعلى أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمرى وخزان علمى – عليهم    السلام - ، وأن المهدى أنتصر به لدينى ، وأظهر به دولتى ، وانتقم به من   أعدائى ، وأعبد به طوعا وكرها . قالوا : أقررنا يارب وشهدنا . ولم يجحد آدم ولم يقر ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة فى المهدى ، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عز وجل :   ]  وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [ قال : إنما هو فترك ([1][147]). ثم أمر نارا فأججت ، فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها ، فهابوها . وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما . فقال أصحاب الشمال : يارب أقلنا فقال قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها   فهابوها ، ثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية ([2][148]).

     وعنه أيضاً قال : " إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب ، وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة ، وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار . ثم بعثهم في الظلال . فقلت . وأى شئ الظلال ؟ فقال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا وليس بشئ . ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله عز وجل : ] وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [ ([3][149]) ثم دعوهم إلى الإقرار بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض .

     ثم دعوهم إلى ولايتنا ، فأقر بها والله من أحب وأنكر من أبغض وهو قوله : ]فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ  [ ([4][150]) .

    ثم قال أبو جعفر رضي الله عنه  : كان التكذيب ثم ([5][151]) .

    وعنه كذلك قال : " بنى الإسلام على خمس : على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشئ كما نودى بالولاية " ([6][152]) .

     وفى رواية أخرى زاد : فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه ، يعنى الولاية ([7][153]) .

  

  وعن عجلان أبى صالح قال : " قلت لأبى عبدالله رضي الله عنه : أوقفنى على حدود الإيمان . فقال الخمس وأداء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت ، وولاية   ولينا ، وعداوة عدونا ، والدخول مع الصادقين " ([8][154]).

      وعن زرارة عن أبى جعفر قال : " بنى الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية . قال زرارة : قلت وأى شئ من ذلك أفضل ؟ فقال : الولاية أفضل ، لأنها مفتاحهن ، والوالى هو الدليل عليهن .

     أما لو أن رجلا قام ليله ، وصام نهاره ، وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ، ولم يعرف ولاية ولى الله فيواليه ، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله جل وعز حق في ثوابه ، ولا كان من أهل الإيمان " ([9][155]).

     والكلينى لا يكتفى بربط الإيمان والكفر بالإمامة ولكن يربطهما كذلك بمبادئ الجعفرية ، استمع إليه مثلا وهو يروى عن الإمام الصادق : " إن تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين لمن لا تقية له " " التقية من دين الله " ، " والله ما عبدالله بشئ أحب إليه من الخبء . قلت : وما الخبء ؟ قال التقية " ، " التقية من دينى ودين آبائى ولا إيمان لمن لا تقية له " ([10][156]) .

      وكتاب الإيمان والكفر في أصول الكافى يبدأ من أول الجزء الثانى إلى صفحة 464 ، وعدد رواياته 1609 ، وباقى الجزء يقع في 210 صفحة ويتناول ثلاثة كتب ، منها كتاب فضل القرآن ، ونورد هنا بعض الروايات التي ذكرها الكافى في هذا الكتاب .

       روى عن سعد الخفاف قال : قلت " جعلت فداك يا أبا جعفر ، وهل يتكلم القرآن ؟ فتبسم ثم قال : رحم الله الضعفاء من شيعتنا ، إنهم أهل تسليم ثم قال لهم : يا سعد والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى . قال سعد : فتغير لذلك لونى وقلت : هذا شئ لا أستطيع أنا أتكلم به في الناس . فقال أبو جعفر : وهل الناس إلا شيعتنا ؟ فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا . ثم قال يا سعد أسمعك كلام القرآن ؟ قال سعد : فقلت : بلى صلى الله عليك فقال : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر " فالنهى كلام ، والفحشاء والمنكر رجال ونحن ذكر الله ، ونحن أكبر " ([11][157]) .

