المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414996
يتصفح الموقع حاليا : 301

البحث

البحث

عرض المادة

الكتب الأربعة

الكتب الأربعة

      للجعفرية الاثنى عشرية كتب كثيرة تروى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم وكذلك عن أئمتهم ، ولكن الذى يعنينا هنا الكتب المعتمدة لديهم ، فغير المعتد ليس بحجة لهم أو عليهم .

      وهذه الكتب المعتمدة أربعة :

     أولها ( الكافى ) لأبى جعفر محمد بن يعقوب الكلينى ، الملقب بحجة الإسلام وثقته ، المتوفى سنة 329 هـ .

    والثانى ( فقيه من لا يحضره الفقيه ) لمحمد بن بابويه القمى ، الملقب  بالصدوق ، المتوفى سنة 381 هـ .

    والآخران هما ( التهذيب ) و ( الاستبصار ) ، وكلاهما لمحمد بن الحسن الطوسى شيخ الطائفة ، المتوفى سنة 460 هـ .

    والكافى له المقام الأعلى عند الجعفرية ، يقول عبدالحسين المظفر في مقدمته لأصول الكافى : " ولما كان البحث يدور حول كتابنا هذا ، فقد عرفت ما سجله على صفحاته مؤلفه من الأحاديث التي يبلغ عددها زهاء سبعة عشر ألف حديث ، وهى أول موسوعة إسلامية  استطاع مؤلفها أن يرسم بين دفتيها مثل هذا العدد من الأحاديث ، وقد كلفته هذه المجموعة أن يضحى من عمره عشرين سنة قضاها في رحلاته متنقلا من بلدة إلى أخرى ، لا يبلغه عن أحد مؤلف ، أو يروى حديثا ، إلا وشد الرحال إليه ، ومهما كلفه الأمر فلا يبرح حتى يجتمع به ، ويأخذ عنه ، ولذلك تمكن من جمع الأحاديث الصحيحة . وهذه الأحاديث التي جاءت في الكافى جميعها ذهب المؤلف إلى صحتها ، ولذلك عبر عنها بالصحيحة " ([1][70]) .

 

      ويقول : " ويعتقد بعض العلماء أنه عرض على القائم رضي الله عنه ( يعنى الإمام الثانى عشر ) فاستحسنه وقال : كاف لشيعتنا " ([2][71]) .

     " وقد اتفق أهل الإمامة ، وجمهور الشيعة على تفضيل هذا الكتاب ، والأخذ به والثقة بخبره ، والاكتفاء بأحكامه . وهم مجمعون على الإقرار بارتفاع درجته وعلو قدره ، على أنه القطب الذى عليه مدار روايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان إلى اليوم ، وعندهم أجل وأفضل من جميع أصول الأحاديث " ([3][72]) .

       فلا خلاف إذن بين الجعفرية حول مكانة الكافى ، ولكنا ذكرنا من قبل أن مراتب الحديث المعروفة عند متأخرى الجعفرية ظهرت على يد علامتهم الحلى ، أى بعد الكلينى بقرابة أربعة قرون ، والكلينى يذهب إلى أن كل ما جمعه في الكافى صحيح ، فماذا يعنى بالصحيح هنا ؟

      يوضح هذا أحد كتابهم فيقول : " إن الصحيح عند المتقدمين هو الذى يصح العمل به والاعتماد عليه ، ولو لم يكن من حيث سنده مستوفياً للشروط التي ذكرناها ، والصحيح في عرف المتأخرين هو الجامع لتلك الشروط " ([4][73]) .

      ثم يقول بعد حديث عن الكلينى وكتابه : " المتحصل من ذلك أن الذين اعتمدوا على الكافى ، واعتبروا جميع مروياته حجة عليهم فيما بينهم وبين الله سبحانه ، هؤلاء لم يعتمدوا عليها إلا من حيث الوثوق والاطمئنان بالكلينى الذى اعتمد عليها ، وكما ذكرنا فإن وثوق الكلينى بها لم يكن مصدره بالنسبة إلى جميعها عدالة الرواة ، بل كان في بعضها من جهة القرائن التي تيسر له الوقوف عليها نظراً لقرب عهده بالأئمة عليهم السلام ، ووجود الأصول المختارة في عصره .

