ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
النسخ بعد عصر النبوة - التخصيص
1 ـ فمنهم من ذهب إلى أن المخصصات ناسخة لحكم العمومات ، لأن العام لما ورد وصل وقت العمل به بحسب الغرض ، فتأخير الخاص عن وقت العمل لو كان مخصصاً ومبيناً لعموم العام يكون من باب تأخير البيان عن وقت الحاجة . وهو قبيح من الحكيم ، لأن فيه إضاعة للأحكام ولمصالح العباد بلا مبرر . فوجب أن يكون ناسخا للعام ، والعام باق على عمومه يجب العمل به إلى حين ورود الخاص ، فيجب العمل ثانيا على طبق الخاص ([1][115]) .
وكيف يمكن النسخ بعد عصر النبوة وانقطاع الوحى ؟
قيل " إن إنقطاع الوحى لا يلازم عدم تحقق النسخ بعده صلى الله عليه وسلم لأنه يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أودع الحكم الناسخ إلى الوصي ، وأودع الوصي إلى وصى آخر إلى أن يصل زمان ظهوره وتبليغه . وقد وردت أخبار عديدة في تفويض دين الله تعالى إلى الأئمة ، وعقد في الكافى باب في ذلك ، وبعد هذا لا يصغى إلى شبهة عدم إمكان تحقق النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم " ([2][116]) .
ومن المعلوم أن حلآل محمد صلى الله عليه وسلم حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه صلى الله عليه وسلم حرام إلى يوم القيامة ، وهم يروون هذا أيضا عن أئمتهم ، فأنى يتحقق النسخ ؟
يقول السيد أبو القاسم الخوئى ـ مرجعهم السابق بالعراق : " الظاهر منه ـ أي من الخبر ـ عرفاً بيان استمرار الشريعة المقدسة ، وأنها لا تنسخ بشريعة أخرى ، فالمراد منه أن كل ما يكون إلى يوم القيامة متصفاً بالحلية أو الحرمة فهو حلال محمد صلى الله عليه وسلم أو حرامه ، فأحكامه صلى الله عليه وسلم مستمرة إلى يوم القيامة ، ولا تنسخ بشريعة أخرى " ([3][117]) .
2 ـ ومن الجعفرية من جعل هذه المخصصات كاشفة عن اتصال كل عام بمخصصه ، فهى ليست تخصيصاً طارئاً بعد عصر النبوة ، وإنما اختفت تلك المخصصات المتصلة ووصلت إليهم المخصصات المنفصلة .
وقال الشيخ الطوسى : " لكثرة الدواعى إلى ضبط القرائن والمخصصات المتصلة ، واهتمام الرواة إلى حفظها ونقلها ، فمن المستحيل عادة أن تكون مخصصات متصلة بعد المخصصات المنفصلة وقد خفيت كلها علينا . وأجيب عن هذا بأنه لا وجه لهذه الاستحالة ، فإنا نرى أن كثيراً من المخصصات المنفصلة المروية من طرقنا عن الأئمة مروية عن العامة ـ أي جمهور المسلمين - بطرقهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فيكشف ذلك عن اختفاء المخصصات المتصلة علينا " ([4][118]) .
([1][115]) المرجع السابق 1 / 143 : 144 وعند أهل السنة إذا قصر العام على بعض أفراده يعتبر تخصيصاً عند جمهور الأصوليين ، لأن المراد بالتخصيص عندهم بيان أن المراد بالعام* *بعض أفراده ، لا فرق بين أن يكون البيان متصلا بالمبين أو منفصلاً عنه ما دام لم يتأخر عن وقت الحاجة إليه ، فإذا تأخر كان نسخاً ، ولا يكون حينئذ إلاَّكلاماً مستقلاً . أما الحنفية فإنهم يفرقون بين المتصل والمنفصل من الكلام المستقل ، فيجعلون الأول مخصصاً ومبيناً ، والثاني ناسخاً ، لأن الشارع إذا أراد بالعام ـ من أول الأمر بعض أفراده قرنه بما يدل على مراده من المخصصات حتى لا يقع التجهيل الذي يتنزه الشارع الحكيم عنه ، فإذا أورد العام من غير مخصص ومبين دل هذا على أن الشارع يريد جميع أفراده ابتداء . فإذا جاء بعد ذلك نص يخرج من العام بعض ما كان داخلاً فيه كان ناسخاً لا مخصصاً ، فالخارج من العام بالتخصيص لم يدخل فيه ابتداء ، والخارج منه بالنسخ دخل فيه ابتداء ثم أخرج . " انظر أصول التشريع ص 244 "
وهذا التخصيص أو النسخ عند الحنفية لا يكون إلا إذا وصل الحديث عن رسول الله r إلى حد التواتر أو الشهرة : أما إن كان خبر واحد فلا يخصصه ولا ينسخه إلا إذا كان عام الكتاب قد خص قبل بقطعى حتى صار بذلك التخصيص ظنياً ، ويرى الجمهور أن خبر الواحد يخص عام الكتاب " انظر أصول الفقه للخضرى 184 " .
([2][116]) فوائد الأصول 4 / 274 .
-
الاثنين AM 01:32
2021-04-26 - 1177