 

     وعن أبى عبدالله قال : " لا والله لا يرجع الأمر والخلافة إلى آل أبى بكر وعمر أبدا ، ولا إلى بنى أمية أبدا ، ولا في ولد طلحة والزبير أبدا ، وذلك أنهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن ، وعطلوا الأحكام . وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار " ([12][158]).

       ويروى الكلينى عن أبى عبدالله أيضاً : " إن القرآن نزل أربعة أرباع : ربع حلال ، وربع حرام ، وربع سنن وأحكام ، وربع خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم وفصل ما بينكم " ([13][159]).

 

    إلا أنه يروى عن أبى جعفر : " نزل القرآن أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام " ([14][160]) .

    ويروى عن أمير المؤمنين : " نزل القرآن أثلاثا : ثلث فينا وفى عدونا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام " ([15][161]) .

   

      وروى عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبى عبدالله رضي الله عنه : " إن الناس يقولون : إن القرآن نزل على سبعة أحرف . فقال : كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد " ([16][162]) .

     وروى الكلينى أن أبا عبدالله قال : " نزل القرآن بإياك أعنى واسمعى يا   جارة " ([17][163]) .

     وعن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال : " دفع إلى أبو الحسن رضي الله عنه مصحفا   وقال : لا تنظر فيه ، ففتحته وقرأت فيه " لم يكن الذين كفروا " فوجدت فيه اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال : فبعث إلى : ابعث إلى بالمصحف " ([18][164]) .

    وعن سالم بن سلمة قال : " قرأ رجل على أبى عبدالله رضي الله عنه وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس ، فقال أبو عبدالله رضي الله عنه : كف عن هذه القراءة ، اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم ، فإذا قام القائم رضي الله عنه قرأ كتاب الله عز وجل على حده ، وأخرج المصحف الذى كتبه على رضي الله عنه وقال : أخرجه على رضي الله عنه إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وآله ، وقد جمعته من اللوحين . فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه ، فقال : أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا ، وإنما كان على أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه " ([19][165]).

      ويختم الكلينى كتاب فضل القرآن برواية عن أبى عبدالله جعفر الصادق أنه قال : " إن القرآن الذى جاء به جبرئيل رضي الله عنه إلى محمد صلى الله عليه وسلم وآله سبعة عشر آلف آية " ([20][166]) .

      بعد هذا أعتقد أن هذه الأمثلة ـ على قلتها ـ تكفى لبيان ما أردنا إيضاحه .

 

  ([1][147]) جاء في الحاشية : أى معنى النسيان هنا الترك ، لأن النسيان غير مجوز على الأنبياء عليهم السلام . أو كان في قراءتهم عليهم السلام فترك مكان فنسى ، ولعل السر في عدم عزم آدم على الإقرار بالمهدى استبعاده أن يكون لهذا النوع الإنسانى اتفاق على أمر واحد " والآية الكريمة في سورة طه : 115 .

  ([2][148])  ص 8 .

  ([3][149]) الزخرف : 87 .

  ([4][150]) يونس : 74 .

  ([5][151]) ص10 .

  ([6][152]) ص 18 .

  ([7][153]) ص 18 .

  ([8][154]) ص18 .

  ([9][155]) ص 18-19 .

  ([10][156]) انظر هذه الروايات في ص 217-219 .

  ([11][157]) ص 598 وانظر الخبر من بدايته ص 596 .

  ([12][158]) ص 600 -601 .

  ([13][159]) ص 627 .

  ([14][160]) ص 628 .

  ([15][161]) ص 627 .

  ([16][162]) ص 630 .

  ([17][163]) ص 631 .

  ([18][164]) ص 631 .

  ([19][165]) ص 633 ، ومعنى هذا – بحسب فرية الكلينى – أن للشيعة مصحفا آخر ، أشرنا إلى ضلاله المبين عند الحديث عن القرآن الكريم والتحريف في الجزء الثانى .

  ([20][166]) ص 634 ، والمعروف أن القرآن الكريم لا يصل إلى سبعة الآف آية ، فأين الباقى أيها الكلينى ؟!

  • الثلاثاء AM 11:33
    2021-04-27
  • 1057
Powered by: GateGold