     هذا بالاضافة إلى عنصر الاجتهاد والذى يرافق هذه البحوث في الغالب . يؤيد ذلك أن الكلينى نفسه لم يدع بأن مرويات كتابه كلها من الصحيح المتصل سنده بالمعصوم بواسطة العدول ، فإنه قال في جواب من سأله تأليف كتاب جامع يصح العمل به ، والاعتماد عليه ، قال : وقد يسر لى الله تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخيت . وهذا الكلام منه كالصريح في أنه قد بذل جهده في جمعه وإتقانه ، معتمدا على اجتهاده وثقته بتلك المجاميع والأصول الأربعمائة التي كانت مرجعاً لأكثر المتقدمين عليه ، ومصدراً لأكثر مرويات كتابه " ([5][74]) .

       ويقول الحسنى أيضا : " والشئ الطبيعى أن تتضاءل تلك الثقة التي كانت للكافى - على مرور الزمن بسبب بعد المسافة بين الأئمة عليهم السلام وبين الطبقات التي توالت مع الزمن بمجئ دور العلامة الحلى :  انفتح باب التشكيك في تلك الروايات على مصراعيه بعد أن صنف الحديث إلى الأصناف الأربعة ، فتحرر العلماء من تقليد المتقدمين فيما يعود إلى الحديث ، وعرضوا مرويات الكافى وغيره على أصول علم الدراية وقواعده ، فما كان منها مستوفياً للشروط المقررة أقروا العمل به والاعتماد عليه ، وردوا ما لم تتوفر فيه الشروط المطلوبة . وعلى هذا الأساس ، توزعت أحاديث الكافى التي بلغت ستة عشر  ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثاً على النحو التالي :

       الصحيح منها خمسة آلاف واثنان وسبعون حديثاً ، والحسن مائة وأربعة وأربعون حديثاً ، الموثق ألف ومائة وثمانية وعشرون حديثاً ، القوى ([6][75]) ثلاثمائة وحديثان والضعيف تسعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانون حديثاً ([7][76]) .     

     ومما تجدر الإشارة إليه أن اتصاف هذا المقدار من روايات الكافى بالضعف لا يعنى سقوطها بكاملها عن درجة الاعتبار ، وعدم جواز الاعتماد عليها في أمور الدين ، ذلك لأن وصف الرواية بالضعف من حيث سندها ، وبلحاظ ذاتها لا يمنع من قوتها من ناحية ثانية كوجودها في أحد الأصول الأربعمائة ، أو بعض الكتب المعتبرة ، أو موافقتها للكتاب والسنة ، أو لكونها معمولاً بها عند العلماء وقد نص أكثر الفقهاء أن الرواية الضعيفة إذا أشتهر العمل بها والأعتماد عليها تصبح كغيرها من الروايات الصحيحة وربما تترجح عليها في مقام التعارض ([8][77]) .

      والكافى يقع في ثمانية أجزاء تضم الأصول والفروع : فالأصول وهى التي تتصل بالعقائد ، تقع في الجزأين الأول والثانى . والفروع في الفقه تقع في خمسة أجزاء ، أما الجزء الأخير وهو الروضة ، فيقول عنه الدكتور حسين على   محفوظ : لما أكمل الكلينى كتابه هذا ، وأتم رد مواده إلى فصولها ، بقيت زيادات كثيرة من خطب أهل البيت ، ورسائل الأئمة وآداب الصالحين وطرائف الحكم وألوان العلم مما لاينبغى تركه ،فألف هذا المجموع الأنف ، وسماه ( الروضة ) لأن الروضة منبت أنواع الثمر ، ومعدن ألوان الزهر . والروضة على كل حال مرجع قيم وأصل شريف ... إلخ ([9][78])  .

