المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415153
يتصفح الموقع حاليا : 229

البحث

البحث

عرض المادة

ديفيــد رءوبيني (؟ -1535)

ديفيــد رءوبيني (؟ -1535)

David Reuveni

مغامر ذو تطلعات مشيحانية. والمصدر الأساسي لمعرفة هويته الحقيقية مذكراته وبعض خطاباته. كان ديفيد رءوبيني يدَّعي أنه ابن لملك يُدعى سـليمان، وأخ لملك يُدعى يوسـف يحكم قبائل رءوبين وجاد، وكذلك نصف قبائل منَسَّى في خيبر بالقرب من المدينة المنورة، ومن هنا كان اسمه «الرءوبيني». وقد كانت رواياته عن أهله متضاربة، فقد ذكر في مناسبة أخرى أنه من نسل قبيلة يهودا وأنه رسول من ملك يُدعى يوسف. وانتقل من بلد إلى آخر، حتى وصل إلى روما راكباً فرسه الأبيض (إحدى علامات الماشيَّح). وذهب إلى البابا كليمنت السابع عام 1524، وأخبره بأن أخاه لديه ثلاثمائة ألف جندي مدربين على الحرب، ولكنهم لسوء الحظ ينقصهم السلاح، وطلب إلى البابا تزويدهم بما ينقصهم حتى يمكنهم طرد المسلمين من فلسطين. وقد استقبله البابا استقبَّالاً حسناً (فقد كان رءوبيني يخبره أن رؤيته بالنسبة له كانت مثل رؤية الإله). وقد التف يهود روما من حوله، واكتتبوا ببعض الأموال له، حتى يعيش على مستوى يليق بمقام سفير ملك اليهود. وقد نجح رءوبيني في مقابلة ملك البرتغال عام 1525، وفي التأثير فيه، حتى إنه أوقف محاكمات يهود المارانو الذين أحرز رءوبيني شعبية واسعة بينهم، وكان من بينهم ديوجو بيريس الذي أخذه الحماس فتهود وتختن وغيَّر اسمه إلى سولومون ملكو وتبع رءوبيني وكانت له هو الآخر تطلعات مشيحانية. وقد طلب الاثنان (رءوبيني ومولوخو) من إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدَّسة تشارلز الخامس تسليح المارانو ليحاربوا ضد المسلمين. ولكن نظراً لانشغال الإمبراطور بأمور عظمى (تهديد البروتستانتية لحكمه من الداخل والعثمانيين من الخارج) لم يكن عنده متسع من الوقت فقبض عليهما وأحرق أحدهما لخروجه على المسيحية وأودع الآخر السجن في إسبانيا حيث مات مسموماً.

 

ولحياة رءوبيني دلالة عميقة، إذ يبدو أنه كان يرى أن مهمته تمهد للعصر المشيحاني، وربما إلى عودة الماشيَّح، وبالتالي يمكن أن نعده قائد أولى الحركات ذات الطابع المشيحاني، والتي ظهرت تعبيراً عن ضائقة أعضاء الجماعات اليهودية وبداية أزمة اليهودية نفسها في الغرب. كما يمكننا أن نرى في سيرة حياة رءوبيني ملامح من الحل الصهيوني للمسألة اليهودية. فرغم استفادته من التطلعات المشيحانية لدى اليهود، لم يَدَّع أنه نبي أو ماشيَّح، بل حاول أن يقدم برنامجاً سياسياً واقعياً عملياً، وأن يقدم نفسه كقائد عسكري، ويُلاحَظ أيضاً أنه أكد الفائدة العسكرية لليهود. وهذا ما حاولت الصهيونية إنجازه، فقد قدمت نفسها هي الأخرى باعتبارها الحل السياسي العسكري الواقعي للمسألة اليهودية. وقد علمنت الصهيونية التطلعات المشـيحانية، وحولـتها إلى حركة اسـتيطانية. وقد أدرك رءوبيني إمكانية الاستفادة من التطلعات العسكرية لأوربا نحو الشرق، ومن الصراعات الداخلية فيها. فقد كان يعلم أن البابا يود تعزيز سلطته الدنيوية، وأن قيام حملة صليبية (على حد تعبيره) تحت رعايته لابد أن تنجز مثل هذا الهدف. وقد قدَّم هو حملته اليهودية على أنها تفي بهذا الغرض. والصهيونية دائمة الاستفادة من الصراعات داخل العالم الغربي، ومن التطلعات الاستعمارية للغرب. والواقع أن الحل الصهيوني ومخطط رءوبيني متماثلان، فكلاهما مبني على التحالف بين أعضاء الجماعات والغرب لتهجير اليهود وإعادة توطينهم في الشرق، وبذلك تتخلص أوربا منهم، وفي الوقت نفسه تفتح أجزاء من العالم المتخلف للنفوذ الغربي، أي أن حل رءوبيني شبه المشيحاني هو الحل الصهيوني الاستعماري.

 

ومن الأمور الأخرى التي تثيرها حياة رءوبيني أن الدعوة الاسترجاعية والألفية كانت أمراً منتشراً في أوربا بأسرها ليس بين أعضاء الجماعات اليهودية وحسب، وإنما بين أعضاء النخبة الحاكمة الدينية والسياسية. فنجد أن شخصية أساسية مثل البابا يستقبل رءوبيني وتابعه ويبسط عليهما حمايته (رغم تحريم المسيحية الكاثوليكية للعقيدة الألفية وحربها ضدها). كما نجد أن ملك البرتغال هو الآخـر يسـلك السـلوك نفسـه. ولا شـك في أن انتـشار الأحـلام الاسترجاعية نتيجة متوقعة لظهور الرؤية الإمبريالية الغربية.

  • الاثنين AM 10:30
    2021-04-26
  • 805
Powered by: GateGold