     هذا هو الكافى ، الكتاب الأول عند الجعفرية ، أما الكتب الثلاثة الأخرى فإنها تقتصر على الروايات المتصلة بالأحكام الفقهية ، أى أنها تلتقى مع الفروع من الكافى . ولذلك عندما نبحث عن أثر عقيدة الإمامة في الكتب الأربعة سندرس أولاً الأصول مع الروضة ، ثم نجعل الفروع من الكافى مع بقية الكتب الأربعة . وأصحاب هذه الكتب سبق الحديث عنهم في الجزء الثانى عندما عرضنا ما دار بين الجعفرية حول تحريف القرآن الكريم ونقصه ، فالغلاة الضالون الذين ذهبوا إلى وقوع التحريف والنقص استندوا إلى روايات من الكافى كتلك التي ذكرها زاعماً نسبتها إلى الإمام الصادق وهى " إن القرآن الذى جاء به جبرئيل رضي الله عنه إلى   محمد - صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية " ، أى أن أكثر من عشرة آلاف آية أسقطت من كتاب الله تعالى : وكذلك ألصقت التحريف بكثير من آى القرآن الكريم ، كما استندوا إلى روايات مشابهة جاءت في غير الكافى كما بينا . وعندما بحثنا عن الغلاة الضالين الذين قاموا بحركة التشكيك في كتاب الله تعالى وجدنا القول عندما ضاق انحصر في على بن إبراهيم القمى الذى تحدثنا عنه وعن تفسيره وفى تلميذه الكلينى ، وكلما اتسع أضيف إليهما غيرهما ، أى الكلينى من أوائل الغلاة الذين قادوا حركة التضليل والتشكيك في كتب الله العزيز . وعندما بحثنا عمن تصدى لهذه الحركة الضالة وجدنا الصدوق والطوسى من الأوائل الذين سبقوا إلى هذا الفضل ([10][79]) والإشارة هنا إلى ما سبق الحديث عنه تغنى عن الخوض في هذا الموضوع خوضا نجتنبه قدر الإمكان إلا ما دعت الضرورة إليه ، فالكافى مملوء بهذا الضلال المضل ، وعلى الأخص في الأصول والروضة ، وهى الأجزاء التي  نبدأ الآن الحديث عنها ، وبيان ما بها من ضلال وزيع تأثراً بعقيدة الرفض   الباطلة ، وبما نادى به ابن سبأ  اللعين .

 

  ([1][70])  ص 8 .

  ([2][71])  ص 19 .

  ([3][72])  ص 20 .

  ([4][73])  دراسات في الكافى للكلينى والصحيح للبخاري لهاشم معروف الحسنى ص 43 .

  ([5][74]) المرجع السابق : ص 126 والأصول الأربعمائة يراد بها ما اشتمل على كلام الأئمة ، أو روى عنهم بلا واسطة كما يعتقد الجعفرية ، ويعتقدون كذلك أن ما في هذا الأصول قد جمع في الكتب الأربعة المعتمدة عندهم . ( انظر ضياء الدراية الباب العاشر ص 71 وما بعدها وص  86 ، وراجع الفصل الأول من هذا القسم )   .

  ([6][75])  في ضياء الدراية : قد يقال للموثق (القوى ) لقوة الظن بجانبه بسبب توثيقه ، قال المامقانى : وهو وإن كان صحيحاً لغة ولكنه خلاف الاصطلاح . ونقل عن غيره أن القوى هوالمروى الإمامي غير الممدوح ولا المذموم . وعرفه غير أحد من المتأخرين ، بأنه ما خرج عن الأقسام المذكورة ولم يدخل في الضعيف . ثم قال :

 وكيف ما كان عده الأكثر من أقسام الموثق ، وبعضهم جعله أصلاً مستقلاً ( انظر ص 25) .

  ([7][76])  ويبقى ثمانية وستون بغير ذكر ؟

  ([8][77]) دراسات في الكافى : ص 129 – 130 وراجع ما كتب آنفاً عن الترجيح وعلى الأخص مخالفة العامة التي لم يشر لها هنا .

  ([9][78])  مقدمة الروضة ص 9  .

  ([10][79])  راجع الجز ءالثانى من هذا الكتاب  .

  • الثلاثاء AM 10:16
    2021-04-27
  • 1358
Powered by: GateGold